🌒المسحراتي سليل الزاوية الكناوية ببوذنيب 🌘
هناك قول مأثور كنا نتداوله منذ صغرنا و نتمازح به و هو قول أحدهم :
" إن شيح ابن لودايني "
و كان المقصود من قوله
" إن يوذن ابن شياحني "
و معناها
" إلى أن يؤذن ابن شياحني "
و لكن اختلت موازين النطق عند القائل فقلب الجملة رأسا على عقب ، و هذا الأمر يقع فيه البعض من الناس بسبب التسرع .
فما المقصود من هذه القولة
" إلى أن يؤذن ابن شياحني " ؟
و من هو يا ترى هذا الشخص المسمى
" ابن شياحني" ؟ .
جرت العادة عند أهل بوذنيب قديما أنهم يسهرون ليلة العرس في الغناء و الطرب حتى يؤذن المؤذن لصلاة الفجر ، و من شدة المتعة و الفرجة
و الاستمتاع بالطرب كان بعضهم يردد بصوت مرتفع :
" إيل صباح " أي " إلى الصباح "
فيردد آخر :
" إن يوذن ابن شياحني "
أراد أحدهم أن يردد هذه العبارة الأخيرة ، فقلب الجملة وقال : " إن يشيح ابن لودايني "
و منذ ذلك الحين و الناس يرددونها مقلوبة قصد الضحك و المزاح .
و هذا يعني أننا سنستمر في الطرب الممتع و لن نتوقف حتى نسمع السيد ابن شياحني يؤذن لصلاة الفجر .
الآن و قد عرفنا المقصود من القولة ، فمن هو الشخص المعني بها و هذا هو صلب موضوعنا الذي من أجله كتبنا هذا المقال .
تأسست الزاوية الكناوية " سيدنا بلال " ببوذنيب بمجيء المرحومين بابا موح شياحني
و صهره محمد برابح من تافيلالت إلى بوذنيب .
محمد برابح هذا نزح من منطقة بشار - حيث لا يزال أبناء عمومته يقيمون هناك - و استقر بقصر أولاد عبد الحليم بتافيلالت قبل أن يغادرها رفقة صهره بابا موح شياحني إلى بوذنيب حيث أسسا زاوية سيدنا بلال الكناوية بحي الكرابة .
محمد برابح ترك من الولد ثلاثة هم عبد الرحمان شياحني و عبد النبي شياحني أطال الله في عمرهما و عبد الله شياحني رحمه الله .
أما بابا موح شياحني زوج ( ماما زا ) أخت محمد برابح فقد ترك هو كذلك من الولد ثلاثة هم العربي شياحني و سالم شياحني و جيلالي شياحني .
و كان بابا موح شياحني رحمة الله عليه مؤذنا بمسجد حي الكرابة لمدة طويلة ، جعل الله ثوابها في ميزان حسناته .
نعم لقد امتدت الطقوس الكناوية من المرحوم محمد برابح إلى ابنه عبد الرحمان أكبر إخوته ،
و الذي يرجع إليه الفضل في الحفاظ على تراث أبائه و أجداده ، فكان شديد الحرص على استمرار هذا النمط الغيواني الكناوي ، و لذلك كان يقيم كل ليلة جمعة جلسة كناوية بآلة الهجهوج ( الكنبري )
كما كان ينظم كل صيف لقاء سنويا لكناوة ببوذنيب ( اللمة ) بدار بابا موح شياحني و زوجته
( ماما زا ) و هو ما يسمى في قاموس الكناويين
ب ( الدردبة ) و يحضره بعض كناوة من المناطق المجاورة و على رأسهم بابا سالم من الرشيدية ،
فيحيون ليلة كناوية تبهر الحضور بعروضها .
و لم يكن عبد الرحمان يكتفي بهذا بل كان أحيانا يجوب القصور المجاورة لبوذنيب رفقة أخيه عبد الله و صديقه أحمد الابراهيمي ، غايته في ذلك التعريف بالفن الكناوي و متعته في الأوساط التي تجهله ، و فعلا كانوا يلاقون الترحاب و التقدير من قبل القرويين .
تتميز إيقاعات الطبل و القرقاب ( الصنج ) لدى زاوية كناوة ببوذنيب عن الإيقاعات التي نجدها مثلا لدى كناوة في الخملية أو زاكورة .
و لكن للأسف توقفت هذه العادات و الطقوس منذ مدة لأسباب ذاتية و موضوعية لا يتسع المجال لذكرها ، و لم يبق منها إلا طقس المسحراتي الذي دأب السيد عبد الرحمان شياحني على الالتزام به كلما حل شهر رمضان المبارك ، يساعده في ذلك تارة أخوه عبد الله قبل مماته و تارة صديقه أحمد الابراهيمي ، فكانوا يطوفون البلدة بأنغام كناوية يوقظون الناس لتناول وجبة السحور ،
و لم تتوقف هذه العادة التي ألفها أهل بوذنيب إلا في السنوات الأخيرة حيث داهم العجز و المرض السيد عبد الرحمان و لم يعد قادرا على المشي كثيرا ، نسأل الله جل في علاه أن يشفيه
و يعافيه و أن يجزيه عنا خير جزاء ، فقد كان رجلا
طيب القلب ، صفي السريرة ، كريم الأخلاق ،
و لا يفوتني أن أتقدم بجزيل الشكر لابنه الأخ عبد الكريم شياحني على المعلومات التي أمدني بها ،
و لولاه لما استطعت أن أفصل في الموضوع ، كما نسأله جلت قدرته أن يتغمد أباءنا و أجدادنا و سائر أموات المسلمين بالرحمة و الغفران ، و أن يجمعنا بهم في الفردوس الأعلى ... آمين ....
💼 بقلم زايد وهنا 💼
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق