احترم شعور الآخرين
تتمة للسلسلة التي كنت قد نشرتها السنة الماضية في عدة حلقات و التي تحمل كلها نفس العنوان :
" احترم شعور الآخرين " ، هذه حلقة جديدة تدخل ضمن تلك السلسلة و تحمل العنوان عينه ، و لكنها تعالج قضية مختلفة عن سابقاتها .
احترم شعور الآخرين
ليس منا من لا يحب أن يعامله الناس المعاملة التي ترضيه ، سواء من الذين تربطهم به علاقة قرابة
أو صداقة أو من غيرهم ممن يشاركونه الحياة اليومية ،
و لو لم تكن له بهم علاقة ، فالمعاملة الحسنة مع الصنف الأول هي أمر طبيعي مادامت تجمع بين الأقارب
و الأصدقاء ، و لكن ما علاقة الإنسان بالصنف الثاني
الذي لا تجمعه به أي علاقة ، و هذا ما نريد أن نبينه
و نوضحه انطلاقا مما نعاينه من مشاهد يومية تصدر من أناس لا نعرفهم و لكنها في الحقيقة تصرفات لا تبعث على الارتياح ، يتأذى منها الناس ، و لا يقيم فاعلها للحاضرين وزنا ، مما يثير التقزز لدى الناس ،
و إن لم يفصحوا عما يختلجهم من بغض لتلك التصرفات ، فهي تنبئ أن صاحبها أقل مروءة ، و على قدر كبير من الجهل و يفتقد الكثير من أسس التربية السليمة ، و من تلك التصرفات المقيتة أن يتحدث أحدهم في الهاتف بصوت مرتفع جدا و هو بين الناس في وليمة أو مقهى أو أي تجمع ، فيزعج الحاضرين ،
و لو فكر قليلا لانزوى بنفسه في مكان بعيد عن الناس
ليجد حريته الكاملة في حديثه دون أن يزعج أو يزعج ، أو كأن ترى آخر يستمع إلى أغاني عبر اليوتوب
و قد وضع صوت الهاتف في أعلى درجاته ، ، غير مبال بالازعاج الذي يسببه للجالسين بالقرب منه ، مما يثير
نوعا من الامتعاض لدى الحاضرين ، و لو كان يحترم نفسه و غيره ما فعل ذلك في حضور الناس بجانبه ، هذا ناهيك عمن يتلفظ بألفاظ نابية على مرآى و مسمع من الآخرين ، و لا يكترث لما يسببه من إحراج ، فقد يكون بين الحاضرين من يستحيي من جليسه الذي ربما تجمعه به علاقة قرابة تستوجب الاحترام المتبادل .
و غير هذه من السلوكات التي لا تراعي حرمة الحضور، و الحقيقة أن من يأتي مثلها من غير احترام لمن هم حوله ، هو إنسان قليل الحياء ، يجعل من نفسه شخصا سفيها غير مرغوب فيه ، و بذلك يسقط في أعين من يحتكون به و في أعين من تأذوا بتصرفاته .
ختاما ، فالإنسان العاقل يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به ، و يراعي الزمان و المكان و نوع الحضور ،
ليتصرف تصرفا مقبولا ، و أي سلوك يقع في نفوس الناس موقع السخط ينبغي أن يتجنبه طاعة لله
و احتراما للناس و حفظا لماء الوجه .
و من جميل ما يُروى عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله :
« ليس كل ما يُعْرَف يُقال ، وليس كل ما يُقال حَضَرَ أهلُه ، وليس كل ما حَضَرَ أهلُهُ حان وقته ، وليس كل ما حان وقته صَحَّ قوله ».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق