الأمر ليس كما يبدو لك !!!

                         الأمر ليس كما يبدو لك !!!


          خطأ كبير و خطير يرتكبه بعض الناس عن غير قصد ، 

لعلهم يجهلون تأثيره و عواقبه ، ذلك أنهم يصطحبون معهم أبناءهم الصغار إلى المقاهي المتواجدة في شوارع المدن 

و أزقتها ، و التي ليس بها فضاء خاص بالأطفال ، فيجلسونهم بجانبهم في زحمة الزبائن ، و لا يعلمون أن الأطفال في هذا

السن المبكر شديدي الملاحظة كثيري الفضول سريعي المقارنة ، لأنهم في مرحلة يكتشفون فيها أسرار الحياة و ما يجري خارج بيوتهم ، و كل اختلاف يلاحظونه يبقى راسخا في أذهانهم الصغيرة ، محاولين في نفس الوقت معرفة 

الحقيقة بين هذا السلوك و ذاك ، و أيهما أقرب إلى الصواب ، هل ما يرونه داخل البيت و بين أفراد الأسرة و العائلة ، أم ما 

يلحظونه خارج البيت في تصرفات الناس و أحوالهم ، 

و مادام سنهم لا يسمح لهم بوضع الأمور في مسارها الصحيح

إذ ليس لهم من خبرات الحياة و تجاربها الحصانة اللازمة لترجيح كفة على أخرى ، و ليس لهم من المؤهلات ما يجعلهم يعارضون أو يؤيدون ، فأغلبهم ينبهر بالمظاهر مما يسهل لهم الطريق للتأثر ببعض التصرفات الدنيئة و السلوك الغير السليم ، ظنا منهم أنه الصواب ، فتختزنه ذاكرتهم في قرارتها و لا يطفو على السطح إلا عند بلوغهم سن المراهقة . 

فكما يعلم الجميع أن المقاهي خصوصا تلك التي لا تتوفر على فضاء خاص بالأطفال ، يرتادها زبناء من مختلف الأعمار 

و الأجناس ، فمنهم المدخنون ، و منهم من يتلفظون مع جلسائهم بكلام ساقط ، و منهم شباب و شابات يرتدون ملابس غير محتشمة ، تصفيفات شعرهم تثير التقزز ،

و تصرفاتهم الساقطة تبعث الاشمئزاز ، و هذه السلوكات أصبحت اليوم في مجتمعاتنا عادية تحت غطاء التمدن

 و التحضر ، الذي غزاها التقليد الأعمى للغرب ، و انسلاخ الأمة الإسلامية عن تعاليم دينها الحنيف ، و لكن لا ننسى القلة القليلة من ذوي العقول الراقية و الوعي الرصين و الفكر الثاقب ممن  تراهم ملتزمين في مظهرهم ، متأدبين في تصرفاتهم ، يمقتون التفاهة و التافهين و هذا الصنف قليل . 

         إذن تصور معي عزيزي  القارئ ، أي طفل بين الرابعة 

و العاشرة من عمره ، اصطحبه والده إلى هذا المكان الذي 

يعج بالتناقضات في كل شيء ، فلا شك أن مخيلة هذا 

الطفل ستختزن أمورا كثيرة ، و ربما قد يتأثر ببعض

السلوكات الغير الصحيحة ، سيما و أنه يرى أن أغلب الناس

يأتونها و كأنها أمر مرغوب ، و لا يظهر أثرها إلا عند بلوغه سن المراهقة ، حيث تتفجر كل المخزونات و كأنها بركان ثائر

يدمر كل ما حوله ، و لا يستطيع أحد إيقافه ، فقد ينجرف مع تيار التفاهة مقلدا السواد الأعظم من الشباب المنحل أخلاقيا ،

و ربما ينغمس في وحل الرذيلة و المخدرات ، فيضيع الأمل

الذي كانت الأسرة تعلقه على هذا الشاب ، و تنقلب حياتها 

تعاسة بعد أن يئست من إصلاحه .

        إن تربية الأبناء مسؤولية جسيمة ، تبدأ في المراحل المبكرة ، و لهذا ينبغي أن نغرس في نفوسهم المبادئ السامية و السلوك القويم و أن نجنبهم الأماكن الغير المناسبة لسنهم 

و من جملتها المقاهي أو أي تجمع لا يحترم خصوصيات الحاضرين .

نعم لا بأس أن نصطحب أبناءنا معنا في رحلة أو نزهة أو جولة قصيرة ، و إلى الأماكن التي تبني شخصياتهم كالمساجد  و دور الشباب لحضور الندوات و المحاضرات و الأنشطة الهادفة ، و نفتح أمامهم كل السبل التي تبعث فيهم الطموح لبلوغ الغايات النبيلة ، باختصار نختار لهم الأماكن التي لا يرون فيها إلا ما يوافق التربية السليمة ، و نعلمهم منذ الصغر كيف ينتقدون السلوك الغير الصحيح و أن نجعلهم ينظرون إليه بعين السخط والازدراء و الاستصغار ، و أن نبجل في أعينهم السلوك السليم و نكن المدح و الثناء لمن يتحلون به ليتخذهم أبناؤنا قدوة ، لعلنا بذلك نصل بهم إلى شط الأمان ، فعصرنا الحالي أشبه ببحر متلاطم الأمواج لا يمخر عبابه إلا من شب على القيم الاسلامية السمحاء و تسلح بالتربية الحسنة .

و الله جل في علاه نسأل أن يلهم أبناءنا طريق الرشاد ليكونوا صالحين مصلحين لأنفسهم و مجتمعهم .

ختاما أود أن أشير إلى السبب الذي جعلني أخط هذه السطور ، ذلك أنني عاينت بعض الحالات في مثل هذه المقاهي ، حيث يحضر بعض الأباء أبناءهم الصغار معهم لقضاء بعض الوقت ، و كنت أتمنى في قرارة نفسي لو تنبه الأباء لخطورة هذا الفعل ، فالمكان غير صالح للأطفال الصغار

نظرا لما أشرت إليه سابقا .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق