🛇حلقة مفرغة🛇

***   حلقة مفرغة   ***
لا تكاد تمر لحظة دون أن أتلقى تهنئة من أحد المعارف بحلول السنة الميلادية الجديدة مع متمنياته أن تكون سنة حب و سلام و أمن
و رخاء ، فلا يسعني إلا أن أتقبل التهنئة و أنا ملزم بردها و لو على مضض محاباة و مراعاة لشعور المهنئ و حفاظا على العلاقات الاجتماعية الطيبة التي تجمعني بالكثير منهم ، و لا أخفيكم سرا أن شعورا غريبا ينتابني و أفكارا تتزاحم لتفضي عما يختلجني من أحاسيس غير أني أكتمها و أكبتها حتى لا يظن أحدهم أنني صددت الباب في وجهه ، عندها أكون قد أسأت الأدب و درأت مفسدة صغرى بمفسدة كبرى قد يترتب عنها فساد العلاقات الاجتماعية علما أن هذه العلاقات فوق كل اعتبار ما دامت  تربطني بأصدقاء طيبين ، لهذا لم أجرؤ أن أبوح بأحاسيسي إلا لأحد الأصدقاء المقربين الذي طالما صارحته بأشياء كثيرة و لم يحدث قط أن عاتبني أو اتخذ موقفا سلبيا اتجاه علاقتنا ، كان يتفهم و يتقبل بكل أريحية بل كان يشاطرني الرأي في كثير من المواقف ، لهذا قررت أن أفتح له قلبي و أطلعه عما يؤرقني و أنا أسمع عبارة
 " سنة سعيدة " ،
و كم تمنيت و أتمنى لو استبدلنا هذه الجملة ب
" حياة سعيدة "
و لا يهنئ بعضنا بعضا بها إلا إذا جعلنا الحياة حقا سعيدة في أعين الجميع .
كيف نريد من السنة أن تكون سعيدة إذا لم نسعدها نحن ، تمر علينا الأيام و الشهور و الأعوام و تتقلب الفصول بين حر و قر و اعتدال و نحن لم نغير من أنفسنا شيئا ،
 كيف نطلب من الزمن أن يكون سعيدا و يسعدنا ، و كيف يليق بمثلنا أن يحتفل برأس السنة ، و هي لا رأس لها و لا ذيل هي مجرد أيام متشابهة تتوالى و تمر و نحن في غفلة من أمرنا ،  و لا فكرنا يوما أن  نأخذ بأسباب السعادة ،
أمتنا العربية تعيش التخلف و التقهقر في جميع المجالات ، حروب هنا و هناك ، دماء الأبرياء تسفك ، تفرقة و تشردم بين قاداتها و أحزابها ،
 من أين لنا بالسعادة و الفساد قد استشرى و أصبح مباحا نتباهى به و نحقق به المصالح  الشخصية دون أن نستحضر الخوف من عذاب الله و تأنيب الضمير الذي أماته الجشع ...
 كيف نسعد و البطالة تزداد يوما بعد يوم و حالات الانتحار تتضاعف و ظاهرة التسول في تزايد مستمر و الحمقى و المجانين يملؤون الأزقة
 و الشوارع ...
كيف نسعد و جميع القطاعات تعاني الأزمات
و التدني في الخدمات ...
كيف نسعد في بيئات انتشرت فيها الخرافة
 و الشعودة بشكل ملفت ، و انساق الناس شبابا
 و كهولا وراء التفاهات و سفاسفة الأمور ، يرفعون من شأن التافهين و يحطون من قدر المجدين ...
كيف و كيف و كيف .....
ألسنا نحن السبب في كل ما جرى و ما يجري لنا
و علينا ، فكيف نطلب من سنة هي كسابقاتها
و كلاحقاتها أن تكون سعيدة و نحن على ما نحن عليه ، ألم يان لنا أن نجمع كلمتنا في كل الأقطار العربية و الاسلامية و ندع النزاعات العرقية
والطائفية المصطنعة ، و ننهض بتعليمنا كركيزة أساسية لكل تقدم إذ بدون تعليم هادف و ثقافة راقية و أخلاق فاضلة لا يمكننا أن نتقدم خطوة واحدة الى الأمام ، و نرتقي  بجميع القطاعات الأخرى كذلك بنفس الجدية  ، و نقر العدل
و المساواة و نضمن العيش الرغيد في أمن و آمان لكل مواطنينا ، و نأخذ بيد الأيتام و الأرامل
 و المسنين و الحمقى فنمسح دموعهم و نوفر لهم ملاجئ تليق بهم ينعمون فيها ما داموا أحياء ...
 و ، و ، و .....
و باختصار نجعل كرامة المواطن فوق كل اعتبار ، أظن أنه لو تحقق هذا كله أو جله  لتكلمت السنة بلسان حالها  و قالت لنا :  " إنسان سعيد "
 عوض أن نقول نحن :     " سنة سعيدة "
  عندئذ نكون فعلا كما قال سبحانه و  تعالى :
 "  كنتم خير أمة أخرجت للناس ...."
لأننا أخذنا بالأسباب و بجواب الشرط الوارد في الآية الكريمة :
 " تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر " .
           ختاما أوصي نفسي أولا و أحبتي و أبناء وطني و كل عربي مسلم بأن نغير سلوكنا
 و نستيقظ من سباتنا ، فقد نمنا ما فيه الكفاية  ،
 و نعترف بعيوبنا و ضعفنا و نحاول أن نتجاوزه بالجد و العمل الصالح و ننافس بكل ما أوتينا من قوة لنجعل لأنفسنا مكانة في مصاف الدول الرائدة ، و نسترجع عزتنا و هيبتنا التي تعفرت بالتراب ، و نرتقي سلم الحضارة خصوصا و أن شعوبنا لا ينقصها الذكاء فأدمغتها المهاجرة
و طاقاتها الفكرية تسير و تدبر قطاعات هامة في أعتى الدول رقيا ، و هذا ليس بالعزيز علينا إذا عقدنا العزم و تجردنا من الأنانية و جعلنا المصلحة العامة فوق كل اعتبار ، لأن الله وعدنا إن علم في قلوبنا خيرا يوتينا خيرا ، و لعمري ذاك هو الاحتفال الحقيقي الذي يسعدنا في دنيانا و أخرانا .

⚀ألا نخجل من أنفسنا⚀

ألا نخجل من أنفسنا
ألا نخجل من أنفسنا إذا كنا ندعي أننا نسعى لتربية أبنائنا تربية حسنة و تعليمهم العلم النافع و نحن أنفسنا نشجع التفاهات و نعلي من شأن التافهين عبر وسائل الاعلام و عبر المواقع التواصلية و نجعل منهم قدوة لأبنائنا ، في حين نتجاهل الأعمال الجادة و نهمش أصحابها و كأن عصرنا لم يعد في حاجة الى مفكرين و مخترعين و مكتشفين و أئمة و أدباء ، علما بأن مثل هؤلاء هم سر تقدم الأمة و رقيها ، و لعل ما نراه سائدا بين شبابنا من تقليد للتافهين و محاولة السير على نهجهم لدليل قاطع على طفو التفاهة و السفاهة حتى أضحت هي الغاية الكبرى و الهدف المنشود لدى السواد الأعظم من شبابنا ، و لعل كذلك عدم إقباله على الدراسة و التحصيل المفيد هو ثمرة هذا التوجه العفن ، فكيف نرتقي بتعليمنا رغم المجهودات المبذولة و نحن نسوق عبر قنواتنا للتفاهة في الأدب الرديء و الغناء الساقط و الرقص الماجن و غير ذلك مما يخدش الحياء و يميت المواهب الجادة و الأدهى أننا نشيد بأصحابها و كأنهم أبطالا حققوا ما لم يحققه غيرهم ، ألسنا مسؤولين أمام الله و أمام ضمائرنا عن مآل هذه الأجيال التي زغنا بها عن جادة الصواب و ضللناها في فيافي الجهل.
أليس من الأجدر و المفيد لأنفسنا و لمجتمعنا زرع روح المنافسة في كل ما هو هادف و نافع و نشجع الطاقات الواعدة و ندعمها بما أوتينا من إمكانيات في مجالات العلوم و الآداب و الفنون و لا نقبل من أحد كيفما كان أي عمل غير متقن ، و غير منضبط لضوابط الشرع و العقل و الملكة الابداعية ، فلا ننشر إلا القصائد الشعرية الرائعة ذات المعاني الراقية و لانستمع إلا للأغاني الجميلة ذات الكلمات الهادفة و الألحان الرائعة و الأداء المتزن الرزين و ننبذ السفاهة و التفاهة و لا نقبلها من أصحابها و لا نفسح لهم مجالا لتداولها ، و بذلك نكون قد أغلقنا منافذ التفاهة و فتحنا منافذ الجد و التباري فيه ، و نثمن المجهودات المثمرة التي تعود على شبابنا بالخير العميم و على أمتنا بالتقدم و النماء .
ماذا نرتجي من شباب يدرس في الجامعات و الثانويات يجهل دينه و تاريخه و لا يعرف شيئا عن علمائه و مفكريه و لا يحسن التحدث بلغته العربية و لا بلغات أخرى و لا يتقن مجال اختصاصه ، في حين تجده ملما بسير المغنيين و المغنيات و الراقصين و الراقصات و اللاعبين و أنواع الوشم و آخر صيحات قصة الشعر و غيرها من سفاسفة الأمور .
فإذا كنا نريد حقا الرفع من مستوى تعليمنا فينبغي أن ننتقي له من الطلبة نوابغهم و نكونهم تكوينا بيداغوجيا و معرفيا تاما يلائم مجال عملهم حتى يتمكنوا من تربية و تعليم الناشئة تعليما قيما فيتخرج على أيديهم طلبة على جانب كبير من التربية و المعرفة التي يتطلبها العصر و التي تنافس الدول التي تعتبر نفسها رائدة في مجال العلم و أكثر تحضرا من غيرها ، فالإنسان العربي معروف بذكائه منذ القدم و التاريخ يشهد بذلك ، فعلماؤنا قديما أبهروا العالم بعلومهم في كل المجالات ( الفقه ، الشعر ، النثر ، الفلسفة ، الرياضيات ، الكمياء ، الهندسة ، الطب ، الفلك ....) و قد استفادت أمم أخرى من علوم العرب و طورتها و شجعت البحوث و البعثات و سارت في الاتجاه الصحيح في حين تخلى العرب عن ريادتهم و انشغلوا بالتوافه من الأمور و أصبحوا يتذيلون الأمم بعد أن كانوا يترأسونها .
ألم يان لنا أن نستيقظ من سباتنا العميق و من لهونا و انشغالنا بالتفاهة و تهزنا الغيرة على ديننا و عروبتنا و أوطاننا فنضع لأنفسنا أهدافا مضمونا نجاحها و نضحي بالغالي و النفيس من أجل تحقيقها حتى إذا وافتنا المنية نفارق هذه الدنيا و نحن مطمئنون على أبنائنا و حفدتنا بل على خلفنا عموما ، أما إذا استمر الوضع على ما هو عليه فلا نراه إلا سائرا نحو الهاوية و لن يذكرنا التاريخ و لا الأجيال الآتية إلا باللعنات فلا نحن رغذنا في دنيانا و لا نحن ربحنا أخرانا ، فلا حول و لا قوة إلا بالله .

◼لحظة تيه◼

****    لحظة  تيه    ****

   "  يا من صورت لي الدنيا كقصيدة شعر "

وأنا أستمع إلى هذا المقطع من قصيدة " رسالة من تحت الماء " بصوت العندليب الراحل و هي طبعا من أشعار فقيد الشعر السيد نزار قباني ، استوقفتني تلك الصورة الشعرية و انتابني شعور غريب لم أشعر به من قبل إذ كنت أستمع إليها و إلى غيرها من روائع الزمن الجميل منذ نعومة أظافري ، غير أن للاستماع اليها هذه المرة شعورا و تذوقا غريبين و كان هذا المقطع بعينه هو من أيقظ كل تلك الأحاسيس و استفز أفكاري كأنني أسمعها للمرة الأولى ، و هكذا رحت أتأمل أحوال الدنيا و تقلباتها فلم أجدها حقا إلا كقصيدة شعر ،
عنوانها الفناء و الزوال
بحرها و تفعيلاتها العصور و الحقب
أبياتها الأحداث و الوقائع
قافيتها الأحلام و الأوهام
إيقاعها الرتابة و الملل
بلاغتها الغرور و الخيال
أسلوبها التناقض و الاختلاف بين الخير و الشر ، الحب و الكره ، الأمل و اليأس ، النجاح و الفشل ،..........
تريثت و كأنني أرجع بنفسي من هذا التيه ، و تساءلت في قرارة نفسي ، أكل هذه الدنيا من الأزل الى الزوال هي حقا كقصيدة شعر ؟ و بسرعة جاء الرد من نواة أفكاري كحمم بركانية تتلمس طريقها نحو الفوهة لتنفجر و تثور ، نعم هي كذلك لمن تعمق في معانيها و استجلى أسرارها و فطن الى غاياتها ، و لعل بقاء و تداول القصائد بعد أصحابها لدليل قاطع يدعم رأي نزار قباني الذي رحل هو الآخر و بقي الأثر شاهدا . هدأت من روعي قليلا و تنفست الصعداء و قلت :
      أوافقك الرأي أيها الشاعر المكلوم
              فالدنيا شعر منظوم
              و الرحيل عنها محتوم
              و لا شيء فيها يدوم

         خواطر و تأملات : زايد وهنا

🔻سفاهة المشيب🔺

********    سفاهة المشيب    *********

    وكم جاهل مغرور طال نهيقه
                       ينشد سرج الجواد وهو بغل
    يعتد زهوا بغباء غير مدرك
                      أن لا فرق  بينهما سوى الذيل
    ذمامة خلقة و سوء خلق
                       خنزير نتن الريح عافه القمل
     تلفع بكل الرذائل معتزا بها
                      و ما درى أنه عند الكرام نذل
    مثل ذي الخساسة لم تر عيني
                      ولا تمنت أن يجمعها به شمل
    يداريه الرعاع نفاقا و تكلفا
                       و دون جهالته لا يوجد جهل
    لولا تملقهم ما كان له شأن
                       و أي شأن لمن سفه له الفعل
    يخال الوحش الرتب تشريفا
                      و الرتب يزينها الادب والعقل
    وجمال الفتى في سمو شيمه
                       فإن فقدت فهو للبهائم نسل
     لا خوف يراودنا و لا عجز
                      لكن اتقاء السفاهة هو الحل
    و السكوت عن الحقارة شرف
                      يرفع صاحبه و يدنيه القول
     هي الأنعام ترتع كلأ و تلهو
                      ولله في خلقها حكمة وعدل
    فإن شبعت تبنا زاد تنطعها
                       فما ظنك بمن كان علفه بقل
    دع اللئيم مطويا على مذمته
                      فلو عرف قدرنا ما تفوه قبل
     ما ضرنا ولنا عند غيره حرمة
                      نعم الكرام عرفنا ونعم الأهل
    عوضونا عن خسة اللئام حبا
                      و وفاء قل نظيرهما و المثل
         
               #    شعر الأستاذ زايد وهنا   #

🔷بين اليأس و الأمل🔷

*******  بين اليأس و الأمل  *******

       خرجت كعادتي كل يوم أحد ، أبتغي الترويح عن النفس من تعب الأسبوع ، قصدت حديقة عمومية، و اخترت مكانا ليس به من الناس غير شاب كان جالسا لوحده على أريكة من إسمنت و حديد و بجانبه جريدة ، و قد وضع رأسه بين يديه و مرفقيه على ركبتيه و كأنه يفكر في أمر ذي بال ، بادرته بالتحية ، فردها دون أن يرفع رأسه و لسان حاله يقول لا تقلق وحدتي ، جلست في الطرف الآخر من الأريكة ، و بدأت أسترق النظر إلى الجريدة الموضوعة بيننا ، أحاول أن أقرأ عناوينها البارزة ، فلما لمس مني هذا التطفل ، دفع إلي بالجريدة و هو يقول و الأسى يعتصره :

  《 خذها فقد انتهيت من قراءتها ، و لا شيء يغري فيها غير الحوادث و الجرائم و الزيف و الكذب 》

تناولتها دون أن أنبس ببنت شفة ، و طفقت أتصفحها عساني أجد موضوعا مفيدا ، فلم أجد غير ما قاله هذا الشاب ، مجرد حوادث ، أخطرها غرق قارب صغير كان على متنه مجموعة من الشباب كانوا يأملون العبور الى حيث الحقوق و الرفه و السعادة في نظرهم ، و لكن للأسف أصبحوا طعاما للحيتان ، و تقادف عباب البحر أحلامهم نحو شط العدم ... تأففت و وضعت الجريدة في مكانها بهدوء و قلت :

    《 صدقت يا هذا ما من شيء يفيد و يمتع غير      المآسي 》

شجعني تفاعله معي على جذب أطراف الحديث ، فبادرته بسؤال مستفز علي أظفر منه بجواب شاف :

    《  إذا كان الشباب يعيش في وطن غني بمعادنه و فلاحته وأسماكه وصناعته وتجارته وضرائبه ... الخ•••

      ♧    فلماذا  يدع كل هذه الخيرات   ♧
      ♧   و يركب أمواج البحر العاتيات   ♧
      ♧   و يترك خلفه أمهات مكلومات   ♧ ؟ 》

رمقني بنظرة كأنها سهم خارق و رد علي بكلام يحمل من البيان ما يدل على ثقافة و نباهة صاحبه قائلا  :

《  لأنه بكل بساطة في وطنه :

         مسلوب الارادة   ●●●   محروم القيادة
                         مملوك السيادة
         محصور الفكر    ●●●   مقموع النظر 
                         مغلوب الأمر
         مفقود الإعانة    ●●●   موضوع الإهانة
                        مقصود الإدانة
         معدوم العمل    ●●●   مقطوع الأمل
                        موصود السبل
         مغمور النجاح   ●●●   مكسور الجناح
                       منزوف الجراح

 لذلك يرى أن :

    ■   أنياب القرش خير له من ذل العيش
    ■   أو حبل الشنق خير من معاملة الرق
    ■   أو سم الفئران خير من عيش الهوان
    ■   أو نار دليون خير من ظلم السجون    》

لم أطق صبرا فقلت :

  《  ألهذه الدرجة وصل به اليأس و التدمر ، فيضع حدا لحياته بهذه الطرق المؤلمة 》

اعتدل في جلسته و أخرج زفيرا حارا وقال :

       ♢   الانتحار حل لمن  ليس له اعتبار   
       ♢   في بلد ثرواته  لا تعدها الأسطار   
       ♢   معادن تستنزف  لا تعلمها الأنظار 
       ♢   أسماك  تستنفذ  من أعالي البحار 
       ♢   ضيعات فلاحية لا تحدها الأبصار 
       ♢   تخرج  ضروبا و أصنافا من الثمار 
       ♢   حازتها عصابة ممن يسمون الكبار
       ♢   فماذا تبقى لنا نحن معاشر الصغار
       ♢   غير الإملاق و التهميش والاحتقار
       ♢   و  قفة لا تغني جوعا عند الإفطار
       ♢   تعليم فاشل لم يحقق أدنى ابتكار
       ♢   مناهج  و برامج عقيمة كلها أعثار
       ♢   تخرج  أفواج العاطلين بلا  اقتدار
       ♢   تطبيب عاجز  بين موت واحتضار
       ♢   يقصده الفقراء قهرا عند الاضطرار
       ♢   أما الغني فله البديل خارج الأقطار

       ♢   ألا يغنيك هذا كله عن الاستفسار   ؟ 》

 طأطأت رأسي قليلا ، و قلت في نفسي لعل هذا ما كان يفكر فيه قبل و بعد مجيئي بقليل ،  رفعت رأسي فإذا به ينظر صوبي و يترقب جوابي ، ثم انطلقت كالطبيب المختص في علم النفس ، أرد إليه بعضا من التفاؤل - إن بقي في نفسه موضع حبة خرذل من الأمل - فقلت :

  《 ♡  لا ثم لا لليأس و القنوط والاستسلام
       ♡  وليكن يقينك كبيرا في الخالق العلام
       ♡  قد ينبثق الفجر و يمحو لسان الظلام
       ♡  اسمع و  ع  ما أقول بالكمال و التمام
       ♡  إذا كنت ذا همة قوية و مبدإ و التزام
       ♡  تسلح بالعلم والوعي وحارب الأوهام
       ♡  اسم المفعول في أقوالك  دليل انهزام
       ♡  أبدله باسم الفاعل تدرك غايات المرام

  إن فعلت صدقا ستصبح :

         حاكم الإرادة   ●●●   ماسك القيادة
                       مالك السيادة
         رائد الفكر       ●●●   ثاقب النظر
                       جالب الخير
          ناصر الإعانة  ●●●   رافض الإهانة
                       كاره الإدانة
          نافذ الأعمال  ●●●   باعث الآمال
                       فاتح الأقفال
          صانع النجاح  ●●●   داعم الصلاح
                       ضامد الجراح                       》

ابتسم ابتسامة تحمل ما تحمل من معاني التردد و السخرية مني و من القدر الذي ساقني إليه ، و حاصرني بسؤال مر مرارة الحنظل :

   《  متى يتحقق ذلك ، أيها المتفائل ؟ 》

أجبت على عجل :

《 ○  لا تستعجل فلا شيء على حال يدوم
     ○ ولكل الأحوال مهما طالت أجل محتوم
     ○  اعتبر ممن سبقوك كان لهم أثر معلوم
     ○  منهم المحمودة سيره و منهم المذموم
     ○  تساوى تحت التراب غنيهم والمعدوم
     ○  ما تخلد الذكر إلا لصاحب أدب وعلوم   》

 حينها لاحظت بعض الانفراج الباهت واضحا على أسارير وجهه ، و شبه ابتسامة غائرة تلوح بين شفتيه الجافتين ، و بينما نحن كذلك إذ انتصب صاحبنا واقفا وهو يتمتم بكلام غير مسموع ، و أخرج من جيبه مادة ملفوفة في ورق  نثر غبارها في الجو ، و غادر المكان مودعا بيده من الخلف ، تعجبت من تصرفه هذا ، و لم أتجرأ على سؤاله لمعرفة ما نثر خصوصا و قد ابتعد ، و لكن قرأت في عينيه أنها مسحوق مخذر أو مادة سامة كان ينوي الانتحار بها لولا أن ساقني القدر إليه لأقنعه بالتمسك بالحياة و زرع الأمل وشحذ العزيمة و استنهاض الهمة في انتظار الفرج ....

             الكاتب الأستاذ. :  زايد وهنا

🔴هذا و ذاك🔴

** هذا **       و       **  ذاك  **


       هذا        سفيه يحمل على الأكتاف
       ذاك        فقيه ينشد الكفاف

       هذا       جاهل يوشح إكليلا   
       ذاك       عاقل ينآى ذليلا

       هذا        فاسد لئيم مصان         
       ذاك        مصلح كريم مهان

       هذا       نصاب دجال مقرب               
       ذاك       عالم مثقف معذب
   
       هذا       غراب ناعق محبور
       ذاك       فنان حادق مقبور

       هذا       لص مارق محترم
       ذاك       مخلص أمين مذم

                        عجيب !

        لماذا هذا الطالح مطفش ؟
        لماذا ذاك الصالح مهمش ؟

          لأن هذا يسبح مع التيار !
          لأن ذاك يسبح ضد التيار !

                     سبحان الله !

          لم لا تضعوا ذاك مكان هذا ؟

                      أوف !!!

            لأن ذاك لا يريد أن يكون كهذا

                     عظيم !

            و لم لا يكون هذا كذاك ؟

             لايمكن ذلك يا ذاك

                   الحمد لله !

        أنني ذاك و لست هذا يا هذا ....!!!!!!

🔶ما الفرق ؟🔶

** ما الفرق بيننا و بين البهائم العجماء ؟؟؟**

       إذا كان هذا الكائن المسمى انسان ، المخلوق في أحسن صورة ، المكرم المفضل و المميز على جميع المخلوقات بالعقل و النطق ، فكيف يشكر الخالق ؟ و كيف يسخر هذه النعم الجليلة  ؟
       إن لم يسخر عقله في التمييز بين الحق و الباطل فينصر الأول و يدحض الثاني ، و إن لم يوفق في التمييز بين الصالح و الطالح فيدعو إلى الإصلاح و يحارب الإفساد ، و إن لم يلهم للتمييز بين العلم و الجهل فيسعى إلى طلب العلم و نشره وقتل الجهل و وأده ، فما فائدة ميزة العقل عنده ؟
إن لم يسخر نطقه و حديثه كذلك في جهر الحق و الدعوة إلى السبيل الأقوم بإرشاد الضال و إسداء النصح و تعليم الجاهل و نصرة المظلوم و قول المعروف و نبذ السفاهة و التفاهة ، أليس نباح الكلاب و نهيق الحمير أولى للسمع و أقل خدشا للحياء  من الكلام الساقط النابي الذي يتفوه به بعض السفلة...؟
إن لم يسخر الإنسان هذه الميزات و الصفات التي أنعم الله بها عليه  في الجانب النافع الصالح ، فلا أظن أن هناك فرق بينه و بين البهائم ، بل هو أدنى منها كرامة لأن البهائم لا تضر و لا تفسد البلاد و العباد على عكس السفيه الجاهل الذي هو أشد ضررا و فسادا على نفسه و أسرته و مجتمعه .

         خواطر و تأملات للأستاذ زايد وهنا

🌏رثاء علال🌏

###  رثاء علال  ###

  لم ترحل وحدك فقد رحلت
                  جلسات الأنس معك رحيلا
  ناحت الأوتار لفقدك  فصارت
                 نبراتها حزنا تنوح مواويلا
  أن الكمان أنينا له اندرفت
                 دموع الخلان سيلا طويلا
  ما الفكاهة لحظها قد نذبت
                 وأضحت بدون علال عويلا
بين الأسر و القبر عهدا قطعت
                 مناك السمر تنسى غما ثقيلا
  تكابد الداء العضال ما دريت
                 انه حتفك الذي أرداك قتيلا
  كضرس أزيل على حين غرة
                 ما ذي الكلابة لا تمهل تمهيلا
  فلا نديم يدوم و لا مسرات
                 و للموت أجل لا يبدل تبديلا
  لنا موعد مع الحتف نصيبه
                 يستعجلنا أو يؤجل تأجيلا
  لمثواك أقام الناس جنازة
                 فما أطقت لتشييعك سبيلا
  وقفت على قبرك إذ انفضت
                 جموعهم أرتل الذكر ترتيلا
  فيا ليت شعري يعزيني علالا
                 وكيف ينسى القلب برا خليلا

             شعر الأستاذ  :  زايد وهنا
قصيدة في رثاء أحد جلسائنا المرحوم بنعبو علال

🌐ما أسعد دنياك حين ترى الجميع سعداء🌐

**  ما أسعد دنياك حين ترى الجميع سعداء **

عجبا لمن يرغد و يرفه في العيش و يستسيغ
 اللقمة هنيئا مريئا غير مبال بما يعانيه أبناء جلدته و عشيرته الذين يتضورون جوعا و يرتجفون بردا و يتألمون مرضا ، و قد قست عليهم صروف الزمان و نوائبه حتى أضحوا يرون الحصول على فضلات الأغنياء شبعا و ريا بالنسبة لهم ، و يتمنون لو ألقيت تلك الفضلات في أفواههم بدل القمامة ، ألم يان للميسورين أن تجف اللقمة في أفواههم و تغيب البسمة عن محياهم و تتقلب جنوبهم في المضاجع و هم يرون معاناة هؤلاء .
استيقظوا من سباتكم وانظروا بعين الرحمة و المواساة و امسحوا دموع اليتامى و الأرامل و ذوي الحاجات ، أقلها أجزلوا العطاء للأجراء الذين يعملون في ضيعاتكم و يتعبون من أجل نماء مشاريعكم ، فما أرباحكم إلا من عرق جباههم ، و اعلموا أن الدنيا مآلها الزوال و الفناء ، و لو كانت تدوم على حال لدامت لمن عاشوها قبلكم ، كانوا أكثر منكم غنى و أشد منكم بأسا ، فما الفخر إلا بالأخلاق و العلم و ما سوى ذلك فهو متقلب يناله الجاهل و السفيه و الغبي على حد سواء ، فطوبى لمن ترك بعده أثرا حسنا بفضائله و علمه ، فهؤلاء هم الصفوة الذين يخلد ذكرهم في الصالحات بين الناس ، و يبقى علمهم النافع صدقة جارية إلى يوم القيامة ، أما المغفلون فلا يهمهم من الدنيا إلا ملء البطون و التفاخر بالماديات و التهافت على الملذات ، و ذاك لعمري حال البهائم العجماء .

🎆نخيلة و الشاعر🎆

***  نخيلة و الشاعر. ***
نخيلة لا تلومي الفؤاد في هواك
                    فسلطان الهوى مطاع فيما يأمر
رفقا بقلب مرهف الحس ولهان
                    تثخنه تباريح العشق فينفطر
أصابته سنان اللحظ بأشفارها
                    فتسربل دم النوى منه ينهمر
رمته بسهام كأنها أتلام نول
                    و كيف يصد الصب أشطانا تزأر
عجبا لغمر يمتطي صهوة الهوى
                    أنى ينجو من غير مراس و ينصر
كم مغوار ولى الأدبار عن مرماها
                    و اتقى رموشا كالشرارة تستعر
في روضها ورد عسجدي يتورد
                    و في نسائمها شذى الود ينتشر
زانها سواد النعمان بهاء و طيبا
                    كأنه قيصر روم بمتراسه يفخر
يحرس الثغر من قرصان الرضاب
                    متى اقترب منها ظمآن يندحر
كأنها زمارد رصتها يد صواغ
                    في مبسم قرمزي تطل و تستتر
زادها شهد الرحيق الغر بريقا
                    يتلألأ مداما على شفتيها فيسكر
لرباها الغض بنى الفراعنة أسوارا
                    تحميها من شر كل رقيب يبصر
بها نافورتان من زبرجد و مرمر
                    متى دانت من كمها الأيدي تبتر
ما حظ من غزا الشيب مفرقه
                    غير وهم في رمال الشط يندثر
يرقب بزوغ الهلال ترقب هام
                    يمني النفس بالوصال و ينتظر
ليس في العشق ملام لذي شعر
                    يرى فيها ما لا يراه ناسك يعتمر
لا يروم الفؤاد من نخيلة رطبا
                    فالفل في عوده لا في اليد يزهر
ليس كل ذي ريح عود عطر
                    و ليس كل ذي ورق زهر يسحر
فللحنظل زهر و تعافه الأنفس
                    و طيب القرنفل دون لون يبهر
انتقيت من الشعر ذررا فألفيت
                    كل محسنات البديع عنها تقصر
فلو أن شويعرا استطرد تكلفا
                    ما جنى من نخيلة قدرا يعتبر
لله در قلب أضنته لواعجها
                    إذ كلما صدت عنه خر يحتضر
عذرا نخيلة استفزني الغنج
                    وتاق وجداني فما عاد يصطبر
اذا تفرد صانع حسنك بالغفران
                    فذنبي في عشق المليح يغتفر

***🔵 خيرا فعلوا. 🔵***

###  خيرا فعلوا  ###
        الآن تأكدت بما لا يدع مجالا للشك أنني كنت مخطئا و مذنبا في حق بعض الأباء الذين كثيرا ما كنت ألومهم و أسخر منهم لا لشيء و إنما لعدم تركهم أبنائهم يتابعون دراستهم ، و كنت أعتبر إقدامهم على هذا الفعل جريمة نكراء في حق أبنائهم إذ يحرمونهم من أفضل نعمة ألا و هي العلم و الثقافة ، فهؤلاء الأباء يكتفون من أبنائهم بمستوى السادس ابتدائي و في أحسن الأحوال قد يصلون إلى مستوى التاسعة إعدادي و الى هذا الحد تنتهي مسيرتهم الدراسية لأنهم في نظر أبائهم قد حصلوا على القدر المطلوب و الحد الأدنى من القراءة و الكتابة و الحساب ، ليتفرغوا بعد ذلك الى مساعدة الأباء في نشاطات أخرى هي أكثر قيمة و أوفر ربحا في نظر الأباء كالتجارة أو مهن حرة مدرة للربح السريع .
       فهذا الابن المنقطع عن الدراسة يتعاطى للتجارة و سنه لم يتجاوز الخامسة عشر ، و بعدها بعشر سنوات تجده قد نمى تجارته و أرصدة مالية كبيرة يروجها ، فإذا به يمتلك منزلا فخما يسكنه فضلا عن مشاريع أخرى ،  هذا و هو لم يبلغ بعد الثلاثين ، في حين أن زميله الذي تابع دراسته لا يحصل على الإجازة إلا في سن الرابعة و العشرين هذا إن كان من النجباء المثابرين ، فتجده في هذا السن يبحث عن وظيفة متنقلا بين المدن لاجتياز مباريات التوظيف ، يقضي في ذلك ثلاث أو أربع سنوات ، فإن وافقه الحظ و حصل على وظيفة بالتعاقد طبعا سيقضي ما تبقى من عمره ينتظر آخر الشهر ليوزع راتبه الهزيل بين الكراء و المأكل و الملبس و التطبيب و الهاتف و الماء و الكهرباء و غيرها من متطلبات الحياة التي لا تنتهي ، و فوق هذا و ذاك  يخصص جزء منه يرسله كل شهر إلى أسرته التي تراهن عليه في عيشها ، و هكذا دواليك يقضي النصف الأخير من الشهر في الضنك و الهم و الغم و همه الوحيد هو انتظار تلك القطرة كفرخ في عش ، و كثيرا ما يدفعه ضيق اليد الى الاقتراض ، و الغريب في الأمر أنه بعلمه و شهاداته و ثقافته الواسعة يقف منكسر الجانب محطم القلب أمام ذلك الشاب التاجر الذي كان زميلا له في المدرسة و غادرها للتجارة ، ليقرضه مالا أو سلعة ، و هو في الحقيقة موقف مخجل تنحط فيه المعنويات حتى الحضيض و لا يعرف أثر هذا الموقف على النفس إلا من عايشه و عاينه.
        لهذا أقول أنه في وقتنا الراهن حيث الموظف في محنة و خصوصا رجل التعليم لأن هذا الأخير تشترط عليه شروط لا تخص الوظائف الأخرى كالقدوة في النظافة في الملبس في الحلاقة في كل شيء ،فهو يقوم بمهمة التدريس و الحراسة و التصحيح ، فتجتمع عليه الضغوطات من كل حدب و صوب .
       لهذه الأسباب و غيرها كثير لا يسعني إلا أن أعتذر من أولئك الأباء الذين كنت ألومهم ، فقد اتضح لي أنهم على حق حينما انتشلوا أبناءهم من الدراسة و وجهوهم نحو مهن حرة ذات دخل مريح ، فهم بذلك قد ربحوا سنوات عديدة قضاها زملاؤهم في طلب العلم وهم الآن لا يحملون هم الحياة و متطلباتها ، فما يكسبه الموظف في شهر كامل قد يكسبه أحدهم في يومين أو ثلاث .
       يتساءل الموظف ذو الشهادات ماذا حقق بعلمه و ثقافته غير النكد و النصب و التفكير في سد ثغرات الحياة و أنى لها أن تسد بذلك الراتب الهزيل ، هذا ناهيك إن لم يكن قد اضطر الى الاقتراض من الأبناك و هو ما يزيد الطين بلة .
         لو أنصف الموظف عموما و رجل التعليم خصوصا فيتقاضى راتبا مشرفا يكفيه لجميع مستلزمات الحياة بل و يبقى ما يذخره للأوقات العصيبة ، ليعيش مرفوع الرأس مبجلا بعلمه و ثقافته مقبلا على عمله بكل إخلاص و تفان من غير مشكل يكدر صفو حياته ، كما هو الشأن عند الشعوب التي تحترم و ترفع من مكانة علمائها و معلميها و تجعل لهم أجورا تغنيهم عن الاحتياج و لكن للأسف .
         إذن عذرا أيها الأباء لقد أسأت في حقكم حين أسأت الفهم ، فأنتم الأذكياء النبهاء و أنا المغفل المخدوع .

🔲مفتاح العقل أولى من مفتاح القفل🔲

***  مفتاح العقل أولى من مفتاح القفل  ***

قرأت فيما يقرأ المغفل المخدوع قول أحدهم أن مفتاح أقفال الأبواب الموصدة بيد أحد زعماء الأحزاب ، متى تسلمه هذا البطل المنقذ إلا و حلت المشاكل و فكت العقد ، و الغريب أن بعض الحمقى يرددون هذا القول و كأنه الترياق الأنجع ، و هو ما يؤكد و يقطع الشك باليقين أن هؤلاء أشد غباء إلى درجة الحمق ، أو أن اليأس و الضمور بلغ بهم مبلغا فضيعا فيعلقون الأمل على أي قول صدر من أي جهة معينة لعله يكون ضوء الفجر الذي يبزغ بعد ظلمة ليل أرخت سدولها و طال زمانها ، حتى أمسى الكثير يظن أنها لن تنجلي أبدا ، و لو تريثوا قليلا و استعملوا عقولهم بدل بطونهم و استحضروا آليات التحليل الدقيقة لعلموا أن ما قيل و ما يقال عن هذا القول و غيره من الأقوال ينبغي أن تحلل تحليلا منطقيا بعيدا عن التعاطف و المجاملات بعين الواقع و مستجداته ، و لا بأس من تنبيه كل متمشدق إلى أمور هو يجهلها أو يعرفها و يتغاضى عنها في سبيل إرضاء نزواته و إشباع بطنه .
أولا  :  لا يمكن لمفتاح واحد أن يفتح جميع الأقفال ، علما بأن الأقفال قد طالها الصدأ ،
ثانيا  :  بأي قفل سيبدأ مالك المفتاح و قد تعددت الأقفال و اختلفت أنواعها و طرق تصنيعها ، و استشرى الفساد فيها و تغلغل حتى أضحى أمرا طبيعيا عاديا .
ثالثا  :  لعل أكثر الأقفال أهمية ، هو قفل التربية و التعليم باعتباره الركيزة الأساس لبناء مجتمع متحضر ، فكيف يستطيع مالك المفتاح أن يفتحه في غياب مخططات استراتيجية و نية صادقة للإصلاح بعيدا عن كل الإملاءات الدخيلة .
رابعا  :  هل في مقدوري مالك المفتاح أن ينصر العدل و يرفع الظلم عن المقهورين بما يضمن الكرامة و الأمن .
خامسا  :  إن قفل الصحة و التطبيب قد تآكل و تعفن و فاحت ريحه النتنة ، فكيف سيفتح هذا القفل من غير إرادة و عزيمة و تظافر للجهود ، لتطمئن الجنوب في المضاجع و تعود البسمة تعلو الوجوه .
سادسا  :  هل يستطيع مالك المفتاح أن يقف في وجه الإعلام التافه ، الذي أصبح يستغفل الناس و يستحمرهم بالرفع من شأن السفهاء و سفاهتهم و بتشجيع التفاهات و التشهير بأصحابها و كأنهم أبطالا ، و لا يلتفت البتة لكل مجد غيور حتى أقبرت الطاقات الجادة النافعة و طفا الغثاء و التفاهة .
سابعا :
 ثامنا :
تاسعا :
....المئة :
لا يمكن التحدث عن الأقفال جميعها لأنها كثيرة جدا و لا يسعها المقال مهما كثرت صفحاته و اتسعت ، إذ كيف يتم البناء تمامه إذا كانت فئة قليلة تبني و السواد الأعظم يهدم .
ختاما ينبغي أن نمني النفس بالحلول المنطقية ، و نعقد العزم و الهمة للنهوض ببلدنا نحو الطليعة بمفاتيح فعالة تتنوع بتنوع الأقفال ، و نغلب المصلحة العامة على المصالح الشخصية و نعرف بأن القناعة مجلبة للسعادة و نعلم علم اليقين أن عمرنا في هذه الحياة قصير جدا و أننا سنحاسب على كل كبيرة و صغيرة ، فلنتجرد من الأنانية العمياء الجهلاء و نغير سلوكنا نحو ما ينفع البلاد و العباد ، و لعمري فذاك هو المفتاح الحقيقي وتلك هي الوطنية الصادقة ....

💠سأذكر قومي💠

*****   سأذكر قومي   *****

سأذكر قومي ما دمت حيا بينهم
         وليس من مثالب الأوفياء التنكر
سأذكر قومي بكل ما هم أهل له
         و مثلهم في تظافر المكارم نادر
سأذكر قومي في حسن ضيافتهم
         و صفة الكرم عند غيرهم  تفتقر
سأذكر قومي في رقة تعاطفهم
         و في التضحية ليس بينهم مدبر
سأذكر قومي في أنفة كبريائهم
       و سواهم بالرذيلة والفحشاء يفخر
سأذكر قومي في موقف جنائزهم
       و ليس لهم صدقا في مثلها نظير
سأذكر قومي في نبالة شمائلهم
       وإن قلت ففي الغير الدنس كثير
   سأذكر قومي اذا هام الوجد لهم
       و حنينهم في القلب له نار تسعر
سأذكر قومي ما ساد أخيارهم
          والبر بالبر أولاهما للسبق جدير
سأذكر قومي ما اطمأن مضجعهم
          والامن أمان لديهم نعماء تعتبر
سأذكر قومي ما استحيا صغيرهم
          والحياء في الاخرين بات يهجر
سأذكر قومي في سير رجالاتهم
        سواء من قضى نحبه ومن ينتظر

شعر : زايد وهنا

🔘الإنسان إنسان🔘

*********   الانسان انسان   *********

لم أكن ،  فكنت ،  و لن أكون !
لم تكن ،  فكنت ،  و لن تكون !
و بين الكينونة و الفناء نبضة حياة !!!
فلماذا أحياها أنا متألما ، و تحياها أنت متنعما ؟

 كيف  تكون أنت متعلما و أكون أنا جاهلا
 كيف تكون أنت محترفا وأكون أنا عاطلا
 كيف تكون  أنت سليما و  أكون أنا عليلا
 كيف تكون أنت متحررا و أكون أنا مكبلا
 كيف تكون أنت  مكرما  و أكون أنا  ذليلا

أليست  جيناتنا  البشرية  من طينة  آدم  و حواء
أليست الديانات والشرائع من رب الأرض والسماء
أليست  الأرض لنا جميعا  نتبوأ  فيها حيث  نشاء
أليست  الانسانية قاسم مشترك  بين الناس سواء
أليست  الديمقراطية نفسهاواحدة في كل الأرجاء
أليست  الحقوق و الواجبات عينها في كل الأنحاء

عجبا ،  عيشك  رغد و ترف و أنت الممول
           وعيشي ضنك ونصب وأنا الممول
عجبا ،  تتلذذ بأشهى سمك وليس لك بحر
           وأشتهيه أنا صاحب بحرين لا بحر
عجبا ،  تتزين  بالحلي و ليس لك  معادنها
           وأفتقدها و تحت قدمي  مناجمها
عجبا ،  تتناول فواكها سواعدك  لم تزرعها
           و أحرم منها و سواعدي قد جنتها
عجبا ،  تعلمت و تحضرت و صرت متملكا
          ومجنت أنا الخب وصرت مستهلكا

لا تنظر إلي ساخرا  محتقرا
فلست أدنى منك لبا و قدرا
وجودي هنا كان حظا عاثرا
و وجودك هناك كان اختبارا
فاغنم من حلوالسعادة دهرا
فما تدري قد يكون الغذ مرا

                الأستاذ زايد وهنا

⭕الحياة الثقافية ببوذنيب⭕

الحياة الثقافية ببوذنيب
يتساءل الكثير من المتتبعين للشأن الثقافي ببوذنيب عن سبب الفتور و الركود الذي عرفه هذا المجال في السنوات الأخيرة بعد أن كان يضرب به المثل إقليميا و جهويا في بعث الاشعاع العلمي و الأدبي و الفني مما بوأه المرتبة الأولى إقليميا كما و كيفا ، بشهادة الجميع و التي أكدتها إحصائيات 2011  ، و يعود الفضل في ذلك إلى بعض الجمعيات المحلية تأتي في مقدمتها جمعية الواحة ، جمعية أصدقاء الأرض و جمعية الشعلة ، هذه الجمعيات التي تأسست في العقد الأخير من القرن المنصرم و التي قدمت الكثير من الأنشطة الهادفة انعكس أثرها إيجابيا على الساكنة و خصوصا فئة الشباب و البراعم الناشئة ، و لا أحد ينكر الدور التوعوي الذي نشرته جمعية الواحة من خلال محاضرات و ندوات و عروض علمية و أدبية و فنية ، بل امتد إشعاعها و فاح طيب مسكها في ملتقى بوذنيب للإبداع هذا الملتقى الهادف الذي استهوى الناس جميعا و شاركت فيه شخصيات لها وزنها الفكري محليا و إقليميا و جهويا و وطنيا ، و بلغ إشعاعه خارج الحدود و لكن للأسف وئد بعد ثلاث نسخ لأسباب مادية ، و ما قيل عنه ينطبق تماما على مهرجان أولاد علي الذي ترك صدى تردده الجبال و النخيل و الذي كان له الأثر الكبير في جمع الشمل و توحيد الكلمة بفضل جهود ساكنته.
فإلى متى ستستمر هذه القطيعة مع الأنشطة الثقافية ؟ و أي برامج تسطرها الجمعيات للنهوض بالمجال الثقافي ؟ إذ لا يليق بمن سما نجمه وبلغ من الشهرة شأوا  أن يخبو و كأنه لم يكن يوما ؟؟؟؟؟

🔺عقول ما وراء المنطق🔺

*******   عقول ما وراء المنطق  *******

  ما أقصه عليكم ليس من وحي الخيال و إنما هو الواقع المر و المحزن ، و الذي يدل دلالة قاطعة أن بعض المخلوقات تشبه البشر و ما لها و ما فيها من صفات البشر و الانسانية قدر حبة خرذل ، و قد تشاطرونني الرأي عندما تقرؤون هذه السطور التي أكتبها و الألم يعتصرني ، ذلك أن  ( رجلا ) بل حيوانا و هنا ألتمس العذر من الحيوانات لأنها لا تأتي مثل هذه السفاهات ،  طلب من بائع الدجاج أن يناوله دجاجة و تكون ( خاشقجي )  أي مقددة إلى أجزاء صغيرة ، قال ذلك و هو يضحك و يسخر ،  فتعجبت لهذا الطلب الغريب  الذي جعل مأساة صحافي أحزنت الناس في مشارق الأرض و مغاربها أضحوكة و استخفافا و هزؤا عند مثل هؤلاء البهائم ، يتشفون بها و يمزحون بذكرها ، عندئذ علمت علم اليقين سبب تخلفنا و انحطاطنا ، و الغريب في الأمر أنك لو رأيت هذا الكائن لوليت منه حياء ، كهل في الأربعين أو ما ينيف ، يرتدي ثيابا فاخرة ، تكسو ذقنه لحية سوداء ، يمشي الخيلاء مزهوا بجهله و عقم ضميره ، يفتح باب سيارته معتدا بسفاهته و يغلقه بعنف و ينطلق بسرعة تثير النقع ، و تسترعي الانتباه ، مما ينم عن جهل و سفاهة و حقارة ،
حينها نظرت من حولي و الأسى يمزق أوصالي و لم أجد قولا يشفي غليلي غير قول الشاعر :

وكم لحيةٍ طالت على ذقنِ جاهلٍ
                             وما تحتها إلا الغباوةُ والجهل
ُ وكم راكبٍ بغلاً له عقلُ بغلِهِ
                            تأمَّل ترى بغلاً على ظهره بغلُ

♨كيف تحكمون♨

####   كيف تحكمون.  ####

 لعل من الجهالة الجهلاء عند بعض الناس الذين ينصبون أنفسهم في مقام الوارعين الأتقياء و ينظرون بعين الازدراء و التحقير لمن يخالفهم الرأي و الموقف ، بل يمتد بهم جهلهم إلى التدخل في أمور غيبية تربط الخالق بخلقه و يعتبرون كل مخالف لهم كافرا ملحدا أو عاصيا جاحدا ، و يظهر ذلك جليا في تصرفاتهم المقيتة في بعض المواقف و هي تصرفات تشمئز منها النفس و تزيد من هوة النفور و البغض بين هؤلاء و أولئك ، فقد حكى لي أحدهم موقفا مماثلا عاينه بنفسه في أحد المتاجر و مما يؤكد صدق قوله شهادة صاحب المتجر نفسه الذي حكى نفس الشيء ، ذلك أن امرأة متلفعة بخمار و حجاب و قفازان لا يظهر منها شيء و هذا شأنها و هي حرة في نفسها ، وقفت عند التاجر تطلب بضاعة ، في نفس اللحظة وقف خلفها سائحان أجنبيان ، رجل و امرأة ، يرتديان لباسا خفيفا ، سراويل قصيرة و أقمصة من غير أكمام ، وقف الإثنان صامتان ينتظران دورهما في هدوء و احترام، ابتاعت المتحجبة أغراضها والتفتت خلفها فتنحى السائحان جانبا ليفسحا لها طريقا للخروج ، في تلك اللحظة نظرت المسلمة المتحجبة إلى السائحة و هي في ذلك اللباس الغير المحتشم ، فقالت بكلام مهموس سمعه الزبون الذي روى لنا هذا الموقف لأنه كان هو كذلك بباب المتجر ينتظر دوره ، قال : قالت بالحرف الواحد من غير زيادة و لا نقصان : " إخ ، تفو ، لعنة الله عليك ..."  قالت ذلك و هي تغادر المتجر و أردفت بكلام غير مفهوم ، تقدما السائحان بطلبهما من التاجر و هما يبتسمان في حين يقول الراوي أنني و التاجر ننظر الى بعضنا بعين الرعب و التعجب من مثل هذا الموقف الدنيء ، و طلب مني التاجر أن أتواصل معهما بدله لأنه لا يعرف شيئا عن اللغات الأجنبية ، و من خلال حديثي معهما تبين لي أنهما طبيبان جراحان مختصان في طب و جراحة العيون ، و أنهما في بعثة طبية لمساعدة ضعاف البصر من ساكنة القرى و الأرياف المجاورة للمدينة ، إلى هنا انتهى كلام الراوي ...
قلت في نفسي عجبا من تصرفات بعض الجهلة ، كيف سولت لها نفسها و هي المسلمة المتحجبة أن تلعن الناس لا لشيء و إنما للباسهم الغير الشرعي ، يا أختاه لا تتدخلي بين العبد و خالقه ، فمن يدريك أن هذا العبد العاصي قد يتوب يوما و يكون عند الله محبوبا و العكس صحيح بالنسبة لذلك الذي يرى نفسه أفضل الناس و هو ربما عند الله ممقوتا ، فتلك الأجنبية التي ازدريتيها لتبرجها ، هي بروفسورة جراحة ، أنقذت آلاف الناس من العمى ، و أحالت حياتهم إلى سعادة و نور بعدما كانت حزنا و ظلاما ، تقدم خدماتها الإنسانية بكل إخلاص و عطف و حسن معاملة و لا تهنأ بالا إلا إذا كللت عملياتها بالنجاح و ها هي اليوم تتطوع لمعالجة الناس الضعفاء بالقرى النائية ، ترى كيف سيكون موقفك لو اصطحبت أحد أفراد أسرتك يشكو ضعفا في بصره و صادفت هذه الطبيبة نفسها ، ربما حينها سيتبدل خطابك و تترجينها أن تنقذ الموقف...
و لو سألناك أنت عم قدمت لمجتمعك ، ستقولين ربة بيت ، ونحن لا نستهين بربة البيت فدورها كبير جدا و أساسي في الحياة إذا كانت صاحبته على جانب من العلم و الوعي بالمسؤولية، أما أنت أيتها الجاهلة فلو تتبعنا مسارك اليومي ما وجدنا فيه ما ينم عن فطنة و نباهة ، بيت متسخ ،   وطبيخ مقرف ، تربية أبناء ناقصة ، واجبات زوجية لا تجد السعادة إليها منفذا ، تحرمي ما أحل الله بجهلك و تكدرين عيش بعلك ، و رغم هذا و ذاك لا أحد يلعنك أو يزدريك ، و الحقيقة أنك على حق في تغطية جسمك كاملا ، لأنه لو تشبهت بالأجنبية أو انكشف جسدك ، لولى الرجال منك فرارا و لملئوا منك رعبا ...
  و كم خمارا تدلى على كومة لحم
               و ما تحته إلا القبح و الغباء و الجهل
  و كم دابة لو بدا منها ما تخفى
              لما عاد في الشعراء متيم و متغزل
أخيرا أود أن يترك أمر الخلق للخالق ، اختر لنفسك ما يرضي الله و ما يرضي الضمير و لا تماري في الناس إلا مراء حسنا ، فربما عاص اليوم يتوب غذا و ربما مطيع اليوم يرتد غذا ، إن هذه الأمور هي بين يدي الخالق يقلبها كيف شاء علمه و قدرته ، و الغلو في الأمور يفسدها و يخرجها عن طبيعتها ، و الوسطية و الاعتدال فيها يزينها ، فلا السافرة المتبرجة على حق ما دامت كذلك و لا المغالية المتحجرة على حق ما دامت كذلك ، و الأمر واضح في شرع الله سبحانه و تعالى و في سنة نبينا عليه أزكى الصلاة و السلام ، و أقوال العلماء المعتدلين وضحت كل شيء . و مهما يكن ينبغي أن يتحلى المسلم بحسن المعاملة و اللين و اليسر و العطف مع الناس جميعا فربما نوع المعاملة قد يقرب منك الناس و قد يبعدهم عنك ...