مقال الأخ علي عديدو
وأنا أتصفح أرشيف الصور على هاتفي المحمول وقعت عيني على صورة تؤرخ لزيارة قمت بها لصديقي الزجال والأديب والباحث الأستاذ زايد أوهنا بمنزله ضواحي مراكش منذ بضع سنوات، زيارة من تلك التي تأخذ بشغاف قلبك وتشدك من تلابيبك دونما فرصة للتفاوض فبالأحرى التملص، مرد ذلك طبعا إلى كرم وأريحية وحرارة استقبال صديقي زايد زاده الله من فضله، ولكن أيضا إلى جميل صحبته المشبعة بالإمتاع والمؤانسة - مع الاعتذار لأبي حيان عن جرأة الاقتباس -
خزان من الأشعار والأزجال والأبحاث قديمها وجديدها مع قدرة فريدة على الارتجال وحس فكاهي ساخر ينم عن غيرة كبيرة على الأخلاق و الذوق السليم، الشيء الذي جعله ذ زايد يكرس حياته خدمة للثقافة والفن الراقي خاصة فن الملحون الذي ألف فيه صاحبي كتابه الماتع "ضالة المفتون بالشعر الملحون". كان سي زايد ولا يزال شعلة متوقدة لا تفتر، لا يتوانى عن الإسهام في أي نشاط جاد استدعي له مهما كلفه ذلك.
عرجنا بالحديث على حيثيات انتقاله للعمل بتاحناوت ومدى تأثير ذلك على نشاطه الثقافي واهتماماته الأدبية والفنية، فعجبت من احتفاء أهل المدينة به وتكريمهم له على ندرة مشاركاته وهو حديث عهد بالمدينة، وهنا كان استفساري - الذي شعرت به خنجرا أدمى قلب صاحبي - إن كان قد تم تكريمه بالمدينة التي أفنى زهرة شبابه بها وأسهم بشكل لا ينكره إلا جاحد في الإشعاع الثقافي للمدينة فضلا عن تفانيه في عمله كمدرس كان له فضل تكوين وتأطير أفواج من التلاميذ والطلبة الذين لا زالوا يعترفون بفضله ويده البيضاء على مساراتهم، فأجابني، بمرارة ومسحة أسى من نكران جميل علت محياه، بالنفي، قبل أن يضيف أنه لا ينتظر اعترافا من أحد...
ألا يستحق هذا الهرم التفاتة ولو رمزية وهو يغادر مكرها لدواعي عائلية المدينة التي خدمها بكل حب وإخلاص لما يناهز أربعين سنة من العطاء، أم أن مغني الحي لا يطرب...
دمت سالما سيدي زايد ليبقى الفؤاد يهفو دوما للقياك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق