حين يجتمع الجشع و النذالة في شخص واحد

   حينما يجتمع الجشع و النذالة في شخص واحد

                            --------------------------

ما حدث لا يمكن أن يصدقه أحد ، و لكنها الحقيقة التي

عاينتها ، فقد كنت أسمع الناس أحيانا يتحدثون عن

شخص من أهالي بلدتهم ، و يذكرونه بالسوء نظرا لتصرفاته و سلوكاته المقيتة ، النابعة من الطمع و الجشع الذي ملأ قلبه و أعمى بصيرته ، فلا يرى غير الدرهم يكتسبه بأي أسلوب و لو على حساب كرامته ، فهو و إن كانت الحلاقة هي حرفته المعروفة لدى الجميع ، إلا أنه يمتهن حرفا أخرى و من جملتها السمسرة في كل شيء ، بل  يحشر أنفه في كل صغيرة و كبيرة عساه يكسب من ورائها مبلغا ماليا ، و هذا أمر طبيعي إذا كان الكسب حلالا و عن طيبة خاطر الطرفين ، و لكن صاحبنا ينتهج أساليب ملتوية من تدليسات و إخلاف الوعود و الغدر و الخيانة ليكون هو الرابح من وراء صفقات لا ناقة له فيها و لا جمل ، 

و كثيرا ما يفتضح أمره بين البائع و المشتري حتى أضحى ممقوتا عند الناس .

كنت أسمع الناس و هم يحكون  ما وقع لهم أو لغيرهم معه و لكني أتحفظ ما دمت لم أقف بنفسي عن أي من هذه السلوكات التي ينسبونها إليه ، و لا  أظنهم إلا يبالغون ، لأن ما يصفونه به غاية في الخساسة 

و السفاهة لا يمكن لعاقل أن يأتي مثلها ، حتى جاء اليوم المشهود الذي اكتشفت فيه بنفسي قمة خساسة هذا الجاهل و جشعه اللامحدود ، و تأكدت من صدق ما يقوله الناس .

 سبق و قلت أنه يعمل في حرف متنوعة و من جملتها أنه يملك الوكالة المعروفة بوكالة التسهيلات حيث يتم

استخلاص فواتير الماء و الكهرباء و كذا إرسال النقود 

أو استيلامها و غيرها من الخدمات الموكولة لها ،

و هو و إن كان قد عين أحد الشباب للعمل بها ، إلا أنه

كثيرا ما يتواجد إلى جانب هذا الشاب يساعد و يراقب،

و حدث أن زرت الوكالة لغرض يهمني ، حيث يتم التعامل من خلال فجوة صغيرة بجانبها قلم وضع بشكل عمودي داخل ثقب ، مددت يدي لأسلمه الفاتورة

فلمست ذراعي القلم و انكسر ، فقام صاحبنا بردة فعل

استغربت لها و كذلك الحاضرين ، و ما زاد من استغراب الناس أن هذا الطماع طلب مني ما قدره 35 درهما تعويضا لهذا القلم الذي لا يزيد ثمنه عن درهمين ، بدأ الحاضرون ينظر بعضهم لبعض في امتعاظ و تقزز و قد فاجأهم هذا التصرف المقيت ، بل منهم من غادر الوكالة إلى أخرى ، و تعجب الشاب المعاون الذي يعمل بجانبه و قد علت وجهه علامات الدهشة و الحيرة ، و لكنه التزم الصمت إذ ليس بيده حيلة ، و هو أكثر الناس معرفة بخساسة و طمع صاحبه .

 ناولته 35 درهما كتعويض عن القلم ، و قلت له :

" الآن تأكد لي بالملموس أن إجماع الناس على جشعك

و خساستك كان في محله ، و قد بعت كرامتك ب35 

درهما ، فبئس البيع "

سحبت فاتورتي لاستخلاصها في وكالة أخرى ، 

خرجت مسرعا ، و إذا بأشخاص لا أعرفهم واقفين

بباب الوكالة يتحدثون عن هذه الواقعة التي فتحت

لهم الشهية لاستذكار وقائع أخرى مخزية كان بطلها هذا الفاسق المارق .

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق