رجال لا تقهر

                     ⛏   رجال لا تقهر  ⛏


        بينما أنا أستعد للنوم ، سمعت إشارة وصول بريد على الواتساب ، فتحت الهاتف ، فإذا هي رسالة من أحد أعز الناس إلي و أجلهم قدرا في نفسي ، و كانت الرسالة عبارة عن صور لضيعة فلاحية ظننتها للوهلة الأولى أنها لأحد السهول المغربية الفيحاء ، و لكن فوجئت عندما علمت أن هذه الضيعة في بلدتي في منطقة لا يخطر على بال أحد أنها ستكون بهذا الخصب و بهذا المحصول الوفير الطبيعي الخال من كل الملوثات ،

لأنني أعرف أن أرضها صلبة و ماؤها غائر .

        هذه الضيعة في أرض تدعى " تلكي " لا تبعد كثيرا عن قرية بني وزيم ببوذنيب بإقليم الرشيدية ، و نظرا لموقعها في منطقة وعرة كثيرة الأحجار ، و كذا بعدها عن مجاري النبع الذي يروي حقول الناس في المزرعة كما يسميها الأهالي ، فإن الأسلاف لم يفكروا في استغلالها بل اكتفوا بما تعطيه المزرعة من منتوجات معاشية تكاد لا تكفيهم لسد حاجياتهم مما يضطرون معه للتزود من الأسواق المجاورة ، و رغم ذلك لم يحاولوا استغلال هذه الأراضي لأن إمكاناتهم قديما كانت بسيطة فهم حينها لا يملكون الآليات الحديثة لتطويعها و حفر آبارها التي تزيد عن ستين مترا .

        مع مرور الزمن ازداد عدد سكان القرية ،

و لم يعد منتوج حقولهم التي تسقى من مياه النبع يكفي لسد الحاجيات مما دفع شباب القرية للتفكير في استغلال تلك الأراضي الوعرة على غرار ما فعله بعض المستثمرين ، خصوصا و قد تطورت وسائل العمل و الإنتاج ، و لو في مساحات أقل شساعة من المساحات التي يستغلها المستثمرون 

حسب إمكاناتهم و مؤهلاتهم ، و لكن في الحقيقة 

استطاعوا أن يحققوا ما عجز عنه الأباء 

و الأجداد .

 و هذا نموذج من ضيعة يمتلكها أبناء المرحوم " عبد الرحمن حمي " ، هم خمسة رجال من خيرة شباب القرية سلوكا و معاملة ، لا يعرف الوهن 

و الخمول إلى نفوسهم و سواعدهم سبيلا .

فرغم إمكاناتهم البسيطة و صعوبة العمل في أرض  صلبة كثيرة الأحجار ، إلا أن همة و عزيمة هؤلاء الفتية ألانت صلابتها و جعلتها أرضا معطاء ، تسحر الناظر بمنظرها و خضرتها قبل أن يتذوق محصولها ، و إني و إن كنت من أبناء المنطقة فقد أعجبت كثيرا لمنظرها و دقة تناسق مزروعاتها 

و كأنها لوحة أبدعتها ريشة فنان و هذا الفنان

ليس سوى الإخوة الخمسة -- حفظهم الله -- الذين 

لم يكتفوا بما هو معاشي بل صيروه تسويقي نظرا

لوفرة المنتوج .

        نعم لقد كانت أرضا صلبة و لكن وجدت من هم أصلب منها ، يسقونها بعرق جباههم و تشبعهم من خيراتها . فلمثل هؤلاء ترفع القبعات و تقبل الأيدي  . رعيا لهؤلاء و لأمثالهم الذين يسعون لتدليل العقبات بكدهم و جدهم ليوفروا لنا ما نقتات به .


          🌴 صور علق عليها :   زايد وهنا 🌴

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق