💉 مشاهد مؤلمة 💉
ليس من سمع كمن عاين ، فمهما سمعت عن الأوضاع المزرية التي تعرفها المستشفيات العمومية لن يبلغ بك الحزن و الأسى مبلغ من قادته الظروف إلى الاستعانة بخدماتها
و عاين تلك المشاهد المؤلمة و عاشها عن كثب .
و هو ما حدث ليلة ، فقد اضطررت تحت ظرف قاهر لا داعي لذكره أن أزور مستعجلات أحد المستشفيات الجامعية الكبرى بإحدى المدن الكبرى المشهورة ببلدنا ، فرأيت ما لم يكن يخطر على بالي من المشاهد المحزنة ، بدءا من المدخل
الرئيسي مرورا بالأروقة و انتهاءا بغرف الفحص ، كل هذه الأماكن مكتظة بالمرضى من مختلف الأعمار ذكورا و إناثا ، يملؤون الممرات و الفناءات منهم المصابون بجروح خطيرة
و قد تلطخت أجسامهم و ملابسهم بالدماء ، يصرخون من الألم و منهم فاقدو الوعي و هم ملقون على الأرض
و المحظوظ منهم من وجد سريرا متحركا يستلقي عليه في انتظار الفرج الذي ربما لن يأتي حتى بعد فوات الأوان
و الأكثر حظا من كان مصحوبا بأحد أفراد أسرته ، يعينه
و يقف بجانبه و يسعى بكل الوسائل للتسريع بإسعافه ، خصوصا إذا كان أحد معارفه أو أصدقائه ضمن الطاقم الطبي ، فهذا النوع ربما يتم التعجيل بإسعافه ،أما المرضى الآخرون فمنتشرون هنا و هناك يئنون تحت وطأة الألم ،
و مرافقيهم لا يسعهم إلا الامتعاض و الاحتجاج و التأفف على هذا الوضع الكارثي و لكن ما باليد حيلة ، فأفراد الطاقم الطبي قليلون جدا ، و بعضهم ممن مات لديهم الضمير المهني متهاونون و غير مبالين بآلام الناس من حولهم ، كما أن جل الاسعافات تتطلب بالضرورة قبل تقديمها القيام بالأشعة السينية أو صورالصدى المغناطيسي أو تحليلات أخرى تختلف حسب نوع المرض ، بعضها يتم داخل المستشفى
و بعضها مطالب أصحابها القيام به خارج المستشفى و هو ما يبطئ في كثير من الحالات عملية الإنقاذ ، هذا ناهيك عن الأعطال التي تطال بعض الأجهزة الطبية بالمستشفى مما يجعل الاستفادة من خدماتها غير ممكنة ، و غير هذه من الاكراهات و العراقيل ، خاصة و أن عدد المرضى كثير جدا ، بسبب حوادث السير أو الاعتداءات بالأسلحة البيضاء أو الحروق من درجات خطيرة أو أمراض فقدان الوعي باختلاف أنواعها و خطورتها ، فالوضع بأقسام المستعجلات كارثي بالنهار ، أما ليلا فتزداد المعاناة أضعافا .
إذن باختصار شديد ، استنتجت أن الضحايا هم أولئك الناس البسطاء الذين ليست لهم القدرة المالية لولوج المصحات الخاصة ، فهؤلاء معاناتهم كبيرة و مؤلمة ، و من هؤلاء البسطاء من بلغ به اليأس من الاستشفاء العمومي أن يقترض أو يبيع أعز ما لديه ليقصد المصحات الخاصة .
أما الذين لهم القدرة المالية ، أو الموظفون التابعون لإحدى التعاضديات ، فهؤلاء قطعوا علاقتهم بتاتا بالمستشفيات العمومية ، و لعل هذا ما جعل المصحات الخاصة ترفع من سعر الاستشفاء ما دامت ترى أن الناس مضطرون إلى طرق أبوابها ، و الغريب في الأمر أن جل الأطباء و الممرضين الذين يعملون في المستشفيات العمومية ، هم أنفسهم الذين يعملون في أوقات فراغهم و في غيرها بالمصحات الخاصة .
و قد أسر إلي أحد الأطباء أن هذا الاكتظاظ الذي يعرفه المستشفى الجامعي هو بسبب افتقار المستشفيات بالمدن الصغيرة و القرى التابعة لهذه العمالة للأطر الطبية
و التجهيزات مما يضطر معه الناس إلى الاستعانة بخدمات المستشفى الجامعي الذي لم تعد طاقته الاستيعابية تتحمل هذه الأعداد الكبيرة من الوافدين عليه ، و لو دعمت
مستشفيات المدن و القرى المجاورة بالأطقم الطبية
و المعدات الاستشفائية ما رأيت هذا الازدحام و هذه
المعاناة .
الصحة أغلى ما يملك الإنسان و الاهتمام بها ينبغي أن يكون أولى الأولويات ، و لكن للأسف ....
✏وصف زايد وهنا ما عاينه دون مبالغة ✏
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق