🌏رثاء علال🌏

###  رثاء علال  ###

  لم ترحل وحدك فقد رحلت
                  جلسات الأنس معك رحيلا
  ناحت الأوتار لفقدك  فصارت
                 نبراتها حزنا تنوح مواويلا
  أن الكمان أنينا له اندرفت
                 دموع الخلان سيلا طويلا
  ما الفكاهة لحظها قد نذبت
                 وأضحت بدون علال عويلا
بين الأسر و القبر عهدا قطعت
                 مناك السمر تنسى غما ثقيلا
  تكابد الداء العضال ما دريت
                 انه حتفك الذي أرداك قتيلا
  كضرس أزيل على حين غرة
                 ما ذي الكلابة لا تمهل تمهيلا
  فلا نديم يدوم و لا مسرات
                 و للموت أجل لا يبدل تبديلا
  لنا موعد مع الحتف نصيبه
                 يستعجلنا أو يؤجل تأجيلا
  لمثواك أقام الناس جنازة
                 فما أطقت لتشييعك سبيلا
  وقفت على قبرك إذ انفضت
                 جموعهم أرتل الذكر ترتيلا
  فيا ليت شعري يعزيني علالا
                 وكيف ينسى القلب برا خليلا

             شعر الأستاذ  :  زايد وهنا
قصيدة في رثاء أحد جلسائنا المرحوم بنعبو علال

🌐ما أسعد دنياك حين ترى الجميع سعداء🌐

**  ما أسعد دنياك حين ترى الجميع سعداء **

عجبا لمن يرغد و يرفه في العيش و يستسيغ
 اللقمة هنيئا مريئا غير مبال بما يعانيه أبناء جلدته و عشيرته الذين يتضورون جوعا و يرتجفون بردا و يتألمون مرضا ، و قد قست عليهم صروف الزمان و نوائبه حتى أضحوا يرون الحصول على فضلات الأغنياء شبعا و ريا بالنسبة لهم ، و يتمنون لو ألقيت تلك الفضلات في أفواههم بدل القمامة ، ألم يان للميسورين أن تجف اللقمة في أفواههم و تغيب البسمة عن محياهم و تتقلب جنوبهم في المضاجع و هم يرون معاناة هؤلاء .
استيقظوا من سباتكم وانظروا بعين الرحمة و المواساة و امسحوا دموع اليتامى و الأرامل و ذوي الحاجات ، أقلها أجزلوا العطاء للأجراء الذين يعملون في ضيعاتكم و يتعبون من أجل نماء مشاريعكم ، فما أرباحكم إلا من عرق جباههم ، و اعلموا أن الدنيا مآلها الزوال و الفناء ، و لو كانت تدوم على حال لدامت لمن عاشوها قبلكم ، كانوا أكثر منكم غنى و أشد منكم بأسا ، فما الفخر إلا بالأخلاق و العلم و ما سوى ذلك فهو متقلب يناله الجاهل و السفيه و الغبي على حد سواء ، فطوبى لمن ترك بعده أثرا حسنا بفضائله و علمه ، فهؤلاء هم الصفوة الذين يخلد ذكرهم في الصالحات بين الناس ، و يبقى علمهم النافع صدقة جارية إلى يوم القيامة ، أما المغفلون فلا يهمهم من الدنيا إلا ملء البطون و التفاخر بالماديات و التهافت على الملذات ، و ذاك لعمري حال البهائم العجماء .

🎆نخيلة و الشاعر🎆

***  نخيلة و الشاعر. ***
نخيلة لا تلومي الفؤاد في هواك
                    فسلطان الهوى مطاع فيما يأمر
رفقا بقلب مرهف الحس ولهان
                    تثخنه تباريح العشق فينفطر
أصابته سنان اللحظ بأشفارها
                    فتسربل دم النوى منه ينهمر
رمته بسهام كأنها أتلام نول
                    و كيف يصد الصب أشطانا تزأر
عجبا لغمر يمتطي صهوة الهوى
                    أنى ينجو من غير مراس و ينصر
كم مغوار ولى الأدبار عن مرماها
                    و اتقى رموشا كالشرارة تستعر
في روضها ورد عسجدي يتورد
                    و في نسائمها شذى الود ينتشر
زانها سواد النعمان بهاء و طيبا
                    كأنه قيصر روم بمتراسه يفخر
يحرس الثغر من قرصان الرضاب
                    متى اقترب منها ظمآن يندحر
كأنها زمارد رصتها يد صواغ
                    في مبسم قرمزي تطل و تستتر
زادها شهد الرحيق الغر بريقا
                    يتلألأ مداما على شفتيها فيسكر
لرباها الغض بنى الفراعنة أسوارا
                    تحميها من شر كل رقيب يبصر
بها نافورتان من زبرجد و مرمر
                    متى دانت من كمها الأيدي تبتر
ما حظ من غزا الشيب مفرقه
                    غير وهم في رمال الشط يندثر
يرقب بزوغ الهلال ترقب هام
                    يمني النفس بالوصال و ينتظر
ليس في العشق ملام لذي شعر
                    يرى فيها ما لا يراه ناسك يعتمر
لا يروم الفؤاد من نخيلة رطبا
                    فالفل في عوده لا في اليد يزهر
ليس كل ذي ريح عود عطر
                    و ليس كل ذي ورق زهر يسحر
فللحنظل زهر و تعافه الأنفس
                    و طيب القرنفل دون لون يبهر
انتقيت من الشعر ذررا فألفيت
                    كل محسنات البديع عنها تقصر
فلو أن شويعرا استطرد تكلفا
                    ما جنى من نخيلة قدرا يعتبر
لله در قلب أضنته لواعجها
                    إذ كلما صدت عنه خر يحتضر
عذرا نخيلة استفزني الغنج
                    وتاق وجداني فما عاد يصطبر
اذا تفرد صانع حسنك بالغفران
                    فذنبي في عشق المليح يغتفر

***🔵 خيرا فعلوا. 🔵***

###  خيرا فعلوا  ###
        الآن تأكدت بما لا يدع مجالا للشك أنني كنت مخطئا و مذنبا في حق بعض الأباء الذين كثيرا ما كنت ألومهم و أسخر منهم لا لشيء و إنما لعدم تركهم أبنائهم يتابعون دراستهم ، و كنت أعتبر إقدامهم على هذا الفعل جريمة نكراء في حق أبنائهم إذ يحرمونهم من أفضل نعمة ألا و هي العلم و الثقافة ، فهؤلاء الأباء يكتفون من أبنائهم بمستوى السادس ابتدائي و في أحسن الأحوال قد يصلون إلى مستوى التاسعة إعدادي و الى هذا الحد تنتهي مسيرتهم الدراسية لأنهم في نظر أبائهم قد حصلوا على القدر المطلوب و الحد الأدنى من القراءة و الكتابة و الحساب ، ليتفرغوا بعد ذلك الى مساعدة الأباء في نشاطات أخرى هي أكثر قيمة و أوفر ربحا في نظر الأباء كالتجارة أو مهن حرة مدرة للربح السريع .
       فهذا الابن المنقطع عن الدراسة يتعاطى للتجارة و سنه لم يتجاوز الخامسة عشر ، و بعدها بعشر سنوات تجده قد نمى تجارته و أرصدة مالية كبيرة يروجها ، فإذا به يمتلك منزلا فخما يسكنه فضلا عن مشاريع أخرى ،  هذا و هو لم يبلغ بعد الثلاثين ، في حين أن زميله الذي تابع دراسته لا يحصل على الإجازة إلا في سن الرابعة و العشرين هذا إن كان من النجباء المثابرين ، فتجده في هذا السن يبحث عن وظيفة متنقلا بين المدن لاجتياز مباريات التوظيف ، يقضي في ذلك ثلاث أو أربع سنوات ، فإن وافقه الحظ و حصل على وظيفة بالتعاقد طبعا سيقضي ما تبقى من عمره ينتظر آخر الشهر ليوزع راتبه الهزيل بين الكراء و المأكل و الملبس و التطبيب و الهاتف و الماء و الكهرباء و غيرها من متطلبات الحياة التي لا تنتهي ، و فوق هذا و ذاك  يخصص جزء منه يرسله كل شهر إلى أسرته التي تراهن عليه في عيشها ، و هكذا دواليك يقضي النصف الأخير من الشهر في الضنك و الهم و الغم و همه الوحيد هو انتظار تلك القطرة كفرخ في عش ، و كثيرا ما يدفعه ضيق اليد الى الاقتراض ، و الغريب في الأمر أنه بعلمه و شهاداته و ثقافته الواسعة يقف منكسر الجانب محطم القلب أمام ذلك الشاب التاجر الذي كان زميلا له في المدرسة و غادرها للتجارة ، ليقرضه مالا أو سلعة ، و هو في الحقيقة موقف مخجل تنحط فيه المعنويات حتى الحضيض و لا يعرف أثر هذا الموقف على النفس إلا من عايشه و عاينه.
        لهذا أقول أنه في وقتنا الراهن حيث الموظف في محنة و خصوصا رجل التعليم لأن هذا الأخير تشترط عليه شروط لا تخص الوظائف الأخرى كالقدوة في النظافة في الملبس في الحلاقة في كل شيء ،فهو يقوم بمهمة التدريس و الحراسة و التصحيح ، فتجتمع عليه الضغوطات من كل حدب و صوب .
       لهذه الأسباب و غيرها كثير لا يسعني إلا أن أعتذر من أولئك الأباء الذين كنت ألومهم ، فقد اتضح لي أنهم على حق حينما انتشلوا أبناءهم من الدراسة و وجهوهم نحو مهن حرة ذات دخل مريح ، فهم بذلك قد ربحوا سنوات عديدة قضاها زملاؤهم في طلب العلم وهم الآن لا يحملون هم الحياة و متطلباتها ، فما يكسبه الموظف في شهر كامل قد يكسبه أحدهم في يومين أو ثلاث .
       يتساءل الموظف ذو الشهادات ماذا حقق بعلمه و ثقافته غير النكد و النصب و التفكير في سد ثغرات الحياة و أنى لها أن تسد بذلك الراتب الهزيل ، هذا ناهيك إن لم يكن قد اضطر الى الاقتراض من الأبناك و هو ما يزيد الطين بلة .
         لو أنصف الموظف عموما و رجل التعليم خصوصا فيتقاضى راتبا مشرفا يكفيه لجميع مستلزمات الحياة بل و يبقى ما يذخره للأوقات العصيبة ، ليعيش مرفوع الرأس مبجلا بعلمه و ثقافته مقبلا على عمله بكل إخلاص و تفان من غير مشكل يكدر صفو حياته ، كما هو الشأن عند الشعوب التي تحترم و ترفع من مكانة علمائها و معلميها و تجعل لهم أجورا تغنيهم عن الاحتياج و لكن للأسف .
         إذن عذرا أيها الأباء لقد أسأت في حقكم حين أسأت الفهم ، فأنتم الأذكياء النبهاء و أنا المغفل المخدوع .