مشاهد مقززة

                         مشاهد مقززة 


         حكى لي أحد الأصدقاء عن مشهد عاينه في الحافلة ، و بقي أثره عالقا بذهنه ، فما أن التقيته حتى انطلق يحكي

 و كأنه يريد أن أقاسمه نفس الشعور الذي حز في نفسه

 و أبدي رأيي الذي لن يكون طبعا إلا من نفس رأيه ، أخبرني و الأسى يعتصره ، أن رجلا من ركاب الحافلة عمره بين الثلاثين و الأربعين كان جالسا بجانب رجل في مثل سنه تقريبا ، يظهر من خلال حديثهما أنهما على معرفة ببعضهما .

كانت الحافلة في هذه اللحظة غاصة بالركاب ، و عندما لم 

أجد مقعدا فارغا اضطررت للوقوف ، و شاءت الصدف أن 

أقف بجانبهما مستندا للعمود المنتصب و ممسكا بطرفه العلوي حتى أحافظ على توازني من الارتجاجات التي تحدثها

الفرملة كلما توقفت الحافلة لينزل منها ركاب و يصعد آخرون ، و كان أمام الرجلين عجوز طاعن في السن ، ذو لحية بيضاء ، لم يترك الدهر علامة من علامات الكبر و الهرم إلا 

و رسمها على محياه ، يقف المسكين متمايلا ، يكاد يخر على الأرض كلما توقفت الحافلة أو استأنفت سيرها ،  يمسك بيده اليمنى عكازا يستعين به ، محكما قبضته بيده اليسرى على حافة المقعد الذي يجلس به الرجلان ، حتى أنه يكاد يهوي على ذاك المحادي له بفعل الحركة و من فرط وهن بدنه .

في إحدى المحطات صعدت سيدة في أواخر العشرينات ،

شابة متبرجة ، تفوح منها روائح العطر ، تضع على شعرها الأشقر نظارات فاخرة ، انتهى بها المقام بالقرب من العجوز ، وقفت بجانبه و هي تمسك بنفس العمود الذي أمسكنا به جميعا و تتأفف من الزحام ، و ما هي إلا ثوان قليلة ، حتى قام أحد الرجلين من مقعده و طلب من الشابة أن تجلس مكانه رفقا بها ، و لبت هي الأخرى شاكرة له حسن صنيعه ، 

و هنا تعجبت من هذا التصرف ، إذ كيف أخذته الرأفة بهذه الشابة و لم تأخذه بهذا العجوز المنهك الذي أتعبه الوقوف ، 

و الغريب أنه لما ترك مقعده للشابة القوية ، وقف بجانب العجوز و لم يخجل من نظرات هذا المسن البئيسة ، التي تخفي الكثير مما يشعر به من الاحتقار و الإقصاء .

إلى هنا عرفت بل أيقنت أن هذا التصرف بين قوسين في حق هذه الشابة ، لم يكن بدافع الإنسانية ، و إنما يشوبه ما

يشوبه من الشكوك و النوايا المضمرة في نفس الرجل الأنيق ،

و إلا لكان جلوس العجوز أسبق و أولى من هذه ، لو كان الدافع حقا إنسانيا .

استمعت إليه و هو يحكي هذه الواقعة بنوع من الحسرة 

و الأسى ، حينها تدخلت و هدأت من روعه و أخبرته أنه لا داعي للاستغراب ، فكثير من المشاهد اليومية في مجتمعنا تثير التقزز و الامتعاض من خلال تصرفات و سلوكات بعض الناس ، و هذا راجع لعدم تمسكنا بالقيم الإسلامية السمحاء ، حيث غاب الحياء و الاحترام ، و لم يعد لكبار السن أي تقدير في نفوس الشباب إلا من رحم ربك ، و هؤلاء قليلون .

لقاء غير منتظر

 لقاء غير منتظر


          استفاق العم مسعود قبيل الفجر بقليل على نباح كلبه الرابض بمدخل الضيعة ، و هو يعلم أن كلبه لا ينبح في مثل هذا الوقت و بهذه الحدة إلا إذا اقترب غريب من باب الضيعة ،

 أخذ بندقيته على وجه السرعة و خرج يعدو نحو الباب ليكتشف الأمر بنفسه ، أضاء جنبات المدخل بمصباحه اليدوي ، و إذا به يرى شخصا واقفا على بعد أمتار قليلة من الباب ، أمسك العم مسعود بيده اليسرى طوق الكلب الذي لم يتوقف لحظة عن النباح ، يحاول الانفلات من قبضة صاحبه لينقض على الغريب ، و بيده اليمنى  بندقيته موجها فوهتها نحو الشخص الواقف الذي تسمر في مكانه لا يبدي حراكا ، اتجه نحوه بخطى وئيدة ، سبابته على الزناد و دقات قلبه تتسارع لأنه لم يتعرض قط لمثل هذا الموقف في مثل هذا الوقت ، خصوصا و أنه لم يسبق لأحد أن زاره في ضيعته غير صهره ، و صهره لا يمكن أن يزوره في هذا الوقت ، 

و هذا ما أثار في نفسه الكثير من الريبة و الشك و جعله يتخذ موقف المدافع عن حوزة أرضه و عرضه .

فهو اليتيم الذي جاء منذ زمن بعيد إلى هذا المكان المنعزل 

و أقام به هذه الضيعة ، و تزوج من ربيعة و هي فتاة قروية تنتمي لإحدى القرى المجاورة ، لم يرزق معها إلا ببنت وحيدة رغم طول مدة زواجهما التي فاقت ثلاثين سنة .

لما دنا من الغريب و قد ترك لنفسه بينهما مسافة أمان ، وجه ضوء المصباح إلى وجهه و سأله بنبرة تجمع بين التهديد و الاستغراب :

 " من أنت ؟ و ما حاجتك ؟ "

أجاب الغريب في انكسار و وجل :

 " ألست مسعود ابن المرحوم السيد العربي الدكالي 

و المرحومة السيدة رقية الراضي ؟ " 

استغرب مسعود كلام الغريب و هو الذي يعلم علم اليقين أن

لا  أحد يعرف عن أصله شيئا .

مسعود : " بلى أنا ابنهما رحمة الله عليهما ، و لكن من أنت ؟

و كيف عرفت والداي ، و ما سبب مجيئك إلى ضيعتي ؟ "

الغريب : " أليس للضيف عندك حق الإكرام "

مسعود : " و كيف آوي إلى ضيعتي شخصا غريبا في هذا

الوقت دون سابق معرفة ، و قد مررت في طريقك على قرية 

أهلها من الأكارم ، و قصدت ضيعتي ، لا بد أن في أمرك سرا "

الغريب : " لست غريبا عنك ، و ما قصدتك إلا من أجل أن أصل الرحم ".

مسعود : " أي صلة رحم تقصد يا هذا ؟ "

الغريب : " لك علي حق و أتيت لأوفيه ، فأنا يوسف الدكالي ، و أنا كذلك ابن المرحوم العربي الدكالي من زوجته الثانية عائشة هرماش ، فبعد موت أمك رقية بعام واحد ، تزوج أبونا أمي عائشة و هذا الأمر تعلمه جيدا ، و لما وافاه أجله هو كذلك ترك أمي حاملا بي في شهورها الأولى ، في هذا الوقت كنت أنت قد غادرت القرية ، و لم تعد أمي تعرف عنك و عن وجهتك شيئا ، و هذا ما أخبرتني به بعد أن بلغت سن النضج ، و ما أن علمت أن لي أخا ، وقر في نفسي أن أبحث عنه ، و لم أستطع أن أترك أمي لوحدها ، و لكن الآن و قد التحقت بأبي و أمك ، لم يتبق لي في هذه الدنيا غير أخي مسعود ، و لمدة ثلاث سنوات و أنا أبحث عنك ، حتى من الله علي بلقائك ، إذ أخبرني أحد أهالي القرية التي تنتمي إليها زوجتك ، أنك تسكن في هذه الضيعة المنعزلة ، فأتيتها مسرعا 

و من شدة فرحي لم أنتظر ضوء الصباح ".

طأطأ العم مسعود رأسه برهة ، و كأنه يسترجع شريط ذكريات مرت عليه أعوام عديدة ، عاد إليه شيء من الإطمئنان ، إذ لمس في كلام الشاب أسرارا لا يمكن أن يعرفها غريب أتى لقصد آخر .

 و ضع بندقيته على كتفه ، و أحكم القبضة على طوق الكلب ،

ثم طلب من الشاب الغريب أن يتبعه إلى الداخل .

في هذه الأثناء كانت زوجته ربيعة و ابنتها مريم يهيئان فطور الصباح ، و قد لاحت بوادر الصبح تمحو مداد الظلام .

توضآ و صليا صلاة الصبح جماعة و جلسا كلاهما إلى مائدة الإفطار ، لاحظ يوسف أن أخاه العم مسعود يراقبه و هو يتناول الفطور بنهم شديد ، فأراد أن يبرر إقباله على الطعام بتلك الشراهة قائلا :

 " لم أتناول طعاما منذ الأمس ، و قد أخذ مني الجوع مأخذه"

أجاب العم مسعود : " لا عليك ، نزلت أهلا و أقمت سهلا "

قال ذلك و هو ينتظر المزيد من الأخبار حتى يتأكد من صدق

كلام ضيفه ، شعر يوسف بما يدور في خلد مسعود ، و استرسل في الكلام يريد أن يبين لأخيه أمورا تطمئنه و تزيد من يقينه ، فقال :

 " تعلم يا أخي بأن أبانا ترك لنا قطعة أرضية بمكان كذا مساحتها كذا و كذا ، مجاورة لأرض رجل اسمه عمي الجيلالي و منزلنا لا زال قائما في حي كذا بالقرب من الجيران فلان و فلان و ووو .." .

لم يتمالك العم مسعود نفسه ، و قام من مكانه و ارتمى على أخيه يوسف يعانقه عناقا حارا و عيناه تذرف دموعا حارة  ، ثم نادى على زوجته و ابنته مريم ، و أخبرهما أن ضيفه يوسف هو أخوه من أبيه ، و طلب منهما أن يرحبا به ، و هو يقول : 

 " الحمد لله الذي جمعني بأخي ، بعدما كنت أظن نفسي وحيدا ليس لي أحد من أقاربي ".

فرحت مريم و احتضنها عمها و هو يقول : 

 " ليس لنا بعد اليوم فراق ، أنتم عائلتي و أنا واحد منكم ".

بعدما هدأت أجواء اللقاء ، التفت  يوسف نحو أخيه قائلا :

 " اعلم يا أخي مسعود ، أن سعر القطع الأرضية في قريتنا قد ارتفع و أصبح الطلب كبيرا على شرائها ، و ما دمنا لا نستغلها و لا المنزل كذلك ، فلنذهب في زيارة لمسقط رأسينا و نبيع ما نملكه فيها ، و نعود إلى ضيعتك هذه لنستثمر ما حصلنا عليه من أموال في مشاريع تعود علينا بالخير و البركة ، فأنا كنت أتنقل بين المدن و القرى أعمل كسابا أشتري الأبقار و الأغنام و أتاجر فيها ، فكان هذا النوع من التجارة يدر علي أرباحا ، و بفضلها تجمع لدي هذا القدر من المال ".

في تلك اللحظة أزاح من حقيبته الجلدية بعض الملابس ، و أخرج رزما من الأوراق النقدية ، و قدمها لأخيه الأكبر قائلا :

 " هذا كل ما أملك ، احتفظ به عندك حتى نضيف إليه ما سنحصل عليه من بيع الأرض و المنزل اللذان ورثناهما عن أبينا رحمة الله عليه ، فننشئ بضيعتك هذه زريبة للأبقار و أخرى للأغنام ، 

و سأتولى أنا البيع و الشراء في الأسواق ، أما أنت يا أخي فليكن عملك هنا بالضيعة قريبا من زوجتك و ابنتك ، فماذا ترى ؟ ".

فغر العم مسعود فمه ، و انفرجت أسارير زوجته و ابنته اللتان لم تخفيا إعجابهما بكلامه .

في هذه الأثناء عانق العم مسعود أخاه من جديد ، و قال :

 " نعم الرأي ما أشرت به ، فأنت شاب ، و لك من الخبرة ما لا أملكه ، استرح لأيام من عناء السفر ، و بعدها فليكن ما تريد ، و ضع في حسبانك أنه آن الأوان لتقطع مع زمن العزوبية ، و تختار لنفسك زوجة صالحة تسعدك و تعينك و تؤنس وحدة زوجتي 

و ابنتي في هذه الضيعة ، قالها و هو يبتسم تارة في وجه يوسف و تارة في وجه زوجته ربيعة ".

أجاب يوسف في استحياء :

 " لن يكون إلا ما يرضيكم جميعا "

بعد أسبوع ، انتقل الأخوان إلى قريتهما و باعا كل الإرث ،و عادا إلى الضيعة  و في حوزتهما أموال كثيرة .

أصر العم مسعود على زواج أخيه الذي لم يبد اعتراضا ، بل بالعكس فهو يرغب في تكوين أسرة أسوة بأخيه الأكبر ،

و شاءت الصدف أن يقع في غرام أخت ربيعة عندما ذهب صحبة أخيه لزيارة أصهاره ، و عند عودتهما من القرية أسر إلى أخيه بما في نفسه من ميل إلى خديجة أخت ربيعة ، فما كان من العم مسعود و زوجته إلا أن تولا الأمر بنفسيهما ، و تم الزواج بعد شهرين من استقرار يوسف ، و اجتمعت الأسرتان في المنزل  الواسع بالضيعة ، و تحقق لهما ما كان قد خطط له يوسف من مشاريع .

بعد مدة وجيزة أصبحت ضيعتهما قبلة للجزارين و الكسابين

و تجار الحليب و مشتقاته ، و رانت الفرحة أرجاء الضيعة ،

 و استعاد العم مسعود بعضا من شبابه و حماسه ، و كيف لا وقد حباه الله بأخ  ودود  يؤازره  و يشد عضده ، بعدما كان وحيدا .

و هكذا عاشت الأسرتان في سعادة غامرة و رغد و تفاهم منقطع النظير ، و تزداد أواصر الود ارتباطا و فرحة كلما ازداد  ليوسف مولود جديد .

كل شيء بقدر

                         كل شيء بقدر 


            تعودت على ألا أخلد إلى النوم إلا في وقت متأخر من الليل ، و السبب أنني أشغل نفسي كثيرا بالتفكير في أي أمر أريد الإقدام عليه ، و لو كان أمرا بسيطا كقضاء مأرب من المآرب الإدارية أو سفر أو أي عارض من أمور الدنيا ، فتجدني أضع له في ذهني العدة  المناسبة ليتيسر قضاؤه وفق الخطة التي رسمتها له ليلا ، حتى أنني أصبحت مدمنا على السهر ،

 و قد تعودت على هذه الحال في جميع الأمور صغارها 

و كبارها ، و تمكن مني الأرق حتى لم أعد أستطع التخلص منه .

لكنني تنبهت أخيرا بل أيقنت أنني مهما فكرت و مهما وضعت من خطة أظنها مناسبة و هذا شيء طبيعي ، ما دمنا نأخذ بالأسباب ، إلا أن الأمور كلها أولا و أخيرا بيد من لا تأخذه سنة و لا نوم ، يدبرها بإرادته و حكمته ، فكم من أمر نعالجه بتفكيرنا القاصر ، فتأبى مشيئة الله إلا أن تغير مجراه في الاتجاه الذي لم يكن يخطر ببالنا و لم نضع له خطة في حسباننا ، و لا يكون إلا ما اختاره الله لنا ، فنفاجأ أن ما اختاره الله  أفضل بكثير مما كنا نأمله ، فلا يسعنا حينها إلا أن نقول :

 " الخير فيما اختاره الله " ، 

فنتذكر قوله سبحانه و تعالى : <<  قل لا أملك لنفسي نفعا

 و لا ضرا إلا ما شاء الله و لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير >>

و قوله تعالى " و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله "

و يطمئننا رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله  :

<<   لو اطلعتم على الغيب لوجدتم ما فعل ربكم خيرا  >>

و هكذا اقتنعت ألا أعطي لأي أمر أكثر من حقه ، و ألا أنشغل

به ذلك الانشغال الذي يمنعني لذة النوم المبكر .

نعم نحن كبشر مطالبون بالأخذ بالأسباب الحلال المفيدة في حياتنا و لكن يجب أن نستحضر مشيئة الله جلت قدرته في جميع أمورنا ، و يكون لدينا اليقين التام أنه جل في علاه هو المدبر و الميسر و المكمل و العاطي و المانع و كل شيء بحكمة يعلمها هو و تغيب عنا ، و لا خيار لنا نحن إلا بما شاء سبحانه و تعالى .

فاللهم مالك الملك ، يسر لنا أمورنا و ألهمنا طريق الصواب ،

 و لا تواخذنا بجهلنا ، فأنت أعلم بضعفنا و قلة حيلتنا ،  

و اجعل لنا من كل أمر مخرجا ، إنك على ما تشاء قدير 

و بالاستجابة جدير .

استخفاف

                   ما هذا الاستخفاف 

لقد بات واضحا لدى الفئة  المثقفة التي تحمل هم هذا الوطن ، و التي تأمل أن تراه يخطو خطوات حثيثة نحو الرقي في جميع المجالات ، أن الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ على عكس المأمول ، و لا أدل على ذلك مما يمرره

الإعلام و يشجعه من توافه الأمور و سفاسفتها ، علما بأن الإعلام هو القطاع الذي من خلاله يتم تقييم وعي الشعب 

و مدى رقي البلاد ، و لكن للأسف ما يروجه حاليا يثبت عكس ذلك ، بحيث أصبح لا يجد حرجا فيما يقدمه للمشاهدين  من برامج تافهة عبر قنواته العفنة خصوصا البرامج الكوميدية بين قوسين و التي لا تمت إلى الكوميديا بصلة ، و إنما هي عبارة عن تهريج سمج من طرف متطفلين لا علاقة لهم بالتمثيل ، يحاولون إظهار أنفسهم أنهم مميزون و لكنهم صراحة يفتقدون إلى تلك الملكة و تلك الموهبة التي تمكنهم من بلوغ قلوب المشاهدين ، بدءا من السيناريو إلى الإخراج إلى الأداء كلها تفتقر إلى الاحترافية و لا تستطيع أن ترسم و لو ابتسامة باهتة على محيا المشاهد ، بل بالعكس أحيانا تزيد من امتعاضه و تقززه ، و الغريب هو كيف لا يخجل من نفسه  من يقدم مثل هذه العفونات ، و كيف لا يندى جبينه و هو يسمع و يرى الانتقادات التي تطال هذه الحموضة في كل مواقع التواصل الاجتماعي ، و لا يحرك ساكنا و لا تهزه الغيرة على هذا الوطن و أبنائه ، و بذلك يتضح جليا للمشاهد بما لا يدع مجالا للشك أن نشر التفاهة

 و تشجيع التافهين متعمد و مقصود ، من غير مبالاة بمشاعر المشاهدين عامة ، و من غير الحذر من تأثير مثل هذه البرامج التافهة على ناشئتنا و شبابنا، و كأن بلدنا يفتقد للنبغاء و الحكماء ، و الأدهى و الأمر أنهم في أحد مسلسلاتهم التافهة يسيئون إلى شخص الأستاذ المربي فيستنقصون من قيمته الاجتماعية ، و يبخسون من شأنه التربوي التعليمي ، فيجعلونه أضحوكة الناشئة الذين يعتبرونه قدوتهم المثلى في التربية و التعليم ، و نموذجهم الأعلى المتميز برسالته النبيلة عن كل الوظائف الأخرى ، ألا يعلم هؤلاء أن المس المسيء بشخص الأستاذ و الحط من كرامته هو أقصى درجات البلادة و الغباء التي تعتبر أحد العوامل التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه من سوء تربية أبنائنا و تدني مستواهم التعليمي ، ألا يعلمون أنهم بهذه الميوعات  يدمرون و يخربون كل ما بناه الأستاذ من قيم في نفوس التلاميذ ، بل و أكثر من ذلك أنهم يبخسون قدوته في أعينهم و أنفسهم ، أليس هذا بصريح العبارة استخفاف في حق رمز من رموز المجتمع الذي يسعى إلى تربية الأجيال تربية حسنة و تكوينهم تكوينا علميا نافعا ، باعبارهم أمل المستقبل و دعامته في الرفع من شأن هذا الوطن .

فأي كوميديا هذه التي لا تراعي الجوانب الأخلاقية ، و أي معيار و مراقبة لهذه الأعمال قبل عرضها على المشاهدين ، 

و كيف يسمح لمثل هذه العفونات أن يراها الناس دون استحياء .

 فلا غرو إذن إذا أصبح أغلب المشاهدين يعرض عن القنوات التلفزية المغربية إلى غيرها مما يجد فيه متعة تجمع  بين الكوميديا و الاستفادة و ترسيخ القيم الإسلامية السامية بعيدا عن التفاهة ، خصوصا في هذا الشهر الفضيل الذي يكون فيه الناس في أمس الحاجة إلى برامج توعوية و أعمال فنية هادفة ، تفيد الناشئة و تهدي الضال و ترفع نسبة الإيمان و التقوى في نفوس المسلمين ، فرمضان شهر العبادة و الغفران ، و محطة مقدسة في نفوس المسلمين للتزود بما

ينفع الناس يوم لا ينفع مال و لا بنون ، و عندنا من العلماء

و المفكرين من بأفكارهم تستنير العقول ، و في تاريخنا 

الإسلامي الأحداث و القصص و الطرائف التي يمكن لشبابنا أن يستنبط منها الدروس و العبر ، و لا بأس أن تتخلل هذه البرامج وصلات كوميدية للترويح عن النفس من ضغوطات الحياة اليومية و ما أكثرها في أيامنا هذه ، و لكن نريدها متقنة هادفة بضوابط و شروط لا تتنافى و أسس التربية الخلقية ، مع مراعاة الجانب النفسي للأطفال الذين يتأثرون بكل ما يبثه الإعلام ، و هي نفس الضوابط التي ينبغي أن يلتزم بها كل فرد في مجتمعنا عند نشره لأي مقال في مواقع التواصل الاجتماعي كذلك ، علما بأن أجيال اليوم تدمن على هذه المواقع و تتأثر بكل ما يروج فيها .

 للأسف الشديد ما نراه في مثل هذه المسلسلات ، و أغلب ما ينشر في العالم الافتراضي كلها فؤوس تهدم ما يسعى إليه المصلحون و ما يأملونه في أبناء هذا الوطن .

و مادام المسؤولون عن الإعلام يصرون على  دعم التفاهة 

و التافهين ، فإصرارهم هذا و تماديهم في غيهم رغم انتقادات المشاهدين ، هو تعبير صريح على استخفافهم المقصود

بعقول الناس ، و دليل ساطع على عدم  غيرتهم على كل ما هو جدي و نافع ، و برهان واضح على فتور الوطنية الصادقة في نفوسهم .

ففي ظل الرفع من شأن التافهين ، و تشجيعهم على تفاهتهم ،

و تهميش المثقفين المجدين الغيورين  ثمة سؤال  يطرح نفسه بإلحاح ، هو كيف نطمح لبناء جيل على جانب كبير من التربية الحسنة و العلم النافع إذا كنا نمرر له مثل هذه السموم ، و أي إصلاح نتمشدق به إذا كانت كل ما تبنيه المؤسسات التعليمية تهدمه التفاهة في بعض برامج  الإعلام و تنسفه السفاهة فيما ينشره بعض الأنذال في مواقع التواصل بشتى أنواعها و أشكالها .

 إذن لا تلوموا تلميذا إذا تجرأ على أستاذه و نعته بأحد النعوت التي سمع و رأى الممثلين يصفونه بها في هذه المسلسلات ، فأنتم من يتحمل وزرها و أنتم حقا من ساهم في تلك المصائب و أنتم في الحقيقة أولى بالعقاب من ذلك التلميذ .

لقد آن الأوان و بصورة استعجالية إن كنا نريد إصلاحا حقا ، أن نراجع أنفسنا و نقطع مع هذه التوافه التي استشرت 

و امتدت عدواها حتى شملت شريحة عريضة من شبابنا الذي

فقد البوصلة و لم يعد يعرف شيئا عن دينه و تاريخه و يجهل تمام الجهل كل شيء عن جهابدة الفكر و المعرفة الذين أثروا

المكتبات بمؤلفاتهم القيمة ، منهم من طواه الردى و لفه النسيان ، و منهم من على قيد الحياة و قد طاله التهميش ، و دهاه النكران ، فهو كالغريب بين أهله ينظر بعين السخط لما آلت إليه الأمور و يتألم في صمت ، و كيف لا يتألم و هو يرى المغنيين الماجنين و الممثلين التافهين  و الراقصات الفاجرات ، يجدون من يدعمهم ماديا و معنويا ، و قد أصبحت لهم مكانتهم المرموقة في المجتمع ، فاتخذهم شبابنا قدوة في العري و تصفيفات الشعر المختلفة و السراويل الممزقة التي تكاد لا تستر عورة و التلفظ بالكلام النابي و التطاول على الوالدين و الأساتذة و كبار السن و غير ذلك من النقائص التي تأثروا بها من هؤلاء السفهاء ، إذن ماذا جنينا من هذه التوافه كلها ، لم نجن منها سوى أننا نسير بهذا البلد نحو الهاوية . 

في حين تم إقصاء المفكرين الجادين الذين بفعل غيرتهم على وطنهم يعملون بأفكارهم النيرة في سبيل توعية الشباب و تعليمهم العلم النافع الذي من شأنه تحريك عجلة التنمية ، همهم الوحيد في ذلك أن يروا بلدهم في مصاف البلدان الراقية ، فأي الفريقين أحق بالدعم و التبجيل  لو كانت لنا ضمائر حية أو كنا نملك بصيصا من الفطنة و الذكاء .

و عليه فليعلم كل مسؤول عن الإعلام يشجع التفاهة  و كل كاتب لأي مقال تافه يفسد العقول و الأذواق ، أنه سيحاسب أمام الله سبحانه و تعالى .

حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، اتقوا الله في أنفسكم و في الناشئة ، و لا تعتقدوا أنكم بمنآى عما يؤول إليه فساد الشباب ، سيأتي يوم تجنون فيه ثمار ما غرستم في أبنائكم بالدرجة الأولى و في أبناء الشعب الأبرياء ، و ها نحن نجني بوادرها اليوم قبل الغد .

و صدق الشاعر بشار بن برد حين قال :

     مَتى يَبلُغُ البُنيانُ يَوماً تَمامَهُ

                  إِذا كُنتَ تَبنيهِ وَغَيرُكَ يَهدِمُ


اتقوا الله

                      اتقوا الله 

وصلني فيديو من أحد الأصدقاء يتحدث فيه صاحبه عن خدعة يستعملها بعض المحتالين ليحصلوا على أرباح مضاعفة ، و ذلك أنهم يعمدون إلى تغيير لون قشرة  البيض ( الرومي ) المعروف بلونه البني الفاتح إلى لون أبيض ناصع البياض ليوهموا الناس أنه بيض ( بلدي ) لأن الجميع يعلم أن البيض البلدي لونه أبيض ، و ما دام هذا الأخير قد ارتفع سعره حتى فاق درهمين و نصف ، فقد عمد المحتالون إلى هذه الخدعة التي تكسبهم الربح الوفير ، بحيث يشتري المحتال كمية كبيرة من البيض الرومي و يضعها في إناء كبير و يصب عليها مادة جافيل و الملح و يتركها لمدة دقيقتين ، فيتغير لون قشرتها إلى أبيض لا يستطيع المشتري أن يفرق بينه 

و بين  البيض البلدي ، و يبيعها للناس على أساس أنها بيض بلدي  ، غير مبال بالكسب الحرام الذي جناه من وراء خداعه ، هذا ناهيك عما قد تحدثه تلك المواد السامة بالبيض ، فربما قد يقع تفاعل بين تلك المواد و مكونات البيض مما ينعكس سلبا على صحة المستهلك .

و لعل هذا الفيديو كان دافعا لأتناول موضوع الخداع و الغش الذي استشرى بين الناس في أيامنا هذه ، بحيث انعدمت الثقة لدى المستهلكين الذين يبحثون عن الجودة عند شراء بعض المواد الغذائية الصحية  كالعسل و اللبن و الزبدة 

و زيت الزيتون و غيرها ، و لكن أغلب الناس إن لم نقل كلهم يصعب عليهم التمييز بين الأصلي و المغشوش خصوصا إذا تعلق الأمر بمثل هذه المواد التي لا يتم معرفة جودتها أو رداءتها إلا في المختبرات .

و الغريب في الأمر أن آفة الغش و الخداع و النصب 

و الاحتيال امتدت و اتسعت لتشمل كل المبيعات لا سيما القديمة منها كما وقع لأحدهم لما اشترى سيارة مستعملة ، 

و بعد مدة تبين له أنها ذات وثائق مزورة ، و قس على ذلك 

الكثير من أمور الغش و النصب ، حتى أصبح إنسان عصرنا يتوجس خيفة من كل شيء يريد اقتناءه نظرا لما يسمعه 

و يراه من مخادعات سبق و حصلت له أو لغيره من الناس .

و لعل الدافع الأساس الذي يجعل هؤلاء يحتالون على الناس 

هو غياب الوازع الديني ، و موت الضمير و عدم القناعة بما قسم الله لهم ، فالطمع و الجشع أعمى بصائرهم ، يحاولون جمع المال بأي وسيلة و لو كانت من حرام ، متناسين أن اللحم النابت من الحرام النار أولى به كما ورد في الحديث الشريف .

 غياب القناعة و التهافت على الإغتناء بالطرق الغير المشروعة لا يهوي بصاحبه إلا إلى الهاوية إن عاجلا أو آجلا .

و لنا في القصة التي وقعت في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب أكبر واعظ لمن أراد أن يتعظ ، فقد حدث أن امرأة

 و ابنتها كانتا تعيشان وحيدتان  يكسبان قوت يومهما من

بيع اللبن الذي تدره عليهما بضع عنيزات مما ترك زوجها المتوفى ، و في إحدى الليالي و كان اللبن قليلا ، طلبت الأم من ابنتها أن تمدق اللبن بالماء أي أن تضيف له الماء لتحصل على الكمية المعتادة ، فأجابتها الابنة ، أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك و توعد فاعلها بالعقاب الشديد ،

فردت الأم بأن عمر لا يرانا ، و هنا انفجرت البنت بالبكاء 

و قالت إن لم يكن عمر يرانا فرب عمر يرانا ، وهكذا خجلت الأم من نفسها و تراجعت عن غيها .

ختاما ، ليكن في علم كل مخادع غشاش أنه كالساحر لن يفلح مهما فعل و لن يأتيه من الرزق إلا ما قسمه الله له ، و لكنه  بأفعاله الشنعاء قد يصير رزقه ذاك حراما ، و تنزع منه البركة لأنه اكتسبه بطرق غير مشروعة ، لذلك تجده يعاني الضنك 

و الشقاء و تتكالب عليه الضائقات ، و لا يستلذ للعيش طعما ، 

عكس المؤمن القنوع الذي يجعل مراقبة الله نصب عينيه فلا يسعى إلا في الكسب الحلال و لا يحصل على قوته و قوت عياله إلا بالطرق و الوسائل المشروعة ، و لو كان الكسب قليلا يجعل الله له فيه البركة و يعيش قانعا سعيدا مستورا ، معافى في بدنه و أهله ، و لا يخرج من صلبه إلا الذرية الصالحة التي استرزقت من و بالحلال  .


رفقا بالمواطن

                        رفقا بالمواطن !!!


           بات المواطن المغربي يشكو من تعقيدات المساطر  التي ترهقه كلما تقدم إلى إحدى الإدارات  العمومية لقضاء مأرب من مآربه الحياتية ، بحيث تثقل كاهله برزمة من  الوثائق و الإجراءات يصعب عليه في كثير من الأحيان جمعها

في وقت ضيق ، خصوصا و أن جمعها يقتضي زيارة إدارات أخرى و هذه بدورها تطالبه بوثائق إضافية ، مما يجعله في حركة دؤوبة و بحث مستمر بين هذه الإدارات عساه يظفر

بالوثيقة المعتمدة التي بموجبها يتم قضاء مأربه .

و هذا الأمر أصبح معتادا و معمولا به أثناء بناء بقعة أرضية

أو بيع عقار أو سيارة او عند شرائهما و عند الحصول على 

الأوراق الشخصية كبطاقة التعريف أو رخصة السياقة أو أي

وثيقة مماثلة مما ينبغي أن يتوفر عليه المواطن ، هذا ناهيك

عن الإجراءات المعقدة التي تنتظر الأرملة للحصول على

معاش زوجها المتوفى ، أما ما تطلبه التغطية الصحية للتعويض عن ملفات المرض ففيه من الإرهاق ما يزيد المريض مرضا ، و قس على ذلك جميع المعاملات الإدارية

في كل القطاعات و هذا ما يدفع الكثير من الناس للتخلي عن قضاء أي مأرب يرونه غير ضروري تحسبا للإرهاق الذي ينتظرهم في الحصول عليه ، أو ربما يسلكون طرقا ملتوية 

و غير قانونية لقضاء مآربهم تفاديا لكل تلك العراقيل ، و هو ما يعرضهم في حالة افتضاح أمرهم إلى عقوبات صارمة . 

في حين أن ما يصلنا من أصداء عن الدول الأوربية ، و ما ينقله لنا المهاجرون أن هذه الدول تيسر على مواطنيها

كل المعاملات ، قد يقصد المواطن عندهم الإدارة المعنية 

لغرض ما و هي تقوم على الفور بكل الإجراءات الخاصة بها 

و تتكفل بما ينقصها من الإدارات الأخرى و كل ذلك في وقت وجيز دون مشقة أو عناء يلحقان صاحب الطلب .

فإذا كنا نتبجح بتطبيق حقوق الإنسان ، فهذه الأمور تعتبر أولى الأولويات التي تدعو إليها حقوق الإنسان ، فكيف بشيخ هرم أو عجوز أمية أو معاق أن تقضى مآربه في ظل هذه التعقيدات التي تعرفها إداراتنا ، أعود فأقول رفقا بالمواطنين

يكفي ما يعانونه من غلاء الأسعار و الأدوية و التحليلات 

و ما يتعرضون له من  إهمال طبي في المستشفيات و غير

ذلك من ضغوط الحياة اليومية ، فأقل شيء يمكن أن نساعد به هذا المواطن هو تيسير المساطر الإدارية و التخفيض من

الكلفة المادية قدر الإمكان حتى يتسنى للجميع قضاء مآربهم

بغير ملل و امتعاض .

 


ما السبب ؟

                            ما السبب ؟


         في عصرنا هذا و ما يعرفه من مستجدات في شتى المجالات ، أصبح من المفروض على الشعوب النامية أن تطلع على حضارات الأمم الرائدة التي بلغت شأوا كبير من التقدم  ، و أن تستجلي عوامل الرقي عندهم في جميع القطاعات .

و ليس من العيب في شيء  أن تنقل منهم أسباب الرقي 

و عوامل التنمية التي جعلتهم في مقدمة الشعوب و صنعت منهم قوى عظمى مهابة الجانب عسكريا و سياسيا 

و اقتصاديا و ثقافيا و اجتماعيا .

و لعل أولى أولويات هذه الشعوب المتقدمة هو التعليم ، فهي

توليه اهتماما بالغا علما منها أنه القاعدة الأساس الذي عليه

تنبني سائر القطاعات الأخرى ، و بالتالي لا مجال عندهم للعبث به أو التقشف في ميزانيته بل ينبغي على كل القطاعات الأخرى و على رأسها الإعلام و وزارة الثقافة 

و كذلك هيآت المجتمع المدني و الأسرة أن تخدم الجانب التعليمي و أن تساهم بكل طاقاتها للرفع من شأنه مادام هو

الأصل في أي نهضة .

نظرا لأهمية التعليم عندهم ، فقد وفروا له جميع الشروط الضرورية و التكميلية و الكمالية ليؤتي أكله كما يريدونه

هم ، فتجد خبراءهم يضعون برامج و مناهج تليق 

و توجهات دولتهم لبلوغ الهدف الذي تسعى إليه شعوبهم .

لكن هنا ثمة سؤال يفرض نفسه بإلحاح ، لماذا في كل مرة

ننقل منهم مخططا تعليميا و نصرف عليه أموالا طائلة ، و لا

نحقق الهدف بل يزيد الأمر سوءا ، فنتساءل لماذا نجح عندهم و فشل عندنا ، فنعيد الكرة مرة أخرى و نستبدل المخطط بمخطط آخر من شعب آخر ، و لا نحصل إلا على

الفشل ، و لم نحمل أنفسنا عبء السؤال و نقول لماذا هذا

الإخفاق ؟ .

الجواب غاية في البساطة ، و هو أننا ننقل منهم المخطط منفردا و لا ننقل معه الشروط و العوامل التي تغذيه و تنعشه 

و التي تحقق له ذلك النجاح و التفوق عندهم ، فالمخطط 

أو المنهاج لا يكون مفيدا إلا بوجود تلك الشروط و العوامل مصاحبة له ، و لا يمكن حصرها و لكن لنذكر بعضها على سبيل المثال و التوضيح :

* البنية التحتية للمؤسسات جد ملائمة 

* المعدات الديداكتيكية و البيداغوجية متوفرة 

* الحالة المادية للأسرة مريحة

* القيمة المعنوية و المادية للأستاذ ممتازة

* طاقم تربوي مساعد في المؤسسة متوفر

* عيادة طبية في المؤسسة مجهزة

* مصلح و مرشد اجتماعي بالمؤسسة 

* ساعات العمل مناسبة للأستاذ و التلميذ 

* لا يثقل كاهل الأستاذ بمهام أخرى غير التدريس

* مساهمة مكثفة للإعلام في تنوير المتعلم

* تنظيم الزيارات الاستكشافية على حساب الوزارة

* وسائل النقل في خدمة المتعلمين ذهابا و إيابا 

* مطعم للأساتذة و المتعلمين عند الحاجة و بالمجان 

* لا تأخير أو مماطلة في طلب تقدم به الأستاذ 

        و غيرها كثير ، فهل وفرنا هذه الشروط لذلك المخطط الذي أعجبنا به عندهم ، فنحن نأخذه مجردا من كل هذه الشروط إذن سوف لن يعطي أكله ، مثلنا في ذلك كمثل رجل ذهب إلى وليمة و أعجب بأكلة ما ، و لما عاد إلى بيته طلب

من زوجته أن تصنع مثلها و نسي أن صنعها يحتاج الكثير

من الأواني و المكونات و هي غير متوفرة لدى الزوجة 

و يتطلب خادمات أخريات لمساعدتها في تهييئها و هن غير موجودات ، فتضطر الزوجة إلى تهييئها بما ملكت يدها 

و النتيجة معروفة و هي أن مصيرها القمامة .