للمجازفة حدود
بعد توالي سنوات الجفاف ، عرفت بعض مناطق المغرب الشرقي في هذه الأيام تساقطات مطرية غزيرة لم يسبق لها مثيل منذ زمن بعيد ، أدت إلى فيضانات الأودية و الأنهار ، مما تسبب في هدم الكثير من المنازل سواء منها تلك المجاورة للأودية أو المنازل المبنية بالطوب و الطين ، مما أسفر عن موت بعض القاطنين بها ، و فقدان بعضهم ممن جرفتهم السيول ، و أمام
هذه الكوارث الطبيعية لا يسعنا إلا أن نترحم على الموتى و نسأل الله تبارك و تعالى أن يعوض المتضررين في الخسائر التي لحقت ممتلكاتهم .
و لكن ما لا يقبله المنطق هو أن بعض الناس يبنون بيوتهم على ضفة الوادي ظنا منهم أن هذا الواد قد انقطع عن الجريان منذ عدة عقود بفعل الجفاف ، و ينسون أن الواد يعود لمجراه الطبيعي متى كانت التساقطات غزيرة ، لذلك لا يؤتمن السكن على ضفافه .
و مما لا يستسيغه العقل السليم كذلك هو تهور بعض السائقين الذين يجازفون بأنفسهم و بالركاب ، فيقدمون على عبور الوادي وسط المياه الجارفة ، فتقع الكارثة ، بحيث تجرف المياه المركبة
و كأنها لعبة ، فيموت عدد من الركاب غرقا ، و يفقد مثل ذلك العدد أو أكثر ، و لا ينجو إلا من لازال في عمره بقية .
حقيقة الأمر يجب على السلطات أن تمنع الناس من بناء بيوتهم قريبا من مجرى الواد ، كما يجب على أرباب المركبات و خصوصا أرباب الحافلات أن يصدروا أوامرهم للسائقين بعدم عبور الأودية أثناء فيضانها ، و التريث لبضع ساعات حتى تمر الحمولة و يتأكد الجميع أن لا خطر في العبور ، و لو تطلب الأمر يوما أو يومين من الانتظار ، علما أن مثل هذه الأودية لا تدوم حمولتها مدة طويلة ، فكمية مياهها وسرعة جريانها يتناقصان تدريجيا مع مرور الوقت .
و لكن التهور و التسرع و الطمع في ربح الوقت كلها أسباب تؤدي لمثل هذه الكوارث التي يذهب ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم سوى أن سائقهم متهور حد الجنون .
و العجب كل العجب أن مثل هذه الكوارث وقعت مرارا و تكرارا ، فلماذا لا يستفيد السائقون مما وقع لمن سبقهم من المتهورين
و يأخذوا بمبدأ الحيطة و الحذر ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق