#### كيف تحكمون. ####
لعل من الجهالة الجهلاء عند بعض الناس الذين ينصبون أنفسهم في مقام الوارعين الأتقياء و ينظرون بعين الازدراء و التحقير لمن يخالفهم الرأي و الموقف ، بل يمتد بهم جهلهم إلى التدخل في أمور غيبية تربط الخالق بخلقه و يعتبرون كل مخالف لهم كافرا ملحدا أو عاصيا جاحدا ، و يظهر ذلك جليا في تصرفاتهم المقيتة في بعض المواقف و هي تصرفات تشمئز منها النفس و تزيد من هوة النفور و البغض بين هؤلاء و أولئك ، فقد حكى لي أحدهم موقفا مماثلا عاينه بنفسه في أحد المتاجر و مما يؤكد صدق قوله شهادة صاحب المتجر نفسه الذي حكى نفس الشيء ، ذلك أن امرأة متلفعة بخمار و حجاب و قفازان لا يظهر منها شيء و هذا شأنها و هي حرة في نفسها ، وقفت عند التاجر تطلب بضاعة ، في نفس اللحظة وقف خلفها سائحان أجنبيان ، رجل و امرأة ، يرتديان لباسا خفيفا ، سراويل قصيرة و أقمصة من غير أكمام ، وقف الإثنان صامتان ينتظران دورهما في هدوء و احترام، ابتاعت المتحجبة أغراضها والتفتت خلفها فتنحى السائحان جانبا ليفسحا لها طريقا للخروج ، في تلك اللحظة نظرت المسلمة المتحجبة إلى السائحة و هي في ذلك اللباس الغير المحتشم ، فقالت بكلام مهموس سمعه الزبون الذي روى لنا هذا الموقف لأنه كان هو كذلك بباب المتجر ينتظر دوره ، قال : قالت بالحرف الواحد من غير زيادة و لا نقصان : " إخ ، تفو ، لعنة الله عليك ..." قالت ذلك و هي تغادر المتجر و أردفت بكلام غير مفهوم ، تقدما السائحان بطلبهما من التاجر و هما يبتسمان في حين يقول الراوي أنني و التاجر ننظر الى بعضنا بعين الرعب و التعجب من مثل هذا الموقف الدنيء ، و طلب مني التاجر أن أتواصل معهما بدله لأنه لا يعرف شيئا عن اللغات الأجنبية ، و من خلال حديثي معهما تبين لي أنهما طبيبان جراحان مختصان في طب و جراحة العيون ، و أنهما في بعثة طبية لمساعدة ضعاف البصر من ساكنة القرى و الأرياف المجاورة للمدينة ، إلى هنا انتهى كلام الراوي ...
قلت في نفسي عجبا من تصرفات بعض الجهلة ، كيف سولت لها نفسها و هي المسلمة المتحجبة أن تلعن الناس لا لشيء و إنما للباسهم الغير الشرعي ، يا أختاه لا تتدخلي بين العبد و خالقه ، فمن يدريك أن هذا العبد العاصي قد يتوب يوما و يكون عند الله محبوبا و العكس صحيح بالنسبة لذلك الذي يرى نفسه أفضل الناس و هو ربما عند الله ممقوتا ، فتلك الأجنبية التي ازدريتيها لتبرجها ، هي بروفسورة جراحة ، أنقذت آلاف الناس من العمى ، و أحالت حياتهم إلى سعادة و نور بعدما كانت حزنا و ظلاما ، تقدم خدماتها الإنسانية بكل إخلاص و عطف و حسن معاملة و لا تهنأ بالا إلا إذا كللت عملياتها بالنجاح و ها هي اليوم تتطوع لمعالجة الناس الضعفاء بالقرى النائية ، ترى كيف سيكون موقفك لو اصطحبت أحد أفراد أسرتك يشكو ضعفا في بصره و صادفت هذه الطبيبة نفسها ، ربما حينها سيتبدل خطابك و تترجينها أن تنقذ الموقف...
و لو سألناك أنت عم قدمت لمجتمعك ، ستقولين ربة بيت ، ونحن لا نستهين بربة البيت فدورها كبير جدا و أساسي في الحياة إذا كانت صاحبته على جانب من العلم و الوعي بالمسؤولية، أما أنت أيتها الجاهلة فلو تتبعنا مسارك اليومي ما وجدنا فيه ما ينم عن فطنة و نباهة ، بيت متسخ ، وطبيخ مقرف ، تربية أبناء ناقصة ، واجبات زوجية لا تجد السعادة إليها منفذا ، تحرمي ما أحل الله بجهلك و تكدرين عيش بعلك ، و رغم هذا و ذاك لا أحد يلعنك أو يزدريك ، و الحقيقة أنك على حق في تغطية جسمك كاملا ، لأنه لو تشبهت بالأجنبية أو انكشف جسدك ، لولى الرجال منك فرارا و لملئوا منك رعبا ...
و كم خمارا تدلى على كومة لحم
و ما تحته إلا القبح و الغباء و الجهل
و كم دابة لو بدا منها ما تخفى
لما عاد في الشعراء متيم و متغزل
أخيرا أود أن يترك أمر الخلق للخالق ، اختر لنفسك ما يرضي الله و ما يرضي الضمير و لا تماري في الناس إلا مراء حسنا ، فربما عاص اليوم يتوب غذا و ربما مطيع اليوم يرتد غذا ، إن هذه الأمور هي بين يدي الخالق يقلبها كيف شاء علمه و قدرته ، و الغلو في الأمور يفسدها و يخرجها عن طبيعتها ، و الوسطية و الاعتدال فيها يزينها ، فلا السافرة المتبرجة على حق ما دامت كذلك و لا المغالية المتحجرة على حق ما دامت كذلك ، و الأمر واضح في شرع الله سبحانه و تعالى و في سنة نبينا عليه أزكى الصلاة و السلام ، و أقوال العلماء المعتدلين وضحت كل شيء . و مهما يكن ينبغي أن يتحلى المسلم بحسن المعاملة و اللين و اليسر و العطف مع الناس جميعا فربما نوع المعاملة قد يقرب منك الناس و قد يبعدهم عنك ...
لعل من الجهالة الجهلاء عند بعض الناس الذين ينصبون أنفسهم في مقام الوارعين الأتقياء و ينظرون بعين الازدراء و التحقير لمن يخالفهم الرأي و الموقف ، بل يمتد بهم جهلهم إلى التدخل في أمور غيبية تربط الخالق بخلقه و يعتبرون كل مخالف لهم كافرا ملحدا أو عاصيا جاحدا ، و يظهر ذلك جليا في تصرفاتهم المقيتة في بعض المواقف و هي تصرفات تشمئز منها النفس و تزيد من هوة النفور و البغض بين هؤلاء و أولئك ، فقد حكى لي أحدهم موقفا مماثلا عاينه بنفسه في أحد المتاجر و مما يؤكد صدق قوله شهادة صاحب المتجر نفسه الذي حكى نفس الشيء ، ذلك أن امرأة متلفعة بخمار و حجاب و قفازان لا يظهر منها شيء و هذا شأنها و هي حرة في نفسها ، وقفت عند التاجر تطلب بضاعة ، في نفس اللحظة وقف خلفها سائحان أجنبيان ، رجل و امرأة ، يرتديان لباسا خفيفا ، سراويل قصيرة و أقمصة من غير أكمام ، وقف الإثنان صامتان ينتظران دورهما في هدوء و احترام، ابتاعت المتحجبة أغراضها والتفتت خلفها فتنحى السائحان جانبا ليفسحا لها طريقا للخروج ، في تلك اللحظة نظرت المسلمة المتحجبة إلى السائحة و هي في ذلك اللباس الغير المحتشم ، فقالت بكلام مهموس سمعه الزبون الذي روى لنا هذا الموقف لأنه كان هو كذلك بباب المتجر ينتظر دوره ، قال : قالت بالحرف الواحد من غير زيادة و لا نقصان : " إخ ، تفو ، لعنة الله عليك ..." قالت ذلك و هي تغادر المتجر و أردفت بكلام غير مفهوم ، تقدما السائحان بطلبهما من التاجر و هما يبتسمان في حين يقول الراوي أنني و التاجر ننظر الى بعضنا بعين الرعب و التعجب من مثل هذا الموقف الدنيء ، و طلب مني التاجر أن أتواصل معهما بدله لأنه لا يعرف شيئا عن اللغات الأجنبية ، و من خلال حديثي معهما تبين لي أنهما طبيبان جراحان مختصان في طب و جراحة العيون ، و أنهما في بعثة طبية لمساعدة ضعاف البصر من ساكنة القرى و الأرياف المجاورة للمدينة ، إلى هنا انتهى كلام الراوي ...
قلت في نفسي عجبا من تصرفات بعض الجهلة ، كيف سولت لها نفسها و هي المسلمة المتحجبة أن تلعن الناس لا لشيء و إنما للباسهم الغير الشرعي ، يا أختاه لا تتدخلي بين العبد و خالقه ، فمن يدريك أن هذا العبد العاصي قد يتوب يوما و يكون عند الله محبوبا و العكس صحيح بالنسبة لذلك الذي يرى نفسه أفضل الناس و هو ربما عند الله ممقوتا ، فتلك الأجنبية التي ازدريتيها لتبرجها ، هي بروفسورة جراحة ، أنقذت آلاف الناس من العمى ، و أحالت حياتهم إلى سعادة و نور بعدما كانت حزنا و ظلاما ، تقدم خدماتها الإنسانية بكل إخلاص و عطف و حسن معاملة و لا تهنأ بالا إلا إذا كللت عملياتها بالنجاح و ها هي اليوم تتطوع لمعالجة الناس الضعفاء بالقرى النائية ، ترى كيف سيكون موقفك لو اصطحبت أحد أفراد أسرتك يشكو ضعفا في بصره و صادفت هذه الطبيبة نفسها ، ربما حينها سيتبدل خطابك و تترجينها أن تنقذ الموقف...
و لو سألناك أنت عم قدمت لمجتمعك ، ستقولين ربة بيت ، ونحن لا نستهين بربة البيت فدورها كبير جدا و أساسي في الحياة إذا كانت صاحبته على جانب من العلم و الوعي بالمسؤولية، أما أنت أيتها الجاهلة فلو تتبعنا مسارك اليومي ما وجدنا فيه ما ينم عن فطنة و نباهة ، بيت متسخ ، وطبيخ مقرف ، تربية أبناء ناقصة ، واجبات زوجية لا تجد السعادة إليها منفذا ، تحرمي ما أحل الله بجهلك و تكدرين عيش بعلك ، و رغم هذا و ذاك لا أحد يلعنك أو يزدريك ، و الحقيقة أنك على حق في تغطية جسمك كاملا ، لأنه لو تشبهت بالأجنبية أو انكشف جسدك ، لولى الرجال منك فرارا و لملئوا منك رعبا ...
و كم خمارا تدلى على كومة لحم
و ما تحته إلا القبح و الغباء و الجهل
و كم دابة لو بدا منها ما تخفى
لما عاد في الشعراء متيم و متغزل
أخيرا أود أن يترك أمر الخلق للخالق ، اختر لنفسك ما يرضي الله و ما يرضي الضمير و لا تماري في الناس إلا مراء حسنا ، فربما عاص اليوم يتوب غذا و ربما مطيع اليوم يرتد غذا ، إن هذه الأمور هي بين يدي الخالق يقلبها كيف شاء علمه و قدرته ، و الغلو في الأمور يفسدها و يخرجها عن طبيعتها ، و الوسطية و الاعتدال فيها يزينها ، فلا السافرة المتبرجة على حق ما دامت كذلك و لا المغالية المتحجرة على حق ما دامت كذلك ، و الأمر واضح في شرع الله سبحانه و تعالى و في سنة نبينا عليه أزكى الصلاة و السلام ، و أقوال العلماء المعتدلين وضحت كل شيء . و مهما يكن ينبغي أن يتحلى المسلم بحسن المعاملة و اللين و اليسر و العطف مع الناس جميعا فربما نوع المعاملة قد يقرب منك الناس و قد يبعدهم عنك ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق