🌺التأويل المقيت🌺

اللهجة العامية بين المنطوق السليم و التأويل السقيم

اخترت هذا العنوان لمشهد عاينته معية صديقين أثناء زيارتهما لي ، و حيث أنهما تأثرا بهذا المشهد فقد طلب مني أحدهما أن أكتب عن هذه الظاهرة ، و نزولا عند رغبته و نظرا لمكانته في نفسي خصوصا أنه من المعجبين بكتاباتي لم أتردد في تلبية طلبه و قررت أن أحكي لكم القصة كاملة كما شهدناها و لكم الحق في التعليق و التعقيب ...غير أني سأستعمل الكلمات باللهجة العامية المغربية كما وردت على لسان المتحاورين دون نقص أو زيادة لأكون أكثر تدقيقا و صدقا من ناحية و من ناحية أخرى لكي يتمكن القارئ من الحكم بنفسه إذ المراد من القصة هو لهجتنا العامية و استعمالاتها ...
كنا نحن الثلاثة جالسين بمقهى نحتسي الشاي قريبا من دكان خضار ، فجاء زبون يختار " الدلاح " ويسأل الخضار عن جودته ، فقال الخضار من غير تردد و لا سوء نية - كما جرت العادة على لسانه -
"الدلاح " ذو جودة عالية ، و إن رغبت في واحدة ، ف " سأطبعها لك " ، فرد الزبون على الفور و الشرر يتطاير من عينيه " إطبعها لأمك ، ماشي لي " و أضاف كلاما نابيا يستحيي القلم أن يكتبه و المكان يعج بالزبناء رجالا و نساء ، و رغم أن الخضار حاول أن يقنعه بحسن نيته و أن كلامه عادي لا تأويل فيه ، إلا أن الزبون تمادى في القذف و الشتم مما لم يجد معه الخضار صبرا ، فانقلب الموقف الى مشابكة و عراك بالأيدي لولا تدخل الحاضرين لكانت عواقبه وخيمة ....
هذه هي القصة كاملة ، و هي مشهد من مشاهد حياتنا اليومية التي يمكن أن تتكرر في أي مكان و بأي أسلوب ، و هنا نطرح الأسئلة التالية :
من المسؤول عن مثل هذه التفاهات ، هل العيب في لهجتنا أو في عقليتنا ؟
لماذا نفوسنا مريضة الى هذا الحد ، فلا نفكر إلا سلبيا و لا نضمر إلا سوء ؟
إن لهجتنا العامية المغربية من أرقى اللهجات غنية بتنوعها و بلاغتها ، لكن العيب في نظري يكمن في النفوس المريضة التي تؤول الكلام عن غير موضعه ، و إذا كنا نؤول أي كلام نسمعه فلهجتنا مليئة بمثل هذه المواقف ، و الأمثلة كثيرة و لكن يستحيي القلم أن يدلي بها ، فلنأخذ الكلام على ظاهره و لا تذهب بنا نوايانا المريضة الى غير معناه الظاهر ، و إن صادفنا أحد السفهاء و هو   يقصد غير ما يقول ، فلا نجيبه على سفاهته لأننا إن أجبناه نكون سفهاء مثله ، و سكوتنا عنه شرف لنا و تحقير له ....
و السلام عليكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق