🔎 كفاني فيك يكفوني 🔎
من المشاهد اليومية التي تثير الاستغراب ما حدث
قبل أشهر قليلة ، حيث التقيت صدفة برجل كان قد تعرف علي في أحد اللقاءات الثقافية ،
و الحقيقة أنني كدت أنساه لو لم يذكرني باسمه
و بكل تفاصيل ذلك النشاط الثقافي الذي كان هو نفسه أحد الأعضاء المنظمين له ، كما أبدى إعجابه
بمداخلتي في موضوع اللقاء ، و أثنى عليها كثيرا.
اعتذرت عن عدم تذكري له ، معللا ذلك بالعدد الكبير للحاضرين الذين لا يمكن أن أتذكرهم كلهم ، تفهم موقفي و قبل اعتذاري ، فطفقت أسأله عن أحواله مبديا نوعا من الانشراح في وجهه ،
و بعدها هممت بالانصراف مودعا ، فإذا به يطلب مني أن أجالسه لبعض الوقت إذ كان يريد أن يستفسرني في بعض الأمور التي أثيرت في ذلك النشاط الفارط .
لم أجد بدا من تلبية رغبته درءا لأي إحساس قد يتولد عنده إن لم أجاره فيما يريد .
أشرت عليه باختيار المكان المناسب لهذه الجلسة ،
فلم ينتظر مني اقتراحا بل أخذ المبادرة في عجلة و أشار علي أن نتوجه نحو مقهى من خمسة نجوم
وسط المدينة و الذي لا ترتاده إلا الطبقة الراقية
من أفراد المجتمع .
لا أنكر أنني بدأت أكتشف أشياء لا تبعث على
الارتياح في اقتراح هذا الرجل و لكن رغم ذلك
أشرت عليه أن نجلس في مكان هادئ ، فنحن
نود أن نتحدث في مواضيع ذات أهمية ، فما المانع إذا جلسنا بهذا المقهى القريب منا فالمكان به فسيح ، تحيط به حديقة ، و لا يكلف الجلوس به
أكثر مما نطيق ، خصوصا و أن غايتنا هي الحديث و ليس المقهى .
لم يجد اقتراحي في نفسه قبولا ، فهو يرى أن مثل هذا المقهى الذي أشرت به عليه لا يرتاده إلا البسطاء من القوم الغير المثقفين لذلك فهو
يختار من المقاهي تلك الفاخرة جدا و الباهضة جدا لأن الجلوس بها هو من يحدد شخصية الإنسان و مستواه الاجتماعي و الثقافي .
إلى هذا الحد لم أستطع تحمل سماع مثل هذه التصورات التي تنبئ عن طباع تختلف تماما عما أومن به ، و عن معايير تتنافى إطلاقا مع مبادئي ، فطلبت منه دون أن أشعره بشيء مما لمسته من استعلاء في شخصيته ، أن نؤجل هذه الجلسة إلى فرصة أخرى حيث يكون لدي متسع من الوقت .
و هكذا ودعته و انصرفت إلى حال سبيلي آملا ألا ألتقيه و أمثاله مرة أخرى ، هرولت و أنا أردد في داخلي القول المأثور :
" كفاني فيك يكفوني "
💼 من واقع زايد وهنا 💼
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق