كل شيء بقدر

                         كل شيء بقدر 


            تعودت على ألا أخلد إلى النوم إلا في وقت متأخر من الليل ، و السبب أنني أشغل نفسي كثيرا بالتفكير في أي أمر أريد الإقدام عليه ، و لو كان أمرا بسيطا كقضاء مأرب من المآرب الإدارية أو سفر أو أي عارض من أمور الدنيا ، فتجدني أضع له في ذهني العدة  المناسبة ليتيسر قضاؤه وفق الخطة التي رسمتها له ليلا ، حتى أنني أصبحت مدمنا على السهر ،

 و قد تعودت على هذه الحال في جميع الأمور صغارها 

و كبارها ، و تمكن مني الأرق حتى لم أعد أستطع التخلص منه .

لكنني تنبهت أخيرا بل أيقنت أنني مهما فكرت و مهما وضعت من خطة أظنها مناسبة و هذا شيء طبيعي ، ما دمنا نأخذ بالأسباب ، إلا أن الأمور كلها أولا و أخيرا بيد من لا تأخذه سنة و لا نوم ، يدبرها بإرادته و حكمته ، فكم من أمر نعالجه بتفكيرنا القاصر ، فتأبى مشيئة الله إلا أن تغير مجراه في الاتجاه الذي لم يكن يخطر ببالنا و لم نضع له خطة في حسباننا ، و لا يكون إلا ما اختاره الله لنا ، فنفاجأ أن ما اختاره الله  أفضل بكثير مما كنا نأمله ، فلا يسعنا حينها إلا أن نقول :

 " الخير فيما اختاره الله " ، 

فنتذكر قوله سبحانه و تعالى : <<  قل لا أملك لنفسي نفعا

 و لا ضرا إلا ما شاء الله و لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير >>

و قوله تعالى " و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله "

و يطمئننا رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله  :

<<   لو اطلعتم على الغيب لوجدتم ما فعل ربكم خيرا  >>

و هكذا اقتنعت ألا أعطي لأي أمر أكثر من حقه ، و ألا أنشغل

به ذلك الانشغال الذي يمنعني لذة النوم المبكر .

نعم نحن كبشر مطالبون بالأخذ بالأسباب الحلال المفيدة في حياتنا و لكن يجب أن نستحضر مشيئة الله جلت قدرته في جميع أمورنا ، و يكون لدينا اليقين التام أنه جل في علاه هو المدبر و الميسر و المكمل و العاطي و المانع و كل شيء بحكمة يعلمها هو و تغيب عنا ، و لا خيار لنا نحن إلا بما شاء سبحانه و تعالى .

فاللهم مالك الملك ، يسر لنا أمورنا و ألهمنا طريق الصواب ،

 و لا تواخذنا بجهلنا ، فأنت أعلم بضعفنا و قلة حيلتنا ،  

و اجعل لنا من كل أمر مخرجا ، إنك على ما تشاء قدير 

و بالاستجابة جدير .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق