الضربة القاضية

 🏹  الضربة القاضية   🏹             


    صدق من قال :

" أطامع في الزيادة احضي راسك من النقصان "


لعل ما يثير الاستغراب بل يدفع إلى الجنون ، ما يتداول حاليا فيما يخص مسودة الاقتراحات التي تقدمت بها وزارة الاقتصاد كحل ترقيعي للأزمة التي يتخبط فيها صندوق التقاعد و التي تتضمن إجراءات هي أقرب إلى الحمق منها إلى التعقل ، فإذا -- لا قدر الله -- تم التوافق و المصادقة 

على ما جاء فيها و تم تنفيذه ، فتلك هي الطامة الكبرى التي لم يشهد التاريخ مثيلا لها ، و التي و لا شك ستكون لها عواقب وخيمة على رجال و نساء التعليم و بالتالي ستنعكس آثارها على المنظومة التربوية فتزداد سوءا و تدهورا أكثر مما

هي عليه حاليا ، إذ :

☚ أولا :

       لا يعقل أن يمدد سن التقاعد إلى حين بلوغ الأستاذ  65 سنة خصوصا في قطاع التربية ، فالأستاذ بالكاد يكمل 60 سنة و قد استنزفت قواه و طاقاته بعد أن قضى أربعين سنة من العمل كلها معاناة و مكابدة و مكابرة ، و أكثر من هذا لن

يستطيع المواكبة و في حالة ما فرض عليه الاستمرار ، فتلك ضربة قاضية للمردودية التي تعود بالضرر على التلاميذ ، في الحين الذي يسعى فيه الجميع إلى الرفع من المستوى .

☚ ثانيا :

كيف يعقل أن ينتقص من راتب الأستاذ ذلك القدر الوارد في المسودة و هو مبلغ مبالغ فيه ، مما يثير التدمر لديه ، خصوصا و هو يرى أن أمثاله الذين تخرج معهم في نفس السنة ، و لهم نفس الدرجة و الرتبة التي عنده ،  استفادوا من التقاعد النسبي بعد 34 أو 35 سنة فقط من العمل و هم الآن يتقاضون راتبا أكبر منه هو الذي أكمل المشوار حتى وصل سن التقاعد القانوني و فاقهم في سنوات العمل ، بحيث عمل لأكثر من أربعين سنة .

فلو علم الناس أن هذا الإجراء المجحف سيلحقهم بعد هذا العمر ، لكانوا هم كذلك قد طلبوا التقاعد النسبي كما فعل أمثالهم ، و بذلك يكونوا قد ربحوا سنوات من العمل و لهم رواتب محترمة كالتي يتقاضاها أولئك الذين غادروا المهنة قبلهم بسنوات ، إذن أي منطق هذا و أي إنصاف هذا ،

لا أظن أن رجال التعليم سيسكتون على هذا الأمر لأنه بمثابة جريمة في حقهم .

        أتمنى صادقا أن تبقى الأمور على ما كان معمولا به ، فقد قبل الأساتذة و لو على مضض التمديد لثلاث سنوات أخرى فوق الستين تضامنا منهم لإيجاد حل لصندوق التقاعد ، و لكن لا أظنهم سيقبلون المزيد من التنازلات سواء تعلق الأمر بتمديد سن التقاعد إلى 65 سنة ، أو خصم تلك

المبالغ الكبيرة من معاشاتهم .

كما أتمنى أن تعيد النقابات النظر في هذه الإجراءات في حواراتها مع الحكومة ، كما أتمنى من السادة البرلمانيين أن يراعوا حقوق رجال التعليم الذين أفنوا أعمارهم في خدمة هذا القطاع و عدم مصادقتهم على كل ما يمس هذه الجوانب

المذكورة و التي من شأنها أن تربك كل ما يسعى المصلحون إليه . 

آخر أمنيتي أن تبقى هذه المسودة حبرا على ورق تمزق 

و يلقى بها في سلة المهملات ، فليس ثمة مكان فاض في نفوس رجال التعليم لتحمل المزيد من المآسي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق