البرور

                     ✏    البرور   ✏


لن أكون مبالغا إذا أجزمت أنه لا يخلو مقال من المقالات التي أنشرها من تعليقات قليلة كانت أو كثيرة ،ولكن الغريب أن أحد القراء كان مداوما على الإدلاء برأيه ، بل يكون من أوائل المعلقين 

و كأني به يتربص وقت النشر ليدلي بدلوه في موضوع المقال ، تعودت على ذلك حتى لم يعد لدي شك أن تعليقه سيكون ضمن  التدوينات المتوصل بها إن لم أقل يتصدرها في غالب الأحيان ، أتنبأ بذلك حتى قبل أن أتفحصها ، و لكن ما استرعى انتباهي أن صاحبنا هذا يدخل العالم الأزرق باسم مستعار مكتوب بالفرنسية ، لا أعرف له معنى ، ربما هو اسم بلدة أو حي أو ما شابه ذلك ، و مما زاد في استغرابي كونه يستهل تعليقاته بهذه العبارة :

 " أستاذي الغالي "

قلت في نفسي هذه العبارة لن تصدر إلا من شخص له سابق معرفة بي ، قد يكون صديقا أو

زميلا في العمل أو تلميذا سبق و أن تتلمذ على يدي ، و لعل هذا ما أجج بداخلي الفضول لمعرفة

الاسم الحقيقي لصاحبنا ، تريثت في البداية عسى

أن أكتشف سر هذا اللغز من خلال تعليقاته ، و لكن

دون جدوى مما جعلني و بكل استحياء أن أطلب

منه إطلاعي على اسمه الحقيقي إن أمكنه ذلك .

سرعان ما استجاب لطلبي ، فكانت المفاجأة كما

تصورتها ، إنها تلميذة درستها اللغة العربية منذ ما يزيد على ستة و ثلاثين سنة ، كان ذلك برسم الموسم الدراسي 1985/ 1986 بالمدرسة المختلطة ببوذنيب ، و هي الآن متزوجة و تقطن بديار المهجر ، تذكرتها جيدا ، و تذكرت والدها رحمة الله عليه الذي كانت تجمعني به علاقة احترام و تقدير متبادلين  .

تنفست الصعداء و قلت " يا الله " ما أسعد قلب الأستاذ ، و ما ألين عاطفته حين تعود به الذاكرة إلى سنوات من الجد مضت ، و أيام من العز قضت ، يوم كانت المدرسة تتربع على عرش العطاء التربوي التعليمي .

 جلست مطرقا أسترجع شريط تلك الأمجاد  ممزوجا بشريط من أيام الشباب ، و لا أخفي أن هذه التلميذة البارة ذكرتني ببعض التفاصيل 

الدقيقة التي ترسخت بمخيلتها و احتفظت بها طيلة هذه المدة ، ذكرتني بحزمي في تقديم دروس اللغة العربية و مدى استفادتها منها ،

و بالأنشطة الهادفة التي كانت الأعياد الوطنية مناسبة لتقديمها و غير ذلك مما وقر في نفسها 

و نسيته أنا .

لا أخفي أن الفرق شاسع بين الأمس و اليوم من

حيث التربية على القيم السامية و من حيث

التحصيل العلمي ، لقد كان الأمس جميلا مشجعا مفيدا بكل المعايير .


             💼   بقلم  الأستاذ  زايد وهنا   💼 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق