نسوا الله فأنساهم أنفسهم
كان أجدادنا و أباؤنا و إلى وقت قريب ، مما عايناه في طفولتنا و شبابنا ، يستحيون أن تقام في بيوتهم أفراح و أحد جيرانهم أو أحد ساكنة بلدتهم في مأتم جراء فقدان أحد أفراد أسرته ، بل تتوقف كل معالم الفرح نهائيا بمجرد الإخبار بموت أحدهم ، فيهب الجميع لمساعدة و مواساة الأسرة المكلومة ، فتؤجل الأفراح و لا تقام في الأيام القليلة الموالية للحدث المؤلم ، و لو سمح لهم أهل الميت بإقامتها و عدم تأجيلها فهم يغيرون مواقيتها ، و عند الضرورة يقيمونها في صمت دون إظهار معالم الفرح و ذلك احتراما لشعور المكلومين ، و إعلانا للتضامن و التآزر مع الجيران و الساكنة عموما .
و بهذا التصرف الأخلاقي الاجتماعي تتجلى قيمة الحياء في أبهى صورها ، و تتوطد الروابط و العلاقات الاجتماعية بين الناس لأن المسلمين لبعضهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ، و بذلك أمرنا ديننا الحنيف و نحن له طائعون .
و لكن ما نراه اليوم لا يبث لقيمنا الإسلامية بصلة ، و يخالف تماما ما أمرنا به ديننا و ما دأب عليه سلفنا ، بل و يخالف حتى القوانين الوضعية ، أن ترى شعبا أعزلا يباد عن آخره ظلما و عدوانا لاحتلال أرضه و اغتصاب ممتلكاته و لا أحد يحرك ساكنا ممن لهم اليد الطولى في تغيير هذا المنكر ، و صد العدوان عن إخواننا المسلمين ، هنا يتجلى الخذلان و الخنوع و الخيانة ، و لعل أصدق دليل على الخذلان و انعدام الحياء أن ترى الأمة الإسلامية غارقة في مجونها و أفراحها ، سهرات و مهرجانات و أنشطة فنية
و رياضية و كأن الذين يموتون بالآلاف ليسوا منا ، فلا تهزنا النخوة الإسلامية و لا النعرة العربية لنصرتهم ، و حتى لو كانوا من غير المسلمين من الواجب نصرة المظلوم و لو بكلمة حق ، فما بالك إذا كان المظلوم مسلما و في أرض مقدسة طاهرة هي قبلة المسلمين جميعا .
إن ما نعيشه اليوم من خزي و عار و خنوع و جبن هو نتيجة ابتعادنا عن المنهاج الرباني ، و السنة النبوية ، فقد وضع لنا سبحانه و تعالى شرط النصر في قوله :
" إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم "
فما دمنا لا نراعي لله حقوقا ، فلن تقوم لنا قائمة و لن يكون مصيرنا إلا كمصير الثيران الثلاث ، لأن ضعفنا جعل العدو لا يهاب لنا جانبا ، و الآتي أدهى و أمر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق