🦀 أنا و اللغة و الواقع 🦀

أنا و اللغة و الواقع
سألني أحد الأحبة عن سر و سبب توقفي عن الكتابة في الآونة الأخيرة ، مؤكدا في سياق حديثه أنه من المعجبين بكتاباتي خصوصا الأدبية منها ، و لست أدري هل قال ذلك محاباة و مجاملة لي أم أنه فعلا شعور صادق منه ، على أي وددت أن أبين له و لغيره ممن يتواصلون معي سبب توقفي عن الكتابة مؤخرا و على غير العادة ، و هو توقف مؤقت في محطة خاصة قصد التزود بالوقود و أخذ قسط من الراحة على أن نستأنف المسير في طريق لا نعرف له نهاية و لا نعلم ما يخبئه لنا القدر فيه و لا نعلم أيضا متى و أين سيكون توقفنا الأخير فيه .
أنت نفسك أيها السائل تعلم مدى تعلقي و شغفي بالكتابة و إدماني المتواصل عليها حتى أضحت من أولويات العيش بالنسبة لي و لعل ما جعلني أتوقف هذه الأيام عن الكتابة هو أنني احترت بين أمور ثلاثة شكل أحدها العرقلة أمام حملي للقلم ، و أنا نفسي أتساءل أي منها هو السبب ، قد أكون أنا و قد تكون اللغة العربية و قد يكون الواقع ، نبدأ من حيث أخرنا ألا و هو الواقع ، و أقصد بالواقع كل الأحداث و الوقائع اليومية التي نعيشها و نعايشها والتي تسير من سيئ إلى أسوأ في جميع مناحي الحياة حتى عم الفساد و التسيب جميع القطاعات و انحلت القيم و فسدت الأذواق و انقطع الإتصال بيننا و بين كل ما هو جدي و مفيد و تهنا في لجج بحر تتقاذفنا أمواجه نحو المزيد من التخلف و الاندحار ، كل هذا يحز في نفس كل أبي نزيه يريد الخير لهذا البلد ، فقررت أن أعبر عما يختلجني من أحاسيس و لكن للأسف خذلتني اللغة العربية إذ رغم رحابة أساليبها و دقة بلاغتها و زخم مصطلحاتها و مفرداتها لم تسعفني و لم أجد فيها مفردات تناسب و تلائم وقاحة و نقائص هذا الواقع فمهما بحثت و مهما عبرت و اقتنصت الكلمات أراها لم تف بالغرض لغسل أطمار و أسمال هذا الواقع المتعفن ، فظننت أنه قصور في لغة الضاد ثم تريثت و قلت هذا يستحيل في حقها ، فهي لغة كل المواقف مهما كانت جميلة أو قبيحة ، حينها انتبهت الى نفسي و قلت أنا الغبي البليد الذي لم أستطع أن أنتقي منها ما يفي بالغرض للتعبير عن هذا الواقع ، فالعيب ليس في اللغة و إنما العيب في أنا و لم لا يكون العيب في الواقع الذي وصل من التدني إلى مستوى بعيد لم تعد تنفع في وصفه أساليبي و تعابيري .
فلما تأكدت أنني عجزت عن ذلك و أن القصور في أنا ، قررت أن أتوقف عن الكتابة حتى أسترجع أنفاسي و أبحث في قواميس اللغة عما يجعلني قادرا على تصوير هذا ......؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!

💠همزية مغترب في الحوز💠

همزية مغترب في الحوز

نزلنا مرجا و ينبوعا نرتجي كرما
                     و الكرم مأمول إذا ارتضاه الكرماء
لدى بني حوز اخترنا حلا و مقاما
                     والحوز يحوز قدر ما تجود الأنواء
فالإحسان بالذكر محمود صاحبه
                     وما الفضل إلا أثر  يزكيه الفضلاء
ما لنا من الإكرام حظ غير الإيلام
                      ومتى كانت أعداء التيوس ظباء
ما ضر إيلام  لو في النفس قصد
                      و لا عتاب يضر لو راودتنا أهواء
و ما منا لكم غير الحسنى نبتغي
                       و سواها لا نضمر ولا يأباها إباء
أطعتم هوى النفس فزدتم تعنتا
                       فما استقام لنا  أمر أساسه افتراء
إن كان يؤذيكم زور الوشاة عنا
                      ليس مثلنا يسيء و انتم الحكماء
و ما الوسواس إلا غاو  بصاحبه
                     به حرم آدم من الخلد و الأم حواء
تجرعنا كأس الصد و الهجر مرارة
                     فما أفاد الترياق و ما أجدى الدواء
صبرنا على الإيلام خوف فقدكم
                    عسى يأتي البرء فتنكشف البغضاء
 ما رأينا في سمائكم أملا  يلوح
                    و لا تقربا يغري منكم سوى الجفاء
تركنا أمركم للزمان يلين منكم
                     ما أفسده الظن و الزور و الإغواء
أي جريرة اقترفنا  أقست قلوبكم
                    و إن صدرت فالصفح يزينه الحياء
صنعتم من سديم خيالكم أطيافا
                     أبخستم بها سيرنا و نحن الأبرياء
كيف تعادون من له عليكم حق
                      إذا نبا الزمان بضر أو حلت سراء
ما قلنا إلا ما علمناه صدقا و برا
                     لنا ولكم فيه لو علمتم نفع و وجاء
لله در بني حوز وقد علموا صدقا
                     أن من يجفونه أخا تهابه الشعراء
سالوا المحافل كم صولة لنا فيها
                     استفردت إعجابا لا يحصيه الثناء
نلنا بها مكارم عشائر و حواضر
                      تشهد لنا برباط حب يشده الإخاء
فما عتابي لكم إلا توددا لزمالة
                      و أواصر مهنة جمعنا إليها القضاء
وما أشعاري غير قول ابن يعقوب
                     لا تثريب عليكم نحن اليوم أحباء

                   شعر الأستاذ زايد وهنا

🛇الصمت حكمة🛇

الصمت حكمة

كنت صغيرا و كان جدي رحمه الله يقول لنا :

"  الصمت حكمة "

ترعرعت و دون أن أعي معناها ، كنت أردد :

"  الصمت حكمة "

مات جدي رحمة الله عليه ، و التحقت بالمدرسة ، هناك فهمت معنى

"  الصمت "

و لم أفهم المقصود ب

"  الحكمة "

توالت سنوات الدرس و التحصيل ، كنت خلالها أسمع أستاذ اللغة العربية يقول  :

"  السكوت علامة الرضى "

شرحت مصطلحات هذه القولة على ظاهرها ، و لم أفهم مغزاها العميق ، و هو أمر لا يعاب على طفل في المرحلة الإبتدائية ، حفظتها هي أيضا ، و بدأت أقارنها ب

"  الصمت حكمة "

انتقلت إلى الإعدادي و الثانوي ، و تلك الأقوال ما تزال عالقة بذهني ، أرددها متى وجب ذلك ، و قد أستشهد بها في تعابيري و لكنني صراحة غير مقتنع بما أفعل ، ما دمت غير متمكن من فهم مغزاها و مراميها .
و لم يتوقف الأمر هنا ، بل سمعت أحد المثقفين يقول :

"  إذا كان الكلام من فضة ، فالسكوت من ذهب "

أضفت هذه كذلك إلى رصيدي المعجمي ، و لم أضفها إلى رصيدي المعرفي ، حيث أن عقلي لم يستسغ بعد مدلولاتها و غاياتها التي طالما تداولها الناس ، و اتخذت أنا منها موقف الحيطة و الحذر .
كبرت و بدأت تتضح لدي معالم ما تختزنه الذاكرة ، فعرفت أن السكوت محمود في بعض المواقف و مذموم في أخرى ، الشيء الذي ينطبق على الكلام نفسه ، فما رأيت شيئا تحقق بالسكوت ، و لم ألحظ أمرا استقام بالكلام ، أما

"  الحكمة "

فهي التي ما زلت أبحث عن مراميها الفلسفية الكونية رغم أني بلغت من الكبر مبلغ الكهول ، فمن يدلني عليها  أكون له شاكرا ، و أقول ربي زدني علما ...


                 خاطرة الأستاذ   :  زايد وهنا