رفقا بالمسنين من رجال التعليم

         رفقا بالمسنين من رجال التعليم 


في الوقت الذي كان فيه رجال التعليم يتطلعون  إلى تحسين أوضاعهم المادية و المعنوية ، بعد معاناة لازمتهم لسنوات طوال ، أفنوا فيها زهرة

شبابهم في الجد و العطاء ، ها هي بوادر الخذلان

و النكران و الإزدراء تلوح في الأفق من جديد ،

فبعد أن تغاضت أسرة التعليم عن تمديد سن التقاعد لثلاث سنوات إضافية و التي لم تتقبلها

إلا على مضض متعاونة كرها لا طوعا لتدارك

عجز الصندوق المغربي للتقاعد الذي تم التلاعب

بأمواله من طرف القيمين عليه دون مراقبة و لا 

محاسبة ، و بسبب خذلان و تواطؤ النقابات التي هي الأخرى فقدت الكثير من مصداقيتها و انحازت 

إلى جانب الحكومة ، أصبحنا نسمع في الكواليس

بعض الإجراءات التي تعتزم الحكومة تمريرها 

و تدعو النقابات للتوقيع عليها ، و على رأسها 

تمديد سن التقاعد إلى خمسة و ستين سنة ،

و استنقاص مبالغ مهمة من راتب المعاش و غيرها

من الإصلاحات بل الإفسادات التي تنوي الحكومة الإقدام عليها بتواطؤ مع النقابات ، و لعل هذه

التسريبات لما يسمونه الإصلاح إنما تعمدته الحكومة لتجس نبض أسرة التعليم المغلوب على

أمرها ، حيث يشيع الخبر تدريجيا بين الناس حتى

يصبح عاديا منتظرا ، آنذاك تخرج به الحكومة 

دون خجل و لا حياء لينفذ بسلام من غير ردة فعل

من أحد ، كما كان الأمر عند زيادة ثلاث سنوات .

و إذا تم ذلك لا قدر الله ، فسيلاحظ الجميع التناقض الصريخ بحيث يصبح الأستاذ الذي أكمل

مشواره التعليمي في ظل ( الإصلاح ) الجديد

و يحال على التقاعد بعد 44 أو 45 سنة من العمل

يتقاضى راتبا متساويا مع أستاذ تقاعد تقاعدا

نسبيا في السنوات الأخيرة بعد أن قضى 35 أو 36  سنة فقط ، فإن كان الأمر سيؤول إلى هذه الكارثة ، فمن الأفضل أن يطلب الأستاذ التقاعد النسبي من الآن إذ لا فائدة من الاستمرار .

هنا يمكن أن نوضح لمن يسعون في إصلاح المنظومة التربوية ، و ينشدون المردودية للرفع من المستوى التعليمي ببلادنا  ماذا ينتظرون من الأستاذ الذي قضى أربعين سنة و أكثر  في القسم أن يستمر بنفس الجدية و العطاء و قد أنهكته سنوات العمل الطويلة ، و سببت له أسقاما في جسمه و ضعفا في بصره ، و خرابا في أسنانه 

لا شك أن عطاءه سيعرف فتورا إلى درجة مأساوية ، فما بالك إذا أضيفت لضعفه هذا خمس سنوات فوق الستين ، فتلك هي الضربة القاضية

لجودة التعليم ، و الخاسر الأكبر هم فلذات

أكبادنا و بالتالي المجتمع ككل .

ألا يعلمون أن مهنة التدريس من أصعب و أشق

المهن ، تستنفذ طاقة الأستاذ و لا يغادرها إلا

و قد ابتلي بكل الأمراض ، بحيث يقضي ما تبقى

من عمره في ارتياد المصحات و المستشفيات آملا في ترميم ما يمكن ترميمه هذا إن بقي حيا .

رفقا برجال التعليم ، فهم المصباح المنير في المجتمع و كل عبء يضاف لهم إنما ينعكس أثره

سلبا على المنظومة التربوية بأكملها و بالتالي

يتجرع المجتمع مرارتها .

اقتراح أخير ، إن كان في نية الحكومة استصدار

هذا الذي تدعيه  ( بالإصلاح ) و لا تراجع عنه ،

فلتضع في حسبانها تزويد تلك الفئة المسنة من 

رجال التعليم بالعكازات و الكراسي المتحركة 

و تضع لهم أسرة طبية داخل القسم مدعمة 

بأدوية و مسكنات ، فهم و لا بد سيكونون في حاجة إليها .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق