للأمكنة همسات
ما أقساه من شعور و أنت تزور مكانا ، كانت لك فيه
ذكريات و حكايات ، و ما يزيد القلب اعتصارا و ألما أن ترى كل شيء قد تغير ، و لم تعد للمكان تلك البهجة
و الحيوية اللتان كانتا في السابق ، فالمكان نفسه
أضحى يئن تحت وطأة الإهمال و الهجران ، كأنه
ينعي وجوها غيبها الموت ، و يحن لأخرى غادرته من غير رجعة ، تجول ببصرك الذابل في أرجائه و في القلب
ما فيه من حسرات ، و دون أن تشعر تجد نفسك تردد
شعر ( محمد حمزة ) في أغنية " حاول تفتكرني " .
كلمات ذات أشجان في معانيها و ذات تحسر و أسى على زمان الفن الراقي ، و مما زادها لوعة ما أضفاه عليها الملحن ( بليغ حمدي ) من ميازين موسيقية كئيبة ، و أنهى لمسات جمالها صوت و أداء العندليب ( عبد الحليم حافظ ) مما أكسبها بعدا فلسفيا
و وجدانيا يحمل من الشجون ما يترجم أحاسيسك
و حنين ذكرياتك ، فيبدو لك أن كلمات الأغنية وضعت خصيصا لمثل موقفك هذا ، فتستحضر غصبا عنك قوله في أشجى مقطع :
لو مشيت في طريق ، مشينا مرة فيه ، أو عديت في مكان كان لينا ذكرى فيه ، ابقى إفتكرني ، حاول ، حاول
تفتكرني ....
و قد تتبعها بمقطع أو إثنين من أغنية "راحلة" ، فيبلغ الحزن مداه ، و تنقبض النفس ، فتصدر الزفرات تلوى الزفرات ، فلا يسعك في مثل هذا الموقف الحزين إلا أن تودع المكان ، و كأنك تشيع جثمان الذكرى إلى الأبد .
أظنك توافقني الرأي أن للأمكنة همسات وجدانية تؤجج الأحاسيس ، و لا يستنطقها و يشعر بها إلا من كان يفهم لغة المكان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق