السراب

 كلما تقدم العمر بالإنسان ، إلا و زاد يقينا من تفاهة الدنيا 

و غرورها و سرعة مرورها و تقلب أطوارها وانعدام الأمان في طبعها ، إذ تفاجئك على حين غرة بما لم يكن يخطر ببالك 

و ما لم تكن على استعداد لاستقباله ، بل يأتيك بغتة فيقلب

موازين حياتك رأسا على عقب ، حينها تتغير نظرتك للدنيا

و تتيقن أنها مجرد سراب و أنك فيها أشبه بمسافر ضال في صحراء شاسعة لا زاد و لا ماء و لا سلاح ، تتربص بك الحيوانات الضارية و تداهمك العواصف الرملية و يعترض سبيلك قطاع الطرق ، فتسير مشتت الفكر ، مرتعدا من الخوف ، متوجسا من أي هذه الأخطار سيلاقيك و أنت الحلقة الضعيفة في كل هذا .

إذن هل عرفت الآن حقيقة وضعك في هذه الحياة ؟  هل

تأكدت من ضعفك في هذا الملكوت ؟ 

إذا أقررت بهذا و أيقنت به تمام اليقين ، 

فلماذا تسعى في جمع حطام الدنيا بكل الوسائل المشروعة 

و الغير المشروعة ؟

لماذا تتكبر و تتفاخر بما ليس لك ، و أنت تعلم أن الرحيل

أجل محتوم ، و أن ما لك سيصير لغيرك ؟

لماذا تؤذي الناس و لا تأخذك رأفة و لا شفقة بضعافهم .

لماذا تأتي الفواحش دون استحياء ؟

لماذا و لماذا و لماذا ....

إذا لم يكن لك فيما تراه من كوارث طبيعية و أمراض دروسا

و عبرا تتعظ بها ، فاعلم أن حب الدنيا قد تغلغل في نفسك 

و أن الله قد طبع على قلبك ، فلا داعي أن تتفاعل مع هذه

التدوينة ، لأنها لن تؤثر فيك و لن تنال من غرورك شيئا .


                           الدنيا كما يراها زايد وهنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق