📆 قاعة الانتظار 📆
سحبت التذكرة من الجهاز القابع بباب التعاضدية فإذا هي تحمل رقم واحد و ثلاثين ، رغم أنني وصلت باكرا لأكون من الأوائل ، فقد سبقني ثلاثون منخرطا ، كانوا جالسين ينتظرون ظهور أرقامهم على شاشة الشباك لتقديم أوراق المرض التي يتأبطونها ، منهم المتقاعد الذي أنهكته سنوات العمل الطويلة التي قضاها في مهنة المتاعب وقد أخذت من صحته و بصره الكثير و لم تدع له إلا قليل قوة يكابد بها مشاكل الحياة ، و منهم الذي ما زال يمارس المهنة وقسمات وجهه توحي بثقل الهموم التي تكالبت
و تتكالب عليه .
جلست كغيري أنتظر دوري ، استرق النظر من حين لآخر إلى الشاشة و كأنني أستعجلها ، فورائي مآرب أخرى يجب القيام بها قبل أن يدركني وقت العمل لحصة الزوال .
و بينما أنا كذلك استرعت انتباهي سبورة معلقة
على الحائط بالقرب من مكان جلوسي ، رفعت بصري نحوها و شرعت في قراءة الإعلانات الملتصقة بها عساها تحمل جديدا ، و لكن لا جديد
يذكر فيها ، غير أن إحداها أثارت حفيظتي ، تلك
التي تخص الوثائق التي ينبغي الإدلاء بها من قبل الأرامل عند وفاة أزواجهن المنخرطين للاستفادة من المنحة التكميلية التي تسلمها لهن التعاضدية
بعد توصلها طبعا بالوثائق كاملة غير منقوصة ، لكن الغريب في هذا أن هذا الملصق الذي به هذا الإعلان يحمل من الوثائق المطلوبة ما لا تستطيع
الأرملة و أبناؤها توفيره ، فهي عبارة عن لائحة طويلة و معقدة لن تجمع إلا بعد وقت طويل ومشقة كبيرة و جهد مضني ناهيك عن الأموال التي تصرف من أجل الحصول عليها .
تعجبت لهذه المساطر المعقدة التي تثقل كاهل الناس ، و التي تثير قلقهم ، حتى أن بعضهم يفضل ألا يستفيد ما دام الأمر معقدا و عسيرا .
أخيرا و بعد طول انتظار ممل ظهر على الشاشة الرقم واحد و ثلاثون فقمت متوجها نحو الشباك و أنا أقول في نفسي ، كان الله في عون المنخرط
يعاني و هو حي ، فإذا مات انتقلت المعاناة إلى أرملته .
💼 بقلم المنخرط زايد وهنا 💼
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق