من ذكريات الطفولة

                 من ذكريات الطفولة

         كان أسعد يوم من أيام طفولتي و أنا في التاسعة من عمري أواخر ستينات القرن الماضي ، هو ذلك اليوم الذي يزورنا فيه ضيف من أقاربنا أو صديق مقرب لوالداي رحمة الله عليهما ، و ما أكثرهم وقتها ، و كنت

شغوفا بمجالستهم ، أسترق السمع و هم يتجاذبون أطراف الحديث عن مواضيع ذات صلة بحياتهم اليومية ، و لكن أكثر الأيام سعادة بالنسبة إلي هو اليوم 

الذي يستضيف فيه أبي زوجين من أقرب معارفنا ،

هما السيد ( حدى ) و زوجته ( فاطنة ) رحمهما الله ، هذان الزوجان اللذان لم يرزقا بالولد ، و رغم ذلك فهما يعيشان حياة مستقرة سعيدة يسودها تفاهم و مودة قل نظيرهما ،

و العجيب في أمرهما أنهما يؤنسان حياتهما بالاستماع إلى الأغاني المحببة لديهما ، و ما أكثرها و أمتعها في ذلك الزمن ، لذلك كانا يملكان جهاز الحاكي -- ( tourne disque ) -- ، و قد بلغ بهما الاهتمام بأسطوانات الأغاني و السكيتشات المضحكة أن وضعوها في صندوق مزخرف على قدر حجمها ، به منديل قطني نظيف ، و مما يزيد الجلسة متعة هو أن زوجته ( فاطنة ) هي التي تتولى تنظيف الأسطوانة بعناية كبيرة قبل وضعها تحت شوكة الحاكي .

و كانا يصطحبان معهما الجهاز كلما دعاهما أحد لوليمة ما ، و لكن أغلب الولائم كانت تقام في بيتنا ، و لعل

رؤيتي لعمي ( حدى )  و هو يحمل جهاز الحاكي ،

و خالتي ( فاطنة ) و هي تحمل علية الأسطوانات عند دخولهما إلى بيتنا هو ما كان يبعث في نفسي فرحة

و شوقا لا يوصفان ، فتجدني أنتظر بفارغ الصبر 

الوقت الذي يبدأ فيه عمي ( حدى ) فتح الصندوقين ،

الصندوق الكبير و هو الحاكي نفسه و الصندوق الصغير الذي تصطف فيه الأسطوانات .

و نظرا لكثرة زيارتهما لبيتنا و الاستماع لأسطواناتهم الجميلة آنذاك ، أصبحت أعرف عناوين المغنين المكتوبة على ظهر أغلفتها ، و كنت حينها أحب الاستماع أكثر إلى أغاني حميد الزهير و عبد الكريم الفيلالي و أعشق كثيرا أغنية ( الباسبور الأخضر ) و ( يا بن سيدي و يا خويا ) و ( الصنارة ) لعبد الهادي بالخياط و ( عطشانة ) 

لبهيجة إدريس و ( غني لي شويا شويا ) لأم كلثوم 

و الثنائي الكوميدي ( محمد بلقاس و عبد الجبار الوزير  ) و الفنان ( عبد الرؤوف ) و غير هذه من أغاني الرواد مما لم تستحضره ذاكرتي الآن .

و لا أخفي سرا أنني الآن و قد تجاوزت الستين ، أعود

أحيانا و استمع لإحدى تلك الأغاني ، لا لشيء و إنما لأعيش لحظات فرحي الطفولية و أتذكر تلك الأيام الخوالي التي على بساطة عيشها كانت في الحقيقة سعيدة و هنيئة ، سادت فيها القيم الانسانية النبيلة من حياء و كرم و صدق و مودة و ذوق رفيع ، على عكس ما نراه اليوم ، فرغم هذا التقدم التكنولوجي ، و هذه المدنية المعاصرة ، فقد تم التفريط في القيم السامية ،

و سادت التفاهة ، ففسدت الأذواق ،  و لم يعد للفنون التعبيرية أي رسالة ، باختصار فقدت الحياة كثيرا من ملذات العيش السعيد ، حتى أصبحت أحيانا لا تطاق .


ماذا تنتظرون ؟؟؟

 ماذا تنتظرون ؟؟؟


          ألم يان لقلوب المسلمين أن تخشع و تنكسر مما يقع لإخوانهم في غزة و في كامل التراب الفلسطيني الطاهر . 

ألم يان لضمائرهم أن تستيقظ من سباتها ، فتهب لنصرة

المستضعفين ، دفاعا عن الحق و الشرعية .

أما يكفي أن المقاومة على قلة عددها و بساطة عتادها قد وقفت في وجه أعتى القوى العالمية لمدة طويلة .

أما يكفي أن الإبادة الصهيونية المدعمة قد قتلت ما يزيد عن الأربعين ألف من المدنيين العزل .

ألا تهزهم الغيرة و هم يرون المقدسات تهدم و البيوت و المدارس تدك عن آخرها .

كيف يرغد لهم عيش و أطفال غزة يموتون جوعا .

ألا يشعرون بالخزي و العار و فضائياتهم تقدم مهرجانات و حفلات الغناء و الرقص .

أليس من الوقاحة و انعدام المروءة أن تغلق المعابر في وجه الإعانات ( إن كانت هناك إعانات أصلا ) .

إلى متى قد تصمد المقاومة و هي محاصرة لا معين لها إلا الله سبحانه و تعالى .

ماذا ينتظرون لإغاثتهم ، أينتظرون إلى أن يبادوا عن آخرهم .

يا أمة محمد صلى الله عليه و سلم ، خذوا العبرة من أسلافكم البواسل ، و هبوا لنصرة المظلوم ، و اعلموا أنها معركة مفصلية ، إما أن تستعيدوا كرامتكم و تفرضوا هيبتكم ، فتخشاكم الأمم 

و تحسب لكم ألف حساب مستقبلا ، و إما أن ترزحوا تحت سلطانهم و تدوسكم أقدامهم ، عندها تأكدوا أن الدور عليكم واحدا تلوى الآخر ، فتقولوا في حسرة و آسى :

( أكلنا يوم أكل الثور الأبيض ) ، 

هذا عذاب الدنيا الأصغر جراء تخاذلكم ، لكن الأدهى من ذلك ، كيف يكون موقفكم بين يدي رب العباد  حين يسألكم يوم القيامة ، أي جواب أعددتم و أي ذريعة استندتم و أي السبل تنجيكم ، أليس العزيز الجبار هو القائل :

 ( و لعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) .

للوقاحة حدود

 للوقاحة حدود  !!!


             من المعلوم لدى الجميع أن للسفر متعة لا تضاهيها متعة ، خصوصا إذا كان القصد منه استكشاف مناطق ذات منتجعات جميلة لم يسبق للمرء أن زارها من قبل ، ابتغاء الترويح عن النفس ، و قد ذكر الحكماء فوائد السفر و تغنى الشعراء بمتعته لما يخلفه في ذاكرة الزائر من أثر طيب و ما يبعثه في نفسه من راحة و ما يسري في جسده من نشاط و حيوية ، و لا داعي لاستحضار مأثوراتهم عن الأسفار ما دام الناس على بينة منها .

لكن ثمة أمور تفسد كل ما ذكر عن مزايا السفر ، هي ظواهر مقيتة مستحدثة و سلوكات مخزية مقززة ، تقلب متعة السفر إلى قلق 

و اشمئزاز ، بل إلى ندم على التنقل خارج الديار ، و الأمر يزداد مقتا و حسرة إذا كان الزائر المغربي المسلم صحبة أسرته ، فكثيرة هي المنتجعات التي يرتادها شباب و شابات يأتون من التصرفات ما يتنافى و ديننا و هويتنا و خصوصياتنا ، يتلفظون بألفاظ نابية و بأصوات عالية و يقومون بحركات ذات إيحاءات مخجلة ، كل هذا على مرآى و مسمع من الحاضرين ، ناهيك عن العري إذ لا يرتدون ما يستر عوراتهم و عوراتهن ، شابات في مقتبل العمر ينفثون دخان السجائر في زهو و اعتداد ، و غير هذا كثير مما يحز في نفوس الحاضرين المصحوبين بزوجاتهم و أبنائهم و بناتهم 

و هم يرون هذه السلوكات الغريبة و المنفرة ، و الخطر في ذلك هو خوف الأبوين على أبنائهم من التأثر بهذه السلوكات و محاولة تقليدهاإن عاجلا أو آجلا ، خصوصا إذا لم تكن تربية الأبوين 

بمثابة حصن منيع يثنيهم عن الانجراف مع تيار هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم متحضرين و حداثيين متحررين من كل قيد ، 

و الغريب في أمر هؤلاء أنهم يدعون التحضر في المظهر فقط ، أما ما عدا ذلك من التربية الحسنة المبنية على القيم النبيلة و العلوم المفيدة فلا رصيد لديهم منها ، اهتماماتهم تحوم حول المخدرات 

و اللباس الباهض الثمن الغير المحتشم و الحلاقة الغريبة 

و الأوشام و الأقراط في أماكن معينة من أجسامهم ، بعضهم يعيش عالة على أسرته ،و البعض الآخر يتعاطى للإجرام تلبية لرغباته المذكورة . و هذه الظاهرة منتشرة في كل المدن ،

بل أصبحت عدواها تنتقل إلى القرى و لو بنسب قليلة .

لهذا أعود و أقول أن هؤلاء يفسدون أحيانا متعة السفر إذا صادف أن جمعتك بهم الظروف في منتزه سياحي أو شاطئ أو أي مكان يرتاده الناس للاستجمام و الراحة من خلال تصرفاتهم الدنيئة التي تجعلك في موقف مخجل مقزز أمام أفراد أسرتك ، و هو نفس الشعور الذي ينتاب أفراد الأسرة في حضرتك .

كلمة الأخ لحسن بنيعيش في حقي

                 كلمة الأخ لحسن بنيعيش في حقي


زايد وهنا اجتمع فيه ما تعرف في غيره، باحث في التراث، أستاذ و مربي مبدع، عاشق للغة و الأدب و الفن، مثقف عضوي، رهيف الإحساس، صاحب ذوق فني رفيع، حريص على القيم و مترفع عن الدنايا، واسع الاطلاع، خدوم، سخي جواد. قدم لمدينة بوذنيب خدمات جليلة كاتبا، باحثا، ومحاضرا، و مربيا، و منشطا في ملتقيات ومهرجانات و مناسبات دينية و وطنية بكل تضحية و نكران ذات. جمع بين الجدية و الصرامة و الفكاهة و المرح حسب السياقات و الظروف. رسم لبوذنيب أفقا ثقافيا واسعا و ممتدا متجاوزا كل التخوم. #زايد_وهنا بوذنيب، و بوذنيب زايد وهنا. يبقي فوق كل ما ذكر الإنسان بكل ما تحمل الكلمة من معان.

عذرا إن خُطت هذه الكلمات التي لن توفيك حقك و أنا أمشي على جسر الجرح. كل المودة.

توضيح من زايد وهنا حول مقال الأخ عديدو

 توضيح بشأن المقال الذي نشره الروائي المحترم السيد علي عديدو .

              السلام عليكم أحبتي أينما كنتم و أيامكم مباركة ، أولا أحيي أخي الذي لم تلده أمي السيد الفاضل عديدو علي على مقاله هذا و أحيي فيه روح الاعتراف و الامتنان التي أخجلني بها 

و الحقيقة أن  ما قاله هو الواقع ، نعم قضيت زهاء 34 سنة في خدمة التربية و التعليم و الثقافة و الفن عموما ، تدفعني غيرتي الزائدة على أن أرى شباب  بلدتي على جانب كبير من القيم السامية التي توارثناها و أن أراهم و قد أخذوا من العلم و الثقافة ما يجعلهم يتدرجون سلم سابقيهم ممن حملوا مشعل العلم 

و التربية الحسنة ، و أن يتحصنوا من كل السبل التي تؤدي إلى الانحراف ، و أن يتهذب ذوقهم فيكونوا خير خلف لخير سلف . كانت هذه كلها دوافع جعلتني أسعى ليل نهار لتحقيقها و كنت رهن إشارة كل الجمعيات النشيطة بالبلدة ، ألبي دعوة من دعاني  لأي عمل هادف إن محاضرا أو منشطا أو متدخلا أو منظما ،

لا لشيء و إنما للأهداف السابقة الذكر ، غير أن ظروفي العائلية دفعتني رغما عني لمغادرة بوذنيب لأكون بجانب بناتي اللآئي يتابعن دراستهن ، و الصراحة أن ما يحز في النفس حينها أنني كنت أنتظر من بعض الجمعيات أن تنظم نشاطا يكون بمثابة توديع و وداع بيني و بين أحبتي ، غير أنني فوجئت أن لا أحد حرك ساكنا ، و هكذا غادرت البلدة و أنا أشعر بقليل من الأسى ، و لكن مع مرور الأيام تناسى كل شيء ، و عدت لنفسي ، أكتب و أقرأ ، 

و الغريب في الأمر أنني قدمت عروضا قليلة مع جمعيات ملحونية بمراكش و كذا بعض البرامج الإذاعية فوجدت من هؤلاء الناس و أنا الغريب عنهم كل العرفان و الامتنان و الاحترام 

و التقدير المتبادلين .

لا ألوم أحدا و ليس في نيتي أن أتموقف من أحد ، فبوذنيب 

و أهلها قريبين مني ، متجدرين في القلب فأنا أستنشق هواءها عن بعد و أتتبع أخبارها و أتمنى أن أراها تسير إلى الأحسن . أخوكم زايد وهنا

تعقيب الأخ الحسن بنيعيش حول مقال الأخ عديدو

            تعقيب الأخ الحسن بنيعيش على مقال الأخ عديدو


عدت للتعقيب على مقال الأخ العزيز علي عديدو في حق الأستاذ الفاضل زايد وهنا... كما وعدت آنفا.. 

عرفت السيد زايد وهنا رجل فضل وصلاح..  يعشق العلم ودروبه والأدب ومضايقه والجد وخلجانه... أنفق زهرة شبابه في عالم التربية والتعليم؛ تخرج على يديه أجيال وأجيال ممن لا يزالون يحفظون ويرددون قصائد المتنبي وابن الرومي والبحتري والطغرائي وأمير الشعراء وجبران ومطران وأبي القاسم الشابي واللائحة تطول...

عشقه للغة الضاد تجليه كتاباته في صفحات الفضاء الأزرق.. وقلمه السيال الذي لا ينضب...

يهمي بقصائد فن الملحون والطرب الشعبي والأمثال والحكم...

ما رأيت أشد غيرة على بلدته الحبيبة بوذنيب أكثر منه!...

سريع الغضب إذا مست الأعراض والقيم... لا يجد في جيل اليوم ما يشفي الغليل... ينتصر لقيم العدالة والحق والجمال... 

أعرفه بنكران ذاته في سبيل المصلحة العامة ..

الأعمال الجمعوية ببوذنيب والحوز تلهج بذكره .. منصات الملتقيات وأعياد العرش و المهرجانات تصدح برنين لحنه ورخيم صوته ..

سامرناه فوجدنا فيه الناصح والمطرب والنشوان... محض النصح؛ أسدى الخدمة وقدم العون...لم يخذل يوما ما... يزدهي مجالسه بروضة الشعر؛ ويأنس بقربه كل من ترسم خطاه...

الرجل الآن على شفير نهاية مشواره المهني الذي قطعه بكل إخلاص وتفان وصدق ونزاهة...

عمر مديد كله عطاء وسخاء ... يستحق بالفعل التفاتة واضحة من ساكنة بلدته ومن الجسد التعليمي...وأحسبه قائما على محجة الجد والعطاء الموفور دوما... لا تنال منه العقبات الكأداء ولا العراقيل المناكيد... الله يوفقه وإيانا لما فيه جميل الخير وعظيم الصلاح...

مقال الأخ علي عديدو

           مقال الأخ علي عديدو 


وأنا أتصفح أرشيف الصور على هاتفي المحمول وقعت عيني على صورة تؤرخ لزيارة قمت بها لصديقي الزجال والأديب والباحث الأستاذ زايد أوهنا بمنزله ضواحي مراكش منذ بضع سنوات، زيارة من تلك التي تأخذ بشغاف قلبك وتشدك من تلابيبك دونما فرصة للتفاوض فبالأحرى التملص، مرد ذلك طبعا إلى كرم وأريحية وحرارة استقبال صديقي زايد زاده الله من فضله، ولكن أيضا إلى جميل صحبته المشبعة بالإمتاع والمؤانسة - مع الاعتذار لأبي حيان عن جرأة الاقتباس - 

           خزان من الأشعار والأزجال والأبحاث قديمها وجديدها مع قدرة فريدة على الارتجال وحس فكاهي ساخر ينم عن غيرة كبيرة على الأخلاق و الذوق السليم، الشيء الذي جعله ذ زايد يكرس حياته خدمة للثقافة والفن الراقي خاصة فن الملحون الذي ألف فيه صاحبي كتابه الماتع "ضالة المفتون بالشعر الملحون". كان سي زايد ولا يزال شعلة متوقدة لا تفتر، لا يتوانى عن الإسهام في أي نشاط جاد استدعي له مهما كلفه ذلك.

             عرجنا بالحديث على حيثيات انتقاله للعمل بتاحناوت ومدى تأثير ذلك على نشاطه الثقافي واهتماماته الأدبية والفنية، فعجبت من احتفاء أهل المدينة به وتكريمهم له على ندرة مشاركاته وهو حديث عهد بالمدينة، وهنا كان استفساري - الذي شعرت به خنجرا أدمى قلب صاحبي - إن كان قد تم تكريمه بالمدينة التي أفنى زهرة شبابه بها وأسهم بشكل لا ينكره إلا جاحد في الإشعاع الثقافي للمدينة فضلا عن تفانيه في عمله كمدرس كان له فضل تكوين وتأطير أفواج من التلاميذ والطلبة الذين لا زالوا يعترفون بفضله ويده البيضاء على مساراتهم، فأجابني، بمرارة ومسحة أسى من نكران جميل علت محياه، بالنفي، قبل أن يضيف أنه لا ينتظر اعترافا من أحد...

             ألا يستحق هذا الهرم التفاتة ولو رمزية وهو يغادر مكرها لدواعي عائلية المدينة التي خدمها بكل حب وإخلاص لما يناهز أربعين سنة من العطاء، أم أن مغني الحي لا يطرب...

             دمت سالما سيدي زايد ليبقى الفؤاد يهفو دوما للقياك.

عقول ما وراء المنطق

              عقول ما وراء المنطق


                رغم ما وصل إليه الإنسان من تقدم في جميع المجالات الحياتية ، و ما وصل إليه العلم الحديث من أمور ارتقت بالوعي عامة ، و كذا انتشار الفهم السليم و الصحيح لما جاء به الإسلام من تعاليم ، هذه التعاليم و الشرائع الربانية التي بفضلها استنارت العقول و خرجت من ظلمات الخرافة و الشعودة إلى نور العلم و المعرفة ، إلا أننا ما زلنا نرى بعض الظواهر التي تجاوزها الزمان و تجردت منها العقول النيرة ، و من جملة هذه الظواهر ظاهرة يسميها بعض الجهلة ( بوجلود ) يحيونها في اليوم الرابع و الخامس من أيام عيد الأضحى ، إذ يرتدون جلود الحيوانات و يضعون قرونها على رؤوسهم و يخفون وجوههم خلف أقنعة مخيفة ، يرتادون الأماكن العامة و يتجولون في الشوارع و هم على تلك الحالة المخيفة التي تبعث

على التقزز و تنشر الخوف و الهلع في أوساط الأطفال الصغار الذين يظنونها في تمثلاتهم أشباحا أو مخلوقات

غير عادية ، و هو الأمر الذي عاينته مع حفيدتي التي

لا يتجاوز سنها خمس سنوات ، فقد كانت تلهو بباب

المنزل ، فإذا بنا نسمع صراخها و هي تهرول مذعورة  نحو الداخل ، و كأنها تستغيث بنا ، فلما سألناها عن سبب خوفها ، أشارت بأصبعها إلى الخارج حيث يوجد الوحش كما تصورته هي ، هذا الوحش لم يكن إلا واحدا من أولئك الشباب الجاهل الذي يحتفل ببوجلود ،

و مادام قد فعل بنفسه ما فعل فهو صراحة وحش في

تفكيره قبل أن يكون وحشا في مظهره .

في الحقيقة يجب القطع مع مثل هذه العادات التي ما

أنزل الله بها من سلطان و التي تعبر عن تخلف معتقديها

الذين بتصرفاتهم البلهاء  يسيئون  إلى التربية 

و يهدمون ما يبنيه العلم في عقول الناشئة بل و أكثر من هذا قد يكون لها الأثر  الخطير على نفسية الأطفال.


إجراءات استباقية 4

 اجراءات استباقية في حلقات

                            الحلقة الرابعة


           كثيرا ما نسمع عن أشخاص تعرضوا للأذى جراء هجوم الكلاب الضالة ، و التي تؤدي في أغلبها  إلى الوفاة خصوصا في أوساط الأطفال و العجزة الذين لا تسمح لهم بنياتهم الجسمانية على المقاومة . و هنا كذلك يتساءل المواطن عن مدى تحرك السلطات المعنية للقضاء على هذه الظاهرة المستشرية قبل وقوع

الفواجع ، علما بأن قتل الكلاب الضالة في مثل هذه الحالات أمر ضروري ، مادامت حياة الناس في خطر ، فالله سبحانه و تعالى كرم الإنسان و جعله أفضل المخلوقات ، و أباح القضاء على الحيوان إذا ثبت أنه يهدد حياة الإنسان ، و منها على سبيل المثال لا الحصر الزواحف السامة كالأفاعي و العقارب أو أي حيوان ضاري إذا غادر بيئته و هجم على الناس في مساكنهم ،

ففي مثل هذه الحالات يجوز القضاء عليه قبل أن يقضي هو على واحد أو أكثر من البشر .

الكلاب هي الحيوانات التي تستأنس بالإنسان و تعيش معه شريطة أن يمتلكها صاحبها و يهتم بصحتها كما يهتم بتغذيتها و لا يتركها تجوب الشوارع ، و هذا هو الصواب في امتلاك الكلاب ، أما الضالة منها فينبغي أن تخصص لها أماكن منيعة تجمع فيها ، فإن تعذر ذلك وجب قتلها قبل أن تقتل هي المواطنين الأبرياء .

إجراءات استباقية ( الحلقة 3)

 اجراءات استباقية في حلقات

                            الحلقة الثالثة 


          لعل ما وقع مؤخرا ببعض المدن المغربية من تسمم لعدد كبير من الذين يتناولون الكحول المصنعة يدويا و التي تعرف في أوساط السكارى ب ( الماحيا ) ، التي أودت بحياة عدد من المدمنين ، لدليل آخر على عدم اتخاذ الاجراءات الاستباقية قبل وقوع هذه الفواجع ، فالتحركات و التحريات التي تقوم بها الجهات المسؤولة أثناء وقوع الفاجعة ، كان من الأجدر أن تكون قبل حدوثها ، و ذلك بتكثيف البحث قدر الإمكان عن المخابئ التي تصنع فيها هذه السموم ، و الضرب بيد من حديد على كل من تبث أن حضرها أو ساهم في تحضيرها ، و أن تتخذ في حقهم العقوبات القاسية جدا ، فلو تم الحزم في محاربة هذه الظاهرة ليل نهار  في كل الأحياء و القرى الهامشية ، و إلحاق أقسى العقاب على مصنعيها ، فلا شك أن هذه التدابير  ستجعل الكثير منهم يتراجع عن إنتاج هذه السموم ،و بذلك يقل الخطر بنسبة كبيرة ، أما أن نغض الطرف حتى تقع الكارثة فتقوم الأبحاث ساعتها على قدم و ساق لمعاقبة الجناة ، فما أن تمر تلك العاصفة ، حتى تعود الأمور إلى حالتها السابقة ، و تفتر فينا حماسة البحث عن  المجرمين الذين يستأنسون بذلك الهدوء فيعودون إلى سالف أعمالهم الإجرامية ، لهذا فإن هذه  الاجراءات الآنية لن تحد من الظاهرة ، ما لم يكن البحث و التحريات متواصلة و بجدية .

إجراءات استباقية 2

                   اجراءات استباقية في حلقات

                            الحلقة الثانية


          و أنا أتصفح جريدة هسبريس الالكترونية ، استرعى انتباهي خبر ، مفاده أن مختلا عقليا أجهز على والده و أرداه قتيلا ، و مثل هذا الخبر يطالعنا من حين لآخر في مدننا و قرانا ، لكن ما يثير الاستغراب و يجعل

الكثير يطرحون السؤال التالي ، هو إلى متى يضع المسؤولون حدا لهذه الظاهرة المستشرية بهذه الصورة

المرعبة ؟ ، و لماذا لا يتخذون التدابير الاستباقية قبل وقوع هذه الكوارث ؟ .

أليس في مقدور الدولة أن تنشئ مارستانات خاصة تأوي المختلين عقليا ، فتسهر على معالجتهم و رعايتهم

فلا يختلطون بغيرهم في المجتمع إلا إذا تأكد تعافيهم

من تلك الأمراض النفسية ، و تم التأكد كذلك من أن حالتهم أصبحت سوية لا تشكل خطرا على الآخرين ؟ ، 

حينها يمكن إدماجهم في المجتمع و تتبع حالاتهم 

و مراقبة تصرفاتهم خوفا من معاودة المرض .

أما الذين لم يتماثلوا للشفاء ، فهؤلاء من الواجب الاحتفاظ بهم داخل المارستان ،  و عدم السماح لهم

بمغادرته درءا لأي خطر قد يسببونه إن هم اختلطوا في حياتهم اليومية بالآخرين .

و هكذا سنحد من هذه الجرائم التي يقترفها هؤلاء المختلين عقليا ، لأنهم مرضى و المريض يجب أن يعالج

و يحتفظ به بعيدا عن الآخرين .

فكم من مواطن صالح ، يؤدي وظيفة أو حرفة تم القضاء عليه من قبل مختل عقليا ، فلا المختل صالح في مجتمعه و لا هو ترك الصالحين لحالهم .

ارحموا هذه الفئة و خففوا من معاناتها ، و ارحموا الأبرياء الذين يقتلون على أيديهم من غير سبب .

إجراءات استباقية ( الحلقة 1)

 اجراءات استباقية في حلقات

                            الحلقة الأولى


           أحيانا أتساءل في قرارة نفسي ، لماذا لا تتخذ السلطات المعنية الاحتياطات اللازمة و الاجراءات الاستباقية قبل وقوع الكارثة ، ففي أيامنا هذه نلاحظ ظاهرة خطيرة قد اكتسحت كل المدن و القرى ، و هي ظاهرة لعب كرة القدم في الشوارع المأهولة التي تعج بالسيارات و الدراجات النارية ، و المكتظة بالراجلين ، 

و هذه الظاهرة المميتة  يزداد خطرها بنسبة كبيرة في المدن ، 

و رغم الخطر الذي يمكن أن تسببه هذه الظاهرة و الذي يصل في أغلب الحوادث إلى إزهاق أرواح الأطفال و الشباب ، إلا أن لا أحد من المسؤولين يحرك ساكنا ، و يمنع اللعب في الشوارع حفاظا على سلامتهم ، و هو الأمر الذي أصبح يزعج السائقين الذين يعملون المستحيل لتجنب وقوع الحوادث مما يثير في نفوسهم القلق و الغضب ، و في حالة ما إذا وقع مكروه ليس للسائق فيه أي ذنب ، تتخذ في حقه إجراءات و كأنه هو المخطئ ، و يتعرض لأنواع الاستنطاقات و التحريات باعتباره مجرما ، بينما الجاني الحقيقي هو من غض الطرف و لم يمنع اللعب في الشوارع ، 

و المساهم الأكبر في هذه الحوادث هي الأسر التي لا تحرص على سلامة أبنائها ، و التي تاهت في مشاغل الحياة غافلة عن الأخطار المحدقة بأبنائها جراء لعبهم في الشوارع ، و لا تشعر بالندم إلا بعد أن تقع الفاجعة ، و أنى ينفعها الندم حينها . 

فإذا كنا فعلا نريد حقن الدماء التي تسببها حوادث السير ، فهذه إحدى الاجراءات التي يجب اتخاذها عاجلا ، و هي منع اللعب في الشوارع ، و بالمقابل يجب توفير ملاعب القرب ينشد فيها الشباب و الأطفال ضالتهم ، و يستمتعون بممارسة هواياتهم بعيدا عن كل خطر محدق .

أرجو أن يجد هذا النداء أذانا صاغية من قبل السلطات التي بموجب القانون المخول لها يمكنها أن تمنع ممارسة أي نشاط رياضي في الشوارع خصوصا كرة القدم التي تستهوي فئة كبيرة من الشباب و الأطفال ، كإجراء استباقي تحسبا لأي فاجعة قد

تحدث ، و لا شك أنها ستحدث إن استمر الحال على ما هو عليه .