أنا المغفل
إن كان يرضيها بعدي فما لبعد إذا راقها ألم
حسبت القرب ودا و لم أدر أن ودها سقم
أنزلتها منزلة لم تدركها بثينة قبلها و مريم
سعيت إليها و لغيرها تالله ما سعت قدم
ما لهذا القلب بها لا بغيرها يهيم و يغرم
أمن رحيق شفتيها حين تبرق و تحتشم
أم من بريق رموش سهامها تدمي وتهزم
أم من لظى وجنات تضيء لياليها الأنجم
أم من جدائل زان ضفائرها الليل المظلم
أم من عقيق ثغر يشع نورا حين يتبسم
أم من رشفة رضاب هي المنى و البلسم
أم من أرداف كدنتيها كموجتين ترتطم
أم من جيد مها يزينه عقد عليه ينتظم
جمعت مفاتن الغيد فكيف لمثلي لا يغرم
سحرها أوهمني أن الفؤاد بالفؤاد ينسجم
ساقني إليها مكبلا أقاوم حينا و أستسلم
وضعت قلبي بين كفيها مناه بدفئهما ينعم
أمنيه بعطف منتشيا عله بظلها يستعصم
لكن الجفا مزقه و رماه بأوجاع عليه تجثم
كبركان ثائر تفور في أحشائه و تغلي الحمم
لم تأخذها به رأفة و لو كان لرضاها يتوسم
صدت في وجهه بابا فأين منها ذاك الكرم
إن لم يكن له منها ود فبمن يلوذ و يسترحم
ما أسأت في حقها بل لأواصر الود أحترم
فأضحت تروغ والأمر بصريح القول يحسم
ما كنت أحسب يوما أن القرب منها محرم
و لا علمت أن لمن أبث لوعتي بها صمم
ما ضر لو أن لمسة منها تطفئ نارا تضطرم
أو كلمة تفوح طيبا تضمد الجراح فتلتئم
سيبدي لها الزمان أن هجر العشيق تظلم
حينها تعلم أنها قتلت صبا بريئا بها متيم
يواسي قلبا عليلا و عن سر دائه يتكتم
كقيثارة فقدت أوتارها فناح لفقدها النغم
تصبح بلابلها و تمسي بالأسى كالبوم تنأم
ما أتعس قلبا يهده الأسى و يغزوه الندم
تجرع كل مرارة لكن طعم هجرها علقم
احتقن القلب غيظا والغيظ عندي يكظم
لله در صب عفيف يرى سور أمانيه يهدم
لم يتبق منها إلا أطلال عليها تقام المآتم
كيف تسأل عن علتي و هي بسرها أعلم
لو جاريت عقلي لكنت عن حبها محجم
لكن طاوعت قلبي و لست للعقل أحتكم
يا ويح قلب مرهف عليه الأنصال تلتحم
تؤاخذني ظلما على ما جناه مغفل خرم
ما ذنبي إن كان هو للعهد ينقض و يفرم
لا يستوي عاشق صادق بمتهور يتهكم
أنا المغفل حقا إذ لم أكن للعبر أستلهم
ليس كل من تهواه يهواك و لابحبك ملزم
القلوب لبعضها إن أحبت دانت لها الهمم
عشق الشاب له عذر و لا عذر لمن به هرم
أضناني يافعا و ضناه عند المشيب أعظم
إذا لم يكن لودها حظ فما يجدي التذمم
سأواري الحب الثرى و على العشق أفطم
وألتمس للمحبوب عذرا و العذر للقلب أسلم
لم أر في دنياي مستريحا إلا الأصم الأبكم
وفائي يكفيني فخرا و هو لي نعم الشيم
لا ينال المنى إلا من كان في الناس أحزم
ما شكواي تضجرا و لست للمحب أختصم
و ما عتابي تذللا و لكن بلوم نفسي أختم
القلب من النوى يئن و العقل لعنانه يلجم
أزحت الغمة عنه شعرا فهل قنع أم به نهم
لو استكنت له ما جف الدمع ولا رفع القلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق