☚ من أنت ؟!
ما أريد إثارته هنا في هذا المقال المختصر ليس استنقاصا من قدر أحد ، و لا شماتة بأحد ،
و لكنها وجهة نظر أملتها علي الغيرة و حب الخير لهذا الوطن و أبنائه ، فإن رأيتم ما أراه فبه و نعم ،
و إن خالفتموني الرأي فمن حقكم أن تقوموا اعوجاجي ، و الاختلاف لا يفسد للود قضية .
من أغرب الغرائب في عصرنا هذا أن حازت التفاهة شهرة و نجومية لم نعهدها من قبل فيما
مضى من العصور ، و استشرت مظاهرها
بين الناس في كثير من سلوكاتهم ففي الفن مثلا
أصبح الغناء الساقط في كلماته ، المختل
في ألحانه ، المنفر في أدائه ، هو الماتع المفضل
عند السواد الأعظم من الناس ، و بات اللباس
الضيق الممزق الذي لا يكاد يستر عورة هو المرغوب خصوصا في أوساط الشباب ، بل و أكثر
من ذلك أن الشاب لا يقتنع بشخصيته إلا إذا وسم
أطراف جسمه بالأوشام ، و وضع الأقراط في أذنيه ، و رسم خرائط غريبة في شعره ، و تداول مصطلحات لا تبث للسان الفصيح و لا العامي بصلة ، و ما قيل عن الذكور يقال عن الإناث
بل أكثر و أدهى .
و الأغرب من هذا كله أن جلهم يتابعون دراستهم
في الثانويات و المعاهد و الجامعات ، و هنا ثمة سؤال يطرح نفسه بإلحاح ، و هو :
ماذا أكتسبوا من تعلمهم و ثقافتهم ؟
أليسوا هم الصفوة و النموذج الذي يحتدى به في أناقتهم و سلوكهم المتزن ؟
و لو سألتهم المنطق الذي حدد لهم هذا النوع
من السلوكات ، ما استرحت منهم إلى جواب شاف
مجرد تقليد لا ينبني على أساس علمي ، لا تراعى
فيه الخصوصيات الإسلامية و العربية و اللغوية
و لا الأعراف و التقاليد المتوارثة عن جهابدة
علمائنا و مفكرينا الذين مازلنا نستنير بعلومهم
و معارفهم ، فلم هذا الإنسلاخ عن هذه الخصوصيات التي تقوم سلوكنا و تميزنا عن غيرنا ؟ و لماذا هذا الانسياق خلف سلوكات أمم أخرى ربما تفتقد هي ما نملكه نحن من قيم في
ديننا ؟ لماذا نشعر بالنقص في أنفسنا و نرى الخلاص في التبعية وتقليد القشور ؟
أعتقد اعتقادا راسخا أن الإنسان متى ما تلقى تربية حسنة في بيئة صالحة ، و اهتم بطلب العلم
بجد إلا و ارتقى بعلمه و معارفه إلى مدارج العلا ، و هذا النوع هو من تكون لديه شخصية متزنة تهتم بالجوهر و تنبذ كل تلك القشور والمظاهر المقززة ، و العكس صحيح ، و لكن للأسف هذا ما نراه جليا عند أغلب شبابنا اليوم ، فرغم مستواه الدراسي ، فهو يشكو فقرا و ضعفا في مستواه الثقافي ، باستثناء قلة قليلة ممن سبق عليهم القول ، و هذا الضعف و النقص يجعله يفقد الثقة في نفسه فتضعف شخصيته و يعوض ذلك كله بالتبعية العمياء .
ختاما أناشد شبابنا ذكورا و إناثا الإقبال على
العلم و الثقافة و التمسك بالقيم النبيلة و الأخلاق
الفاضلة ، فهذه و لا شيء سواها هي التي تبني
شخصية الإنسان و تبوئه المكانة الراقية في
مجتمعه ، ولنا عبرة في أسلافنا من العلماء من
أمثال الخوارزمي و ابن سينا و ابن النفيس
و الرازي و غيرهم كثير من العلماء و الأدباء ،
الذين خلدوا أسماءهم في التاريخ بجدهم
و اجتهادهم لا بملابسهم و تصافيف شعرهم .
فعليكم بمثل أخلاقهم و جدهم إن أطقتم ، فإن لم تطيقوا ، فأخذ القليل خير من ترك الجميع ،
و بالله التوفيق .
💼 بقلم زايد وهنا 💼
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق