لحظات لا تنسى

                         لحظات لا تنسى 

         هي ساعات قليلة في الزمن و لكن أثرها عميق في نفوس ثلة من الأحبة قضوها في أحضان الطبيعة ، و لا أخفي أنني شعرت بسعادة غامرة مع هذه الوجوه

النيرة ذوي القلوب الوامقة و الأحاسيس الصادقة 

و الأذواق الرائقة  ، و قد تعمدنا اختيار المكان حتى يعانق الأنس الطبيعة و تتلاحق أنسام الربيع بأنغام الخرير و شدو الطيور ،  و يردد الشجر المنتصب من حولنا في شموخ روائع مجلسنا و بدائع طرائفنا .

نعم لا يمكن أن تستمتع بمثل هذه الأويقات الجميلة 

لولا وجود رجال من عيار ثقيل و معدن نفيس يتطوعون و يضحون بكل ما يبعث البهجة و الأنس

في قلوب الآخرين ، فلهؤلاء نكن كل التقدير و الإجلال

على ما يبذلونه في سبيل إسعاد أحبتهم ، و نسأل الله

جل في علاه أن يديم عليهم نعمه كاملة و يجعلهم 

نبراسا يقتدى بهم في نبل الأخلاق و حسن المعاشرة .

      

             

إبداع الجاهل

                     إبداع الجاهل 


          لا يمكن أن يمر يوم دون أن نسمع أو نرى شيئا غريبا ، شيئا غير مألوف ، يبتدعه بعض الجهلة من أناس عصرنا ، و لا أدل على ذلك ما نراه في كتابات هؤلاء المبتدعون من مثل وضع الحروف اللاتينية داخل كلمات عربية ، فقد كتب أحدهم كلمة ( غزة ) على هذا

النحو ( غzة ) و مثل هذا  رأيته في تدوينات كثيرة ،

هذا ناهيك عمن يكتب العربية بحروف لاتينية و هذه 

الظاهرة أصبحت شائعة في أوساط شبابنا و كهولنا ،

و المؤسف أن هذه الابداعات البلهاء بقدر ما تدل على جهل أصحابها ، فهي تسيء إلى اللغات كلها و خاصة اللغة العربية ، لغة القرآن ، فما المانع أن يكتب أيا كان ما يريد باللغة التي يريدها و يتقنها و بحروفها الأصلية المعروفة ، و دون أن يخلط بين حروف هذه و حروف تلك في كلمة واحدة ، و الحقيقة أن هذه الظاهرة لم يسبق لي أن رأيتها عند فرنسي أو إنجليزي ، فكلاهما يكتب بلغته و بحروفها المعروفة و لا يضع حرفا عربيا 

داخلها و لو كان يتقن العربية ، فما بال شبابنا نحن يبتكر في الاتجاه السلبي الذي يسيء إلى لغتنا ، حبذا

لو سخر طاقته و ذكاءه في الابتكارات العلمية بدل هذه

الهرطقات التي لا طائل من ورائها ، بل بالعكس تزيدنا

تخلفا و انحطاطا .

لعل هذا الاستهتار المقيت باللغات هو أحد أسباب تدني

المستوى التعليمي و الثقافي في أوساط الشباب ، لأن

فاقد الشيء يلتجئ إلى ابتكار طرق تساير جهله و عدم

تمكنه ، و يستتر خلفها ، بل  يظهر أنه يتعمد ذلك حتى لا يعرض نفسه للملامة و الانتقاد و السخرية ، و لكنه ينسى أن بخلطه ذاك قد أبان عن عجز و جهل يظنهما خافيان عن الناس ، و لكنهما باديان لدى عقلاء القوم . 


إلى أين يسير هذا العالم ؟

 إلى أين يسير هذا العالم ؟

 

                      توصلت من أحد الأصدقاء بفيديو عبر الواتساب

ليتني لم أطلع عليه ، فيديو مقزز يثير الغثيان ، مما دفعني لكتابة هذه السطور عسى أن توقظ في شبابنا شعلة الغيرة على قيمنا الإسلامية و خصوصياتنا ، فتتكون لديهم الحصانة لدرء كل ما يخالفها ، و المناعة لعدم الانسياق وراء الظواهر المنافية لديننا 

و هويتنا ، و رغم أن نشر هذا الفيديو مخجل إلا أنني ارتأيت أن أطلعكم عليه ، كدليل على ما وصلت إليه جاهلية عصرنا ، و لا أظنها إلا علامات الساعة .


            لا أدري إلى أين يسير هذا العالم ، و لا إلى أين سيصل بهذه الظواهر و المظاهر التي حادت عن جادة الصواب و زاغت عن سكة الفطرة التي فطرنا الله  عليها ، و دمرت الغرائز الإنسانية التي فضل بها الإنسان عن سائر المخلوقات من عقل و نطق 

و وجدان و ...،

فما نراه يوما بعد يوم يوحي أن إنسان هذا العصر عرف تقدما تكنولوجيا مبهرا ، و لكنه في المقابل عرف تخلفا و انحطاطا في القيم الإنسانية النبيلة ، إذ أضحى يتملص من فطرته التي خلق عليها ، و طفق يختلق لنفسه غرائز غريبة تتنافى مع الطبيعة الإنسانية ، و لا أدل على هذا مما نسمعه و نراه يوميا من ظواهر مخزية ، كزواج المثليين ، و زواج الإنسان بالحيوان ، و زواجه بالدمى ، والتحول الجنسي بإجراء عمليات عضوية ، و التشبه بالجنس الآخر من غير عمليات ، و كشف العورات من خلال ألبسة غريبة ، و حلاقة شعر تثير الغثيان ، و وسم الأجسام بأوشام مخلة بالحياء ، و وضع الأقراط و المساحيق على وجوه الرجال ، 

و التلفظ بالكلام النابي باستعمال مصطلحات غريبة دخيلة ، لا تمت إلى لغتنا و قيمنا و هويتنا بصلة ، و غير هذا مما يتنافى 

و الطبيعة الإنسانية و لا يقبله العقل السليم و لا الفطرة التي جبلنا عليها .

ففي نظري أصبحت الآية مقلوبة ، تردى الإنسان بنفسه إلى ما دون  الحيوانية ، بل أصبحت الحيوانات العجماء أعقل منه فهي تعيش على فطرتها و تحتفظ على غرائزها كما أودعها فيها الخالق ، و إذا شبهنا إنسان عصرنا بالحيوان فقد ظلمنا هذا الأخير ، لأن ما وصل الإنسان من همجية و تخلف و انحلال ، تستحيي  الحيوانات أن تأتي مثلها .

إذن إلى أين نحن سائرون ، فإذا كانت الديانات الأخرى غير الإسلام تسمح بهذه الأمور ، فالواجب علينا كمسلمين ألا نقبل بها في مجتمعاتنا و ألا نسمح  لأي مواطن مسلم أن  يأتيها تقليدا لغيره ممن لا دين لهم ، قيمنا الإسلامية قيم كونية ، أوجدها من لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ، و مهما اجتهدت  لن تجد لها تبديلا و لا بديلا ، فأي زيغ عنها فهو غواية شيطانية مآلها الضلالة و الهاوية ، و لعل ما يعانيه المسلمون في العالم من دونية و انحطاط هو بسبب ابتعادهم عن دينهم و تعلقهم بسلوكات غير المسلمين في المظاهر الزائفة ، أما عوامل الرقي و التقدم عندهم فهذه لم يأخذ المسلمون منها شيئا .

نسأل الله العفو و العافية ، و أن يلهم شبابنا سبل الرشاد و أن يجعل بلدنا آمنا مطمئنا متمسكا بثوابته و مقدساته ، و أن يخرج من أصلابهم ذرية تحفظ هذه المقدسات ، فتتمسك بدينها و تعمل بشرائعه و قيمه ، و تصمد في وجه الغي ، و تسعى في طلب العلم النافع  لتحمل مشعل النماء في جميع القطاعات ، و بذلك تجعل لنفسها مكانة محترمة بين الأقطار  و مهابة الجانب من لدن الأعداء خصوصا جيرانها الذين من شدة حقدهم و جهلهم  يتربصون بها سوءا ، كما نسأله جلت قدرته أن يجعل كيدهم في نحورهم و أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن ، إنه على ما يشاء قدير و بالاستجابة جدير .

الانتظار

                                   الانتظار

                لعل ما يقلق الكثير من الناس هو الانتظار ، و أكثرهم قلقا أولئك الذين يجلسون في قاعات الانتظار بالإدارات العمومية ينتظرون بفارغ الصبر مجيء

الموظف المكلف بقضاء حوائجهم ، و قد مر على وقت بداية العمل ما يزيد عن الساعة و المكاتب خاوية على عروشها ، و لا غرو في ذلك فقد أصبح هذا التأخر معتادا و عاما ، حتى اكتسى صبغة قانونية لا يستطيع أن يجادل في مشروعيتها أحد .

في قاعات الانتظار ترى المواطنين يترقبون وصول الموظفين على أحر من الجمر ، و هم من حين لآخر ينظرون إلى هواتفهم و ساعاتهم اليدوية  يعدون الدقائق و قد استبدت بهم الحيرة  ، و أخذ منهم التأفف مأخذه، و لعل نظراتهم البئيسة إلى بعضهم توحي بما يختلج صدورهم من امتعاض و سخط .

الحقيقة أن هذا التأخر عن الموعد القانوني لبدء العمل

يضيع على الناس الكثير من الأمور الحياتية ، خصوصا

إذا كان الأمر يتعلق بزيارة إدارات أخرى و التي ترتبط

خدماتها بالإدارة الأولى ، فقد يقضي المواطن يومه

كاملا للحصول على الوثيقة المرغوبة ، و بفعل التأخر لا

يتأتى له زيارة الإدارة الأخرى التي تطلب تلك الوثيقة لأنها أغلقت أبوابها مع نهاية الوقت القانوني و ربما قبله أحيانا ، مما يضطر معه المواطن إن كان مسكنه بعيدا للمبيت في فندق أو عند أحد معارفه في انتظار الغد عساه يتمم الاجراءات ، و في الغد يقصد الإدارة الأخرى و يعيش نفس السيناريو الذي عاشه بالأمس ،  التأخر 

و التماطل ، و لا تقضى حاجته إلا متأخرا أو قد لا تقضى في ذلك اليوم نظرا لكثرة الزبناء و انشغال الموظفين بالمكالمات الخارجة عن نطاق العمل أو بالأحاديث التافهة مع الزملاء عوض الحزم و الجد ، فيتيه المواطن المسكين في هذه الدوامة بين  سائر الإدارات ، سيما إن كان الأمر يستوجب زيارة العديد منها .

و مما يزيد الأمر سوءا أن أغلب المساطر معقدة ، تتعب المواطن تعبا مملا من أجل تسويتها ، إذ تثقل كاهله بعدد من الوثائق من هنا و هناك ، في حين يقضى الغرض نفسه لمواطن آخر  دون أدنى صعوبة و ربما دون أن يحضر بنفسه إلى تلك الإدارة  لأنه من أقارب الموظف و معارفه أو سبق أن دفع رشوة بمبلغ مفرح ، 

و هذا النوع تبسط له الأمور و يسهل له الحصول على المراد ، و إن لم تكن وثائقه المدلى بها كاملة ، فالموظف بفعل تلاعباته يعرف كيف يجعل الملف كاملا مقبولا .

في حين تجد المواطن المسكين الذي لا تربطه بالموظف أي علاقة ، و لم يقدم له رشوة ، و لا يعرف أحدا من الأعيان يتوسط له عند الموظف ، يشقى و يتعب

 و يكل و يمل و هو يتنقل بين الإدارات ليقضي حاجة ، كان من المفروض أن تقضى في يومها ، و هذا دليل قاطع و حجة ساطعة أن لا اعتبار للمواطن و لا قيمة له في البلدان المتخلفة ، فهي عوض أن تتدارك أخطاءها 

و تلتزم بالانضباط و تقدر المواطنين لعلها ترقى بنفسها إلى مستوى الدول المتقدمة ، نراها  ما زالت تتمادى في اللامبالاة و نهج الأساليب المقيتة من زبونية 

و محسوبية و ارتشاء ، مما يجعل ثلة من المواطنين يستغنون عن بعض المعاملات الغير الضرورية درءا لما ينتظرهم من مشقة و تعقيدات فيما تفرضه الإدارات من مساطر ، و فيما تمارسه من تماطل .

فرفقا بهذا المواطن ، يكفيه ما يعانيه في حياته اليومية من كد و سعي في سبيل لقمة العيش ، فلا تحملوه فوق طاقته ، و عاملوه باليسر و بنوع من التقدير ، فذاك الذي

تتماطلون في قضاء أغراضه ، قد يكون فلاحا  يشقى من أجل أن يوفر لكم الغذاء ، أو أستاذا يعلم أبناءكم

و لا وقت لديه مادام أبناؤكم ينتظرون عودته إلى الدرس ، أو ممرضا أو بناءا أو حارسا أو أي شخص له مهام موكولة إليه ، فقد ترك خلفه عملا و يرغب في الالتحاق به سريعا حتى لا يقع في مشكل مع مستخدمه ، فهلا يسرتم له السبل لقضاء مآربه في أسرع وقت و من غير تماطل ، فإن لم تفعلوا ، فاعلموا أنكم تدفعون به هو كذلك إن لم يكن لديه ضمير حي للاقتداء بكم ، فيتبنى التكاسل و الغش في عمله 

و يعامل الناس بنفس المعاملة التي عاملتموه بها ، 

و لعل هذا هو السبب الذي جعل هذه العدوى تتفشى بين الموظفين في جل الإدارات .

ختاما لقد كثر القول مؤخرا عن تقريب الإدارة من المواطنين و هو أمر محمود و مرغوب ، و لكنه غير كاف ، ما لم تيسر المساطر ، و تحترم أوقات العمل ، 

و يسرع الإنجاز ، و تخفض  التكاليف المادية ، 

و يتساوى التعامل بين الناس من غير زبونية و لا وساطة و لا رشوة ، فإذا تحقق هذا كله -- و لا أظنه إلا مستبعدا -- ، سيشعر الناس حقا أنهم يتمتعون بحقوق المواطنة ، و أنهم سواسية في الحقوق و الواجبات ،

و سيكون ذلك التعامل بمثابة حافز مشجع لكل مواطن ليقوم بدوره على أحسن وجه ، حتى لا يكون استثناءا

و يعرض نفسه للعقوبات المنصوص عليها في القانون ،

و ذاك لعمري ما يأمله الناس جميعا في تدبير أمورهم ، 

و بالتالي يكون المجتمع على السكة الصحيحة التي تبوئه المنزلة الرفيعة بين البلدان . 

 

المقامة الوهناوية 2

 



🍎المقامة الوهناوية🍎



ذات عشية غائمة   ،   تحت سماء قاتمة   ،   و بينما أنا أجوب أزقة مدينة حالمة   ،   أجول بنظري الى عمران من الدهر حظى  ،   وتاريخ من المجد مضى  ،   و فن من الزخرف قضى  ،   أبصرت مقهى منعزلا  ،  لا يبعد إلا قليلا  ،   و دون أن ألوي  ،   صعدت الى الطابق العلوي  ،   جلست في مكان منزوي  ،   أسمع أهازيج الكناوي   ،   أرقب ساحة جامع الفناء   ،   أستطيب ريح الشواء   ،   يعلو الجو كالرواء   ،   تلاعبه نسائم الهواء   ،   فإذا بسائح يبدو عليه النصب   ،   ينشد الاسترخاء من التعب   ،   يصعد الدرج متثاقلا   ،  من العياء متمايلا   ،   بصره  صوبي رامق   ،   كأنه شرر حارق   ،   حياني بأدب فائق   ،   منبهرا بمنظر رائق   ،   انهال علي بالسؤال مستبينا   ،    لإجابتي متمعنا   ،    من فن الحوار متمكنا   ،   لجل الألسن متقننا   ،   حاور فناور ثم شاور  في أمور شتى   ،   فما أزعجني البتة   ،   إلا عندما مس موضع جرح   ،   له في النفس حظ من قرح   ،   إذ قال في تحسر و آسى   ،   زافرا تارة و أخرى عابسا   ،   ما لقيت في الأسفار   ،   و ما رأيت في البشر   ،   فيما زرت من الأمصار   ،   قوما مثلكم يحقرون فقيرهم   ،   و يتملقون لغنيهم     ،   فأصبح عيشكم بين قرف و ترف  ،   و زيف و خرف   ،   و تفرقت بكم السبل شيعا   ،   و أمسى اقتصادكم ريعا   ،   وزاد أغنياكم طمعا   ،   و بدل أمنكم قمعا   ،   و خطباؤكم تبعا  ،   و أحزابكم رضعا   ،   في الإدارات تغيبا  ،  و في التعليم تسيبا   ،   شهادات من غير كفاءات  ،  و دبلومات من غير مهارات   ،   و تعيينات من غير استحقاقات   ،   و مشاريع من غير ابداعات   ،  فأنى السببل لتحقيق الغايات   ،  و قد  تولى السفهاء المناصب   ،  و اعتلى الجهلاء المحاريب   ،   و ملأ البلهاء الملاعب   ،   يفخرون بوشم كل سفيه  ،   و تصفيفة شعر كل تافه   ،   بطالة تتفاقم   ،   و شباب يتألم   ،   ركب الموج صوب الطاليان   ،   ما درى أنه قربان للحيتان   ،   أسرفتم في تفاهة الموازين   ،   و أهملتم بنى المدائن   ،   ما رقت قلوبكم لحال المجانين   ،   و لا  مسحتم دمع المعوزين   ،   طرقكم كوارث   ،   و تهوركم حوادث   ،   مجدتم الخرافة   ،   و ضيعتم الثقافة   ،   بجلتم الفاجرات   ،   و ازدريتم العفيفات    ،   شجعتم العفون   ،   و أقبرتم الفنون   ،  فلا إعلام هادف  ،  و لا برنامج ثاقف  ،   بأيديكم دمرتم عقول الأولاد   ،   حين سخرتم من الأستاذ   ،   و أحلتموه أضحوكة العباد   ،   الشبح مرتاح ممدد   ،   براتبه مرغد   ،   و المناضل منزاح مهدد  ،   بأغلال مبادئه مصفد    ،   المخلص الوفي مهمش   ،    و الوصولي الخائن مطفش   ،   العاقل مقهور متدمر   ،   و الغافل مبشور متهور   ،  مجرموكم يرفهون  ،  و ضحاياكم يعانون   ،   أيتام تنتحب   ،   و براءة تغتصب   ،   أعراض تنتهك   ،   و أسر تفكك   ،    النهب حسبتموه حداقة   ،   و العفاف ظننتموه حماقة   ،   عدلكم انحياز   ،   للغني فيه امتياز   ،   الظالم بالباطل منصف   ،   و المظلوم بالحق مجحف   ،   الفضيلة منبوذة   ،   و الرذيلة محمودة   ،   قدستم المحسوبية   ،   و سلكتم العشوائية   ،   فقتلتم الإنسانية   ،   و وأدتم الديمقراطية   ،   فالملأ جياع   ،   والشباب صياع   ،   و النساء مياع   ،   و المتزدلفون رعاع   ،   زغتم عن جادة الصواب   ،   في التربية و الأدب   ،   فسرى الإدمان بين الأتراب   ،   سريان النار في الأخشاب   ،   و تفشى التشرميل في الشباب   ،   و السكاكين جهارا على الرقاب   ،   فما سلم الصالح   ،   و لا ردع الطالح    ،   فلا خير أمة أنتم   ،   و لا دين اتبعتم   ،   و لا أخلاق تمسكتم   ،   أحبطتم الهمم   ،   فتذيلتم الأمم   ،   فأين تذهبون   ،   و بأي حديث تقتدون   ،   فسكت هنيهة ينتظر جوابا   ،   فما رأيت من كلامه إلا صوابا    ،   عجبا لهذا يعرف عنا   ،   و كأنه منا   ،   فقمت و قد اندرف الوشل   ،   و خانتني الجمل   ،   نزلت الدرج مطرقا   ،   على حالي مشفقا  ،   فإذا بالنادل يسرع خلفي حانقا  ،   يطلب ثمن ما سقى   ،   ناولته وريقا   ،   وتركت له ما بقى   ،   و انطلقت أطوي الخطى   ،   كمن يطارد القطى   ،   ابتلعتني الدروب   ،   و حازني الغروب   ،   و أنا أنذب حظي العاثر   ،   الذي ساق إلي هذا الشاطر   ،   فتركت المدينة متحسرا   ،   و قصدت بيتي متوترا   ،   و منذها قررت ألا أجالس أجنبيا   ،   ما دام العيب في باديا  ،  توضأت و صليت و تهجدت تهجدا   ،   عسى الغيوم تنكشف غدا   ،   حينها رن جرس المنبه   ،    فأيقظني مما أنا فيه   ،   كادت تختنق أنفاسي   ،   إذ هي أحلام وساويسي   ،   وأضغاط كوابيسي   ،   فاستجمعت يأسي   ،    و ارتديت ملابسي   ،   والأمل يحدوني على أن يكون يومي خيرا من أمسي   ، ... ، ... ، ... ،.......



  💼محاولة في إحياء أدب المقامة لزايد وهنا💼



احترم شعور الآخرين

                 احترم شعور الآخرين 


       تتمة للسلسلة التي كنت قد نشرتها السنة الماضية في عدة حلقات و التي تحمل كلها نفس العنوان : 

" احترم شعور الآخرين " ، هذه حلقة جديدة تدخل ضمن تلك السلسلة و تحمل العنوان عينه ، و لكنها تعالج قضية مختلفة عن سابقاتها .


                     احترم شعور الآخرين


          ليس منا من لا يحب أن يعامله الناس المعاملة التي ترضيه ، سواء من الذين تربطهم به علاقة قرابة 

أو صداقة أو من غيرهم ممن يشاركونه الحياة اليومية ،

و لو لم تكن له بهم علاقة ، فالمعاملة الحسنة مع الصنف الأول هي أمر طبيعي مادامت تجمع بين الأقارب 

و الأصدقاء ، و لكن ما علاقة الإنسان بالصنف الثاني

الذي لا تجمعه به أي علاقة ، و هذا ما نريد أن نبينه

و نوضحه انطلاقا مما نعاينه من مشاهد يومية تصدر من أناس لا نعرفهم و لكنها في الحقيقة تصرفات لا تبعث على الارتياح ، يتأذى منها الناس ، و لا يقيم فاعلها للحاضرين وزنا ، مما يثير التقزز لدى الناس ، 

و إن لم يفصحوا عما يختلجهم من بغض لتلك التصرفات ، فهي تنبئ  أن صاحبها أقل مروءة ، و على قدر كبير من الجهل و يفتقد الكثير من أسس التربية السليمة  ، و من تلك التصرفات المقيتة أن يتحدث أحدهم في الهاتف بصوت مرتفع جدا و هو بين الناس في وليمة أو مقهى أو أي تجمع ، فيزعج الحاضرين ، 

و لو فكر قليلا لانزوى بنفسه في مكان بعيد عن الناس 

ليجد حريته الكاملة في حديثه دون أن يزعج أو يزعج ، أو كأن ترى آخر يستمع إلى أغاني عبر اليوتوب 

و قد وضع صوت الهاتف في أعلى درجاته ، ،  غير مبال بالازعاج الذي يسببه للجالسين بالقرب منه ، مما يثير

نوعا من الامتعاض لدى الحاضرين ، و لو كان يحترم نفسه و غيره ما فعل ذلك في حضور الناس بجانبه ، هذا ناهيك عمن يتلفظ بألفاظ نابية على مرآى و مسمع من الآخرين ، و لا يكترث لما يسببه من إحراج ، فقد يكون بين الحاضرين من يستحيي من جليسه الذي ربما تجمعه به علاقة قرابة تستوجب الاحترام المتبادل . 

و غير هذه من السلوكات التي  لا تراعي حرمة الحضور، و الحقيقة أن من يأتي مثلها من غير احترام لمن هم حوله ، هو إنسان قليل الحياء ، يجعل من نفسه شخصا سفيها غير مرغوب فيه ، و بذلك يسقط في أعين من يحتكون به و في أعين من تأذوا بتصرفاته .

ختاما ، فالإنسان العاقل يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به ، و يراعي الزمان و المكان و نوع الحضور ،

ليتصرف تصرفا مقبولا ، و أي سلوك يقع في نفوس الناس موقع السخط ينبغي أن يتجنبه طاعة لله 

و احتراما للناس و حفظا لماء الوجه .

و من جميل ما يُروى عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه  قوله : 

« ليس كل ما يُعْرَف يُقال ، وليس كل ما يُقال حَضَرَ أهلُه ، وليس كل ما حَضَرَ أهلُهُ حان وقته ، وليس كل ما حان وقته صَحَّ قوله ».


أغرب العلاقات

                     أغرب العلاقات


          أحيانا قد ترتبط بشخص ما ، و تتوطد علاقتكما

ببعض ، إذ تلمس فيه جوانب تثير إعجابك و تبعث فيك 

الاطمئنان على الميل نحوه ، و تشعر منه بنفس الأحاسيس ، فيكون الاحترام و التقدير متبادلا ، و هذا

أمر طبيعي لا غرابة فيه ، و هو دأب جميع الناس في معاملتهم بعضهم بعضا ، و لكن الغريب هو أن تقع مثل

هذه العلاقة مع شخص لم يسبق لك أن لاقيته أو رأيته

و إنما وقعت بمحض الصدفة ، قد يكون في مكان أو 

مدينة أو بلد يبعد عنك كثيرا ، و لا وسيلة للاتصال ببعضكما إلا عبر السفر ، فإن تعذر عليكما اللقاء ، تبقى

وسائل الاتصال هي الجسر الوحيد الذي يربط بينكما .

و هنا حضرتني تلك العلاقة التي كانت بين الأديب 

" جبران خليل جبران " و هو في المهجر بالديار الأمريكية و الأديبة  " مي زيادة " بعد أن هاجرت من لبنان إلى مصر حيث استقر بها المقام ، و العجيب في علاقتهما أن لا أحد منهما التقى الآخر و لا سبق أن رآه ، و لكن جمع بينهما حب الأدب و شغف الكتابة ، فكانا

يتراسلان مراسلات أدبية ، و أعجب كل منهما بكتابات الآخر و أفكاره ، و هو ما وطد العلاقة بينهما عن بعد ،

هذه العلاقة التي تحولت مع الزمن إلى حب 

و رومانسية متبادلة ، كانت مي زيادة هي السباقة في الإفصاح عنها ، بقولها في إحدى مراسلاتها :

 «جبران، ما معنى هذا الذى أكتبه ؟ إنى لا أعرف ماذا أعني به ، ولكنى أعرف أنك محبوبي وأني أخاف الحب ، كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا وكيف أفرط فيه ؟ الحمد لله أنني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به ؛ لأنك لو كنت الآن حاضرًا بالجسد لهربت خجلا من هذا الكلام ، ولاختفيت زمنًا طويلًا فما أدعك تراني إلَّا بعد أن تنسى »،

ليرد عليها : « الكلمة الحلوة التى جاءتني منك كانت أحب لدي وأثمن عندي من كل ما يستطيع الناس جميعهم أن يفعلوا أمامي ، الله يعلم ذلك وقلبك يعلم ».

هكذا تحابى هذان الأديبان حبا عذريا عفيفا ، و كانا يأملان أن تتاح الفرصة للقاء ، و لكن لم يتحقق اللقاء ، فقد فرق بينهما الموت دون أن يرى أحدهما الآخر ، 

و كان جبران أول من غادر إلى دار البقاء سنة 1931

و بعده عاشت مي زيادة في عزلة و كآبة رغم أن بعض الأدباء حاولوا التقرب منها كالأستاذ عباس محمود العقاد و مصطفى عبد الرازق و ولي الدين يكن ، إلا أن حب جبران لم يترك في قلبها مكانا لغيره ، و هكذا بقيت وفية لحبها الأول ، حتى وافتها المنية سنة 1942 .

سبحان الله ، و له في خلقه شؤون ، قد يرتبط الإنسان

بإنسان آخر ، و تتوطد بينهما علاقة قد تكون علمية أو أدبية أو فنية سريعا ما تتطور إلى علاقة رومانسية

و كلا الطرفين يعلم علم اليقين لظروف ما أن لا سبيل 

إلى اللقاء وجها لوجه ، فتبقى العلاقة سائرة صادقة حتى يجعل لها الموت نهاية . 

 









سبات الضفادع

                   سبات الضفادع


تناثرث أشلاء الأبرياء في الشوارع

و هدمت البيوت و أتلفت المزارع

و هتكت الأعراض و دنست الجوامع

و أسكتت أبواق الآذان في الصوامع


من نظنهم حماة الأقصى عند الفواجع

صاروا  يرفهون كالأنعام في المراتع

أغلقوا معابر الدعم و كل المقاطع 

فزادوا المأساة مواجع على مواجع


نام الخونة و اطمأنت جنوبهم في المضاجع

وضعوا أصابعهم في آذانهم و أغلقوا المسامع

لا تأخذهم رأفة بجفون احمرت من المدامع

و لا يأبهون بإبادة شرسة حرمتها كل الشرائع 


لا تستغرب من خذلان هؤلاء الضفادع

فسكوتهم سكوت جبان خدوم مطاوع

يظهرون الولاء في كل المحافل و المجامع

يخافون المناصب لا يقوون على الترافع


يستترون خلف أوهن الذرائع

يخشون الزوال تغريهم المطامع

لكن التاريخ أقلامه كالعقارب اللواذع

 لا تخلد من المواقف إلا أصدق الوقائع



للإشارة فقط :  بالنسبة للأفعال الواردة في التربيعة الأولى و هي  : 

هدمت _ أتلفت _ هتكت _ دنست _أسكتت

كلها أفعال مبنية للمجهول .



العيد في غزة

                  العيد في غزة

             اجتمعت الأسرة حول مائدة الفطور صباح العيد ، و هم يتبادلون التهاني تعلو وجوههم الابتسامة ،

و تغمرهم الفرحة ، هذه الفرحة التي تختلف دوافعها بين فرد و آخر حسب السن و الجنس ، فالصغار  منهم لا تعنيهم وجبة الفطور بقدر ما تعنيهم الملابس الجديدة ، التي ينتظرون ارتداءها بفارغ الصبر ، ليظهروا بها أمام الأقران و الجيران ، أما الأم فلا يشغل بالها إلا الثناء الذي تنتظر أن تسمعه من الجميع على ما حضرت 

و قدمت من حلويات و مشروبات لتفخر بموهبتها في إعداد الأطباق خصوصا أيام الأعياد و المناسبات .

غير أن في هذا الصباح المبارك لم ينلها من ثناء زوجها شيئا ، و هو ما لم يحدث من قبل ، و لاحظت تغيرا في تصرفاته و مسحة من الحزن تكتنف أسارير وجهه ، رأته على غير عادته يرد التهاني بابتسامة فاترة  لا توحي بالبهجة و السرور ، و إنما يردها مجاملة و محاباة لأفراد أسرته ، و هو الأمر الذي لاحظته فيه منذ أن دخل البيت عائدا من صلاة العيد ، استبدت بها الحيرة و لم تستطع صبرا ، فسألته عن السبب ، تلكأ قليلا في الإفصاح عما في نفسه ، حتى لا يفسد عليهم فرحة العيد ، و لكنه اضطر تحت إلحاح الزوجة أن يفصح عن السبب الذي جعله كذلك ، فقال و الحزن يعلو تقاسيم وجهه :

 " يا زوجتي و قرة عيني ، يا أبنائي فلذات أكبادي ، 

نحن اليوم مجتمعون على مائدة الفطور ، و المائدة تزخر بكل أنواع الأكل و الحمد لله ، سعداء بهذا اليوم السعيد الذي هو عيد الفطر ، مؤمنون في بيتنا ، في كامل صحتنا و عافيتنا ، أدامها الله علينا ، كل أفراد أسرتنا حاضرون ، لا ينقصنا شيء من ضروريات العيش ،  و لكن هل تبادر إلى أذهانكم أن هناك أسرا مكلومة حزينة لا تستمتع بفرحة العيد تعيش الرعب 

و الهلع من جراء القصف الوحشي  ، و كيف تجد الفرحة إلى قلوبهم سبيلا ، و بيتهم قد هدم عن آخره ، لا مأوى لهم غير خيمة مع النازحين ،  و رب أسرتهم أسير عند العدو ، تاركا زوجته تشق الثوب و تنفجر بالبكاء 

و الصراخ على فقدان واحد أو أكثر من أبنائها ، 

و تحتضن البقية ممن أخطأهم الموت و هم يرتعدون خوفا من أي صاروخ قد يمزق أشلاءهم في أي لحظة ، لا يرغبون في شيء  إلا النجاة بأرواحهم ، أما ما عدا ذلك من ملذات العيد و متعه فهي مستبعدة في مثل ظروفهم  ، لا استحمام و لا دواء و لا ملابس جديدة 

 و لا حلويات و لا أفرشة و أغطية تقيهم برد الشتاء ، المعابر أغلقت و حالت دون وصول الإمدادات الغذائية 

و الطبية ، فقط بعض ما تبقى لديهم من الفتات يوزع عليهم في المخيمات ليسدوا به رمقهم في انتظار فرج قد يأتي أو لا يأتي ، أما الموت فهو قريب منهم يرصدهم  .

فكيف يا زوجتي و يا أبنائي يحلو لنا الفرح و نحن نرى و نسمع عن هذه الإبادة الصهيونية الوحشية التي أتت على الأخضر و اليابس ، لا تستثني شيخا و لا صبيا و لا امرأة ، و العالم كله لا يحرك ساكنا ، سيما الأقطار العربية الإسلامية التي تعتبر الأقصى من مقدساتها ، فكل مسلم غيور ينبض قلبه بقليل من الرحمة ، لا بد أن يشعر بالحزن و الأسى على ما يجري من تقتيل و أسر 

و تنكيل و تخريب في بيت المقدس ، و لا يطيب له العيش إلا عندما يرى الأمة الإسلامية بخير تنعم في الأمن و الأمان ، مصداقا لقول الرسول الكريم : " مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى " .

ما أن أنهى حديثه حتى اغرورقت عينا زوجته بالدموع

و لكنه كفكفها بيده و طمأنها بأن الله يمهل و لا يهمل ،

و ما دمنا لا نملك لنصرتهم حيلة ، فالدعاء هو السلاح الوحيد ، فلا تبخلي عليهم به أناء الليل و أطراف النهار عسى بالدعاء تنكشف الغمة .

فرحة عند الإفطار و حزن في الأخبار

            فرحة عند الإفطار و حزن في الأخبار

 

         رمضان شهر الصيام و القيام ، شهر الخير و البركات يتميز بطقوس خاصة تخالف سائر الأيام ، يشعر فيه المسلم

بالراحة و الطمأنينة ، و لكن تصور أنك عند الإفطار و أنت تطفئ جوعك و ظمأك ، ترى على شاشة التلفاز أهل غزة

 -- شيوخا و نساء ، شبابا و أطفالا -- ، المقيمون منهم يقصفون بوحشية ، و النازحون منهم مشردون يعانون الخوف و الجوع و العطش ، و الأسرى منهم يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب و التنكيل في سجون العدو الغاصب ، فلا شك أن شيئا ما يتحرك بداخلك حتى لو كنت فظا غليظ القلب ، فأمام هذه المشاهد المؤلمة لا بد أن تأخذك بهم الرأفة 

و تشتعل بين جوانحك نار الغيرة على إخوانك في الدين 

و هم يبادون و يهانون ، فلا تجد لإفطارك لذة ، و أنت تعلم أن ما وضع أمامك على المائدة من مأكولات و مشروبات ، لا يجد منها إخوانك المضطهدون و لو القليل الذي يمكنهم من سد الرمق ،و كثير هم الصبيان الذين قضوا من الجوع و العطش .

لا أخفيكم سرا أنني لم أتمالك نفسي ، فذرفت عيناي دمعا ساخنا ، و خنقت أنفاسي غصة دامية ، عندها انسللت إلى غرفتي دون أن أبدي لأهل بيتي ما أنا عليه ، و طفقت أكتب 

هذا التضرع المرتجل ، ما هو بالشعر و لا بالنثر ، بل هو ما جادت به اللحظة ، لحظة حزن و أسى يعتصر القلب و تترجمه  اليد كتابة بمداد من الدمع .

بعدما فرغت خواطري على مذكرة الهاتف ، قمت مسرعا  توضأت و قصدت المسجد لأداء صلاة العشاء و التراويح ، بنفس منكسرة ، زادتها تلاوة القرآن خشوعا ، و أنا بين يدي الخالق ، عاد إلي بعض الهدوء و الطمأنينة و أيقنت أن الله على كل شيء شهيد ، يفعل في ملكوته ما يريد ، و لا يفعل إلا خيرا و لكننا نستعجل لأننا لا نعلم الغيب . 

عند عودتي إلى البيت ، تصفحت هاتفي لأرى ما كتبته آنفا ، فلاحظت أن هناك تعابير يجب أن أدخل عليها تعديلات لتكون أجمل مما هي عليه ، و لكن تعمدت ألا أغير شيئا منها ، لأنها نتاج لحظة فاضت فيها النفس ألما ، و لهج اللسان تضرعا 

و دعاء .

و قد ارتأيت  أن أتقاسم هذا التضرع مع كل إنسان يشاطرني نفس الشعور ، و يحز في نفسه ما يرى و يسمع عن وحشية اليهود الغاصبين ، الذين لا تستثني إبادتهم شيخا و لا امرأة 

 و لا صبيا ، لهذا أرجوك أخي القارئ ألا تواخذني عن أي عيب في الشكل و المضمون ، فقد تم ذلك بنوع من السرعة يجمع بين الألم و الارتجالية .


                   تضرع غزاوي تحت الأنقاض



يا رب  نفذ منا  الصبر ، لا  الدعاء

يا رب اشتد الخطب و فيك الرجاء  


يا من أمره بين حرفي الكاف و النون

كسر بقدرتك شوكة الصهيون الملعون


يا من جعلت الأقصى أولى القبلتين 

اقطع  دابر  من دنس ثالث الحرمين


يا من نصر المسلمين في بدر على قلتهم

اهزم اليهود و زلزل الأرض تحت أقدامهم 


يا من بقدرتك أنجيت يوسف في الجب 

أنزل لعنتك عليهم و على أعوانهم في الغرب 


يا من جعل فرعون عبرة  الأولين و الآخرين

اجعل الصهيون عبرة القرن الواحد و العشرين


يا من أخرج إبراهيم من النار سالما

كن للمستضعفين و من للجهاد قائما 


يا من حفظت محمدا و صحبه في الغار

حصن نساء المسلمين من الخزي و العار


يا من بحكمتك جمعت شمل موسى بأمه

شتت شمل الغاصب و اجعل كيده في نحره


يا من أرسلت الطير على أصحاب الفيل 

دمر اليهود واجعل كيدهم في تضليل


يا من لا تخفى عليه في الكون خافية

امحق اليهود و خذهم أخذة رابية


يا من يرسل السماء بالغيث مدرارا

لا تذر على الأرض من اليهود ديارا


إنهم تجبروا و مكروا  مكرا  كبارا

و لا يخرج من نسلهم إلا فاجرا كفارا


ليس لنا سوى باب جودك نستغيث به

و أي باب غير بابك يا ذا الجلال نلود به


لا تواخذنا بذنوبنا و قد كثرت الخطايا

انظر بعين اللطف في الشيوخ و الضنايا


يا من بعدلك تقتص للمظلوم في الأنام

استجب دعوة مكلوم يئن تحت الركام