قواميس مستحدثة

 قواميس مستحدثة


          كثيرة هي الفضائل التي غير أناس عصرنا معانيها 

و حوروا مفاهيمها لتوافق أهواءهم حتى لا يجدون حرجا في إتيانها ، فصارت في نظرهم :

القيم تخلفا و رجعية .

الصبر ضعفا و انهزامية .

الحياء رضوخا و بلاهة .

الصدق  بلادة و غفلة .

الصداقة مصلحة و زبونية .

الإخلاص  غباء و سذاجة .

الانضباط  حمقا وجنونا .

الاحترام  ضعفا و خنوعا  .

الطيبوبة خوفا و خضوعا .

          و كثيرة هي الرذائل التي انتشلوها من دناءتها ، 

و أزالوا عنها صفة الخبث و الإشمئزاز لتبرر فساد معاملاتهم 

و سلوكاتهم ، فأضحى في معتقدهم :

الجشع عملة رائجة .

النصب  معاملات ذكية .

الصفقات المشبوهة فطنة .

 الرشوة  قهوة و هدية .

الانحراف شجاعة و تحديا .

العري تحضرا و تمدنا .

التفاهة فنا و موهبة .

          و لعل هذا الإجهاز الممقوت على المعاني الإنسانية السامية لهذه المبادئ و استبدال الفضائل بالرذائل و كذا الفهم الخاطئ لحقوق الإنسان وغيرها كثير هو ما فتح أبواب الانحراف و يسر طريق الفساد ، الذي استشرت عدواه في جميع القطاعات فأصبح :

التعليم  عقيما .

الصحة  سقما .

العدل  أهواء .

الإعلام  غثاء  .

الرياضة  إلهاء .

الأديب  محطما .

الناقد   متهما .

المغني مكرما .

اللاعب   منعما .

المتملق  مدعما .

الفاسد  محترما .

          كل هذا و ذاك صير الأمل يأسا في نفوس العقلاء ،

و أحال  النور ظلاما في عيون كل الغيورين الذين يأملون أن يروا بلدهم في مقدمة الركب الحضاري ، ينعم أهله بالعيش الكريم في أمن و أمان لا يشوبهما ضنك و لا خوف . 

اللهم رد بنا إلى الطريق السوي ردا جميلا ، و لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، و ألهم إلى الصواب شبابنا ، إنك على ما تشاء قدير و بالإستجابة جدير .

لا رأي لمن لا يطاع

              💼   لا رأي لمن لا يطاع  💼


        قولة قالها علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خطبة الجهاد المشهورة ، و صارت مثلا سائرا يضرب في أشباهها من الأمور عبر الأزمان .

        قرأت في مواقع التواصل الاجتماعي خبرا مؤلما كاد دمعي يهمي له لشدة الأسى الذي اعتصر قلبي ، ذلك أن أستاذا بمدينة العرائش تعرض لهجوم من قبل تلامذة قيل أنه منعهم من الغش في الإمتحان ، مما ألحق به أضرارا جسدية

قد تلتئم مع مرور الوقت و أضرارا نفسية لن يمحوها الزمن .

أتعجب كل العجب من سكوت المسؤولين على قطاع التربية و التعليم ببلادنا و هم يسمعون 

و يرون ما يجري من تسيب و فوضى و استهتار ولا يحركون ساكنا ، و الأدهى أنهم يدعون السعي لإصلاح هذا القطاع و تحسين جودته و انتشاله من المستنقع الذي يتمرغ فيه ، و لكنهم في الحقيقة لا يأخذون بالأسباب الصحيحة السليمة التي تنقذه إن بقي فيه أصلا ما ينقذ ، فسنة بعد أخرى يتفاقم الداء و يزداد الوضع تدنيا إن على مستوى الأخلاق أو على مستوى التحصيل 

و التمكن .

و لعل ما نراه اليوم من أساليب الغش في الإمتحانات ، و ما يتعرض له الأساتذة الجادين من إهانة و شتم و ضرب ، لأصدق دليل على الإنفلات

الأخلاقي الذي ألقى بظلال الفوضى و التسيب العارمين على المنظومة التربوية ، و عفر وجهها

في التراب ، و مما زاد الوضع تأزما هو عدم التصدي لمثل هذه السلوكات من قبل القيمين على

هذه المنظومة بما يحفظ ماء الوجه ، و اتخاذ 

كافة الإجراءات الرادعة للحد من هذه الظواهر 

المسيئة و التي هي من بين الأسباب الأساس التي أوصلت المنظومة التربوية التعلمية إلى ما نحن فيه من انحطاط .

قبل مناقشة المناهج و البرامج و كل الأنشطة 

التعليمية يجب إلزاما تقويم السلوك و الحرص على تطبيق القيم الإنسانية و غرسها في نفوس

الناشئة لتترعرع على الاحترام و الانضباط 

و الصبر و التعاون و التسامح و الإعتماد على 

النفس ، و الوقوف الصارم أمام كل تصرف يخل

بالقيم ، فإذا نشأنا تلامذتنا على هذه القيم ، فلن

يكون صعبا علينا أن نضع البرامج و المناهج التي

يراها خبراء التربية و التعليم ملائمة لبيئتنا

و خصوصياتنا و توجهاتنا و مواكبة في الوقت

ذاته لمتطلبات العصر و مستجداته ، أما و الحالة هذه فنحن على يقين أن أي إصلاح لن يؤتي أكله

ما لم نراع الجانب الأخلاقي ، و قد أشار إلى ذلك

و أكده الكثير من الحكماء و المربون و الشعراء عبر العصور ، فهل من معتبر أم لا رأي لمن لا يطاع ؟.


لا تكن مغفلا

 


            👽  لا تكن مغفلا  👽   


يقول المثل العامي : 

   "  إلا شبعت الكرش كتقول للرأس غني "

يضرب هذا المثل المغربي لكل من توفرت لديه كل

الضروريات بحيث لا يشكو خصاصا منها بل بالعكس له من الفائض ما يسعد به نفسه من كماليات الحياة و متعها .

          أتعجب من حماقة الكثير من الناس يريدون من كرة القدم لوحدها أن تحقق الإنجازات المشرفة بغض النظر عما تتخبط فيه القطاعات الأخرى من تخلف و تدهور بسبب الفساد الذي استشرى في كل الدواليب حتى أصبح مألوفا 

و منهجا معتمدا ، بينما الإصلاح أضحى شاذا 

و ممقوتا , و لا ينادي به إلا من لهم غيرة على هذا الوطن ، فكيف للرياضة أن تنجو من براثين الفساد و هي تسبح في نفس المستنقع العفن .

إصلاح القطاع الرياضي رهين بإصلاح جميع القطاعات الأخرى ، و تحقيق الانتظارات المرجوة

منه رهين بإصلاح العقول و توعيتها و إزالة

شوائب الفساد العالقة في النفوس ، فالإصلاح ينبغي أن يكون شاملا لكل المجالات .

قطاعات الدولة أشبه بعجلات المركبة ، إذا انفجرت إحداها أو وقع بها عطب ما ، تتوقف

المركبة عن المسير ، فما بالك إذا كان الخلل في

كل العجلات ( القطاعات ) ، فهل محاولة إصلاح واحدة منها ( الرياضة : كرة القدم ) و تحقيق الانتصار يسمح للمركبة بالسير العادي ؟ لا أظن !.

متى وضعنا قطارنا على السكة الصحيحة السليمة و كانت عرباته جميعها لا تشكو خللا ، فلا شك أننا

سنحقق ما عجزنا عنه حاليا . 

لو أن  الحماس و الغيرة التي نتابع بها كرة القدم تحلينا بها في كل المجالات الأخرى لكنا قطعنا

أشواطا في مسيرة التنمية ببلدنا ، و لكن للأسف

الشديد أولينا كل الاهتمام لكرة القدم التي هي أولا و أخيرا رياضة ترفيهية و أهملنا أمورا أخرى ذات أولوية قصوى .

اليابان و أمريكا و الصين و سنغافورة و اندونيسيا و ماليزيا و غيرها من الدول المتقدمة لم يسبق لها أن أحرزت كأس العالم و لكنها أحرزت السبق 

و التقدم في جميع المجالات التي تعتبرها أولى الأولويات حتى أضحت مضرب المثل في النمو 

و الازدهار ، في حين أن الدول المتخلفة أضحى لديها مجرد التأهل لكأس العالم أو المرور للدور الثاني منه فقط  هو إنجاز عظيم تصرف عليه الأموال الطائلة و تلهج الألسن في كل المجالس فخرا بذلك المرور للدور الثاني ، و تعده إنجازا كافيا ، فيفرح الناس للحظات قليلة ثم تعود الأمور إلى سابق عهدها ، و تبقى دار لقمان على حالها 

و يعيش الناس المآسي من جراء الفساد وهشاشة القطاعات التي يعول عليها في تسريع وتيرة التنمية . 

      و إذا تصفحنا تاريخ البشرية باختلاف دياناتها

و أعرافها و قوانينها الوضعية ، نلاحظ بما لا شك فيه أنها تولي العناية و الأولوية للأمور الأساسية

التي تعتبرها دعائم و ركائز تنبني عليها حضارة

أمتهم . فالدين الإسلامي الذي هو أسمى الشرائع

و أصحها لا يقبل من المسلم حج بيت الله الحرام

الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام إذا لم 

يترك الحاج لأسرته ما يكفيها من المؤونة أثناء غيابه ، فقد جعل الإسلام المؤونة الكافية للزوجة و عيالها أولى من الحج رغم أنه فرض و ركن أساسي .

و من البديهيات التي لا يختلف عليها إثنان أن كل الأمور تبدأ بما هو أساسي و ضروري و تنتهي 

بالكمالي و الترفيهي .

ليس على وجه الأرض إنسان يبني منزلا دون

أساسات متينة و جدران مرصوصة مدعمة بالحديد و الخرسانة ، و أسقف صلبة ، فهذه شروط البناء المحصن الجاري بها العمل  ، ثم بعدها تأتي أمور الزينة و التنميق و التي تختلف

من شخص لآخر حسب الأذواق .

 فالقاعدة المتينة و  الأساس الصلب الذي يقوم عليه بيت المجتمع هو :

🔹 الكرامة :

 فهي الأرضية الصلبة و الأساس المتين الذي تقوم عليه الجدران الأربعة التي تحصن المنزل  و تدعم جنباته و هي :

☚جدار التعليم 

☚جدار الصحة 

☚جدار الشغل

☚جدار العيش الكريم 

 و هذه الجدران الأربعة المدعمة بالاسمنت المسلح تغطى بسقف يفوقها صلابة ألا و هو :

🎞 العدل و المساواة ،

فإذا تم البناء على هذا النحو دون غش أو فساد

فاعلم يقينا أن ما دونه أسهل و أيسر ، و قد 

تتحقق آنذاك المتعة المرجوة من الرياضة و على رأسها كرة القدم .

 فإن أخذنا بالأسباب على الوجه المطلوب ، 

و أدينا الواجب على الوجه الأكمل و لم نوفق في تحقيق لقب من ألقاب كرة القدم ، يكفينا فخرا أننا نعيش بكرامة ليس بيننا جائع بئيس و لا مهضوم مكتئب ، الكل منعم قدر الإمكان ، و البلد من بحره شمالا إلى صحرائه الغالية جنوبا و من شرقه إلى محيطه غربا ، يستثمر خيراته المعدنية و الفلاحية و السمكية ،و ينفتح بتجارته و صناعته على الأسواق الخارجية ، مما يبوئه طبعا المكانة المشرفة بين الأقطار ، و يكسبه احترام الجميع ،

و هكذا تمخر سفينتنا العباب نحو الازدهار ، يفرح لها الحبيب و ينكد لها العدو خصوصا هذا الجار الحقود الذي لا شغل له إلا وضع العراقيل 

و النباح من بعيد شأنه في ذلك شأن الكلاب التي

تلهث خلف القافلة .

نحن و الحمد لله في أرضنا لنا تاريخ عريق كله أمجاد ، و لنا من المؤهلات ما ليس لغيرنا ، يكفي أن نشمر على سواعد الجد لننمي بلدنا ، 

لا وقت لدينا لنلتفت إلى سخافات الجار 

و حماقاته ، و لا تسمح لنا أخلاقنا أن نساير تلك

التفاهات أو نرد عليها ، لأن هدفنا أن نمضي في طريق الإصلاح  و لسان حالنا يقول للأعداء : موتوا بغيضكم  ما دمتم تنبحون من بعيد ، و لكن  إن امتدت بكم الوقاحة و تجرأتم على المس بمقدساتنا ستؤدون ثمن طيشكم و ربما ستكون نهاية كبرناتكم على أيدينا .

لا حمار لا سبع فرنك

             🐎  لا حمار لا سبع فرنك  🐎


          المراد بالمثل " لا هذا و لا ذاك "

يمكن لهذا المثل أن ينطبق على ما يروج في الساحة المغربية من مساعي لإصلاح التعليم ،

خصوصا ما يتعلق بسن التقاعد و الراتب المعاشي .

فرجل التعليم الذي أكمل مشواره التعليمي حتى

بلغ سن التقاعد القانوني بعد أزيد من أربعين سنة من العمل و التفاني و العطاء ، يفاجأ بتمديد سن التقاعد إلى 63 سنة و تم تطبيقها رغما عن أنفه 

و تقبلها على مضض لأن النقابات التي كان يعول عليها أن ترفع هذا الحيف عليه ، انساقت وراء مقترح الحكومة لحاجة في نفس يعقوبها ، و هذا في الحقيقة ظلم و ازدراء و حيف في حق رجل التعليم ، لكن الغريب في الأمر أن صبره و قبوله لهذه الخطوة جعلا الحكومة تتجرأ مرة أخرى  ،  لترفع سن التقاعد إلى 65 سنة ، و الأدهى و الأمر الذي يثير الغثيان أنه سيتم خصم مبالغ مالية كبيرة من راتبه المعاشي . 

هكذا  يجازى و يكافأ من أكمل المشوار ، في مقترحاتهم لهذا الإصلاح الجديد .

أما ذاك المحظوظ الذي طلب التقاعد النسبي بعد العمل لمدة 34 أو 35 سنة فقط ، قد ربح ثمانية أو عشرة أعوام من الراحة و براتب يفوق كثيرا راتب هذا الذي أكمل المشوار .

لا أعتقد أن تطبيق هذه المقترحات يعد  إصلاحا بل هو إفسادا بجميع المقاييس ، و لا أظن أن من في عقله ذرة ذكاء سيقبل بهذا الهراء .

لذلك أصبح كل رجل تعليم مقبل على التقاعد

القانوني يردد المثل الشعبي :

" لا حمار لا سبع فرنك " 

أي لا راحة ، لا راتب محترم " 

أتمنى صادقا أن يتم التراجع عن هذه المهزلة ، 

و ألا تفكر الحكومة حتى في طرحها على طاولة النقاش ، لأن محتواها مخجل و مقرف و لن 

يأتي بنتيجة ، بل هي الضربة القاضية التي لا قومة للتعليم بعدها مهما حاولوا .

 فهل يا ترى سينتبه المسؤولون إلى هذه الكارثة

أم هم ماضون في تعنتهم ؟ .

و هل ياترى سينتفض رجال التعليم أم سيلتزمون

الصمت كالمرة السابقة ؟.

اليأس القاتل

                       ⏲  اليأس القاتل  ⏲


           يقول الناس فيما يتداولونه من الأمثال الشعبية السائرة باللسان العامي هذين المثلين : 

 "  مصيت صباعي "  أي  ( لعقت أصابعي )

أو " غسلت يدي "

و المثلان متشابهان في المعنى ، يصبان في نفس

المرمى ، و المراد أن القائل يستشهد بأحدهما عندما ييأس من استقامة شيء ، و يستعصى عليه تقويم اعوجاجه ، رغم جميع المحاولات المبذولة في سبيل إصلاحه .

يضرب المثلان في الأعم عن طباع الناس 

و ما يأتونه من سلوك لا يستقيم و طبيعة البشر ،

و مهما قدم لهم من النصح و الإرشاد تجدهم 

متمسكين بمواقفهم لا يتراجعون عنها قيد أنملة .

أو يضرب كذلك عند عدم اقتناع الطرف الآخر بالعدول عن أمر ما ، بحيث يكون مصمما على المضي فيه و لو كانت عواقبه غير محمودة .

و الغالب أن قائل أحد هذين المثلين كثيرا ما

يتبعه بمثل آخر هو بمثابة تبرئة الذمة بعد باءت

جميع المحاولات بالفشل ، فيقول :

 " وريه وريه إلا اعمى سير أو خليه "

أي نبهه مرات و مرات فإن عميت بصيرته و صمم

على عدم التراجع ، فاذهب إلى سبيل حالك 

و دعه و شأنه .

إذن لعل أحد المثلين المشار إليهما في بداية المقال ينطبق تماما على ما نراه اليوم من أعطاب

في مجتمعنا ، فهناك مجموعة من المفكرين 

الذين و منذ زمن ينادون بالإصلاح على جميع المستويات و في كل مناحي الحياة عبر مقالات

و محاضرات و ندوات و يسخرون في ذلك كل وسائل التواصل ، لكن لا أثر لدعواتهم في الواقع ، بل بالعكس تزداد الأمور سوءا سنة بعد أخرى ، 

و أصبحت الأساسيات و الضروريات المتوارثة عبر العصور ، كالأخلاق الفاضلة و العلم النافع ، و ما

يدعمهما من عزم و حزم و كبرياء و أنفة ، أمورا ثانوية و غير ذات أهمية بالنسبة لكثير من أناس

عصرنا ، فضاعت كل تلك القيم الإنسانية النبيلة 

و استبدلت بالرذائل ،فاستشرى الفساد و استفحل الطمع و فسدت الأذواق و انتشر الإجرام و ساد

اليأس و ذهب الأنس ، و لم يعد لأولئك المصلحين

و لا لمقالاتهم شأن يذكر ، لهذا وضع الكثير من

الكتاب أقلامهم بعدما يئسوا من عدم جدوى

أرائهم ، فتراهم يرددون ذاك المثل :

 " مصيت صباعي" و  " غسلت يدي " 

أي لا أمل في مواصلة الكتابة و الخطب و البحث

الجاد ، ما دام السواد الأعظم من الناس قد 

انصرفوا إلى التفاهة ، و انساقوا مع هذا الغثاء .

و لهم في يأسهم ذاك العذر المقبول إذ كيف يواصلون العمل الجاد و هم يرون أن لاعبي كرة القدم و المغنيين التافهين و الراقصين و الراقصات و دعاة التفاهة و السفاهة عموما في شتى المجالات هم الأعلى قدرا و الأعظم شأنا و الأكثر ثراء ، حتى أضحى الشك يساور المجدين أن ما يفعله هؤلاء التافهين هو الصواب ، و الدليل أن جميع أبواب التشجيع متاحة لهم لنشر تفاهاتهم ، بينما سدت في وجه دعاة الإصلاح . 

لعل ما آل إليه العصر من ميول نحو التفاهة هو 

ما جعل الكثير من المثقفين يلتزمون الحياد بعدما

لم تجد انتقاداتهم و دعواتهم للإصلاح أذانا صاغية ، فالسيل جارف لم تعد مجاديفهم تجدي نفعا مع تياره القوي ، لذلك لعقوا أصابعهم و غسلوا أيديهم و انكمشوا على أنفسهم ينظرون 

و ينتظرون ما ستؤول إليه نهاية هذا العبث .


الأمثال الشعبية

                   الأمثال الشعبية 


الأمثال الشعبية العامية تحمل على اقتضاب كلماتها و إيجاز معانيها ، من العبر و الدروس ما تحمله مقالات في صفحات عديدة ، فهي لم تأت من فراغ لأن قائلها أو ناظمها إن صح التعبير لم يضعها إلا بعد أن تيقن من جدواها ، لأنها تعتبر عصارة تجارب شتى ، تأكد الحكم عليها بفعل التكرار و النتيجة واحدة في كل مرة ، حتى صارت مضرب المثل في المواقف المشابهة للحياة اليومية لدى عامة الناس ، و الأمثال قد تتشابه في المعنى بين منطقة و أخرى و إن كانت كلماتها تختلف حسب لهجة الأهالي و عاداتهم وطقوسهم .

-- شروط المثل :

☚ قليل الكلمات ، غزير المعنى و الدلالات .

☚ أسلوب يغلب عليه طابع السجع ، مما يسهل

      تداوله بين الناس .

☚ كلماته منتقاة بدقة عالية لتحقق المبتغى .

☚ ينظمه الحكماء من القوم و لو على بساطة 

      ثقافتهم .

☚ يشترط في الأمثال أن تكون سائرة أي صالحة                       

      لكل زمان و مكان .

-- رسالة المثل :

كثيرة هي الأمثال التي قد يستفيد منها الإنسان

في حياته اليومية حتى لا يكرر الخطأ نفسه الذي

وقع فيه سابقوه ، فإن لم يحتط و وقع في الخطإ

وقف وقفة المتأمل و المتحسر الذي لم يعمل بمقتضى المثل .

سنتناول بمشيئة الله بعض الأمثال الشعبية ، 

و نحاول أن نقف على مدى تطابقها للواقع في مواقف عديدة من حياتنا اليومية ، و نجعل لكل

مثل حلقة خاصة ، تكون بمثابة مقال مستقل .



  


الضربة القاضية

 🏹  الضربة القاضية   🏹             


    صدق من قال :

" أطامع في الزيادة احضي راسك من النقصان "


لعل ما يثير الاستغراب بل يدفع إلى الجنون ، ما يتداول حاليا فيما يخص مسودة الاقتراحات التي تقدمت بها وزارة الاقتصاد كحل ترقيعي للأزمة التي يتخبط فيها صندوق التقاعد و التي تتضمن إجراءات هي أقرب إلى الحمق منها إلى التعقل ، فإذا -- لا قدر الله -- تم التوافق و المصادقة 

على ما جاء فيها و تم تنفيذه ، فتلك هي الطامة الكبرى التي لم يشهد التاريخ مثيلا لها ، و التي و لا شك ستكون لها عواقب وخيمة على رجال و نساء التعليم و بالتالي ستنعكس آثارها على المنظومة التربوية فتزداد سوءا و تدهورا أكثر مما

هي عليه حاليا ، إذ :

☚ أولا :

       لا يعقل أن يمدد سن التقاعد إلى حين بلوغ الأستاذ  65 سنة خصوصا في قطاع التربية ، فالأستاذ بالكاد يكمل 60 سنة و قد استنزفت قواه و طاقاته بعد أن قضى أربعين سنة من العمل كلها معاناة و مكابدة و مكابرة ، و أكثر من هذا لن

يستطيع المواكبة و في حالة ما فرض عليه الاستمرار ، فتلك ضربة قاضية للمردودية التي تعود بالضرر على التلاميذ ، في الحين الذي يسعى فيه الجميع إلى الرفع من المستوى .

☚ ثانيا :

كيف يعقل أن ينتقص من راتب الأستاذ ذلك القدر الوارد في المسودة و هو مبلغ مبالغ فيه ، مما يثير التدمر لديه ، خصوصا و هو يرى أن أمثاله الذين تخرج معهم في نفس السنة ، و لهم نفس الدرجة و الرتبة التي عنده ،  استفادوا من التقاعد النسبي بعد 34 أو 35 سنة فقط من العمل و هم الآن يتقاضون راتبا أكبر منه هو الذي أكمل المشوار حتى وصل سن التقاعد القانوني و فاقهم في سنوات العمل ، بحيث عمل لأكثر من أربعين سنة .

فلو علم الناس أن هذا الإجراء المجحف سيلحقهم بعد هذا العمر ، لكانوا هم كذلك قد طلبوا التقاعد النسبي كما فعل أمثالهم ، و بذلك يكونوا قد ربحوا سنوات من العمل و لهم رواتب محترمة كالتي يتقاضاها أولئك الذين غادروا المهنة قبلهم بسنوات ، إذن أي منطق هذا و أي إنصاف هذا ،

لا أظن أن رجال التعليم سيسكتون على هذا الأمر لأنه بمثابة جريمة في حقهم .

        أتمنى صادقا أن تبقى الأمور على ما كان معمولا به ، فقد قبل الأساتذة و لو على مضض التمديد لثلاث سنوات أخرى فوق الستين تضامنا منهم لإيجاد حل لصندوق التقاعد ، و لكن لا أظنهم سيقبلون المزيد من التنازلات سواء تعلق الأمر بتمديد سن التقاعد إلى 65 سنة ، أو خصم تلك

المبالغ الكبيرة من معاشاتهم .

كما أتمنى أن تعيد النقابات النظر في هذه الإجراءات في حواراتها مع الحكومة ، كما أتمنى من السادة البرلمانيين أن يراعوا حقوق رجال التعليم الذين أفنوا أعمارهم في خدمة هذا القطاع و عدم مصادقتهم على كل ما يمس هذه الجوانب

المذكورة و التي من شأنها أن تربك كل ما يسعى المصلحون إليه . 

آخر أمنيتي أن تبقى هذه المسودة حبرا على ورق تمزق 

و يلقى بها في سلة المهملات ، فليس ثمة مكان فاض في نفوس رجال التعليم لتحمل المزيد من المآسي .

تعقل قليلا

 📍  تعقل قليلا  📍


          قال لي أحدهم :

  " لماذا تلومني على حماسي الزائد في متابعة مباريات كرة القدم الأوربية ؟ و تعاتبني على حبي و تعلقي بفريقي الانجليزي المفضل ؟ و تتضايق من هتافي و صراخي المبالغ فيه إذا سجل فريقي  هدفا ؟ و تتعجب من حزني و بكائي إذا انهزم  ؟

ألا ترى الجماهير الانجليزية و الأوربية عموما و هي تتفاعل مع المباريات بالهتاف و الصراخ و التصفيق لتشجيع فريقها المحبوب ؟

فلماذا تريد أن تحرمني أنا ؟ ألست مثلهم بشرا " ؟أليس من حقي التعبير عن مشاعري اتجاه من أهوى ؟".

قال ذلك و هو يظن أنه سد أمامي كل أبواب العتاب و أنه أجاد الإقناع .

ابتسمت في وجهه و أجبته بكلام هادئ حتى لا أستفز شعوره ذاك :

" صحيح ما قلته عن حماس و صراخ جماهيرهم عندما يتعلق الأمر بفرق بلدانهم ، و كيف لا يفعلون و كل شيء لديهم متوفر ، و كل فرد منهم له كرامة و اعتبار ، لا أحد يشكو ضنكا في العيش و لا تدنيا في التعليم و لا هشاشة في التطبيب ، اقتصادهم في تطور مستمر .

 ألا تعلم أنه في الوقت الذي تشاهد فيه أنت أولئك اللاعبين الأوربيين البارعين يمتعونك بمهاراتهم في تلك الملاعب الجميلة ، هناك في المقابل فيما لا تشاهده ، صناع متمكنون 

و خبراء مبتكرون يعملون في معامل السيارات و الأجهزة الالكترونية و مختبرات الأدوية و غيرها من الصناعات التي تنمي اقتصاد بلدهم و توفر لأبناء شعبهم سبل الرفه و العيش الكريم .

و لو افترضنا أن أحد المشجعين منهم أصيب بمكروه ما و هو يشجع فريقه ، لرأيت التدخلات الفورية السريعة لانقاذه 

و نقله على وجه السرعة إلى المستشفى حيث ينتظره أطباء محنكون مرابطون بالمستشفى يسهرون على راحة المرضى

لا يغادرونه لمشاهدة المباريات  لأن ضمائرهم المهنية لا تطاوعهم لفعل ذلك ، و لو فعله أحدهم لتعرض لأقسى العقوبات .

تصور و أنت في المقهى ببلدك هذا  تشاهد مبارة  لفريقك الأوربي المفضل و وقع لك مكروه ، هل ستجد من ينقذك ، 

و إن تدخل أهل الإحسان من عامة الناس و نقلوك إلى المستشفى ، هل ستتلقى العلاجات الضرورية في وقتها 

و دون تعقيدات ، هذا إن توفر الدواء و كان الطبيب حاضرا؟.

باختصار هل تتمتع أنت بنفس الحقوق التي يتمتع بها كل فرد من أفراد شعبهم ، الذين تكاد لا تشعر بالفوارق الطبقية بينهم ، لا محسوبية و لا زبونية الكل سواسية أمام القانون يؤدي الواجبات على أحسن وجه و يتمتع بالحقوق كاملة .

لهذا أنصحك يا بني أن تمتع نفسك بمشاهدة مباريات كرة القدم التي تحبها و لكن من غير انفعال و لا توتر ، و احتفظ بحماسك لدراستك ، و ضع نصب عينيك أهدافا مضمونا نجاحها لمستقبلك ، فذاك اللاعب الأوربي الذي أنت معجب

به يتقاضى راتبا شهريا خياليا ، و لن ينفعك بشيء إذا نبا الزمان بك و ساءت أحوالك . 


                         💼  بقلم  زايد وهنا  💼