عندما يتعدى الكذب الحد المقبول

 عندما يتعدى الكذب الحد المقبول


            الحقيقة أني ترددت كثيرا قبل أن أخط هذه السطور لأسباب عدة أولها أنني أخجل أن أخوض في مثل هذه المواضيع التي ليست في الحقيقة إلا هراءا لا فائدة منها و لا يليق بكل ذي عقل سليم أن يثيرها و ثانيهما أن القارئ الذي تعود على قراءة كل ما هو مفيد يجد نفسه هذه المرة أمام لغو لا طائل منه ، و ثالثها حقا هو الدافع الأساس الذي حتم علي إثارة هذا الهراء ، و أعتذر من القراء لأن الغرض منه هو إطلاع الناس على ما وصل إليه المسؤولون الجزائريون من خساسة لم يسبقهم إليها أحد منذ وجد الإنسان على هذه

البسيطة ، و لم أجد لها خانة أصنفها فيها ، بل سأكون ممتنا لمن يستطيع من القراء أن يصنفها .

إذن سأعرض عليكم بعضها مما صدر من رئيسهم  

و مستشاريه و مسؤولين كبار في حكومته  و برلمانيه ، أما ما

يصدر عن بسطاء القوم فهؤلاء لا ملامة عليهم فهم تابعون يصدقون و يرددون هذه الخزعبلات بنوع من الفخر 

و الاعتزاز ما دام قد أقرها كبار أغبيائهم . و من تلك الأمثلة باختصار   :

-- كذبة المسدس التي حدثت بين الأمير عبد القادر و رئيس أمريكا جورج واشنطن ، علما بأن بين وفاة هذا و ولادة الآخر ثلاثين سنة .

-- كذبة اللقلاق ( بلارج ) الشهيد المقاوم الذي نزع علم فرنسا سنة 1961 و طار به نحو عشه حيث مزقه و دنسه ، مما دفع الفرنسيين إلى إطلاق الرصاص عليه ، فسقط أرضا و قد أصيب بكسر في رجله ، فقرر الجيش الفرنسي بعد مداولات بين كباره الحكم على اللقلاق بالسجن المؤبد في زنزانة مع الأسرى المقاومين ، و الأغرب أن اللقلاق أضرب عن الطعام بسبب ما يتعرض له إخوانه الأسرى من تعذيب و تنكيل أمام عينيه ، و بذلك ينضاف بلارج إلى عدد الشهداء الذين لم يستقر عددهم لحد الساعة . و ما يزيد الطين بلا أن المستشار البليد قال بعظمة لسانه و دون أن يخجل من نفسه أنه قام في تلك اللحظة من تلك السنة 1961 بالتقاط صورة من هاتفه النقال لذلك اللقلاق الجريح و أضاف أنه يحتفظ بها في جواله ، و نسي الأبله أن في ذلك الوقت لم يكن الجوال قد اخترع بعد .

-- كذبة حائط البراق بفلسطين ، يدعي الجزائريون أن هذا الحائط لهم و سيسترجعونه متى شاءوا .

-- كذبة انضمام الصين للأمم المتحدة ، قال كبير المهرطقين الأغبياء أن الجزائر هي من كانت وراء انضمام الصين للأمم المتحدة . 

-- كذبة الحجر المجاهد ، ادعت امرأة جزائرية أنها تحتفظ بحجرة تزن عشر كيلوغرامات باعتبار هذه الحجرة مباركة 

و مقدسة لأنها ساعدت في المقاومة و ذلك أن الحجرة اعترضت سبيل شاحنة عسكرية فرنسية و قلبتها فمات جميع ركابها الفرنسيين ، و هكذا تنضاف الحجرة إلى قائمة الشهداء .

-- كذبة واد مكرة ، هذا الواد كما قال أحد البلداء يقع في ولاية بلعباس و اسمه في الأصل واد مكة بحذف تلك الراء الزائدة ، و بالتالي فمكة الحقيقية في الجزائر و ليست في شبه الجزيرة العربية .

-- كذبة العلاقة بين شنقريحة و أبي بكر الصديق 

قال أحد الأغبياء أن شنقريحة من ذرية أبي بكر الصديق .

و هلم جرا من مثل هذه الخزعبلات و ما أكثرها و لكن المجال لا يتسع لذكرها و لا يمكن إحصاؤها ، و لو سألت  الكذابين و الحمقى و المجانين أنفسهم عن هذه الهرطقات لاستنكروها ، و لا يرضون أن يأتوا مثلها ، و من

شدة بلادة المسؤولين الجزائريين  يظنون أن الناس بلداء أمثالهم قد يصدقون هذه الأكاذيب و الخرافات ،فحتى الكذب و الافتراء لهما ضوابط و حدود و تقنيات الحكي تترك مجالا و لو صغيرا للتصديق ، أما هذه فلا تتوفر على مقدار ذرة

من المنطق .

إذن عزيزي القارئ أين يمكنك أن تصنف ما سمعت من خبل ، و الأدهى أن يصدر ممن يسوسون البلاد الذين حشرنا الله معهم في الجوار ، و العجب لا يخجلون و لا يكترثون و لا ينتهون رغم ما وصلوا إليه من جهل و غباء حتى أضحوا أضحوكة الأمم  و مضرب المثل في العالم كله ، و كأن الجزائر برمتها مستشفى الأمراض العقلية المزمنة الميؤوس من علاجها .

لهذا لقد صدق من قال :

( بين القرويين و القيروان حديقة حيوان )

بل ( بين القيروان و القرويين مارستان المجانين )

ختاما عزيزي القارئ ، إن لم تجد ما يفيد فيما ذكر و هذا طبيعي ، فإنك على الأقل قد تنفجر ضحكا ، و لكن في الوقت نفسه قد تتأسف أن يوجد مثل هؤلاء في عصر غزا فيه الإنسان الفضاء و عرف التقدم العلمي طفرة كبيرة في جميع المجالات في كل البلدان بدون استثناء إلا بلدهم هو الوحيد الذي يغرد خارج السرب ، و يعيش الأوهام و يخذر شعبه ليستنزف خيراته و هو راض على وضعه ،

و ذاك دأب من ليس له تاريخ و لا حضارة ، فهو كاللقيط الذي يخبط خبطى عشواء ليجد له أبا أو أما و لو كانا غير شرعيين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق