ذرر الكلام

               ذرر  الكلام


نبدا بسم الحي الدايم مول القدرة و لحكام

                 ما خاب من طلبو ذكرو مفتاح كل باب

و نثني بالصلاة على خير الخلق شفيع الانام

               و زواجو الاطهار و جميع الآل و لصحاب

خذ وعظة مهدية لي و ليك من ذر الكلام

               فهم المعنى و دير بها تنجى يوم لحساب

لا يغرك زيف الدنيا احوالها فانية أوهام

              ما يدوم فيها سرور اخرها مرارة و اتعاب

ولا يغرك طيش الشباب و صحة الاجسام

                 الضعف وراها واعقابها دود و تراب  

طاعة الله ما تفارق بالك يقظة و منام

                اقنع بالقسمة و بالحلال دير اسباب

اخفض جنحك للوالدين و صل الارحام

              تصيب الخير ف نسلك ما تشوف تشغاب

جنب الكبر والتواضع جعلو للقيم إمام

           و لا ترافق جاهل عنيد لا تديرو ف حباب

انصر الحق بلا نفاق لا تقبل فيه تذمام

             ذو وجهين سرو جحيم اتعذب تعذاب

لا تحقر المسكين الضعيف لخانتو الايام

             من بعد الفقر قادر يغنيه الحنين الوهاب

افخر بالقيم و اسعى للخير طول الدوام

             نعم الزاد من غيرها ما ينفعوك انساب

لا تطاول ف حضرة الاشياخ و الاعلام

             خذ الرحيق و كن نحلة ترعى الاطياب

حارب التفاهة و اتبث على قيم الاسلام

            و لا يغروك التافهين احلامهم سراب

بالسفاهة و التفاهة ترفع شان اقوام 

              بعد كانوا ارذال ما تحسب لهم حساب

تفيه تشهر و ف سفاهتو سارت الاقلام

              والعاقل مهمش ما جاب عليه كتاب

القيم الزينة نبذوها ما صار عليها كلام

              و الفحش جملوه و رحبوا به ترحاب

خذ حذرك و لا تخوض معهم ف اوهام

             اثبت عل الحق و اجعل الدعوات حجاب

اختمت الموعظة بالحمد للحليم العلام

              و الصلاة على خاتم الرسالة المجتاب 



                   




دعيت ليتني ما دعيت

                    دعيت ليتني ما دعيت 

دعاني أحد أعضاء الجمعية الثقافية بمراكش مشكورا لحضور حفل قراءة في ديوان شعري جديد لإحدى الشاعرات ، و ما دام الرجل يعلم من خلال أنشطة سابقة اهتمامي و ولعي بالشعر و الأدب عموما ، فقد

رآها مناسبة لدعوتي ، و من باب الصواب أن أجيب من

دعاني .

استقبلني الرجل بحفاوة بالغة و طلب مني الجلوس في 

الصف الأمامي المخصص لثلة من المثقفين و المهتمين.

صعد المنصة ثلاثة رجال و امرأة ، و اتخذ كل منهم المقعد المخصص خلف اسمه المكتوب بخط بارز أمامه ،

و إلى جانبهم  تجلس الشاعرة المراد قراءة و توقيع ديوانها الشعري .

وزع القيمون بعض النسخ على الجالسين بالصف الأمامي ، و كنت ممن استلم نسخة من هذا الديوان قصد الاطلاع و تتبع مراحل القراءة .

افتتح الحفل بالمألوف في كل نشاط ، ثم شرع السادة المكلفون بإبداء مداخلاتهم و ملاحظاتهم حول الديوان ،

بحيث تولى كل منهم جانبا من الجوانب الفنية 

و الإبداعية للقصائد الشعرية الواردة في الديوان ، 

و من خلال الاستماع لمداخلاتهم لاحظت أن كلا منهم

يمتدح العمل الأدبي لهذه الشاعرة و يشيد بهذا المنتوج الأدبي الفريد من نوعه في نظره ، و لا واحدا منهم 

انتقد منه شيئا أو اختلف مع الشاعرة في رؤاها 

أو أسلوبها ، في الوقت الذي كانت هي فيه تنتشي

بأرائهم و تظهر نوعا من الفخر و الاعتداد بالنفس ، 

و كيف لا و هم يمتدحون عملها دون أن يبدوا ما يستنقص من قيمته الأدبية .

أما أنا فقد كنت أستمع لمداخلاتهم و في نفس الوقت كنت أتصفح الديوان لأقارن بين ما جاء في المداخلات

و ما ينطوي عليه الديوان ، و الحقيقة أنني لم أشم

رائحة الشعر في قصائدها ، و لم ألمس فيها إبداعا

و لا جمالية و لا جرسا على الإطلاق ، كلام ألقي على

عواهنه مليء بالأخطاء النحوية و الإملائية ، كلمات 

وظفت في غير مواضعها ، أساليب ركيكة جدا توحي 

بجهل صاحبتها و عدم تمكنها من اللغة العربية و آدابها

و قواعدها .

على أي ما كانت عندي هي الملومة بقدر ما لمت هؤلاء

الأربعة الذين أكثروا المديح من غير تمحيص و لا غربلة

للهراء و اللغو الذي كتبته هذه الشويعرة بل الشعرورة

و هنا حضرني بيت شعري لأحدهم إذ يقول :

سموك شعرورا فما أنصفوا 

                  فياليتهم سموك بعرورا

و مما زاد الطين بلا حين طلب منها أن تتحف الحاضرين بقصيدة أو قصيدتين من ديوانها عفوا من

قمامتها ، فقامت في انتشاء و عجرفة ، و طفقت تنهق

بكلام لا هو بالشعر و لا بالنثر ، ينصب فيه الفاعل 

و يرفع فيه المفعول ، عبارات و ألفاظ لا ترابط 

بينها ، مجرد لغو يستحيي الإنسان أن يسميه شعرا .

الطامة الكبرى هو أن الشخص المسير لهذا المأتم

الثقافي فتح باب المداخلات في وجه الحاضرين ،

عندئذ لاحظت أن صاحبي الذي دعاني ينظر إلي 

و كأني به يريد مني أن أدلي بكلمة في حق الشاعرة 

و هو الأمر الذي لن أقبله ، لأنني سأجد نفسي بين

مطرقة النقد البناء و سندان التملق و النفاق ، لذلك

قررت أن أغادر المكان تحت أي ذريعة تجنبا لأي

موقف محرج مخجل قد أضع فيه نفسي ، وضعت النسخة بل الوسخة التي كانت بين يدي ، و بدأت أتململ في مكاني باحثا عن مخرج مما أنا فيه ، 

و لحسن حظي رن هاتفي فخرجت من القاعة مسرعا 

و الهاتف في أذني حتى يعلم صاحبي أنني مضطر للمغادرة ، و ما أن رأيت وجه السماء حتى انطلقت أعدو نحو سيارتي ، و أنا أردد : دعيت ليتني ما دعيت .

 




حين يجتمع الجشع و النذالة في شخص واحد

   حينما يجتمع الجشع و النذالة في شخص واحد

                            --------------------------

ما حدث لا يمكن أن يصدقه أحد ، و لكنها الحقيقة التي

عاينتها ، فقد كنت أسمع الناس أحيانا يتحدثون عن

شخص من أهالي بلدتهم ، و يذكرونه بالسوء نظرا لتصرفاته و سلوكاته المقيتة ، النابعة من الطمع و الجشع الذي ملأ قلبه و أعمى بصيرته ، فلا يرى غير الدرهم يكتسبه بأي أسلوب و لو على حساب كرامته ، فهو و إن كانت الحلاقة هي حرفته المعروفة لدى الجميع ، إلا أنه يمتهن حرفا أخرى و من جملتها السمسرة في كل شيء ، بل  يحشر أنفه في كل صغيرة و كبيرة عساه يكسب من ورائها مبلغا ماليا ، و هذا أمر طبيعي إذا كان الكسب حلالا و عن طيبة خاطر الطرفين ، و لكن صاحبنا ينتهج أساليب ملتوية من تدليسات و إخلاف الوعود و الغدر و الخيانة ليكون هو الرابح من وراء صفقات لا ناقة له فيها و لا جمل ، 

و كثيرا ما يفتضح أمره بين البائع و المشتري حتى أضحى ممقوتا عند الناس .

كنت أسمع الناس و هم يحكون  ما وقع لهم أو لغيرهم معه و لكني أتحفظ ما دمت لم أقف بنفسي عن أي من هذه السلوكات التي ينسبونها إليه ، و لا  أظنهم إلا يبالغون ، لأن ما يصفونه به غاية في الخساسة 

و السفاهة لا يمكن لعاقل أن يأتي مثلها ، حتى جاء اليوم المشهود الذي اكتشفت فيه بنفسي قمة خساسة هذا الجاهل و جشعه اللامحدود ، و تأكدت من صدق ما يقوله الناس .

 سبق و قلت أنه يعمل في حرف متنوعة و من جملتها أنه يملك الوكالة المعروفة بوكالة التسهيلات حيث يتم

استخلاص فواتير الماء و الكهرباء و كذا إرسال النقود 

أو استيلامها و غيرها من الخدمات الموكولة لها ،

و هو و إن كان قد عين أحد الشباب للعمل بها ، إلا أنه

كثيرا ما يتواجد إلى جانب هذا الشاب يساعد و يراقب،

و حدث أن زرت الوكالة لغرض يهمني ، حيث يتم التعامل من خلال فجوة صغيرة بجانبها قلم وضع بشكل عمودي داخل ثقب ، مددت يدي لأسلمه الفاتورة

فلمست ذراعي القلم و انكسر ، فقام صاحبنا بردة فعل

استغربت لها و كذلك الحاضرين ، و ما زاد من استغراب الناس أن هذا الطماع طلب مني ما قدره 35 درهما تعويضا لهذا القلم الذي لا يزيد ثمنه عن درهمين ، بدأ الحاضرون ينظر بعضهم لبعض في امتعاظ و تقزز و قد فاجأهم هذا التصرف المقيت ، بل منهم من غادر الوكالة إلى أخرى ، و تعجب الشاب المعاون الذي يعمل بجانبه و قد علت وجهه علامات الدهشة و الحيرة ، و لكنه التزم الصمت إذ ليس بيده حيلة ، و هو أكثر الناس معرفة بخساسة و طمع صاحبه .

 ناولته 35 درهما كتعويض عن القلم ، و قلت له :

" الآن تأكد لي بالملموس أن إجماع الناس على جشعك

و خساستك كان في محله ، و قد بعت كرامتك ب35 

درهما ، فبئس البيع "

سحبت فاتورتي لاستخلاصها في وكالة أخرى ، 

خرجت مسرعا ، و إذا بأشخاص لا أعرفهم واقفين

بباب الوكالة يتحدثون عن هذه الواقعة التي فتحت

لهم الشهية لاستذكار وقائع أخرى مخزية كان بطلها هذا الفاسق المارق .