🍀 الصواغ 🍀
إذا رأيته لأول مرة و جمعتك به الصدف تحت أي ظرف ما ، ظننته إنسانا متكبرا ، لا يهتم بمن حوله ، يتصرف وفق هواه و يفعل ما يحلو له .
هكذا كنت أرى هذا الرجل و لم أجرؤ على الاحتكاك
به ، غير أنه تبين لي أنني كنت مخطئا في حقه ،
و أن حدسي فيه لم يكن صائبا ، فبمجرد ما جمعتني به الظروف في أواسط التسعينيات
و تعاملت معه عن قرب اتضح لي أن الرجل غير الذي كنت أظن و أحسست بالخجل من نفسي ، فقد ظلمته حقا ، و كانت هذه الواقعة سببا في تغيير نظرتي للناس و منذئذ عرفت أن الحكم على الناس لا يكون إلا بعد معاشرتهم و الاطلاع على طبائعهم ،
و فعلا أصبح من أصدقائي المقربين رغم فارق السن ، إذ وجدت فيه طباعا قلما تجدها في الآخرين ، و كان رأس فضائله صغر الدنيا في عينه ،
فهو الكريم السخي و الصبور القانع و المعين في الشدائد ، يحب المساكين و يرأف لحالهم و لا يقبل من أحد أن يعتدي عليهم ، و باختصار شديد كان الظلم أبغض النقائص إليه .
نشأ يتيما وحيدا وسط ثلاث بنات ، فقد استشهد أبوه في الصحراء المغربية دفاعا عن حوزة الوطن ،
و لكن له أم لا تقل شجاعة عن زوجها ، تحملت أعباء ابنها و بناتها و وفرت لهم كل ما يطلبونه ،
و فوق هذا ربتهم تربية حسنة و غرست فيهم قيم الصبر و القناعة و الاعتماد على النفس ، فعاشوا أعزاء كأنهم لم يفقدوا يوما والدهم .
تلقى صاحبنا تعليمه الابتدائي و الثانوي و لكن سرعان ما انقطع عن الدراسة لا لعجز و إنما حبا في العمل ، غادر بلدته للعمل ، و هو ما أكسبه تجربة في الحياة ، رجع بعدها ليشتغل بالتجارة و اختار مجالا لا يقتحمه إلا ذوو الخبرة هو مجال الذهب
و صياغته ، و بفضل حنكته و صدقه في التعامل استطاع أن يطور تجارته .
و قد وقفت شخصيا على بعض أموره السرية في البيع و الشراء ، فكان حقا صادقا متسامحا ، و لعل
إخراج الزكاة أكبر دليل على ما أقول ، فلعدة سنوات كنت بجانبه و هو يعد السلع و الأموال ليخرج الزكاة على أحسن وجه و لمن يستحقها
دون أن توسوس له نفسه بشيء مما يبطلها .
لا أنكر أنني وجدت فيه السند ، و المعين في كثير من المواقف .
أسأل الله جلت قدرته أن يرحم والده و يطيل في عمر والدته و يحفظه و أسرته من كل مكروه ،
و أن يعينه على فعل الخير و يجعل ذلك كله في ميزان حسناته ، إنه ولي ذلك و القادر عليه .
💼 محبك زايد وهنا 💼
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق