◼لحظة تيه◼

****    لحظة  تيه    ****

   "  يا من صورت لي الدنيا كقصيدة شعر "

وأنا أستمع إلى هذا المقطع من قصيدة " رسالة من تحت الماء " بصوت العندليب الراحل و هي طبعا من أشعار فقيد الشعر السيد نزار قباني ، استوقفتني تلك الصورة الشعرية و انتابني شعور غريب لم أشعر به من قبل إذ كنت أستمع إليها و إلى غيرها من روائع الزمن الجميل منذ نعومة أظافري ، غير أن للاستماع اليها هذه المرة شعورا و تذوقا غريبين و كان هذا المقطع بعينه هو من أيقظ كل تلك الأحاسيس و استفز أفكاري كأنني أسمعها للمرة الأولى ، و هكذا رحت أتأمل أحوال الدنيا و تقلباتها فلم أجدها حقا إلا كقصيدة شعر ،
عنوانها الفناء و الزوال
بحرها و تفعيلاتها العصور و الحقب
أبياتها الأحداث و الوقائع
قافيتها الأحلام و الأوهام
إيقاعها الرتابة و الملل
بلاغتها الغرور و الخيال
أسلوبها التناقض و الاختلاف بين الخير و الشر ، الحب و الكره ، الأمل و اليأس ، النجاح و الفشل ،..........
تريثت و كأنني أرجع بنفسي من هذا التيه ، و تساءلت في قرارة نفسي ، أكل هذه الدنيا من الأزل الى الزوال هي حقا كقصيدة شعر ؟ و بسرعة جاء الرد من نواة أفكاري كحمم بركانية تتلمس طريقها نحو الفوهة لتنفجر و تثور ، نعم هي كذلك لمن تعمق في معانيها و استجلى أسرارها و فطن الى غاياتها ، و لعل بقاء و تداول القصائد بعد أصحابها لدليل قاطع يدعم رأي نزار قباني الذي رحل هو الآخر و بقي الأثر شاهدا . هدأت من روعي قليلا و تنفست الصعداء و قلت :
      أوافقك الرأي أيها الشاعر المكلوم
              فالدنيا شعر منظوم
              و الرحيل عنها محتوم
              و لا شيء فيها يدوم

         خواطر و تأملات : زايد وهنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق