🐎 أعيدوا النظر 🐎
كان الحمار و ما يزال رمز الغباوة و البلادة مثله في ذلك مثل البغل بل يفوقه هذا الأخير إذ جمعت فيه بلادة العقل وضخامة البنية الجسمية ، و صار هذان الأعجمان مضرب المثل في الغباء عند كل الشعوب و العشائر منذ سالف الأزمان ، يشبه بهما كل خب غبي من بني البشر ، و هو أشد النعوت سخرية و أكثرها غيضا في نفس المشبه بهما ، في حين أنه لو شبه هذا الإنسان بالأسد أو الغزال لكان الوقع مختلفا تماما إذ يجد هذا التشبيه استحسانا و قبولا و رضى في نفس المشبه بل يرفع من معنوياته و يأخذه العجب بنفسه . و حقيقة الأمر أن هذه كلها حيونات عجماء خلقها الله لغايات نعلم بعضها و نجهل جلها ، غير أننا في الحقيقة إذا تجردنا من أنانيتنا و من المعتقد السائد و استعملنا قليلا من المنطق و العقلانية لأنصفنا هذه الحيوانات ، و حق علينا أن نسائل أنفسنا أي هذه الحيوانات أنفع و أوفى للإنسان ؟
فالجواب من قبيل البديهيات التي لا تحتاج دليلا
بل و بإجماع العالم كله أن الحمير و البغال أكثر نفعا و أوفى مصاحبة للإنسان في حله و ترحاله ،
و في قضاء جميع مآربه ، فهما وسيلتا نقل ، يستعملان في قطع المسافات الطوال و حمل الأثقال ، كما يساعدانه في الأعمال الفلاحية من حرث و سقي و جني و حصاد و دراس و غيرها من الأعمال الشاقة التي لولاهما ما تحقق لهذا الإنسان مبتغاه .
إذن كيف تسول لنا أنفسنا أن نهين من له فضل علينا ؟ أليس من الحماقة أن نزدريهما و نسخر منهما و نجعلهما مضرب المثل في الغباء ؟ أليس من الإجحاف أن نحط من شأنهما و نرفع من شأن من لا نفع من ورائه .
الكثير من الناس خصوصا الذين لم يسبق لهم أن امتلكوا حمارا يجهلون جهلا تاما قدرات هذا الحيوان البدنية و العقلية ، فهو الحيوان الذي يتذكر الطريق التي مر منها و لو بعد مدة ، هذا ناهيك عن الطريق التي يقطعها يوميا بين البيت
و الحقل و بينهما و بين السوق فهو لا يحتاج إلى توجيه من صاحبه للسير فيها اللهم إذا أراد صاحبه أن يغير المسار المعتاد حينها ينصاع لأوامره ، هذا الحيوان المحتقر لا يضل طريقه و لو في الظلام الحالك ، كما أنه يتوقف عن السير و يرفع أذنيه إلى الأعلى كلما شعر بوجود حيوان أو حية قريبا منه ، و الغريب أنه إذا وصل الى مكان تفرع فيه الطريق إلى طريقين فإنه يتوقف عن المسير لينبه صاحبه أي الطريقين يسلك ، و لا أدل على ذكائه من كون بعض النساء القرويات يضعن الطعام أو أي شيء يخص الرجال في أعمال الحقل على ظهر الحمار و يوجهونه الى الطريق المؤدية للحقل فيذهب لوحده حتى يصل إلى الحقل فيضع الفلاح عن ظهره ما أرسلته له زوجته ، و هو الذي يميز الأصوات فينصاع لصوت مالكيه و يتمرد على غيرهم .
أليست هذه الأمور و غيرها من الذكاء ؟ فلماذا يصر البعض على نعته بالغباء ؟ و لئن كان نهيقه يثير الاشمئزاز في النفس فذاك صنع الخالق
و حكمته في مخلوقاته ، فما قولنا في نهيق بعض البشر الذين يجهرون بالكلام النابي أو بالغناء الساقط و الذي من المفروض أن يكون لديهم كما حباهم الله بالفطرة كلاما طيبا و صوتا دافئا
و رسالة انسانية نبيلة تسعد الانسان في دنياه و لا تخزيه في أخراه .
لا أنكر أنني أنا أيضا أشمئز من نهيق الحمار و لكن عندما أسمع هراء بعض الناس أعود فأستحسن نهيقه رغم أنه أنكر الأصوات و أبغضها .
💼 من تأملات زايد وهنا 💼