👽 لا تكن مغفلا 👽
يقول المثل العامي :
" إلا شبعت الكرش كتقول للرأس غني "
يضرب هذا المثل المغربي لكل من توفرت لديه كل
الضروريات بحيث لا يشكو خصاصا منها بل بالعكس له من الفائض ما يسعد به نفسه من كماليات الحياة و متعها .
أتعجب من حماقة الكثير من الناس يريدون من كرة القدم لوحدها أن تحقق الإنجازات المشرفة بغض النظر عما تتخبط فيه القطاعات الأخرى من تخلف و تدهور بسبب الفساد الذي استشرى في كل الدواليب حتى أصبح مألوفا
و منهجا معتمدا ، بينما الإصلاح أضحى شاذا
و ممقوتا , و لا ينادي به إلا من لهم غيرة على هذا الوطن ، فكيف للرياضة أن تنجو من براثين الفساد و هي تسبح في نفس المستنقع العفن .
إصلاح القطاع الرياضي رهين بإصلاح جميع القطاعات الأخرى ، و تحقيق الانتظارات المرجوة
منه رهين بإصلاح العقول و توعيتها و إزالة
شوائب الفساد العالقة في النفوس ، فالإصلاح ينبغي أن يكون شاملا لكل المجالات .
قطاعات الدولة أشبه بعجلات المركبة ، إذا انفجرت إحداها أو وقع بها عطب ما ، تتوقف
المركبة عن المسير ، فما بالك إذا كان الخلل في
كل العجلات ( القطاعات ) ، فهل محاولة إصلاح واحدة منها ( الرياضة : كرة القدم ) و تحقيق الانتصار يسمح للمركبة بالسير العادي ؟ لا أظن !.
متى وضعنا قطارنا على السكة الصحيحة السليمة و كانت عرباته جميعها لا تشكو خللا ، فلا شك أننا
سنحقق ما عجزنا عنه حاليا .
لو أن الحماس و الغيرة التي نتابع بها كرة القدم تحلينا بها في كل المجالات الأخرى لكنا قطعنا
أشواطا في مسيرة التنمية ببلدنا ، و لكن للأسف
الشديد أولينا كل الاهتمام لكرة القدم التي هي أولا و أخيرا رياضة ترفيهية و أهملنا أمورا أخرى ذات أولوية قصوى .
اليابان و أمريكا و الصين و سنغافورة و اندونيسيا و ماليزيا و غيرها من الدول المتقدمة لم يسبق لها أن أحرزت كأس العالم و لكنها أحرزت السبق
و التقدم في جميع المجالات التي تعتبرها أولى الأولويات حتى أضحت مضرب المثل في النمو
و الازدهار ، في حين أن الدول المتخلفة أضحى لديها مجرد التأهل لكأس العالم أو المرور للدور الثاني منه فقط هو إنجاز عظيم تصرف عليه الأموال الطائلة و تلهج الألسن في كل المجالس فخرا بذلك المرور للدور الثاني ، و تعده إنجازا كافيا ، فيفرح الناس للحظات قليلة ثم تعود الأمور إلى سابق عهدها ، و تبقى دار لقمان على حالها
و يعيش الناس المآسي من جراء الفساد وهشاشة القطاعات التي يعول عليها في تسريع وتيرة التنمية .
و إذا تصفحنا تاريخ البشرية باختلاف دياناتها
و أعرافها و قوانينها الوضعية ، نلاحظ بما لا شك فيه أنها تولي العناية و الأولوية للأمور الأساسية
التي تعتبرها دعائم و ركائز تنبني عليها حضارة
أمتهم . فالدين الإسلامي الذي هو أسمى الشرائع
و أصحها لا يقبل من المسلم حج بيت الله الحرام
الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام إذا لم
يترك الحاج لأسرته ما يكفيها من المؤونة أثناء غيابه ، فقد جعل الإسلام المؤونة الكافية للزوجة و عيالها أولى من الحج رغم أنه فرض و ركن أساسي .
و من البديهيات التي لا يختلف عليها إثنان أن كل الأمور تبدأ بما هو أساسي و ضروري و تنتهي
بالكمالي و الترفيهي .
ليس على وجه الأرض إنسان يبني منزلا دون
أساسات متينة و جدران مرصوصة مدعمة بالحديد و الخرسانة ، و أسقف صلبة ، فهذه شروط البناء المحصن الجاري بها العمل ، ثم بعدها تأتي أمور الزينة و التنميق و التي تختلف
من شخص لآخر حسب الأذواق .
فالقاعدة المتينة و الأساس الصلب الذي يقوم عليه بيت المجتمع هو :
🔹 الكرامة :
فهي الأرضية الصلبة و الأساس المتين الذي تقوم عليه الجدران الأربعة التي تحصن المنزل و تدعم جنباته و هي :
☚جدار التعليم
☚جدار الصحة
☚جدار الشغل
☚جدار العيش الكريم
و هذه الجدران الأربعة المدعمة بالاسمنت المسلح تغطى بسقف يفوقها صلابة ألا و هو :
🎞 العدل و المساواة ،
فإذا تم البناء على هذا النحو دون غش أو فساد
فاعلم يقينا أن ما دونه أسهل و أيسر ، و قد
تتحقق آنذاك المتعة المرجوة من الرياضة و على رأسها كرة القدم .
فإن أخذنا بالأسباب على الوجه المطلوب ،
و أدينا الواجب على الوجه الأكمل و لم نوفق في تحقيق لقب من ألقاب كرة القدم ، يكفينا فخرا أننا نعيش بكرامة ليس بيننا جائع بئيس و لا مهضوم مكتئب ، الكل منعم قدر الإمكان ، و البلد من بحره شمالا إلى صحرائه الغالية جنوبا و من شرقه إلى محيطه غربا ، يستثمر خيراته المعدنية و الفلاحية و السمكية ،و ينفتح بتجارته و صناعته على الأسواق الخارجية ، مما يبوئه طبعا المكانة المشرفة بين الأقطار ، و يكسبه احترام الجميع ،
و هكذا تمخر سفينتنا العباب نحو الازدهار ، يفرح لها الحبيب و ينكد لها العدو خصوصا هذا الجار الحقود الذي لا شغل له إلا وضع العراقيل
و النباح من بعيد شأنه في ذلك شأن الكلاب التي
تلهث خلف القافلة .
نحن و الحمد لله في أرضنا لنا تاريخ عريق كله أمجاد ، و لنا من المؤهلات ما ليس لغيرنا ، يكفي أن نشمر على سواعد الجد لننمي بلدنا ،
لا وقت لدينا لنلتفت إلى سخافات الجار
و حماقاته ، و لا تسمح لنا أخلاقنا أن نساير تلك
التفاهات أو نرد عليها ، لأن هدفنا أن نمضي في طريق الإصلاح و لسان حالنا يقول للأعداء : موتوا بغيضكم ما دمتم تنبحون من بعيد ، و لكن إن امتدت بكم الوقاحة و تجرأتم على المس بمقدساتنا ستؤدون ثمن طيشكم و ربما ستكون نهاية كبرناتكم على أيدينا .