تعقل قليلا

 📍  تعقل قليلا  📍


          قال لي أحدهم :

  " لماذا تلومني على حماسي الزائد في متابعة مباريات كرة القدم الأوربية ؟ و تعاتبني على حبي و تعلقي بفريقي الانجليزي المفضل ؟ و تتضايق من هتافي و صراخي المبالغ فيه إذا سجل فريقي  هدفا ؟ و تتعجب من حزني و بكائي إذا انهزم  ؟

ألا ترى الجماهير الانجليزية و الأوربية عموما و هي تتفاعل مع المباريات بالهتاف و الصراخ و التصفيق لتشجيع فريقها المحبوب ؟

فلماذا تريد أن تحرمني أنا ؟ ألست مثلهم بشرا " ؟أليس من حقي التعبير عن مشاعري اتجاه من أهوى ؟".

قال ذلك و هو يظن أنه سد أمامي كل أبواب العتاب و أنه أجاد الإقناع .

ابتسمت في وجهه و أجبته بكلام هادئ حتى لا أستفز شعوره ذاك :

" صحيح ما قلته عن حماس و صراخ جماهيرهم عندما يتعلق الأمر بفرق بلدانهم ، و كيف لا يفعلون و كل شيء لديهم متوفر ، و كل فرد منهم له كرامة و اعتبار ، لا أحد يشكو ضنكا في العيش و لا تدنيا في التعليم و لا هشاشة في التطبيب ، اقتصادهم في تطور مستمر .

 ألا تعلم أنه في الوقت الذي تشاهد فيه أنت أولئك اللاعبين الأوربيين البارعين يمتعونك بمهاراتهم في تلك الملاعب الجميلة ، هناك في المقابل فيما لا تشاهده ، صناع متمكنون 

و خبراء مبتكرون يعملون في معامل السيارات و الأجهزة الالكترونية و مختبرات الأدوية و غيرها من الصناعات التي تنمي اقتصاد بلدهم و توفر لأبناء شعبهم سبل الرفه و العيش الكريم .

و لو افترضنا أن أحد المشجعين منهم أصيب بمكروه ما و هو يشجع فريقه ، لرأيت التدخلات الفورية السريعة لانقاذه 

و نقله على وجه السرعة إلى المستشفى حيث ينتظره أطباء محنكون مرابطون بالمستشفى يسهرون على راحة المرضى

لا يغادرونه لمشاهدة المباريات  لأن ضمائرهم المهنية لا تطاوعهم لفعل ذلك ، و لو فعله أحدهم لتعرض لأقسى العقوبات .

تصور و أنت في المقهى ببلدك هذا  تشاهد مبارة  لفريقك الأوربي المفضل و وقع لك مكروه ، هل ستجد من ينقذك ، 

و إن تدخل أهل الإحسان من عامة الناس و نقلوك إلى المستشفى ، هل ستتلقى العلاجات الضرورية في وقتها 

و دون تعقيدات ، هذا إن توفر الدواء و كان الطبيب حاضرا؟.

باختصار هل تتمتع أنت بنفس الحقوق التي يتمتع بها كل فرد من أفراد شعبهم ، الذين تكاد لا تشعر بالفوارق الطبقية بينهم ، لا محسوبية و لا زبونية الكل سواسية أمام القانون يؤدي الواجبات على أحسن وجه و يتمتع بالحقوق كاملة .

لهذا أنصحك يا بني أن تمتع نفسك بمشاهدة مباريات كرة القدم التي تحبها و لكن من غير انفعال و لا توتر ، و احتفظ بحماسك لدراستك ، و ضع نصب عينيك أهدافا مضمونا نجاحها لمستقبلك ، فذاك اللاعب الأوربي الذي أنت معجب

به يتقاضى راتبا شهريا خياليا ، و لن ينفعك بشيء إذا نبا الزمان بك و ساءت أحوالك . 


                         💼  بقلم  زايد وهنا  💼

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق