إبداع الجاهل
لا يمكن أن يمر يوم دون أن نسمع أو نرى شيئا غريبا ، شيئا غير مألوف ، يبتدعه بعض الجهلة من أناس عصرنا ، و لا أدل على ذلك ما نراه في كتابات هؤلاء المبتدعون من مثل وضع الحروف اللاتينية داخل كلمات عربية ، فقد كتب أحدهم كلمة ( غزة ) على هذا
النحو ( غzة ) و مثل هذا رأيته في تدوينات كثيرة ،
هذا ناهيك عمن يكتب العربية بحروف لاتينية و هذه
الظاهرة أصبحت شائعة في أوساط شبابنا و كهولنا ،
و المؤسف أن هذه الابداعات البلهاء بقدر ما تدل على جهل أصحابها ، فهي تسيء إلى اللغات كلها و خاصة اللغة العربية ، لغة القرآن ، فما المانع أن يكتب أيا كان ما يريد باللغة التي يريدها و يتقنها و بحروفها الأصلية المعروفة ، و دون أن يخلط بين حروف هذه و حروف تلك في كلمة واحدة ، و الحقيقة أن هذه الظاهرة لم يسبق لي أن رأيتها عند فرنسي أو إنجليزي ، فكلاهما يكتب بلغته و بحروفها المعروفة و لا يضع حرفا عربيا
داخلها و لو كان يتقن العربية ، فما بال شبابنا نحن يبتكر في الاتجاه السلبي الذي يسيء إلى لغتنا ، حبذا
لو سخر طاقته و ذكاءه في الابتكارات العلمية بدل هذه
الهرطقات التي لا طائل من ورائها ، بل بالعكس تزيدنا
تخلفا و انحطاطا .
لعل هذا الاستهتار المقيت باللغات هو أحد أسباب تدني
المستوى التعليمي و الثقافي في أوساط الشباب ، لأن
فاقد الشيء يلتجئ إلى ابتكار طرق تساير جهله و عدم
تمكنه ، و يستتر خلفها ، بل يظهر أنه يتعمد ذلك حتى لا يعرض نفسه للملامة و الانتقاد و السخرية ، و لكنه ينسى أن بخلطه ذاك قد أبان عن عجز و جهل يظنهما خافيان عن الناس ، و لكنهما باديان لدى عقلاء القوم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق