🌴🌴🌴 واحة في واحة 🌴🌴🌴
سألني أحدهم -- بنوع من السخرية سؤالا شممت فيه رائحة الغيرة إن لم أقل الحسد -- قائلا :
" ما السر الذي بلغ بواحتكم كل هذا الإنبهار ،
الذي لم تبلغه حواضر و أمصار ،
رغم أنكم في أرض قفار ؟ "
أجبته فورا ، وقد غلت الدماء في عروقي ، إذ أكره الاستعلاء و الاستخفاف بالناس :
" سؤالك مستفز
و سجعه مقزز
و بيانه مشمئز
و الغرض منه تعجيز " .
علت وجهه صفرة و تغيرت نظراته ، فتابعت كلامي :
" استمع إلي و لا تقاطعني ، فإن اقتنعت بكلامي فخذه عني و لا تجادل ، و إن لم تقتنع فاسأل غيري من أهل واحتي ممن يفوقني حججا في الرأي
و بلاغة في القول .
ألا تعلم أن الله يحيي الأرض بعد موتها ؟
ألا تعلم أن الله يخرج الحي من الميت ؟
حين
تزرع الأفكار في واحة مهمشة
و تسقي تربتها سواعد مشمرة
و تسمد جذورها عزائم حازمة
و تزيل طفيلياتها هامات مدربة
و تصون ممتلكاتها ثلة بريئة
و تدبر أمورها عقول فطنة
و تنظم أنشطتها طاقات متمرسة
و تؤطر ملتقياتها كفاءات محنكة
و تسير ميزانيتها أيادي أمينة
حتما
ستثمر هذه الواحة و تخرج من كل زوج بهيج ،
و تبلغ من الرقي و الازدهار مبلغا كبيرا ، و لو كانت في صحراء قاحلة و بإمكانيات بسيطة ، لأن العبرة برجالاتها و قوة عزيمتهم . فإن كانت الأرض صلبة فقد وجدت من هم أصلب منها ، شعارهم في تطويعها هو :
زرع الأفكار الصالحة يكون بنية التوكل على الله
وسقي تربتها يكون بالتفاني و نكران الذات
و تسميد جذورها يكون بالمواكبة و الانضباط
و إزالة طفيلياتها يكون بالعناية الدائمة
و صون و صيانة ممتلكاتها يكون باليقظة
و تدبير أمورها يكون بالرجاحة و التواضع
و تنظيم أنشطتها يكون بحسن التواصل
و تأطير ملتقياتها يكون بالكفاءة و الاستحقاق
و تسيير ميزانيتها يكون بالأمانة و حسن التدبير
فكل هذه الأمور تتظلل تحت مظلة شاملة جامعة هي مراقبة الله في السر و العلن .
لعلك الآن عرفت سبب شهرة جمعية ( الواحة للتربية و الثقافة و التنمية الاجتماعية ببوذنيب )
محليا و إقليميا و جهويا و وطنيا .
و ليست هذه الدوحة الحلوة الثمار الوارفة الظل لوحدها في تلك الأرض الطيبة التي سميتها قفارا ، فهناك أشجار مثمرة إلى جانبها لو اطلعت عليها عن كثب لأرحت نفسك و أرحتني ، و لعلمت حقا أن القفار ليس عيبا في الأرض و إنما العيب أن يكون القفار في الوعي و الضمير ".
طأطأ سائلي رأسه ثم نظر إلي نظرة إعجاب
و تقدير ، و أومأ برأسه مؤيدا لقولي ، فإذا به يرتمي بحضني و يصافحني و يقول :
" نعم الرجال أنتم ، و نعم الأخلاق أخلاقكم "
💼 الكاتب : زايد وهنا 💼
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق