⛾ ماسح الأحذية ⛾
لم يسبق لي قط أن وضعت رجلي على صندوق
ماسح الأحذية ليتولى مسحها و تلميعها ، لأنني
أقوم بذلك في بيتي .
و لكن حدث مرة أن كنت جالسا بأحد المقاهي
و إذا بماسح للأحذية يقف أمامي و يستشيرني
إن كنت أرغب في مسح حذائي و تلميعه ، ابتسمت في وجهه و قلت له أن حذائي ليس في حاجة إلى تلميع ، و لكن المسكين ألح متوسلا لأنه في حاجة إلى نقود ، و أن يومه ذاك كان يوما شحيحا لم يكسب فيه ما يسد به رمقه ، حينها قررت أن أساعده بما تيسر دون مقابل ، و لكنه أصر على تقديم خدمته ليشعر بأنه لا يستجدي أحدا ، اعجبت بأنفته و كبريائه ، فطلبت منه الجلوس بجانبي و ناديت على النادل ليقدم له مشروبا ، عندئذ صارحته بأنني أستحيي أن أمد رجلي لإنسان مثلي ، فينحني أمامي على الحذاء مسحا و تلميعا ، إنه لأمر مقزز في نظري و لا أستطيع إتيانه .
لاحظت الإعجاب باديا على قسمات وجهه ،
و سرعان ما استدرك الموقف بحل مناسب يرضي الطرفين ، بحيث طلب مني أن أنزع الحذاء
و يتولى العمل عليه و هو جالس على الكرسي بالقرب مني ، وافقت نزولا عند رغبته ، إذ استنفذ
كل أعذاري و لم أجد أمام إصراره مفرا .
تجاذبنا أطراف الحديث ، فشرع يحكي عن بعض المواقف ألا إنسانية التي يتعرض لها من حين لآخر ، كان أغلبها من طرف أشخاص من مستوى اجتماعي لا بأس به ، و رغم ذلك فهم يساومونه على ذلك المبلغ الزهيد الذي لا يزيد على ثلاثة دراهم .
أنهى عمله و أشعل سيجارة نفث دخانها في الفضاء متنهدا و كأنه أزاح عن نفسه هما ثقيلا ،
إذ وجد أخيرا من يصغي إليه ، و يقدر معاناته ، احتسى مشروبه و قام مودعا ، ناولته عشرين درهما ، و شكرته قبل أن يشكرني و رأيت الدموع في عينيه ...
💼 بقلم زايد وهنا 💼
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق