😎 رباعيات النيام 😎

🕪    رباعيات النيام   🔊

مال حالنا اليوم  اعوج  ما بغى  يتقاد
عم البلاء و استشرى  في ساير البلاد
مال المنكر والطغيان فينا تقوى و زاد
شاع  شرو  و سارت عدواه بين العباد

الفساد  يوم عن يوم  في بلادنا  يزداد
حسبوه  شطارة عليه يتهافتوا  باعداد
سمو  فاق السموم  انخر اجسام و فاد
ما نفعت  لينا في علاجو اذكار و اوراد

الغني بمالو  و جاهو  كلشي ليه  سكاد
بدون كفاءة  في المناصب  يتقلد تقلاد
و المسكين في الهم  و الغم يكد تكداد
حقو  مهضوم في أوطانو  مشرد تشراد

الحياء ترفع  و طار بين البنات و الاولاد
ما بقت عندهم حرمة لوالدين و الاستاذ
بالعرى تفضح المستور وتكشفو الاجساد
وتشويكة الشعر عند بالهم موضة وعناد

السروال من قدام  مشرك  من لور هواد               عليهم  مزير ما يصيبوا  من ضيقو قعاد
طوينكات في الوذنين  يتشبهو بالشواذ
و تباهاوا بالوشام  واسخين به الاجساد

الأستاذ يضحي و يشحذ العزائم تشحاذ
يظل يربي و يعلم  مرادو  يصبحوا قواد
والجهلة بالحقوق ترصد أخطاءو  ترصاد
حتى صار تالف في خدمتو  مهدد تهداد

سراج العلم ياويح عافوه ونبذوه  تنباذ
بدلوه بالجهل طفاوا نورو بعد كان وقاد
والتشرميل صار عادي و يمجدوه تمجاد
به رهبوا العباد بسكاكن و سيوف ومقاد

الكتاب الزين هملوه و جحدوه  تجحاد
عوضوه  بعالم  افتراضي  زادهم  تبلاد
دمروا عيونهم  واعناقهم بأيفون و يباد
بالادمان كبلوا عقولهم  باغلال و اصفاد

الغناء  الفاحش المعفن  يرددوه  ترداد
ظنوه  ذوق  راقي و  يتلذذوا  به تلذاذ
التافه  يحسبوه فنان  و  يقلدوه  تقلاد
و السفيه يرفعوا  قدرو لمراتب الافذاذ

لو نقيلوا ونباتوا نصرخوا ما نبلغو مراد
الله  يرد بنا و  بهم  لطريق الخير ترداد
و يرفق بنا و بكم و اصلح  فلذات لكباد
إنجيهم  من  رفاقة السوء  و شر الانداد

غزانا  التخلف و سود  وجوهنا  تسواد
تعليمنا  تدنى بعد  كان  و كنا  لو  رواد
مريضنا  يعاني في  علتو  يتنكد  تنكاد
والاحمق يا ويلي هملوه و زادوه  تعقاد

التربية و العلوم صاروا اليوم عدة وعتاد
من فرط  فيهم  صار ضحكة و داه  الواد
الشعب لي ما يقرأ يجحد الكتاب  تجحاد
هذاك غير كبر عليه أربعة و قيم له حداد 

الغرب ياصاح  غزانا و تحكم في الاقتصاد
يترفه  بخير  بلادنا  و  يستعبدنا  استعباد
جميع تحركاتنا ما  تخفى يضبطها الموساد
وحنا تائهين في الاوهام زايدين في الركاد 

اعتبر من العراق و شوف كي كانت بغداد
بحضارة و فنون كان نجمها ساطع  فرقاد
تكالبو عليها مريكان وبني صهيون الانكاد
شتتوا شملها بخطط  واهية نفذوها تنفاذ

سوريا ليبيا واليمن رعدوا  اهلها  ترعاد
للي ما  قتلوه هاجر بز  منو و بعد تبعاد
خلا رزقو سار  يتشرد  في الدول تشراد
و الباقي  بالقصف حياتو  مهددة  تهداد

وقتاش  نوعاوا  و نفيقوا  نكعدوا الوساد
راه الغرب و اليهود بالديون دقونا  الاوتاد
نار الغيرة في القلب  تضرم و تزيد  توقاد
امتى  نهارنا  يطلع و  يجود زمانا بالسعاد

تمسكوا  بدين الحق نهجو سيرة  الاجداد
نحرروا القدس و الاقصى من  يد الاوغاد
نوقفوا  النزيف  و نضمد  الجراح  تضماد
عاد  تزهى  الفراجة  في  البارسا و الوداد

الخنزير  ترامب  بصفقة القرن  يغرد  تغراد
بالوقاحة  اعتبرها  بضاعة  في سوق المزاد
ما راعى  للاسلام حرمة  تحدى كيف  اعتاد
نطلبو الله هاذ البصقة تولي لو على الأخذاذ

شهداء  فلسطين  كل  يوم  يموتوا  بأعداد
و العرب ماهزتهم  نعرة ما يتعاضدو تعضاد
بالخمر  و الزنا  و المحرمات  يتلذوا  تلذاذ
و الاعلام  مشغول بالتفاهة  ما ينذذ  تنذاذ

الفقهاء  يتملقوا  على المال طمعهم  يزداد
بالخوف  ما ينهوا  منكر ما  يحاربوا فساد
و من تجرأ و جهر  بالحق  اجردوه  تجراد
إلا  ما  زجوا به في السجن يقددوه  تقداد

توبوا  للحي الغفار  يا القوم و تركوا العناد
اتجنبوا  الحسد  و النميمة  نبذوا  الاحقاد
خوفي  اجرى  لينا  ما  جرى  لثمود  و عاد
خوفي  يحل بنا  ما  حل بارم  ذات  العماد

يا ابن  ادم فق  تفكر القبر و ضيق  الالحاد
تفكر  هول  المحشر و جاهد النفس تجهاد
كن المال  يدوم دام  لقارون قبلك و شداد
كن الفردوس المفقود يدوم دام  لابن عباد

ختمت  نظامي بالصلاة  على سيد الاسياد
محمد المحمود  طه  شفيعنا  يوم  الميعاد
هذه  موعظة  بها القلب  علي و عليك جاد
يعمل  بها كل  من تسلح  بالعزم  و ليه راد
و الجاحد  بجهلو تليف  ما  فاد ما  استفاد
وحش  هايم  في الفيافي  فريسة  للصياد
من جهلو عايش في الشقاء و يظنو  ترغاذ
ليه و لأمثالو  كنسدد سهامي بالذم  تسداد
و السلام  على السادة  اهل  العقول لجواد
أصحاب الحكمة  البالغة  هما  لعيون اثماد
و الناظم  ما  يخفى  بوذنيبي نشأة و  زياد
واحد و عشرين سميتو  في حروف  أبجاد
عينو  يا ربي على النظم  قلمو  يسيل مداد
اشرح صدرو للسجية و فك لسانو من لعقاد
استر عيبو  بين الورى و اكفيه  شر الحساد
وارحم ضعفو يوم تفيض روحو من الاجساد

           🌳 زجل مرتجل من نظم  زايد وهنا🌳


  🏵شرح بعض الكلمات الواردة في القصيدة

فاد      : فاء مفتوحة و مشددة و دال ساكنة ، كلمة                     عامية يقصد بها الأحشاء و الأفئدة

سكاد   : كلمة عامية ، سين ساكنة و كاف عليه ثلاث نقط لينطق g مفتوح و الدال ساكنة دائما و يقصد بها استقام له الأمر.

قعاد    : كلمة مأخوذة من القعود و ملحونة تنطق في عاميتنا بكاف عليها ثلاث نقط g ساكنة .

ركاد    : كلمة ملحونة من الرقاد و هو النوم  الثقيل ، راء ساكنة و كاف معقوفة عليها ثلاث نقط لتنطق g .

مقاد    : جمع مقدة و هي ساطور يقطع بها اللحم

نكعدوا  : كلمة عامية بالكاف المعقوفة و تقرأ g و يقصد بها نرفع رؤوسنا عن الوسادة كناية عن الاستيقاظ من الغفلة

الالحاد  : جمع لحد و هو القبر

شداد   : والد عنترة العبسي

اثماد     : الأثمد هو الكحل الذي يزين العين ، بثاء ساكنة .

     🐗  ملاحظة :
حرف الروي : " دال " ساكنة في كل الأبيات .

💜ليلة في جزيرة العرب💜

الروضة الفيحاء

ليلة في جزيرة العرب

********     ليلة في جزيرة العرب    *******

 رأيت فيما يرى النائم ، أني أسير في فلاة جرداء موحشة  ليس بها من الشجر غير أحراش و أشواك متناثرة هنا و هناك و قد يبست وريقاتها بفعل الشمس المتقدة الحارقة ، فأضحت هشيما تدره الرياح في كل الاتجاهات ، و اتخذته بعض الخنافس و العناكب مطية لها تتقي به حرارة الرمال اللافحة ، كل خطوة أخطوها على هذه الرمال تهز في مشاعر الخوف ، الخوف من الظمإ أو من لدغة ثعبان أو من هذا المجهول الذي أسير صوبه ، أرفع بصري نحو السماء فلا أرى غير أشعة حارقة بيضاء تكاد تذهب بالأبصار و أنظر ذات اليمين و ذات الشمال فلا أرى غير السراب ، بدأ الشعور باليأس يدب في نفسي و نبضات قلبي تزيد خفقانا ، فأيقنت أنني في مرمى الهلاك خصوصا و قد أشرف زادي على النفاذ و لم يتبق لي من الماء غير رشفة  ، عقدت العزم و انطلقت أطوي المسافات حتى لاح لي جبل كأنه خيط أسود ، فانتابني بعض الأمل يزداد كلما اقتربت منه ، فما كدت أصل سفحه حتى خارت قواي و شعرت بعياء و عطش شديدين ، جلست على جلمود أستريح و تجرعت ما تبقى من ماء ساخن ، و في نفسي رغبة ملحة على أن أكمل صعود الجبل و أنظر من أعلى قمته ما يخبئه القدر ، استجمعت قواي و جددت العزم و ما كدت أبلغ القمة حتى استوقفتني أصوات غريبة ، حينها امتزج الأمل في النجاة بالخوف من المجهول ، تجمدت مكاني و ألقيت السمع ، فإذا هي أصوات صهيل الخيل ، و لو اطلعت علي ساعتها  لحسبتني أحد رعاة البقر تائه في صحراء كولورادو الأمريكية ، استأنفت تسلق القمة في حرص شديد على ألا يفتضح أمري ، رفعت رأسي ببطء فإذا بي أرى مجموعة من الخيام  قد نصبت على شكل دائري ، و في باحتها ثلة من الرجال جالسين و إلى جانبهم خيول تثير النقع بحوافرها ، طأطأت رأسي و تزاحمت الأفكار في ذهني ، و طفقت أختار أي الحلول أرجح ، فاستقر رأيي على أن أستغيث بهم ، و مهما يكن من أمرهم ، فهو أهون من موت محقق في هذه الفيافي المقفرة من غير زاد و لا ماء ، استخرت الله في مصيري ، رفعت قميصي الأبيض فوق رأسي إيذانا بالإستسلام ، تقدمت نحوهم متمهلا  و نبضات قلبي تتسارع و أنا أرنو إليهم بعين الريبة منتظرا رد فعلهم ، غير أن لا أحد منهم أبدى شيئا مما كنت أتوقع ، حتى لم تعد تفصلني عنهم إلا خطوات قليلة ، و قد هالني ما رأيت فهم نفر بين تسعة و عشرة ، مزنرين بالسيوف و على كتف كل واحد منهم كنانة مليئة بنبال تلمع كعوبها كلما تعرضت لأشعة الأصيل الذهبية ، و الملفت للنظر أنهم ذوو بنيات جسمانية تثير الدهشة ، يضعون عمامات كبيرة لفت على رؤوسهم لفا متقنا و على دقونهم لحى شديدة السواد و قد قست بعناية ، و حباهم الله  احورارا زادهم حسنا و جمالا يقصر عنه الوصف ، تطوف عليهم غانية  حسناء تسقيهم مداما في أقداح  من طين و ضحكاتهم تتعالى من حين لآخر و كأن البيداء خلقت لهم دون غيرهم ،  حينها أداروا رؤوسهم نحوي ،فبادرتهم بالسلام خوفا منهم و طمعا في مساعدتهم ، فرد أحدهم قائلا :
  " عمت مساء أيها الغريب "
بينما قام آخر و أخذ بيدي و أجلسني على رداء من صوف و أمر بإحضار الطعام و الماء ، فردت إلي نفسي بعد أن كادت تزهق من الخوف ، فأقبلت على الأكل و الشرب بنهم شديد خصوصا و أني استأنست بهم و لمست منهم حسن النية ، كل ذلك و هم منشغلون بمعاقرة الخمر و قول الشعر ،
استلقيت بجانبهم وكانت الشمس ضياؤها يتوارى خلف الكثبان الرملية ، فإذا بغلامين من زينة شبابهم قد أوقدا نارا وسط حلقتهم ، فسمعت أحد الرجال يأمرهما بذبح شاتين و سلخهما و الإتيان بهما لطهيهما على النار وسط الجمع ، كان يقول ذلك و هو ينظر باتجاهي و كأن هذه المأدبة ستقام على شرفي كضيف التجأ إليهم و استغاث بهم .
طلب مني أحدهم الانضمام إلى مجلسهم ، فقمت لا ألوي على شيء ، و كيف لا ، و قد شعرت بالطمأنينة و الأنس بعدما كاد اليأس يعصف بي ، اتخذت مكانا بجانب الرجل الذي أكرمني ، و طفقت أنظر إليهم واحدا واحدا ، و لم يسترع انتباهي غير واحد منهم كان أسود اللون مفتول العضلات عريض المنكبين ، يتأبط حساما يختلف عن سيوف ندمانه ، و الشرر يتطاير من عينيه الواسعتين ، لا يتكلم إلا نادرا ، فكنت أتحاشى النظر إليه حتى لا يشعر بشيء مما يريبه .
و بينما نحن على تلك الحال ، بادرني أكبرهم سنا سائلا :
  " من تكون يا هذا "
أجبت بكلام خافت توقيرا له و خوفا منهم :
  " أنا عربي يا سيدي "
ضحك الجميع ، ثم أردف السائل قائلا :
  " ما من شك في ذلك ما دمت تتكلم العربية ، و     لكن نريد أن تسمعنا شعرا "
فكرت قليلا و اخترت من شعري ما أظنه ينال إعجابهم ، فما كدت أنهي البيت السابع حتى نهرني أحدهم :
  " صه ، صه ، ويحك أتحسب هذا شعرا " ؟
ندمت أشد الندم على تسرعي ، فإذا بالرجل المسن يهدئ من روعي و يقول :
  " أتعرف من هؤلاء الذين تجالسهم ؟ "
قلت :
  " و كيف لي ذلك و أنا ابن سبيل ، صادفتكم في طريقي ، فأكرمتم مثواي جزاكم الله خيرا "
فإذا به يأخذ قوسه و يشير به نحو جلسائه موضحا :
  " فالرجل إلى يمينك هو النابغة الذبياني و الذي يليه هو امرؤ القيس و الى جواره طرفة بن العبد و عمرو بن كلثوم فعنترة بن شداد ثم الحارث بن حلزة أما أنا ..." هنا قاطعته قائلا :
  " أنت إذن زهير بن أبي سلمى "
فابتسم الرجل و قال :
  " كيف عرفتني يا هذا ؟ "
أجبت على الفور :
  " أنتم شعراء العصر الجاهلي الذين لا يجاريهم أحد ، و قد درسنا أشعاركم في مدارسنا "
هنا انتفض الجميع ، و إذا بأحدهم  يقول :
  " ويحك ، ماذا تقصد بالجاهلي ، أتنعتنا بالجهل ، و نحن من خيرة العرب ، فهل منكم من يستطيع مجاراتنا في القريض ؟ فرطتم في اللغة العربية و أهملتموها و افتقدتم ملكة و سليقة النظم ، فأضحى شعركم هراء ، فأنتم أحق و أجدر بالجهل "
ارتعدت فرائصي و أنا أرى الرجال كل يتحسس غمد سيفه و لكن سرعان ما تبين لي أنهم اعتادوا على وضع آياديهم عليها و هم يتحاورون .
تنفست الصعداء و قلت :
  " على رسلكم يا جماعة ، لا أقصد بالجاهلية ما تظنون ، فقد بعث الله فينا نبيا اسمه محمد ، جاء بدين الإسلام إلى الناس كافة ، فنبذ الأصنام التي كنتم تعبدون و حرم كثيرا من الفواحش التي كنتم ترتكبون ، و أبقى على بعض القيم النبيلة التي كنتم تتحلون بها ، و لعل تلك الرذائل التي سادت عصركم هي سبب تسميته بالجاهلية "
و لم أشعر إلا و امرؤ القيس يستوي قاعدا على ركبتيه و قال في غلظة و فخر :
  " كيف سولت لكم أنفسكم أن ترموننا بالجهل و نحن أشعر أهل الأرض "
قلت في نبرة يعتريها الخوف و حب الإقناع :
  " أنتم يا سادة أشعر الناس ، و لا أحد في عصرنا ينكر ذلك ، و ما أطلق اسم الجاهلية على عصركم إلا بفعل تلك الفواحش ..."
لم أكد أنهي كلامي حتى انتصب عنترة بن شداد واقفا و صرخ في وجهي مزمجرا كأنه أسد أمام عرينه :
  " ثكلتك أمك أيها المجنون ، أي فواحش تقصد ؟ "
تبسمت في وجهه حتى أهدئ من غضبه و قلت في جرأة وقد استأنست بالجدال  :
  " أنتم تعبدون آلهة من حجر صنعتموها بأيديكم ، و تتقاتلون فيما بينكم ، و تئدون البنات ، و تعاقرون الخمر ، و ترتادون خيام ذوات الرايات الحمر ، و تؤمنون بخرافة الأزلام ، و هذه و غيرها من العادات السيئة حرمها الإسلام بعدكم "
قلت هذا و أنا أرتعد خوفا من ردة فعل أحدهم و التي قد تكلفني حياتي ، غير أنهم انفجروا ضحكا و هم يتهكمون مما قلت ، حينها تقدم نحوي حكيمهم زهير بن أبي سلمى ، و قال :
  "  ليس بيننا و بينكم فرق فيما نسمعه عن فضائحكم ، إن كنا نعبد الأصنام ، فأنتم تعبدون أسيادكم من البشر ، و تقدسون المال و لو على حساب كرامتكم ، و تتمسحون بالأضرحة ترجون عونها ، و تقاتلون بني جلدتكم في الدين و العروبة مقاتلة الجبناء ، حتى شاعت أخبار تخلفكم و مهانتكم كل بقاع الأرض و أصبحتم أذل أمة ، و تفشت فيكم الرذائل مجتمعة من شرب الخمر إلى المخدرات بأنواعها ، أما الزنا و العهر فأنتم بلغتم فيه مبلغ السفهاء ، حتى بات العري و الدعارة أمرا عاديا في أوساطكم ، تئدون أبناءكم ذكورا و إناثا بالإجهاض ، تلدونهم و تلقون بهم أحياء في القمامات  ، عجبا لكم تدعون التحضر و الحداثة و أغلبكم يؤمن بالخرافات ، تمارسون السحر و الدجل  حتى استشرى النصب و الاحتيال ، و عم الظلم و الفساد ، كل هذا و أنتم أصحاب رسالة سماوية جاءت لتخرجكم من الظلمات إلى النور ، فتركتم النور و ولجتم الظلمات ، أي جاهلية أفضع من هذه ؟ أما نحن فلم يبعث فينا نبي و لم ينزل علينا كتاب و رغم ما كنا نقترف من فواحش كانت لنا مزايا و صفات حميدة تفتقدونها أنتم يا أهل التحضر ، من مثل الشجاعة و الأنفة و الكبرياء و الكرم و الغيرة على العرض و الوفاء بالعهد و حفظ الأمانة حتى صرنا مضرب المثل في المروءة  ".
قال كلامه هذا و ألقى بقدح الخمر على الأرض و هو يتمتم بكلام لم أسمع منه غير هذا :
  " كنا أسياد الأمم و أعزة القوم ، تهابنا الروم و الفرس ، فجئتم أنتم و مرغتم العروبة في الذل و عفرتم الكرامة في الوحل ، تبا لكم و لعصركم ".
ساد صمت رهيب يكسره صهيل الخيل و نباح الكلاب ، و ارتفع دخان الشواء وسط الجمع و انتشرت رائحته الشهية ، فإذا بطرفة بن العبد يرشف رشفة من قدحه و يأمر أصحابه بترك الجدال معي ، لأنني في نظره مغفل مغرور ، و أنني لست ندا لأحدهم شعرا و لا مبارزة .
أحضر الغلامان طعام العشاء ، و تحلق الجمع حوله ، و فسحوا لي مكانا بينهم و استقدموني في الأكل على عادتهم ، أقبلت على اللحم المشوي بنهم شديد ، و لا أذكر قط أنني أكلت مثله لذة و طراوة .
شكرتهم على حسن ضيافتهم و كرمهم ثم تنحيت جانبا و استلقيت على ظهري أنظر إلى النجوم ، و إذا بعنترة بن شداد يمشي على الرمل البارد حافي القدمين و ينشد شعرا في معشوقته عبلة ،  لم أشعر بشيء آخر مما حولي فقد غلبني النعاس من شدة العياء ، فرحت أغط في نوم عميق ، فإذا بعبلتي توقظني و يا ليتها لم تفعل  ، جلست في سريري أعيد شريط الرؤيا ، و كم تمنيت أن أبقى معهم إلى الأبد ....

       ****     الكاتب   :    زايد وهنا    ****

👧المعلم و الشاعرة👧

🌍🌍   المعلم و الشاعرة  🌏🌎

طلب مني معلمي أن أرسم علمي
قلت يا معلمي لونه من لون دمي
قال اسكبيه أشعارا على مرسمي
ففي لونيه بهاء قسمي
وفي رفرفته نفح عزمي

عفوا يا معلماه
هو في نموذجك الذي منه سلوكي حاكاه
هو في إخلاصك الذي منه اجتهادي جاراه
إنك من بالتفضيل أكرمه الاله و حباه
إنك من بالتبجيل خصه شوقي و وفاه

أرجوك معلمي
اعذر جرأتي وارفع هامتك يا ملهمي
فأنت مبعث فخري و سر الهامي
ألست من بدد جهلي و أنار ظلامي
ألست من بفضله تحققت أحلامي
سأجرح معصمي و بدمي أرسم علمي
و من حبكما لا أبالي ألمي !!!

😾التدليل المقيت😾

المشهد السادس
     ***  التدليل المقيت  ***
     إذا كان الأطفال هم المقصودون بالتربية و حسن التنشئة من قبل الكبار سواء كانوا أباء أو أمهات أو مربين ، فإن تربية الكبار أنفسهم هي المعضلة ، فقد صدق من قال :
  " ما أصعب فطام الكبير "
و النموذج من هذه الحكاية التي عاينتها بإحد البساتين حيث الأشجار الوارفة الظل ، تغرد على أفنانها طيور و عصافير بأحلى الأنغام و نباتات مخضرة و أزهار مختلفة الألوان و الأشكال تحوم حولها فراشات جميلة ، وبمحاداة البستان قناة واسعة عميقة يتدفق الماء فيها بغزارة و ينساب انسيابا جارفا يحدث هديرا مرعبا ، و هذا ما يزيد المكان بهجة و جمالا و يغري الساكنة بارتياده قصد الترويح عن النفس و قضاء لحظات جميلة في أحضان الطبيعة الخلابة .
اخترت مكانا ظليلا و جلست استمتع بجمال الطبيعة ، فتحت كتابا كنت قد أشرفت على إتمام قراءته ، غير أن هرج و مرج طفلين صغيرين كانا يلعبان على مقربة مني حال دون تركيزي في المطالعة ، تركت الكتاب جانبا و بدأت أشاهد هذين الصغيرين يمرحان ، و لكن ما حز في نفسي أن الطفلين عاثا فسادا في البستان يقطفان الأزهار و يبعثرانها و يدوسان على أخرى فيكسرا سيقانها أمام أنظار والديهما الجالسين في الجهة المقابلة ، و لا أحد منهما يحرك ساكنا بنهيهما أو زجرهما بل بالعكس يشاهدان ذلك و يبتسمان مما يشعر الطفلين بالحماسة و الاستمرار في التخريب ، حينها نفذ مني الصبر فتدخلت بالحسنى قائلا :
  "  لا تفعلا ذلك يا أبنائي فالبستان ملك للجميع  "
ظننت بتدخلي هذا أنني أثرت انتباه الوالدين لما يقترفه أبناؤهما ، ليضع حدا لتصرفهما و لكن لا حياة لمن تنادي ، بعد ذلك رأيت الطفلين يتجهان الى القناة الهادرة يقفان على حافتها و يرميان فيها ما تحمله أيديهما من أعشاب و أزهار ، هنا أدركت بحدسي الذي غالبا ما يصدق أن نهاية هذين البريئين قد اقتربت ، فزلة قدم قد تهوي بأحدهما أو كليهما إلى قاع القناة المتدفق ماؤها و لن يستطيع أحد مهما أوتي من قوة و حيلة إنقاذهما ، و الغريب في الأمر أن الأبوين غارقان في الضحك و المزاح و هما ينظران إلى صغيريهما قاب قوسين أو أدنى من هلاك محقق ، تعجبت و تأسفت و عرفت أن العواقب ستكون وخيمة ، فقررت أن أغادر المكان قبل وقوعها ، و لكن شيئا بداخلي ينازعني لتدارك الموقف ، فما كان مني إلا أن قمت من مكاني و اتجهت صوب الطفلين و أخذت بيديهما و التفتت نحو الأب معاتبا إياه ، فما كان جوابه إلا أن طفليه ذكيان نبيهان لن يسقطا في القناة ، حينها امتلأ صدري غيضا و شكرته على جوابه عوض أن يشكرني و ذهبت إلى حال سبيلي و لا أخفيكم سرا أن في تلك اللحظة تمنيت لو وقع الأسوأ ...لا للبريئين و لكن تمنيته للكبيرين...
سبحان الله ، كيف يربي أمثال هذين الأبوين أبناءهم على الدلع و التدليل المبالغ فيه و اللامبالاة اتجاه الأخطار التي قد تحدق بالصغار ، ترى من المسؤول عند وقوع حادثة لطفل صغير في حضور والديه ؟
لهذا أقول أحيانا ما أحوج الكبار الى تصحيح مفهوم التربية و ليعلموا أن الأبناء أمانة في رقابهم ما داموا صغارا و أي ضرر يلحقهم من الاهمال و كان من الممكن تلافيه يعتبر الأبوان آثمين مقصرين
في حق فلذات أكبادهم ، فلا للتدليل و الدلع المبالغ فيه فربما قد يعود بالضرر حينها يندم المقصر حيث لا ينفع الندم .

                 الكاتب  :  الأستاذ  زايد وهنا

🌷خطبة : أنتم الأمل🌷

خطبة
              💼💼    أنتم الأمل   💼💼

     الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات ، و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على خير الورى و هادي البشرية ، سيدنا محمد و آله و صحبه و من سار على نهجه الى يوم الدين .
أما بعد :
يا معشر الشباب
    فوالله ما قمت اليوم خاطبا فيكم إلا لأعظ نفسي قبل أن أعظكم ،  فلست بأفضل منكم سيرة ، ولا أبلغ منكم قولا ، و ما بخطبتي هذه أبرئ نفسي ،  فأنا أولى بها منكم ، و لكن ارتأيت أن أذكر بها نفسي و إياكم عسى أن تكون فاتحة خير لنا   جميعا .
يا عماد الأمة
     إن وطننا اليوم - قبل أي وقت مضى - في حاجة الى عقول متعلمة واعية ، و سواعد فتية عازمة ، و أخلاق فاضلة راقية ، تشحذ العزائم  وتستنهض الهمم ، لننافس غيرنا من الأمم ،  ونرتقي بحضارتنا نحو القمم ، و ما دمتم أنتم هم دعامة المستقبل ، و حملة المشعل ، فاعلموا علم اليقين أن هذه الرسالة ملقاة على أكتافكم ، و رقي الوطن أمانة في أعناقكم ، و توريثه للأجيال اللاحقة بين أيديكم ، فهل حقا أنتم مستعدون لحمل و تحمل أعباء هذه الرسالة السامية ؟ و هل تزودتم بما يكفي و يشفي من العدة سلوكا و علما  و عملا ؟.
اعلموا أبنائي أصلحكم الله ،
 أنها رسالة و أمانة ثقيلة جسيمة لا يمكن أن يقوم بها أبناء أمة عاجزة موبوءة ، و ما أظنكم كذلك ، بل أنتم أهل لها و القادرون عليها إذا تسلحتم بقيم ديننا الحنيف و تعاليمه ، و حرصتم الحرص الشديد في طلب العلم و اصطبرتم على تحصيله ، و تمسكتم بفضائل الأخلاق ، و احترمتم أساتذتكم ، و انضبطتم لتعليماتهم ، و بجلتم علماءكم و أنزلتموهم المنزلة اللائقة ، و اتخذتموهم قدوة  و نبراسا ينير دروبكم ، و نبذتم التفاهة والتافهين ، و أعرضتم عن سفاهة أقوالهم وأفعالهم ، فإن فعلتم كنتم حقا خير خلف لخير سلف ، أديتم الأمانة و أخلصتم العمل و شرفتم الوطن ، أما إذا تواكلتم و تخاذلتم و لم تأخذوا بهذه الأسباب ، لا قدر الله ، فانتظروا جهلا متفشيا ، و تخلفا مهينا و عيشا ضنكا و مذلة بين الأمم ، و هذا ما لا يقبله كيس عاقل ، و لا يتمناه لبيب فطن ، فكيف ترضونه لأنفسكم و أنتم أبناء و حفدة العلماء و الأدباء و المقاومين ، و ما أظن أن من بينكم من يرضى أن يدون عنه التاريخ ما يسود الوجه و يجعلنا مسخرة الشعوب .
أيها الشباب ،
أتمنى أن تكون خطبتي اليوم بداية صفحة جديدة لنا جميعا ، فهلموا بنا نشمر عن سواعد الجد و نتشبت بهويتنا الوطنية و خصوصياتنا المغربية   ونعقد العزم على الرفع من شأن هذا الوطن ، و هذا ليس بالعسير ، و لا على هممكم بالعزيز إذا جعلنا من الأخلاق و العلم ركيزتين أساسيتين لا بديل عنهما ، إذ بدونهما لا تقوم لنا قومة ، و لا يهاب لنا جانب .
يا أمل البلاد و العباد
نريدكم أساتذة متمرسين و أطباء متمكنين و مهندسين بارعين و جنودا مجندين ، نريدكم علماء مخترعين و حكماء مكتشفين و صناع ماهرين ، حتى إذا وافانا الأجل و حانت ساعة الاحتضار  نموت و نحن مطمئنون على حوزة الوطن و مستقبل الأجيال ، و إياكم و التقليد الأعمى و الاغترار بالمظاهر الزائفة و الانسلاخ عن الهوية ، فهي مهالك و مزالق نحو الهاوية .
أيها الشباب
اسمعوا و عوا و اعملوا بما علمتم و الزموا ، فاللهم اشهد أنني قد ذكرت و الذكرى تنفع المؤمنين  و أديت الواجب الذي يمليه الضمير ، و ما أريد إلا الصلاح في الدنيا و الثواب في الآخرة و استغفر الله من قول بلا عمل ،  وأحمده  و لا أحصي ثناء عليه .

         و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

🔵أنا شاعرك يا علمي🔵

🌷🌷  أنا شاعرك يا علمي   🌷🌷

           رفرف يا علمي
رفرف يا علمي فوق هامتي                         
فرفرفتك إيقاع أبياتي
ورقصتك لحن قافيتي
وأنا في العروض تزهو بلاغتي

            رفرف يا علمي
في هفهفتك زئير أجدادي
يزمجر ، يرهب الأعادي
ينادي أنا هنا الى الأبد
وأنا من صداك تنتعش قصائدي

           رفرف يا علمي
من دمائهم  اكتسيت حمرة
و من مجدهم تقلدت نجمة
و من هاماتهم سموت رفعة
وأنا من سحر البديع صغت أنشودة

            رفرف يا علمي
صل بجلالك شرقا على الحدود
و اكتب للتاريخ  كبرياء الأسود
و اعزف  بقيثارتك لحن الخلود
و أنا من روض الجناس أنثر الورود

           رفرف يا علمي
ارقص على رياح المحيط غربا
ففي واد المخازن أعلنتها حربا
تناقلتها  الألسن أعجاما و عربا
وأنا استعرت لها من البيان عجبا

           رفرف يا علمي
تمايل بخماسيتك زهوا في الجنوب
وانسج بحمرتك على شفق الغروب
شطحات أنفة و عزة تحيي القلوب
فمجاز ي و كنايتي لا يهبان الحروب

            رفرف يا علمي
اطرب بإيقاعك ثغور الصحراء
و اضف عليها من لونيك البهاء
بالأخضر خضب مسيرة خضراء
وبالأحمر  لطخ غرور الأعداء

  فأنا الشاعر بقصيدي أحييك
  وأنا المجاهد بروحي أفديك       

                                      شعر الأستاذ زايد وهنا