موت الضمير

       

                    🔎   موت الضمير  🔎


    يحكى أن مجموعة من اللصوص كانوا يعيشون في منطقة ساحلية ذات بحر مترامي الشطآن يزخر بأنواع لا حصر لها من السمك اللذيذ ، و بها  أراضي فلاحية تمتد امتداد البصر تنتج من الحبوب و الخضر أجودها  و من الفواكه ألذها 

و من المعادن أنفسها ، مما أجج نار الجشع

و الطمع في نفوس اللصوص الذين سخروا

قوتهم و جبروتهم و استبدوا بكل هذه الخيرات

و لم يتركوا لسكان المنطقة غير القليل ذي الانتاج

الضئيل . و رغم ذلك فالسكان قانعون بذلك اليسير

يقتسمونه بينهم و لا يهفون إلا للعيش في أمان

من طغيان اللصوص و سطوتهم ، لذلك قابلوا

فقرهم و تهميشهم بالرضى و الإذعان و عوضوه بالمرح و اللهو من غناء و رقص غير مبالين بالبذخ و الترف الذي يعيشه اللصوص ما داموا لا يستطعون ردعهم ، بل اكتفوا بما فضل عنهم محاولين خلق السعادة فيما ملكت أيديهم ،

غير أن ظلم اللصوص و جشعهم كثيرا ما ينغص

عليهم تلك السعادة الزائفة ، فيرتمون على

أحد حقوقهم المشروعة فيسلبونه منهم و لمكرهم

يترقبون ردة فعلهم إزاء هذا القرار ، لكن لا أحد من المغلوب على أمرهم يبدي انتفاضة ، مما 

يدفع اللصوص للتفكير في سلب حق آخر ، 

و هكذا دواليك ، مثلهم في ذلك كمثل رجل 

تسلط على أحدهم و سلب منه جلبابه عنوة

و أخذ يترقب ردة فعله ، فإذا لمس منه الخنوع ،

تجرأ مرة أخرى و نزع عنه قميصه ، فإن لم يبد

مقاومة سلب منه سرواله و هو يظن أن هذه لن 

يجد معها صاحبنا صبرا و لكن تفاجأ السالب أن المسلوب منه لم يقل شيئا رغم عدم رضاه ، و لم

يبق عليه غير الملابس الداخلية ، ترى هل سينفجر

و يثور إذا ما نزعها هي الأخرى عنه و تركه عريانا

كيوم ولدته أمه ، هذا ما يدور في ذهن الطاغي ،

و هو الأمر نفسه الذي يفكر فيه اللصوص ، فهم 

كذلك لم يتركوا إلا ما يسد به المساكين الرمق ،

فماذا ستكون ردة فعلهم لو أخذوا منهم حتى ذلك الفتات ؟

و كيف سيتصرف هؤلاء المقهورون لو مسوا في أعراضهم ؟

لعل هذا ما أصبح اللصوص يخشونه بعد أن جردوهم من كل الحقوق ، فقد يبلغ السيل الزبى

بهؤلاء يوماو ينفجرون انفجارا يأتي على الأخضر و اليابس إذ ليس لديهم ما يخسرونه وهم الأكثر عددا و طبعا سيكون الخاسر الأكبر هو تلك الشردمة من اللصوص و ينقلب السحر على الساحر 

لذلك ارتأى اللصوص أن يزرعوا الخوف في النفوس و أن يضيقوا عليهم سبل العيش فيجعلوهم يركضون خلف اللقمة ، و يخلقوا لهم أخبارا و حوادث و تفاهات و برامج  في غاية المجون و الاستبلاد و أشياء أخرى من هنا و من هناك يتلهى بها المستضعفون و لا تترك لهم مجالا للتفكير في مواجهة اللصوص و استرجاع بعض حقوقهم ، و لحد الآن يظهر جليا أن  سياسة مكرهم و استغفالهم قد أتت أكلها في الوقت الحاضر ، و لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو إلى متى يدوم هذا الوضع على حاله ؟

       يا من أعمى الجشع بصائرهم وغشيت القسوة قلوبهم و ملأ الثراء الفاحش بطونهم فأصبحتم مجردين من كل القيم الإنسانية ، ألم تستحيوا 

و قد نزعتم عن الشعب كل ملابسه قطعة تلوى الأخرى و لم يبد مقاومة بل ترككم في طغيانكم تعمهون ، اعلموا أنه لم يبق عليه إلا ملابسه الداخلية ، فحذار أن تسول لكم أنفسكم نزعها 

فهي آخر ما تبقى لديه لستر عورته ، فإن فعلتم فأذنوا بانفجار لا يبقي و لا يدر ، لا يستثني و لا يختار ، لا يتوقف و لا يتقهقر و العاقبة للمتقين.


                      💼  بقلم  زايد  وهنا  💼



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق