عقول ما وراء المنطق
رغم ما وصل إليه الإنسان من تقدم في جميع المجالات الحياتية ، و ما وصل إليه العلم الحديث من أمور ارتقت بالوعي عامة ، و كذا انتشار الفهم السليم و الصحيح لما جاء به الإسلام من تعاليم ، هذه التعاليم و الشرائع الربانية التي بفضلها استنارت العقول و خرجت من ظلمات الخرافة و الشعودة إلى نور العلم و المعرفة ، إلا أننا ما زلنا نرى بعض الظواهر التي تجاوزها الزمان و تجردت منها العقول النيرة ، و من جملة هذه الظواهر ظاهرة يسميها بعض الجهلة ( بوجلود ) يحيونها في اليوم الرابع و الخامس من أيام عيد الأضحى ، إذ يرتدون جلود الحيوانات و يضعون قرونها على رؤوسهم و يخفون وجوههم خلف أقنعة مخيفة ، يرتادون الأماكن العامة و يتجولون في الشوارع و هم على تلك الحالة المخيفة التي تبعث
على التقزز و تنشر الخوف و الهلع في أوساط الأطفال الصغار الذين يظنونها في تمثلاتهم أشباحا أو مخلوقات
غير عادية ، و هو الأمر الذي عاينته مع حفيدتي التي
لا يتجاوز سنها خمس سنوات ، فقد كانت تلهو بباب
المنزل ، فإذا بنا نسمع صراخها و هي تهرول مذعورة نحو الداخل ، و كأنها تستغيث بنا ، فلما سألناها عن سبب خوفها ، أشارت بأصبعها إلى الخارج حيث يوجد الوحش كما تصورته هي ، هذا الوحش لم يكن إلا واحدا من أولئك الشباب الجاهل الذي يحتفل ببوجلود ،
و مادام قد فعل بنفسه ما فعل فهو صراحة وحش في
تفكيره قبل أن يكون وحشا في مظهره .
في الحقيقة يجب القطع مع مثل هذه العادات التي ما
أنزل الله بها من سلطان و التي تعبر عن تخلف معتقديها
الذين بتصرفاتهم البلهاء يسيئون إلى التربية
و يهدمون ما يبنيه العلم في عقول الناشئة بل و أكثر من هذا قد يكون لها الأثر الخطير على نفسية الأطفال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق