ما السبب ؟

                            ما السبب ؟


         في عصرنا هذا و ما يعرفه من مستجدات في شتى المجالات ، أصبح من المفروض على الشعوب النامية أن تطلع على حضارات الأمم الرائدة التي بلغت شأوا كبير من التقدم  ، و أن تستجلي عوامل الرقي عندهم في جميع القطاعات .

و ليس من العيب في شيء  أن تنقل منهم أسباب الرقي 

و عوامل التنمية التي جعلتهم في مقدمة الشعوب و صنعت منهم قوى عظمى مهابة الجانب عسكريا و سياسيا 

و اقتصاديا و ثقافيا و اجتماعيا .

و لعل أولى أولويات هذه الشعوب المتقدمة هو التعليم ، فهي

توليه اهتماما بالغا علما منها أنه القاعدة الأساس الذي عليه

تنبني سائر القطاعات الأخرى ، و بالتالي لا مجال عندهم للعبث به أو التقشف في ميزانيته بل ينبغي على كل القطاعات الأخرى و على رأسها الإعلام و وزارة الثقافة 

و كذلك هيآت المجتمع المدني و الأسرة أن تخدم الجانب التعليمي و أن تساهم بكل طاقاتها للرفع من شأنه مادام هو

الأصل في أي نهضة .

نظرا لأهمية التعليم عندهم ، فقد وفروا له جميع الشروط الضرورية و التكميلية و الكمالية ليؤتي أكله كما يريدونه

هم ، فتجد خبراءهم يضعون برامج و مناهج تليق 

و توجهات دولتهم لبلوغ الهدف الذي تسعى إليه شعوبهم .

لكن هنا ثمة سؤال يفرض نفسه بإلحاح ، لماذا في كل مرة

ننقل منهم مخططا تعليميا و نصرف عليه أموالا طائلة ، و لا

نحقق الهدف بل يزيد الأمر سوءا ، فنتساءل لماذا نجح عندهم و فشل عندنا ، فنعيد الكرة مرة أخرى و نستبدل المخطط بمخطط آخر من شعب آخر ، و لا نحصل إلا على

الفشل ، و لم نحمل أنفسنا عبء السؤال و نقول لماذا هذا

الإخفاق ؟ .

الجواب غاية في البساطة ، و هو أننا ننقل منهم المخطط منفردا و لا ننقل معه الشروط و العوامل التي تغذيه و تنعشه 

و التي تحقق له ذلك النجاح و التفوق عندهم ، فالمخطط 

أو المنهاج لا يكون مفيدا إلا بوجود تلك الشروط و العوامل مصاحبة له ، و لا يمكن حصرها و لكن لنذكر بعضها على سبيل المثال و التوضيح :

* البنية التحتية للمؤسسات جد ملائمة 

* المعدات الديداكتيكية و البيداغوجية متوفرة 

* الحالة المادية للأسرة مريحة

* القيمة المعنوية و المادية للأستاذ ممتازة

* طاقم تربوي مساعد في المؤسسة متوفر

* عيادة طبية في المؤسسة مجهزة

* مصلح و مرشد اجتماعي بالمؤسسة 

* ساعات العمل مناسبة للأستاذ و التلميذ 

* لا يثقل كاهل الأستاذ بمهام أخرى غير التدريس

* مساهمة مكثفة للإعلام في تنوير المتعلم

* تنظيم الزيارات الاستكشافية على حساب الوزارة

* وسائل النقل في خدمة المتعلمين ذهابا و إيابا 

* مطعم للأساتذة و المتعلمين عند الحاجة و بالمجان 

* لا تأخير أو مماطلة في طلب تقدم به الأستاذ 

        و غيرها كثير ، فهل وفرنا هذه الشروط لذلك المخطط الذي أعجبنا به عندهم ، فنحن نأخذه مجردا من كل هذه الشروط إذن سوف لن يعطي أكله ، مثلنا في ذلك كمثل رجل ذهب إلى وليمة و أعجب بأكلة ما ، و لما عاد إلى بيته طلب

من زوجته أن تصنع مثلها و نسي أن صنعها يحتاج الكثير

من الأواني و المكونات و هي غير متوفرة لدى الزوجة 

و يتطلب خادمات أخريات لمساعدتها في تهييئها و هن غير موجودات ، فتضطر الزوجة إلى تهييئها بما ملكت يدها 

و النتيجة معروفة و هي أن مصيرها القمامة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق