💃أتعرف لماذا ؟💃

                         💃  أتعرف لماذا ؟  💃


              كنا و نحن صغارا نسعد لأتفه الأشياء ،

و نملأ أوقاتنا بما يرضينا ، كنا نصنع لعبنا بأيدينا ، و كان لكل موسم ألعابه و أنشطته الخاصة به إلا كرة القدم فهي تلازمنا في كل الأوقات 

و المواسم .

ففي عطلة الصيف نمارس السباحة في الوادي        و نلعب الورق في ظل أشجار النخيل ، و نصنع

العربات من الأسلاك و العلب الفارغة ، نقودها في أزقة الحي و نحن نتباهى بها أمام زملائنا .

أما فصل الخريف فهو موسم جني التمور 

و الزيتون و فيه نجمع بعض الدريهمات مما التقطناه من حبوب الزيتون فيما نسميه نحن 

 " بالتغلال " .

فإذا حل الشتاء نكتفي بلعب كرة القدم في أوقات النهار المشمسة ، و لا شيء سواها لأن البرد القارس يجبرنا على ملازمة منازلنا و مراجعة الدروس أمام المدفأة .

أما فرحتنا الكبيرة هي عندما يهل علينا فصل

الربيع ، فهو الفصل الذي نمارس فيه هوايات

عديدة ، بدءا باحتفالات عيد العرش التي نحضر 

لها في مدارسنا أياما قبل موعده ، فنردد الأناشيد بحماسة و نشارك في أدوار المسرحيات تخليدا للذكرى و إحياء للأمجاد الوطنية ، فإذا انتهت تلك الحفلات نعود لممارسة أنشطتنا المعتادة  كصيد الطيور في الحقول مستعملين الفخاخ ، أو نذهب

إلى البساتين بحثا عن المشمش الذي لم يحن 

نضجه بعد ، إذ كنا نتلذذ بحموضته .

هذه الأنشطة و غيرها مما أغفلته هي مألوفة ،

اعتاد عليها صغار القرية ، يتوارثونها جيلا عن جيل ، أما الأشياء التي تزيد من سعادتنا في ذلك

السن هي تلك التي نفاجأ بها من حين لآخر ،

كمجيء عمي بوشعيب العطار الذي ينصب خيمته

في أحد أركان ساحة الحي ، فنجدها نحن الصغار

فرصة للحصول على ما نريد من خلال المقايضة مع العطار ، إذ كنا نأتيه بمد من القمح أو الذرة 

أو ببعض البيض فيقايضنا بها لعبة بلاستيكية أو كأسا صغيرا من زجاج أو بعض الحلوى ، فلا نقبل شرب الشاي في منازلنا إلا في كأس العطار  

و نحرص كل الحرص على ألا يضيع منا .

أما إذا بلغ إلى علمنا أن السينما الحائطية في 

طريقها إلى بلدتنا ، فتلك سعادة لا تضاهيها سعادة ، تجدنا نعد الدقائق و الساعات و الشوق يهز أفئدتنا ، فنذهب قبل بداية الشريط السينمائي

بساعات لنأخذ لأنفسنا مكانا ملائما للمشاهدة ،

و في اليوم الموالي لا يكون نقاش الصغار إلا

حول الفيلم و أحداثه و كل منا يدعي أنه هو من

فهم القصة الفهم الصحيح .

و نفس الشيء إذا ما حل ببلدتنا ما نسميه نحن

ب " الحلايقي " سواء كان مهرجا أو مغنيا 

أو مروض أفاعي أو رياضيا مثل " أولاد سيدي احماد و موسى " ، فتلك كذلك مناسبات تسرنا غاية السرور  .

و الغريب في أمر زماننا ذاك ، أننا و نحن صغار

نتبع أولئك المتسولين الذين يزورون بلدتنا 

و  يستجدون العطاء متنقلين بين البيوت و هم يعزفون و يرددون بعض القصائد ، حتى أصبحنا نحن الأطفال نحفظ تلك القصائد و نرددها بيننا  .

         نعم هكذا عشنا تلك الطفولة السعيدة ، لم نكن نشعر بفقر لأن مستوى المعيشة متقارب بين

أهالي البلدة ، و لم نكن نتضجر من التهميش

الذي تعاني منه البلدة لأننا لا نعرف شيئا عما

يدور خارجها ، فكان عالمنا الصغير ذاك ببساطته

و براءتنا مفعم بالسعادة التي ما تزال ذكرياتها

راسخة في أذهاننا .

فها نحن قد صرنا كبارا ، و ها نحن نعرف كل شيء

من حولنا ، و ها قد توفر لدينا ما لم نكن نملكه قديما .

 فهل نحن حقا سعداء ؟

و هل يشعر أبناؤنا اليوم بنفس السعادة  التي غمرتنا نحن في ذلك الزمان رغم الفارق الكبير في الإمكانيات التي توفرت لهؤلاء ؟ 

أم أن ما توفر لهؤلاء هو عينه من ساهم بقسط كبير في تعاسة البعض منهم ؟


إنها أسئلة تنتظر الجواب ممن قرأ هذه المقالة 

و اقتطع من وقته لحظة للرد عليها ، فسعادة

الكاتب في مقارعة الأفكار  .



                            💼  بقلم  زايد وهنا  💼


 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق