⚪أنا شبح⚪

////////////////  أنا شبح   ////////////////

ألتفت يمينا و يسارا  ،  ألتف حول نفسي مرارا
أبحث عن ظلي الجميل  ،  الذي كان هنا قبل قليل
أنظر خلفي أنظر أمامي ، لا شيء أراه غير أوهامي
كان ظلي  أصدق رفيق  ،  يغازلني في كل طريق
كان ظلي أوفى صحبة  ،  يواسيني في كل نكبة
يناور ، يداعب خطواتي  ،  يتجسس على ذكرياتي يتأوه في صمت لآهاتي ،  يعرف أسرارا في حياتي
        فإذا به يغيب فجأة دون استئذان
        و يتوارى عني في أغشية النسيان
كأنه لم يكن يوما توأمي ،  الذي شاركني أحلامي
        فاختار الهروب قبل الغروب
        و لاذ بالفرار في وضح النهار
لم يعد يحبذ تأملاتي ،  لم يعد يصدق افتراضاتي
لم يعد يطيق انتظاراتي ،  لم تعد تعجبه قناعاتي
لم تعد تغريه أناقتي  ،  لم يعد يتحمل تنهداتي
        ربما شعر بيأسي و حرماني
        أو أضناه خضوعي و خذلاني
        فخشي على نفسه العار من ملازمتي
        بعدما يئس من يقظتي و انتفاضتي
        تحمل عمرا كاملا لفح الصقيع
        يمني النفس بحلول نفح الربيع
        فلا الصقيع يدبر و لا الربيع يزهر
        و لا ظلي عاد يحتسب و يصبر
أخذ كبريائي و اختفى ،  بعدما نفذ صبره واكتفى
        فرحل المسكين عن المسكين
        و ترك أثرا من الأسى الدفين
لأمس مقتول  ،  و حاضر مشلول  ،  و آت مجهول
        الناس من حولي كل ظله يلازمه
        وأنا من غير ظل يلازمني و ألازمه
        تحسست قوامي فإذا هو نخب هواء
        حينها أدركت حقا أنني شبح خواء
        و الشبح لا ظل له ، قال الحكماء !!!
الأستاذ : زايد وهنا

🔷الحنين لم يعد كما كان🔷

#####  الحنين لم يعد كما كان  #####

  **ديباجة ** :
            كثيرا ما أختلي بنفسي و أتذكر لحظات من طفولتي ، فيهزني الشوق و الحنين لذلك الزمن الجميل ، و في إحدى هذه النوبات التذكارية قررت أن أكتب و لو باختصار شديد بعضا من تلك الذكريات الجميلة ، و أشارك نشوتها و متعتها إخوتي القراء المتتبعين و المطالعين لإنتاجاتي الأدبية ، و أنا على يقين تام أن شريحة كبيرة ممن عاصروا تلك الحقبة سيشاطرونني نفس الشعور ، و قد تعمدت أن أحتفظ بالأسماء كما كانت متداولة باللسان العامي ، ليكون السرد أكثر دقة و قربا من نفسية القارئ خصوصا إذا كان هذا الأخير من أبناء بني وزيم .
بني وزيم قرية صغيرة في الجنوب الشرقي ، على ضفة واد كير ، تتكون من ثلاث قرى صغيرة جدا نسميها القصور ،  ( قصر بني وزيم ) (قصر جديد ) ( قصر آيت عشى ) ، لا تبعد إلا بحوالي خمسة أميال عن مدينة بوذنيب شرقا ، إقليم الرشيدية .

             
                    **************** 
        أنتظر العطلة في شوق و لهفة لأذهب إلى
 بني وزيم ، كانت أسعد الأوقات بالنسبة إلى طفل في مثل سني هي تلك التي أقضيها بقصر آيت عشى ، أجوب الزقاقات ألاعب الأقران الذين كانوا بدورهم يترقبون مجيئي ، نستيقظ باكرا ننتظر النداء المألوف " و طيحوا " إيذانا من شيخ المزرعة  بالتقاط البلح ، فنتسابق نحو النخيل المعروف بجودة بلحه و وفرة عطائه ، نملأ القفة أو السطل بلحا و  " ركما " ثم نعود أدراجنا غانمين مسرورين بلقاء أهالينا و نحن نعتد و نزهو فخرا بما جلبناه كما و نوعا ، و في عزم و رغبة منا في المساعدة ،  نخرج  الغنم إلى المكان المعتاد خلف أسوار القصر حيث يجمع الراعي القطيع لينطلق به نحو المرعى ، حينها نعود إلى البيوت لنتناول فطور الصباح و الذي غالبا ما يكون حساء و تمرا و شايا و خبزا .
يلتقي الأقران بباب القصر حيث يقرر نوع اللعب الذي تفضله الأغلبية ، و كثيرا ما يتم الإتفاق على الذهاب نحو الحقول و البساتين التي يعلم الأقران مسبقا أن أصحابها غائبون أو منشغلون بأعمال الصيانة في القصر ، لسرقة بعض الفواكه دون أن يشعر بهم شيخ المزرعة ، و إذا صادف أن رأى الشيخ أحدهم فلا ينبغي الوشاية بالآخرين كما هو متفق عليه سلفا ، يختلي الأقران في أماكن بعيدة لتناول ما جلبوه من البساتين ، ثم يعودون إلى القصر بهدوء متفرقين و من طرق مختلفة حتى لا يلفتوا انتباه الكبار الجالسين بباب القصر ( فم القصر ) ، أو يثيرون شكوكهم ، بل منهم من يقترب من الكبار و يبدي أدبا و رغبة في الاستماع إلى أحاديثهم الشيقة ، في انتظار موعد وجبة الغذاء الذي يكون متأخرا على عادة أهل القرى .
فإذا ما حان وقت الغذاء ، ينفض الجمع ، و يسلك كل  وجهته في الزقاق الذي يقطنه و روائح الأكل الشهية تنبعث من بيوت الجيران ، خبز بخميرة  "بلدية " يطهى في فرن الحطب " الكوشة " و مرق مكون من خضروات طازجة طرية ، جلبت من حقول القرية و لحم الأرنب أو الدجاج  " البلدي" و هو  يطهى على النار في قدر من الخزف   " القنوشة " مما يزيده لذة لا مثيل لها ، ولعله السر الذي يجعلني أقبل على الأكل في نهم شديد .
يجتمع الأقران مرة أخرى بباب القصر ، فيطلقون العنان للعب و المرح تحت أعشاش النخيل المحادية للقصر ، و أعينهم على الغروب في انتظار الراعي لإدخال الماشية إلى حظائرها ، و هو آخر أنشطتهم اليومية ، تجتمع الأسر ليلا في بيوتها لتناقش عمل غذها ، أما العشاء  فكسكس أو" البلبول "الذي كثيرا ما كان يفوتني لأنني أنام مبكرا من شدة التعب و العياء .
فرحة لا توصف عند حلول عطلة الزيتون ، أواخر شهر دجنبر حيث البرد والصقيع في قمة أوجه ، و رغم شدة القر أشعر بسعادة غامرة و أنا أتسلق أشجار الزيتون لجني المحصول ، فلا ترى في الحقول غير النيران المتقدة بأوراق الزيتون " الطهطوه " و الدخان ينبعث من كل مكان ، دفء النار هو السبيل الوحيد لمقاومة البرد القارس ، و إعداد الطعام على النار هو مبعث البهجة في الحقول ، و لعل أسعد الأوقات هي عند جمع المحصول و وضعه في أكياس على ظهر الحمار و الذهاب به نحو المعصرة التقليدية ، فهو الأمر الذي أرغب فيه ، لا لشيء و إنما لأعود من المعصرة راكبا الحمار ، و يا لها من سعادة حين ألكزه بالشوكة فيركض ركضا سريعا ، فتخالني أحد رعاة البقر ، أسابق أقراني و أسخر ممن سقط منهم عن ظهر حماره ، أكرر عملية التوصيل مرتين أو ثلاث حسب كمية المحصول المجنى في ذلك اليوم ، ثم نجمع أغراضنا و نتوجه نحو البيت و قد أخذ منا العياء مأخذه ، نتناول العشاء و ننام قرب الموقد " الكانون " و هكذا دواليك طيلة أيام الجني .
 فإذا انتهت أيام الجني ، يجتمع الجيران بعد العشاء في بيت أحدهم و يتحلقون حول الموقد قصد التدفئة و سرد الحكايات المضحكة و الأحاجي المرعبة ، و كم كنت أعجب بالأحاجي و أحفظها لأقصها على زملائي .
ما أن تقترب نهاية السنة حتى يبدأ العد العكسي لعطلة الصيف ، فتجدني أفتخر على زملائي بسفري لآيت عشى التي لا تبعد إلا بثمانية كيلومترات ، كان ذلك هو الأمل الكبير و الحلم المرتقب خصوصا إذا كانت نتيجتي الدراسية إيجابية ، فالفرحة آنذاك فرحتان ، مما يجعلني أتباهى على مجموعة الأقران بالقصر .
في فصل الصيف تكون الحرارة مرتفعة ، غير أن مباني القصر الطينية و سمك حيطانها و ارتفاع سقوفها و عتمة زقاقاتها تلطف الحرارة ، مما يجعل القصر قبلة مرغوبة لكثير من أبنائه الذين يقطنون مناطق أخرى ، فيجمعون بين صلة الرحم و الاسترخاء ، وقد يكون حفل زفاف أحد أقاربهم سببا في مجيئهم ، لذلك يغص القصر بساكنيه و زائريه ، فيكتسي حلة تختلف عن سائر الفصول .
مجموعة الأقران و معهم بعض أبناء الزائرين الجدد تنتظرني ، نفس الأنشطة مع بعض الاختلافات التي يفرضها الفصل الحار ، نخرج الماشية إلى الراعي صباحا ، ثم ننطلق نحو الحقول لنعيث فيها فسادا ، بعد الظهر نتسابق نحو الواد المجاور قصد السباحة في " الكلتة " و لا نعود إلا عند الغروب لندخل الماشية ، و هكذا تمر الأيام حتى يحين دراس الزرع بالدواب في البيادر و هو فرصتنا المنتظرة ، إذ بعد الدراس يمتطي كل منا حمارا و نذهب بالحمير العطشى نحو الساقية لتروي ظمأها في مكان مخصص لذلك يطلق عليه " أوخميج " و خلال الطريق يتسابق الأقران و يتباهى كل منهم بحماره ، في جو من المرح و السعادة التي لا تضاهيها سعادة.
جرت العادة أن حفلات الزفاف أي الأعراس تقام مباشرة بعد تخزين محصول القمح في البيوت ،
تبدأ الإستعدادات للزفاف على قدم و ساق ، يجتمع الأهل و الأقارب و الجيران في بيت العروسين ، بعدما جلبوا معهم بعض الأفرشة و الأواني ، و كل ما يحتاجه أهل العروسين .
 النساء يتحلقن حول الرحى الحجرية ، يتناوبن على طحن الحبوب و هن يرددن بعض الأذكار و أخريات ينتقين ملابس العروسة ، أما الرجال فهم منشغلون بوضع الترتيبات اللازمة للحفل ، و يكلفون كل فرد منهم بمهمة ، يقبلها هو بدوره متباهيا مزهوا  بحضوته ومكانته بين أهالي القرية ، يمر الحفل بطرق تقليدية جميلة ، تقام الولائم المتواضعة اللذيذة يحضرها أهل القصر جميعا دون استثناء و يزف العروسين بأهازيج شعبية محلية لها ما لها من معاني الصدق و الوفاء و التضحية و التآزر .
هنا يقتصر دورنا نحن الصغار على الفرجة و القليل من المساعدة ، إذ رغم ما كنا نعمل من شغب بعيدا عن أعين الكبار ، فأمامهم لا يسعنا إلا الانضباط و الهدوء و إلا عرضنا أنفسنا للعقاب من طرفهم ، فكل كبير في القصر هو بمثابة أب له كامل الصلاحية في معاقبة أي طفل أساء التصرف .
هكذا قضينا طفولتنا ، لا نعرف عن العالم الخارجي شيئا مما نعرفه الآن ، كنا نسمع أسماء بعض المدن كالرباط و فاس و مراكش و وجدة و غيرها و لكنها لم تستأثر بقلوبنا شيئا ، كنا نسمع البحر و لا تنتابنا الغيرة لرؤيته .
 ما كان في حياتنا شيء يكدر صفو أحلامنا البسيطة ، ما كنا نعرف فلسطين وما كان يؤلمنا احتلالها ، ما كنا نعلم شيئا عن مآسي وطننا ، ما كنا نعلم شيئا عن الديمقراطية و لا عن حقوق الإنسان و لا عن الفوارق الطبقية ، كنا نظن أن الناس في كل مكان يشبهوننا في المسكن و الملبس و المطعم ، كنا لا نعلم و لا نعرف شيئا مما نعلم اليوم و كنا سعداء في غاية السعادة ، فلما كبرنا و تعلمنا و عرفنا افتقدنا السعادة و استبدلناها بالهم و الغم و الكآبة ، حتى أصبحنا نفضل الأمس بشظف عيشه على اليوم برغد عيشه .
 عجبا أإلى هذا الحد تكمن السعادة في البساطة ؟ فيا ليتها تعود يوما !!!

         شطحات من طفولة الكاتب الأستاذ
                          زايد وهنا

⚫المثقف و فقه الواقع⚫

***  المثقف و فقه الواقع  ***

كثيرا ما يتساءل المرء عن دور المثقفين من علماء الدين و كتاب و شعراء و فنانين فيما يجري من أحداث في مجتمعهم ، فهؤلاء هم لسان الشعب يترجمون أدق مشاعره و إحساسه ، و يعبرون تعبيرا صادقا عن آماله و آلامه ، فهم بمثابة العينين من الجسد ، بأعمالهم و إنتاجاتهم ينيرون الطريق أمام الناس و يبصرونهم بعيوب الواقع و مزاياه ، يباركون الصواب و يقومون الاعوجاج و ينبهون إلى الهفوات و يتبرؤون من وقوعها ، كل هذا من خلال خطبهم و مقالاتهم و أشعارهم و مسرحياتهم و أغانيهم ...الخ ، رحم الله عمر بن الخطاب و رضي عنه إذ خاطب الناس يوما قائلا :
  "إذا رأيتم في اعوجاجا فقوموه "
فقال له رجل :
  " و الله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا "
فلامه آخر على جرأته أمام عمر ، فما كان من عمر إلا أن رد على هذا المعترض قائلا :
  " دعه فليقلها ، فلا خير فيكم إذا لم تقولوها لنا و لا خير فينا إذا لم نقبلها منكم "
فالإنتاجات الفكرية الهادفة هي رسالة انسانية نبيلة ، لا يقوم بها إلا الوطنيون الغيورون الذين يطمحون أن يروا مجتمعهم تسوده المساواة و العدل و الحرية ، و لا يطمئنون في مضاجعهم إلا إذا سادت المحبة و العيش الكريم و الإخاء بين أفراده ، فلا يرضون أن يكون بيننا جائع و لا عار و لا مظلوم و لا مغبون ، هكذا هم المثقفون الحقيقيون ، فأين هذا الصنف من المثقفين في مجتمعنا اليوم ، لا أحد يحرك ساكنا فيما يروج ، اللهم بعض الإنتاجات المحتشمة التي تطل علينا من حين لآخر أما ما عدا هذه القلة القليلة فالكل منشغل بليلاه و الكل يهيم في واد بعيد كل البعد عن مآسي الواقع .
الإنتاج الفكري غالبا بل دائما ما يكون وليد الظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية التي يشهدها المجتمع و هذا ما يصطلح عليه بفقه الواقع إن صح التعبير ، و نعني بالذكر المثقف الذي يكرس حياته و يشحذ قلمه في خدمة العلم و المعرفة و السير على المباديء التي ترضي الله و ترضي الضمير و تسير بالبلاد نحو الأفضل ، لا أشباه المثقفين الذين يسعون لملء البطون ، و بلوغ المناصب بالتملق و التزدلف  فهؤلاء ليس بينهم و بين الثقافة إلا الاسم ، شعارهم الانتهازية و تحقيق الثراء ، و تجردوا من كل معاني الانسانية فأكسبهم طمعهم ثراء و لم يكسبهم ثقافة و وعيا ، و هذا الصنف ليس هو المقصود في المقال مادامت الهوة سحيقة بينه و بين الثقافة ، و إنما المقصود هم ذوو الوعي التام بالواقع الذين يتأثرون و يؤثرون ، الذين يتفاعلون مع كل المستجدات و يحملون هم الوطن و المواطنين و يسعون  ليلا و نهارا  من خلال إنتاجاتهم الفكرية لتنبيه المسؤولين إلى كل أمر يخدم مصلحة البلاد و العباد  واقتراح الحلول الممكنة للرفع من شأن القطاعات ، هؤلاء هم المثقفون حقا غير أنهم للأسف قليلون .
  و لعل هذا ما دفع بالكثير من الناس إلى التخلي عن القراءة و المطالعة ، إذ لا يجدون مقالا يشفي غليلهم اتجاه الواقع و لا قصيدة تعزف لهم على أوتار أوجاعهم ، و هم في مثل ظروفهم و نفسياتهم المتكرهة الساخطة لا يستسيغون إلا الإنتاجات الفكرية التي تبلسم الجراح و تضمدها .
هذا لا يعني أن نتخلى كليا عن المواضيع التي ليس لها ارتباط بالواقع ،  أبدا فكل عمل أدبي أو فني فهو مستاق من الواقع ، و لا يعاب على صاحبه إن هو أجاد فيه و برع ، ولكن المرغوب فيه هو أن يلتفت إلى ما يؤرق الناس فيتناوله بطريقته الخاصة و يضفي عليه من مواهبه و إبداعه ما يجعله مقبولا عند الآخرين و من يدريك لعل بعمله ذاك يكون قد أوصل رسالة إلى المعنيين بأمرها فيأخذونها بعين الإعتبار و يكون عمله فاتحة خير على الناس جميعا ، و لا أدل على ذلك من بعض المواضيع التي يثيرها رواد الفيسبوك فتجد لها صدى في أوساط المسؤولين ، و هؤلاء أي رواد الفيسبوك أغلبهم ليسوا بكتاب و لا علماء و لا شعراء و لا فقهاء و رغم ذلك يحققون أحيانا ما لم يحققه الآخرون ، فما بالك لو اجتمعت كلمة المثقفين حول موضوع معين و تناوله كل منهم من زاوية اختصاصه ، فلا شك أنه سيجد آذانا صاغية لأنه لا يمكن أن يجتمع هؤلاء و أمثالهم على ضلالة.
  ختاما أرى من وجهة نظري و التي تحتمل الخطأ أو الصواب ، أن المثقف على عاتقه مسؤولية جسيمة اتجاه وطنه أولا  و اتجاه أمته العربية الإسلامية ثانيا ، فهو لسان حالها و الناطق باسمها و المترجم لأحاسيسها ، يغرد داخل سربها متى تطلب الأمر ذلك ، و ليس عليه من مؤاخذة أن هو غرد خارج السرب أحيانا ، فمن طبيعة الانسان أن يبدع في كل ما يجيش في وجدانه و يحرك مشاعره شريطة أن يتسم عمله بالإبداع الفني الصادق المتميز الهادف ، و وقانا الله و إياكم من بعض الأعمال الملوثة المحسوبة على الفن و الأدب التي طغت و استشرى داؤها في أوساطنا و التي لم تزد شبابنا إلا فسادا في أذواقهم وتخلفا و انحلالا في أخلاقهم ، و في هذه و غيرها يكمن دور المثقف المصلح ...!!!؟؟؟

🔴فرحة الثلاثاء🔴

فرحة الثلاثاء
      أولا و قبل كل شيء ، اعذرني أخي القارئ إن لم أحسن التعبير كما عاهدت في كتاباتي ، فإنني أكتب و أنا في قمة الفرح و السعادة ، يكاد يلحظها كل من يراني ، لا لمال كسبته و لا لترقية حصلت عليها و لا لشيء من هذا القبيل و إنما سر ابتهاجي جاء فجأة لم أكن أنتظرها ، فقد خرجت من البيت و جلست بأحد المقاهي أتفقد أخبار بلدي و التي غالبا ما تكون غير مريحة بل و مؤلمة خصوصا في هذه الأيام ، و إذا بي أهتز من مقعدي و أنا أقرأ خبر فوز التلميذة المغربية من تاونات ** مريم لحسن أمجون ** ذات التسع سنوات بالجائزة العالمية للقراءة العربية متفوقة على الآلاف بل الملايين من قراء أربع و أربعين دولة من العالم العربي وغيره ، في دولة الإمارات العربية ، بمبادرة من محمد بن رشيد آل مكتوم ، علما بأنها أصغر مشاركة تدرس بالمستوى الابتدائي .
  رفعت بصري نحو السماء حامدا لله شاكرا له ، و انذرفت دمعة من عيناي ، طفقت أنظر إلى من حولي و كأنني أبحث عمن يشاركني هذه اللحظة التاريخية المتوهجة في سجل بلدنا ، كدت أصيح من الفرح غير أنني تريثت حتى لا ينعتني الناس بالجنون ، تناولت هاتفي النقال و شرعت في كتابة هذه المشاعر ، و لا أخفيكم سرا فقد اتصلت بي ابنتي تطلب مني الحضور لتناول وجبة الغذاء فقلت لها من شدة فرحي لا تنتظرونني فأنا أتناولها الآن ، و قطعت الاتصال لأعود إلى الكتابة .
  كيف لا يعود الأمل إلى النفس اليائسة مع ابنتنا البرعومة و حبيبتنا و قرة أعين المغاربة جميعا ، فرغم صغر سنها قالت للجميع :
        إني و إن كنت الأخير زمانه **
                        **  لآت بما لم تستطع الأوائل
   نعم في هذا المجال و في غيره من المجالات العلمية و الأدبية و الفنية و الرياضية نسعى جاهدين إلى الرفع من شأن بلدنا ، و لا يهنأ بال الوطنيين الغيورين حقا إلا إذا رأوا راية المغرب ترفع و النشيد الوطني يردد في كل المحافل الدولية . و هذا ليس بالعزيز علينا لو كنا نهتم بطاقاتنا البشرية ، و نخلص في أعمالنا كل في دائرة اختصاصه ، بدء بالأسرة فالمدرسة فالاعلام ، و نعمل كل ما في وسعنا لنشر الثقافة و العلم في ظل القيم الانسانية النبيلة و نترك جانبا سفاسفة الأمور الدخيلة علينا و التي ليست من قيمنا الدينية و الوطنية .
  أخيرا أتقدم بأحر و أغلى التهاني لهذه البرعومة التي رفعت رؤوسنا عاليا و للفائزين قبلها في مسابقة القرآن الكريم و لكل من كان سببا في رفع العلم المغربي مجدا و عزة ، لكل هؤلاء أنحني تعظيما و إجلالا و تقديرا ، كما أهنئ أسرة مريم و عائلتها و أبناء تاونات و الشعب المغربي بهذا التتويج المستحق ، و أشد بكل حرارة على أيدي أبيها و أمها سائلا الله جل في علاه أن يحفظها و يرعاها و ابناءنا و ابناء المسلمين ، و أن يشرح صدورهم لما فيه خير أنفسهم و أسرهم و وطنهم ،
و صدق الشاعر حين قال :
     ما نيل المطالب بالتمني
                       ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
     و ما استعصى على قوم منال
                        إذا الإقدام كان لهم ركابا

⬛واتعليماه⬛

****    واتعليماه   ****

ولد  التعليم  بمفهومه العصري ايام الاستعمار        و قضى طفولته مرحا سعيدا مع بداية الاستقلال حتى نهاية الستينات حيث اصبح شابا يافعا نافعا وفي نهاية الثمانينات دخل مرحلة الكهولة يكابد ويجاهد رغم الظروف الصعبة حتى نهاية القرن ومع بداية القرن الحالي ظهرت عليه اعراض أمراض لم يعهدها من قبل حيث اصيب بمرض المخطط الاستعجالي ثم فاجأه مرض الكفايات  فتدهورت صحته الى درجة لم يسبق لطبيب ان عاين مثلها ، نقل على اثرها الى الانعاش حيث سهر عليه اطباء اجانب ووصفوا له دواء الادماج دون تحليلات فازدادت حالته سوءا فمنعوا عنه جميع الادوية لأن صحته لم تعد تحتمل ادويتهم وتركوه يكابد الألم في غرفة الإنعاش  ، اجتمع أهله و أقاربه ، و أغلقوا دونهم الباب ، و منعوا عنه زيارة المجربين المحنكين ممن لازموه مدة طويلة و لهم ذراية بأسراره و هم أحق و أولى بمعالجته ، أجمعوا أمرهم بينهم وتناقشوا في أمر علته  و اهتدوا إلى حلول من قبيل التداوي بالأعشاب العامية و الرقية العشوائية ، فلم يزده ذلك إلا ألما ، فتح عينيه قليلا ، فرأى الفوضى و التسيب قد عم بين أبنائه  و بناته ، و حلت المخدرات محل التربية و الأسلحة البيضاء محل الأدوات و الكراطي وفنون القتال محل الرياضة ، فتكسرت أنوف المربين و شجت جباههم و تورمت أعينهم و جرحت وجوههم على مرآى و مسمع من أولي العقد و الحل ممن يعتبرون أنفسهم أهله و أقاربه ، فهوى على سريره و راح في غيبوبة يصحو تارة و يغيب أخرى ، و ليس لمحبيه الأوفياء الغيورين من سبيل غير المواساة و الدعاء له  بالشفاء ، مرضه خطير جدا لا يبعث على الارتياح  و الأعمار بيد الله......

🕭ناقوس الخطر🕭

ناقوس الخطــــــــــــــر

      ليس من الغريب على كل مواطن صالح غيور واع بما يجري هذه السنوات الأخيرة في وطننا العزيز، أن يقلق و يتوجس خيفة من الخطر المحدق بهذا البلد الأمين ، و أنا بدوري لا أخفيكم إخواني القراء ، إذا قلت أن جنبي بات لا يطمئن في مضجعه،و أصبحت لا أنعم بمتع الحياة ذلك التنعم الهنيء المريء، لا من خصاصة أو شظف ، فالكفاف عفاف، و إنما من ظاهرة أمست تؤرقني ليل نهار، و أنا أشم رائحة عاصفتها الهوجاء آتية لا محالة - خيب الله ظني في وصولها – تنذر بالبوار و الثبور الذي يأتي على الأخضر و اليابس ، فلا يبقي و لا يدر، فبعد سنوات من الملاحظة و الإطلاع كل يوم على الجرائد و المواقع الإلكترونية و نشرات الأخبار، لا أرى و لا أسمع إلا مظاهرة هنا و مسيرة هناك و اعتصاما هنالك ، من أجل مطالب هي في الحقيقة عادلة و منصفة و من حق طالبيها الحصول عليها، و مع اقتراب موعد الإنتخابات تخرج الأحزاب ما في جعبتها من وعود منمقة و أساليب ترغيبية و برامج تكاد تجمع كلها على محاربة الفساد و المفسدين ، و إعادة إصلاح هياكل الدولة ، و الإهتمام بقضايا الفئات الهشة ، وتشغيل الشباب ، و تحسين أوضاع المرأة و رفع الحيف عنها ، و غيرها كثير من الأماني و الآمال ، نلخصها كلها في كلمة واحدة هي احترام كرامة المواطن ، غير أن ما يغيب عن حسبان هؤلاء جميعا أن كرامة المواطن لابد لها من قاعدة أساسية تبنى عليها ، و هي أولى الأولويات و الأصل في بناء مجتمع متحضر متماسك ، إذ لا يستقيم أمر أي مطلب مشروع دون أمن و أمان ، و من غير اطمئنان و استقرار .
يا إخواني إن ما نراه و نسمعه ينبيء بفوضى عارمة و تسيب و شطط في استغلال حقوق الإنسان بفهمنا الخاطيء لها ، إذ لم تعط هذه الحقوق بجرعات مناسبة حسب ظروفنا و خصوصياتنا و أعرافنا ، بل قدمت كاملة في جرعة واحدة لم يستسغها جسمنا ، فاستغلها البعض دون وعي فحدث عكس ما أريد بها ، و انقلبت مفاهيمها سلبا مما نتج عنه ضرر في حق البعض الآخر، و بالتالي كيف سيسعد المواطن في حياته و يؤدي مهامه على أحسن وجه و هو غير آمن في سربه، مهدد في كل لحظة من أن يعترض سبيله ( مشرمل ) أو عصابة من الصعاليك بأسلحة بيضاء ( سيوف، سلاسل، هراوات ...) فيعتدون عليه ضربا و جرحا حتى الموت ، و في أحسن الأحوال قد يلحقون به أدى بليغا يصل أحيانا إلى عاهة مستديمة تلازمه طيلة حياته، طمعا في بعض نقوده أو هاتفه أو أي متاع يرونه مدرا للربح بالنسبة إليهم ، و ربما يقع كل هذا على مرآى و مسمع من المارة و لا أحد يحرك ساكنا خوفا من المصير نفسه الذي تعرض له الضحية ، ما ذنب طفل بريء في طريقه إلى المدرسة،أو طالبة في طريقها إلى الثانوية أو الجامعة، أو امرأة خرجت في طلب الرزق لأيتامها أو موظف مخلص في عمله محب لوطنه فيتعرض هذا للترهيب و التعنيف ، و تتعرض تلك للإغتصاب و التنكيل من قبل صعاليك ميؤوس من صلاحهم ، و لا يتدخل رجال الأمن إلا بعد فوات الأوان، و إن تدخلوا في أوانها فقد لا ينجون هم كذلك من هذه المجازر، فكم من رجل أمن مخلص تعرض للقتل على يد صعلوك مشرمل و كم من مياوم يكسب قوت عياله بعرق جبينه فيقتل ببرودة دم لأن عنده 100 درهم ، و الغريب في الأمر أن هذا المجرم القاتل يعتدي على أناس بسطاء ممن قهرهم السعي في توفير أدنى متطلبات الحياة من موظفين ذوي الدخل المحدود أو أجراء أو مياومون أو غلبة من أطفال و بنات و عجزة أما الناس الميسورين فهؤلاء قلما يصادفهم في طريقه إذ أن لهم وسائل النقل الخاصة بهم و لأبنائهم و زوجاتهم و لا يتسوقون إلا في الأسواق الممتازة و قد يكونون مصحوبين بحراس خاصين ، و مع كل هذا و ذاك و بالرغم من العمد و التعمد و سبق الإصرار و الترصد يودع المجرم في سجن من خمسة نجوم حيث التغذية الكاملة الكافية و الأفرشة و الأغطية الناعمة والملاعب الرياضية و الحمام الساخن و التلفاز وووو... فيجد نعيما لم يكن يحلم به يوما ، لأن حقوق الإنسان أعطت هذه الإمتيازات للسجناء القتلة المغتصبين ، ترى لماذا لم تعط نفس هذه المتيازات و هذه الحقوق لأرملة القتيل و أبنائها الذين يتضورون جوعا و يتسولون في الشوارع، عجبا لهذه المفارقة بل المقاربة الغريبة التي يستعصى فهمها على كل ذي عقل لبيب ، فمن أحق بالرعاية و الإهتمام القاتل أو الأطفال اليتامى ؟ و هذا سبب رئيس و دافع أساس يجعل من هؤلاء اليتامى المهملين مشروع مجرمين مستقبلا .
لهذا أظن حسب رأيي المتواضع أننا نحدث ثقبا في سفينتنا عندما يقتل و يعوق الصالحون في وطننا ، و يكرم و ينعم المجرمون القتلة ، و إن امتدت بنا الأيام على هذا النحو و لم نجد لنا حلا فقد نصل إلى ما يسميه العامة قديما ( السيبا ) ويفلت زمام الأمور من بين أيدي المسؤولين ، حينها نقرأ الفاتحة ترحما على استقرارنا، وقد يقول قائل لو وجد هذا المجرم عملا لما التجأ إلى الإجرام، سأجيبك بكل صدق و من خلال تجارب عاينها بعض الأصدقاء فهؤلاء المجرمون اعتادوا الإسراف في الإنفاق على أنفسهم،فلا تكفيهم أجرة العمل التي تتراوح بين 100 و 150 درهما في اليوم،هذا ناهيك عن مشقة العمل التي لا يستطيعون تحملها كباقي المياومين، هم ألفوا و تعودوا على إسراف نقود كثيرة وبطرق سهلة للغاية من غير تعب أو مشقة، و هذا ما يجعلهم يفضلون اعتراض سبيل المارة .
فما السبيل للحد من هذا الإجرام الذي تفاقم مؤخرا حتى وصل آذاه الطريق السيار؟ لا أرى حلا أنسب إلا بإصلاح شمولي لجميع القطاعات و على رأسها قطاع التعليم في مناهجه و برامجه لتتوافق و متطلبات العصر و ما يطلبه سوق الشغل ، و الإلتزام بالإنضباط و الإحترام ، و إعادة الهيبة للمؤسسات و لرجال التعليم، وإعادة النظر في الخريطة المدرسية فلا نجاح إلا بالكفاءة و الإستحقاق ...ثم علينا بقطاع الإعلام لنجعله قطاعا هادفا يخدم المواطنين في جميع مناحي حياتهم و مكملا لدور المؤسسات التعليمية ، و كذا النظر في حقل الصحة الذي يشكو الجميع قصوره و اهماله ، وتوفير فرص الشغل للعاطلين ، و الأخذ بيد الفقراء و المساكين ، و خصوصا ذوي الإعاقة الذهنية الذين يملأون الشوارع فهذه الفئة لا أحد ينظر إليها بعين الرحمة في حين أن مكانها الأنسب هو مارستانات خاصة بها تتلقى بها الرعاية الكاملة و الإستشفاء ، و باختصار شديد النهوض بجميع القطاعات و تغيير العقلية السائدة المبنية على المصالح الشخصية و مراعاة مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. فإذا استطعنا فعل ذلك و هو ليس بعزيز على همم المغاربة فإننا و لا شك سنحد من هذا الإجرام المتفاقم ، و إذا كان هناك من سولت له نفسه المساس بعرض الآخرين أوأرواحهم أو أموالهم ،فينبغي آنذاك أن يتعرض المعتدي لأشد أنواع التعذيب و التنكيل قد تصل في بعض النوازل إلى الإعدام و لا تأخذنا به رأفة .
إخواني المغاربة ، لقد أصبح المواطن في ظل هذا الخوف و عدم الإطمئنان على النفس و العرض و المال، يفضل الأمن و الإستقرار أكثر من أي مطلب آخر و كثير ممن حاورتهم يفضلون أن يعيشوا عيشة بسيطة في مأكلهم و ملبسهم و مسكنهم مقابل أن ينعموا بالأمن و الأمان، إذ لا راحة و لا سعادة في عيش و لو كان رغيدا دون أمن، فلا شيء أغلى من الحرية، حرية التنقل و التجول و الذهاب إلى العمل و العودة منه في اطمئنان دون خوف أو رعب أو تهديد، و تسود المحبة و الأخوة بين الناس كما أمرنا ديننا الحنيف ، و من أجل هذا المطلب الغالي الثمين ينبغي أن ندافع بالمظاهرات و الوقفات الإحتجاجية و غيرها من الأساليب الحضارية السلمية دون المس بالتوابث و المقدسات ، لا كما نرى في هذه الأيام حيث أصبحت بعض المسيرات تخرج عن النطاق الذي نظمت من أجله، فيتخذها بعض ضعاف العقول مطية لتمرير أفكار سامة نحن في غنى عنها، نعم نحن مع كرامة الإنسان و حقوقه و نحن ضد كل أنواع الظلم و الإستبداد و نطالب بالضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه أن يحقر مغربيا أو يبتزه في حق من حقوقه ، و لكن بدون إثارة النعرات التي تفتك بوحدتنا الوطنية و تثير الفتن بيننا و نحن عصبة واحدة تعايشنا منذ الأزل و لا زلنا على التفاهم رغم تنوع ثقافاتنا و لغاتنا و أجناسنا و أعرافنا و تقاليدنا و هذه عناصر قوة و اتحاد لا تزيدنا إلا تماسكا و انسجاما و تفهما و لا نقبل بوجه من الوجوه أن يملي علينا أحد من الخارج رأيه ، فنحن أدرى بمصلحتنا من غيرنا ، و لو كان رأيه صائبا لظهر أثره في بلده قبل غيره .
ختاما أدعو كل غيور على هذا الوطن، و أناشد المسؤولين و الأحزاب و فعاليات المجتمع المدني أن تجعل الحد من ظاهرة الإجرام أولى أولوياتها ، وتتصدى لها بكل الوسائل المتاحة و الممكنة و توفر ما يمكن توفيره من الحلول المناسبة التي ترد بشبابنا ( المشرمل) إلى السكة الصحيحة ، ليعيش الكل في أمن و أمان ، فإن توصلنا للحد منها - إن لم نقل القضاء عليها – فما دونها أهون ، و إن لم نفعل فلنترقب عواقب وخيمة لا تحمد نتائجها إن آجلا أو عاجلا ، و ما أظنه إلا عاجلا إن استمر الوضع على ما هو عليه ..........

📍مهماز علي📍

مهماز  علي
أشد رحال الشعر نحو الرواسي الشامخات
أسابق أفكاري أطوي المسافات
تخذلني الكلمات و تراودني التفاهات
يستهزئ بي القدر حيث الذكريات
هنا يتضوع عبير العشق
يمتص رحيق النخيلات
هنا يتجدد العهد بالعتق
يجرجر أذيالا نثرتها الآهات
ألكز جوادي بمهماز علي
في غفلة من الخيل الجاثيات
والأولاد، أولاد علي تناشد العاديات
تنبش الثرى حيارى في غبش الدكانات
علها تظفر بالمهماز
بين همزات الأفكار و لمزات الأقدار
تثور دماء الشوق
تطفئ وميض البرق
تتحدى زمن الحمق
تهفو لصبح قد دثرته أحلام القيلولة
خلف أحجار الغولة
إنا نراه قريبا عند الگارات
يشع سناه في سمر الوطيات
مهماز علي بينكم يا أولاد
 في قراب الشيوخ الطاعنات
 في همة و أنفة الإعلاويات
 نعم هو هنا  في كد السواعد الفتيات
ولم لا في لعب طفل عشقته الدميات
مهماز علي بيننا يا أولاد
سيخرج من حلك الزقاقات
إلى وهج المهرجانات
و منها إلى عنان السماوات

مهداة من زايد وهنا وطاقم التنشيط بمهرجان اولاد  علي الى كل محبي البلاد و الغيورين عليها و المتطلعين لتنميتها

🍀الربى الفيحاء🍀


               الربى الفيحاء

على رباك الفيحاء تغفـــــــــو
                أشفار كالسيوف والسهــــام
تحرس الرياض من كل رقيب
                 تصحو كلما دنا من الخيــام
ينساب من ثناياها بريـــــــــق
                يشع فيضا من صب الهيــام
يخترق الأبصار إلى القلــــــب
                ويسري رعشة في الأجسام
فإذا تفتق ثغر زهرهــــــــــــــا
                لاحت لآلئها في الظـــــــلام
كبرد يرشف رحيق شهــــــــد
                 ورضاب يغني عن المــــدام
يغور في سديم الطل حينـــــــا
                 ويلوح كالسنان عند الكــلام
إذا انبجس تضوع منـــــــــــه
                 صبا المسك بريا الأنســـــام
تحف عدوتيه خيمتـــــــــــــان
                 تبهران في رمق الابتســــام
وجيد ريم يستظل من لظـــاها
                 ويخجل أن يرى في الآجــام
على ضفافه يلهو ظبيـــــــــان
                 يطلان زهوا على الأكمــــام
أراقب وقت وصلها بشـــــوق
                مراقبة المتيم المستهــــــــام
أضنت مضنى حظه منــــــــها
                 مجرد ذكريات في الأحــــلام
لم أكتم هوى قد أرقـــــــــــني
                 وصبابة المشيب من الأوهام
متى أكون في مزنها قطــــــرا
                 يدوم ربيعها مدى الأيــــــام

شعر ذ.زايد وهنا

⚫تعليم مكلوم⚫

كلام في الصميم نابع من اعماق القلب الصادق ومن تجربة في حقل التربية و التعليم لما يربو عن 34 سنة أقول :
كل المحاولات و المجهوذات و الميزانيات التي بذلت من أجل النهوض بالمنظومة التربوية التعليمية باءت بالفشل و لا يزداد الأمر الا سوءا لأنها كلها بمثابة مسكنات لم و لن تعالج المرض ما دمنا لم نقم بتحليلات لوضع الأصبع على مكمن الداء .
والله لن يستقيم أمر التعليم اذا كنا فعلا ننوي اصلاحه نية صادقة إلا بأمور لا محيد عنها هي كالآتي حسب الأولويات :
1)  اعادة النظر في فهمنا لحقوق الانسان ، فليست الحرية هي  ان نؤتي ما نشاء و نتصرف على هوانا كما نريد دون قيد او ضوابط فهذا الذي أوصلنا الى ما نحن فيه من تسيب و فوضى في غياب الردع و الزجر و العقوبات التربوية اللازمة في المؤسسات التعليمية و في السجون ، إذ كيف يعقل أن يتأذى أستاذ غيور يقوم بواجبه نحو وطنه من قبل طالب مشاغب ليست له رغبة في الدراسة و يعكر صفوها على باقي الطلبة حتى تضيع الفرصة على الأبرياء في سبيل إرضاء صعلوك ، فيقتل الاستاذ الصالح وفي احسن الاحوال يسجن الطالب اياما معدودات معززا مكرما في السجن يخرج بعدها ليقضي على رجل صالح آخر ، و هكذا نقضي على الصالحين من هذه الامة لنرضي الصعاليك باسم حقوق الانسان......
2)   لن يستقيم امر التعليم الا بارجاع الهيبة الى المؤسسات التعليمية و اعطاء كامل الصلاحيات للادارة و مجالس الاساتدة في اتخاذ القرارات اللازمةفي حق كل من سولت له نفسه الاخلال بالنظام الداخلي للمؤسسات و بدعم من جميع المسؤولين ( الداخلية. القضاء. النيابات ...)

🍇هل من مغيث🍇

***** هل من مغيث ؟ *****

جسم ضخم بمثل ضخامة وأهمية قطاع التعليم ، يشكو مرضا عضالا شخص في تدني المستوى إلى حد مخيف ، وانهارت معه القيم التربوية إلى حد الاحتضار، مما لا يبعث على الارتياح ، ويستوجب إيجاد علاج ناجع بدل المسكنات لإخراجه من غرفة الإنعاش تفاديا لكارثة مستقبلية ستحل بنا وبأجيالنا اللاحقة ونصنف في ذيل الأمم المتحضرة علما وأدبا ، وحينها يستعصى العلاج وقد فاتنا الركب ، فهذا قطاع التعليم في غرفة العمليات يستغيث ، فهل من مغيث ؟ ، لقد سئم من تعاطي المسكنات من قبل أطباء يعتبرون أنفسهم ذوي التخصص في هذا المجال فيضعون مخططات ومناهج دخيلة دون اللجوء إلى فحوصات دقيقة وتحليلات مجهرية ودون استشارة ذوي الخبرات والتجارب في ذلك ، إذ سرعان ما يتبين لهم أن هذه المناهج المستوردة لم تزد حالة القطاع المنهك إلا سوءا ، كما هو الأمر في مخطط الإدماج وغيره ، فتضيع علينا ملايين الدولارات دون جدوى متناسين عن قصد أو غير قصد أن العلاج لن يأتي بالنتيجة المرجوة إلا من خلال تحليلات دقيقة تستند إلى خصوصياتنا ومستجدات عصرنا وتستجيب لحاجياتنا السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية بالخصوص ليولد من رحم مؤسساتها ومعاهدها رجال أفذاذ أكفاء على مسكة عظيمة من التربية والكفاءة في شتى العلوم الحديثة ، للرفع من شأن هذا الوطن وجعله في مصاف الدول الراقية ثقافيا واقتصاديا . ومن أجل بلوغ هذه الغايات ينبغي حسب رأيي المتواضع وتجربتي في ميدان التعليم لمدة تربو عن ثلاثة وثلاثين سنة أن نقف عند أمور اساس لبناء صرح تعليمنا و النهوض به ، وهي أمور لا تتطلب الكثير من الجهد بقدر ماتتطلب من العزم والنوايا الحسنة ويمكن أن نلخصها في النقط التالية :
1- إرجاع الهيبة للمؤسسات التعليمية
2- إعادة النظر في الخريطة المدرسية
3- تكوين أطر بكفاءات عالية
4 –تحسين وضعية العاملين بالقطاع
5 الاهتمام بالعلوم المواكبة للعصر
6- الاهتمام باللغات الحية دون التفريط في اللغتين الرسميتين
7 – إدخال المعلوميات ضمن المقررات الدراسية
8- الفهم السليم والايجابي لمفهوم حقوق الإنسان
9- تسخير الإعلام في خدمة العلم والمعرفة والتربية
10- توعية الأسرة بدورها الكبير في صلاح المجتمع
11- شروط المدرس الكفؤ
12- شروط طالب العلم

                       الأستاذ : زايد وهنا

🔲لا تسأل🔲

لا تسأل
  لا تسأل "  لماذا " ؟
لماذا  أداة نحرية استدمائية ، تفتح الجراح و     تدمي القلوب ، فتنساب دماؤها كأشطان بئر تدق بالمدراة ، و مهما أوتيت من مفاتيح العلم و دقة التحليل و براعة التطبيب لن توفي السائل حقه ، و لن تشفي غليله و لن تستطيع تضميد جراحه التي تقطر جهلا و فقرا وتهميشا و ظلما ؟

  لا تسأل  " كيف " ؟
  كيف  أداة استفسارية استفزازية ، تحيل التصورات الجادة في نظر البعض إلى أوهام يسخر منها الآخر ، ماهية " كيف " تزيد ألما لمن ضاقت به السبل ،  فتنزف الجراح من جديد دما ممزوجا بصديد يقطر خنوعا و كآبة و غصة.

لا تسأل  " متى " ؟
متى أداة تحديدية استشرافية لزمن قد تندمل فيه الجراح ، غير أن الداء استشرى و الجراح تعفنت و الدواء بعيد المنال ، فلم تعد تنفع معها إلا المسكنات في انتظار بتر الأعضاء أو ملاقاة البحر أو انتحار الجسد ليستريح من الألم و الأرق و اليأس .

لا تسأل " لم لا " ؟
لم لا  أداة اقتراحية استثنائية ، لا جدوى منها ما دامت الأجنحة متكسرة ، و اليد قصيرة ، و المعنويات في الحضيض ، فما للجراح غير الإهمال تبثه تباريح  الإقصاء المضنيات .

حبدا لو لم تسأل ، لعل أدواتك الإستفهامية الإستغبائية الغير المعقمة زادت من ألم الجراح و نزيفها و كأنك صببت عليها  الحمض النتريكي ،  أيقظت مواجعها و قضضت مضاجعها ، بؤسا لك و لأدواتك ، و يا أسفاه على جراح طالها النكران فطال عذابها .

🌲كادح موهوب🌲

****  كادح موهوب  ****

ما زلت أتذكر ذلك اليوم الذي التقيت فيه برجل ، ما رأيت فيمن صادفتهم من الرجال شبيها له في الأفكار ، و في طريقة فهمه و تحليله للأمور ، تخاله أحيانا فيلسوفا و أحيانا أخرى يبدو لك كالأحمق ، و لكنه حقا حكيم في كلتا الحالتين .
رجل في أواخر عقده الخامس  قد نيف على الستين ، له عربة ذات عجلتين يجرها أو يدفعها بيديه ، يحمل عليها متاع الناس و بضائعهم إلى حيث يريدون مقابل أجر غير محدد ، يجوب شوارع البلدة و أسواقها ساعيا في طلب الرزق الحلال ، تراه يترنم و يغني بصوت مهموس ، وهو يبتسم في وجوه المارين و لا يتوقف عن الغناء إلا  ليلقي التحية على أحدهم ممن يمازحونه .
استوقفته يوما و طلبت منه أن ينقل بعض أغراضي إلى البيت ، فأومأ برأسه موافقا إذ كان يردد أغنية " يا أسفا عليك " لمجموعة جيل جيلالة .
و نحن في طريقنا إلى البيت ، لا أنكر أنني استمتعت بأغانيه التي كان يؤديها بصوت جميل جدا ، و التي تنم عن رقي و سلامة  ذوقه ، و فجأة أوقف دفع عربته ، و انتصب يستجمع قوته ثم شخص ببصره نحوي و قال :
  "  أتعرف من هم السعداء منا الذين أحبهم الله و رضي عنهم ؟ "
أجبت عن سؤاله ، لكنه لم يستحسن جوابي و لم يقتنع به .
فأجاب و هو يزهو بنفسه و كأنه يعلمني ما لم أعلم :
  "  السعداء منا هم أولئك الذين هاجروا هذه البلاد نحو بلدان أخرى حيث الكرامة و الديمقراطية الحقيقية ".
ثم سألني مرة أخرى :
  "  أتعرف من هم المحظوظون منا ؟ "
أجبت بالنفي ، لأنني أعرف مسبقا أنه لن يقتنع بجوابي .
قال :
  "  المحظوظون منا هم أولئك الذين أصابهم العقم و لم يرزقهم الله ذرية في هذه البلاد "
ثم استرسل في دفع العربة ، سائلا :
  "  أتعرف من هم التعساء ؟ "
  " هم أولئك الذين ينجبون ذريتهم في هذه البلاد"
 " أتعرف من هم المغفلون في الدنيا ، الخاسرون في الآخرة ؟"
 " هم أولئك الذين يستنزفون خيرات البلاد ، و يستغلون العباد ".
  " أتعرف من هم الجهلاء ؟ "
  " هم أولئك الذين يؤمنون بالشعوذة ، و يتمسحون بالأضرحة و يزورون الأولياء ، و كأن الله أخبرهم بولاية و صلاح أولئك الموتى ، و الغريب في الأمر أن هناك من له مصلحة في ذلك فيشجعهم على الشرك الأكبر ".
 " أتعرف من هم المثقفون ؟ ".
 " هم أولئك الذين لا يعيشون طويلا ، تفنيهم الحسرات و تخنقهم الغصات على مآل البلاد و العباد " .
لم يسكت الرجل إلا و نحن بباب البيت ، أخذت أغراضي و ناولته أجرته ، و أضفت له علاوة عنها قليلا من المال ، و لسان حالي يقول ، ترى هل وفيته حقه لما أسداه إلي ، فقد حمل عني أغراضي و أطربني بغنائه و أفادني بفلسفته .
 شكرته و ودعته ، فانطلق الرجل على عادته يغني بصوت مسموع :
 " يا حبيبي كل شيء بقضاء
  ما بأيدينا خلقنا تعساء
  ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم
  بعدما عز اللقاء
  فأذا أنكر خل خله
  و تلاقينا لقاء الغرباء
  و مضى كل إلى غايته
  لا تقل شئنا فإن الحظ شاء "

                                الكاتب : زايد وهنا

🔍أروني أنفسكم🔍

****   أروني أنفسكم   ****
 
  كنت أظنكم الأنواء و هم الغثاء
  كنت أظنكم الأعزاء و هم الأدلاء
  كنت أظنكم النبلاء و هم السفهاء
  كنت أظنكم الشرفاء و هم  الخبثاء
  كنت أظنكم الأذكياء و هم الأغبياء
  كنت أظنكم الأقوياء و هم الجبناء
                  هكذا كنت أراكم و أراهم
           فأصبحت أراكم قطعانا و أراهم رعاة
   أراكم مغفلين و أراهم مستنزفين
   أراكم مقهورين و أراهم قاهرين
   أراكم خانعين و أراهم مستبدين
   أراكم مهمشين و أراهم مكرمين
   أراكم تكدحون و أراهم يرغدون
   أراكم تتعذبون و أراهم يتلذذون
   أراكم تنتحرون و أراهم يسخرون
           تقزمتم على كثرتكم حتى لم أعد أراكم
           فيا ليتني ما عشت لأرى استسلامكم
           و يا ليتني مت قبل أن أرى استخفافهم

🔷خاب الظن فيك يا ...🔷

خاب الظن فيك يا ...
من أغرب ما سمعت في حياتي ، قصة عجوز جمعتني به الأقدار و أنا في زيارة لإحدى القرىالنائية بالجنوب الشرقي من وطننا بل من وطنهم .
شيخ وقور مكفوف مقعد نقشت عاديات الدهر على محياه تجاعيد بارزة كأنها أخاديد شقت بإزميل من حديد مخلفة نذوبا في الوجه و جراحا في النفس ، غزا الشيب ثناياها كندف ثلج تناثرت حباتها فزادته بياضا في الوجه و أخفت دونها عتمة في القلب ، لا يشعر بمرارتها إلا أمثاله ممن خانهم الدهر و جفاهم البشر ، ماتت زوجته منذ أكثر من عشرين سنة ، و لم يتزوج غيرها لأن موانع الزواج كلها توفرت فيه من قلة ذات اليد و وهن في البدن ، كما أن الطباع التي ألفها من المرحومة لن يجد لها مثيلا في بنات حواء على حد قوله .
عجوز يعيش مع ابنته الوحيدة الأرملة في بيت جد متواضع من تراب و أخشاب ، و قد نسجت العناكب أشعة خيوطها في سقوفه و جدرانه ، و عاثت الجرذان في أركانه فسادا .
ابنته الأرملة في بداية عقدها الرابع ، نحيفة القوام شاحبة الوجه ، لم تسلم هي الأخرى من مخالب الزمان الذي أخذ منها زوجها و هي في عنفوانها و  كأنه يريد منها أن تتفرغ لخدمة أبيها ، فهي كل شيء بالنسبة إليه ، إذ ليس له غيرها من الأهل و الأقارب  .
كان يحدثني و كأنني شخص مقرب إليه أو كأنه يعرفني معرفة الصحاب و الخلان ، يتكلم حينا و يسكت برهة ليلتقط أنفاسه ثم يسترسل و أساريره توحي برغبته في الفضفضة و تجاذب أطراف الحديث ، وكيف لا و قد مر عليه زمن لم يحادثه أحد فهذه فرصته ليفجر مكنوناته الدفينة فربما لن تتكرر مرة أخرى ، خصوصا و قد وجد مستمعا شغوفا مثلي .
 نعم كان لكلامه وقع كبير على نفسي ، و انتابني إحساس غريب امتزجت فيه رغبة الاستماع  بالحزن و الأسى ، و كادت دموعي تفضحني لولا أني تمالكت نفسي ، تنهدت و أخرجت زفيرا مرا مرارة الحنظل و سألته عن مصدر رزقه ، هز رأسه ناحيتي و كأنه يراني و وضع يده على بطنه ، ثم قال بصوت خافت :
 " قد لا تصدقني يا بني لو قلت لك أننا نقتات على مبلغ لا يزيد عن   340 درهما في الشهر ، تحصل عليه ابنتي كمعاش  بعد وفاة زوجها الجندي في الصحراء الغربية "
 تساءلت مندهشا :
  "  و كيف تدبران هذا المبلغ الزهيد ؟ "
  "  نعيش على الحد الأدنى مما هو ضروري ، كما أن ابنتي  " رقية "  تعمل كخادمة مساعدة لدى  بعض الأسر الميسورة ، و بذلك تساعد ببعض ما تحصل عليه " .
  "  و أي حادث هذا الذي تعرضت له ، فأعاقك و أفقدك بصرك ؟ ".
 سكت قليلا كأنه يسترجع ذكريات مريرة و إذا به يتنهد تنهيدة تنهد لها الجبال الراسيات ، و قال :
  "  ذكرتني يا بني بأيام شبابي و عنفوان قوتي ، فكنت أومن بأن لا قيمة لهذا الجسد القوي إذا لم يسخر في الدفاع عن حوزة الوطن ، و لا خير يرجى منه إن لم يقاوم الاستعمار الفرنسي ، فانضممت دون تردد إلى جيش التحرير و انخرطت في العمليات الفدائية ، و لا أنكر أنني قتلت ثلة من جنود الاحتلال ، لكن شاءت الأقدار أن أصاب بشظية في عيني اليمنى ، فذهب نورها ، و منذ ذلك الحين و أنا أبصر الدنيا بعين واحدة ، و أقول في نفسي ، الحمد لله أنني فقدتها قربانا لوطني ، أما عن إعاقتي ، فدائما في سبيل الوطن تهون الصعاب ، فقد كنت من بين المتطوعين في المسيرة الخضراء ، و حدث أن انقلبت الشاحنة التي كانت تقلنا عند عودتنا ، فأصيبت رجلي بكسر خفيف لم يمنعني ساعتها من المشي ، و لم أعره اهتماما فقد كنت في قمة النشوة و الحماس  باسترجاع صحرائنا الى وطننا ، لكن بعد وصولي إلى بيتي هذا ، بدأ الألم في رجلي يزداد يوما بعد يوم ، فكنت ألتجئ إلى مداواتها بالأعشاب و المراهم  و لكن دون جدوى ، و لم يقتصر الألم على الرجل ، فالعين التي أبصر بها ، بدأ هي الأخرى يضعف بصرها و تؤلمني ألما حادا أنساني ألم الرجل ، و استمر الحال على حاله حتى انطفأ ضوء العين ، و قطعت الرجل ... "
هنا وضع العجوز يده على عكازه و كأنه يتفقد مساعده الوفي ...و أضاف قائلا :
  "  اسمح لي يابني لم نقدم لك الشاي ، فابنتي رقية تعمل خارج البيت ، و ليس في مقدوري فعل شيء كما ترى "
ربتت بيدي على كتفه و أجبته مسرعا :
  "  لا عليك يا عم ، فقد تناولته قبل أن أجالسك بقليل ، و لا رغبة لي في شيء "
و لسان حالي يقول : كيف لنفس أن تشرب الشاي و هي تتجرع سموم ما تسمع .
مر وقت قصير من غير كلام ، و كيف أطيق الكلام و أنا أسمع الألم و أشاهده ، لكن ثمة سؤال يتبادر إلى ذهني و يلح في الخروج ، و أنا أمنعه رحمة بهذا الشيخ المقهور ، فلم أشعر إلا و أنا أسأل :
  " و لماذا يا عماه لم تذهب إلى المستشفى قبل أن يستفحل الأمر ، فتعالج عينك و رجلك ؟ "
اعتدل قليلا في جلسته ، و مرر يده على عينيه و وجهه و أمسك بلحيته قليلا ثم قال :
  "  فعلت يا بني ، و لكن ضيق ذات اليد ، كان سببا  فيما آلت إليه صحتي ، فقد زرت أطباء العيون في المستشفيات العمومية ، و قد أجمعوا على أن العدوى انتقلت إليها من العين اليمنى ، و أن الأمل كبير في إعادة البصر إليها ، فأشعر بفرحة عارمة تغمرني و لكن سرعان ما تخبو و تنطفئ عندما يطالبونني بالمصاريف الباهظة التي تتطلبها العملية ، فانسحب و أنا أجر أذيال الخيبة ، و أتساءل في قرارة نفسي : ألا يمكن لهذا الوطن الذي فقدت عيني اليمنى من أجل استقلاله أن يعالج لي عيني اليسرى مجانا ؟ ، و نفس الشيء يتكرر كلما زرت طبيبا للعظام ،  يطالبني بشراء لوازم العلاج و هي كما تعلم يا بني باهظة الثمن ، فكيف لي أن أحصل على ثمنها و أنا بالكاد أحصل على قطعة خبز ، و في كل مرة يراودني السؤال نفسه : ترى ألا يمكن لهذا الوطن أن يعالج مجانا هذه الرجل التي أصيبت في سبيل استكمال الوحدة الترابية ؟ ألهذا الحد يتنكر الوطن لأبنائه الأوفياء ، الذين استرخصوا أرواحهم و أبدانهم في سبيل عزته و مجده . و هكذا يا بني لازمت بيتي و قطعت الصلة بالعالم الخارجي ، بعدما أيقنت أن الإخلاص جزاؤه النكران  " .
حينها رفعت عيناي إلى صورة معلقة على الحائط ، كانت قد استرعت انتباهي منذ الوهلة الأولى ، يظهر فيها الشيخ جالسا بين شخصين بالباب الخارجي للبيت ، فدفعني فضولي للسؤال :
  "  من هذان الرجلان اللذان تتوسطهما يا شيخنا في الصورة أعلاه ؟ ".
لمس العجوز الحائط بيده ، و كأنه يريد مصافحتهما ، و ابتسم ابتسامة للذكرى و قال :
  "  كم أنت قوي الملاحظة يا بني ، هذه الصورة لها حكاية عجيبة ، تعود لخمس سنوات خلت ، حين زار هذان السائحان القرية و استرعى انتباههما جلوسي بباب بيتي ، و أنا أردد بعض ما تيسر من القرآن و الأذكار ، فجاءني مرشدهما السياحي و هو شاب مجاز من أبناء القرية العاطلين و أخبرني أن هذان الرجلان عالمان من علماء الآثار ، أحدهما فرنسي و الآخر إسباني ، و أنهما يريدان أن أمدهما ببعض المعلومات حول معلمة أثرية قديمة تتواجد بقريتنا ، و سيتولى هو نفسه الترجمة ، فوجدتها فرصة لأبدد بعض الهم و الغم و لأكسر رتابة الوحدانية و لو لبعض الوقت .
جلس الرجلان أمامي و طفقا يسألان ، فكنت أجيب عن أسئلتهما ، فشعرت بالفرح يغمرهما إذ وجدا ضالتهما فيما يبحثان فيه ، و في الأخير اقترح علي الرجل الفرنسي أن أصاحبه إلى فرنسا حيث يتولى أحد أصدقائه وهو طبيب خبير معالجة بصري ، و سيتكلف هو بكل المصاريف من ألفها إلى يائها ، حينها تدخل الباحث الاسباني متحمسا و قرر أن يساعدني هو الآخر برجل اصطناعية عند عودتي من فرنسا مرورا بإسبانيا " .
 سكت العجوز برهة كأنه يتحسر على شيء فاته ، و هنا لم أطق صبرا فقلت :
  "  الحمد لله ، هذه  فرصة ذهبية قد سنحت لك ، فماذا فعلت ؟ "
طأطأ رأسه قليلا ثم رفعه و أجاب :
  "  و الله لقد شعرت بالخجل يا بني ، إذ كيف أجيب الطبيب الفرنسي إذا سألني ، أليس من العيب أن أقول أنني أصبت في عيني بشظية من سلاح جنودكم و أنا أحاربكم ،  أيعقل أن يعالجني من حاربته و قتلت بعض مواطنيه الفرنسيين أيام الاستعمار ، و الله لموقف صعب ، لن أستطيع تحمل أثره على نفسي ، لذلك فضلت العمى على  هكذا موقف " ، ثم استرسل قائلا :
  "  هب يابني أنني استرجعت بصري ، فماذا سأرى غير المنكر و الفساد الذي استشرى في البلاد ، و افترض أنني أصبحت أسير على قدماي ، و خرجت لقضاء مآربي فما أظن ذلك إلا مجلبة للهلاك ، حيث المشرملون يجوبون الشوارع و الأزقة شاهرين أسلحتهم البيضاء في وجه المارة ..ألا ترى أن وضعي الحالي الذي ألزمني بيتي أفضل بكثير في الوقت الراهن " .
ساد المكان صمت رهيب ، مزقه صوت رقية ، التي دخلت البيت قبل لحظات قليلة و هي تقول :
  "  عجبا يا أبتاه ! وجدت الإحسان فيمن كرهته و حاربته ، و لم تجده فيمن  أحببته و حاربت لأجله "
عندئذ عرفت أنها سمعت آخر كلام أبيها ، فإذا بها تقف عند باب الغرفة بقامتها الطويلة ، و استطردت قائلة :
  "  إخواننا المهاجرون في البلدان الغير الإسلامية ينعمون بالأمن و الأمان خارج بيوتهم و داخلها ، و نحن في بلدنا المسلم نخاف ليل نهار من المشرملين ، و الله إنها لطامة كبرى " .
قالت ذلك و انطلقت إلى حال سبيلها و هي تتمتم بكلام غير مسموع ..
 عندها قررت أن أغادر البيت حتى يخلو لها الجو لتقدم لأبيها بعض الخدمات خصوصا و قد أطلت في الجلوس معه .
 قمت لتوي من مكاني و قبلت رأسه و ودعته بعد أن وضعت شيئا في يده ثم انطلقت إلى حال سبيلي و عيناي تذرف دمعا ساخنا ، و في داخلي صوت يشبه صوت العجوز يلاحقني مناديا  :
  "  ارحل ، ارحل ، فأرض الله واسعة ، واسعة ، واسعة ....."

🔵صرخة مؤمن🔵

صرخة مؤمن

سبحان من أخفى الغيب عن خلقه
                   فلا تدري نفس ما يرتجى من أمره
 لطف من ألطاف الغفور حل بعبده
                   و تداركته رحمة و ستر من فضله
لولاهما لكانت أشعاري رثاء لفقده
                   بعدما شمت آية المودة من صحبه
عطفا منك ربي حفت عنايتك به
                  فكأن المبتلى ولد حديثا في مهده
فلا بأسا ترينا فيمن تعلقنا بوده
                 إذ لا أنسا وجدناه يحلو في غيره
فحمدا لك يا مجيب صرخة عبده
                  ما خاب من في السر دعاك وجهره
بحكمتك ابتليته فزدت في أجره
                  فنعم المؤمن عبد الغفور في صبره

           أشعار الأستاذ زايد وهنا مهداة لصديقه عبد الغفور

🔶هذا في يوم العيد🔶

هذا في يوم العيد

         آخر ليلة من رمضان ، بثت الوزارة المكلفة نشرتها بثبوت رؤية هلال شوال ، فاختلط فرح الفطر بالحسرة على مضي الأجواء الرمضانية التعبدية الجميلة ، أخرجت جلبابي الأبيض كعادتي في كل عيد و وضعت كل ما يلزم استعدادا لصلاة العيد ، ذهبت الى فراشي باكرا و لكن حدث أن انتابني أرق وجفا النوم أحداقي ، و أنا أتقلب في مضجعي ذات اليمين و ذات الشمال، و رجعت بي الذاكرة الى أيام الطفولة حيث كنا ننتظر صباح العيد على أحر من الجمر لنرتدي الملابس الجديدة و التي غالبا ما نخصص لها مكانا على الوسادة  و نمسك عليها بأيدينا من شدة فرحنا بها ، حينها تبادر إلى ذهني أن هناك العديد من الأطفال محرومون من هذا الشعور السعيد ، لا لشيء و إنما لأنهم أبناء أسر فقيرة معوزة لم تستطع أن توفر لهم ما توفر لغيرهم ، مما أرقني و زاد من سهادي ، و لم يغمض لي جفن حتى صليت الصبح و طلعت الشمس من مشرقها ، ارتديت ملابسي و تناولت فطوري على سبيل السنية و اتجهت نحو المصلى .
اتخذت مكانا في الصف الأمامي بالمصلى الذي كان فارغا إلا من بعض المصلين هنا و هناك و شيئا فشيئا بدأت جنبات المصلى تمتلئ و الناس يتبادلون التحايا و التهاني ، و أنا جالس أتمتم بما أعرفه من الأذكار ، وبينما أنا كذلك استرعى انتباهي رجل في متوسط العمر و قد جاء يطلب من بعض الجالسين بالصف الأمامي المقابل لمحراب الإمام أن يتنحوا من أماكنهم لأن المكان خاص لثلة معينة من رجال السلطة و خدام الدولة ، يقولها و هو يعتد بنفسه و كأنه يقوم بأمر ذي بال ، و قبل أن يصل إلي و يطلب مني ما طلبه من سابقي ، توالت في ذهني عدة أفكار رجحت منها أن أغير المكان  فذاك أهون علي من أن يطلبها مني ، فقمت للتو و اتجهت الى الصفوف الخلفية و أنا غير مقتنع بما فعلته ، مترددا بين أفكاري و قناعاتي ، صلى الجميع و استمع الجميع للخطبة إلا أنا لم أخشع في صلاتي و لم استمع لجملة واحدة مما قاله الإمام ، فقد كنت مشغولا بإقناع نفسي أنني عملت الصواب .

⭕ العبودية ⭕

العبودية
مخدوع و مغفل من يظن أن عهد العبودية قد ولى و انتهى زمانه ، نعم لم تعد هناك أسواق النخاسة حيث يباع و يشترى العبيد ، و اعتقد الناس أنفسهم أحرارا ، و أنهم قطعوا الصلة بزمن الرق و الاستعباد ، و حقيقة الأمر أن تلك القيود و الأغلال التي صفدت بها أرجل العبيد قديما قد صفدت بها ضمائر بعض البشر حاليا ، إذن  فالعبودية مستمرة و موجودة و أن الذي تغير بين الأمس و اليوم هو الظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و ما عرفته القرون الثلاثة الأخيرة من مستجدات و أحداث كبرى قلبت وجه العالم و جعلت الهيمنة الاقتصادية و الرأسمالية المتوحشة الجشعة هي الأساس الذي به تسود الأمم و تتبوأ مقدمة الركب الحضاري ، و لبلوغ أهدافها  اتخذت كافة الأسباب العلمية و التكنولوجية ، و استغلت ضعف بلدان أخرى ، فجعلت منها موردا لكل ما ينقصها من مواد خام ، و هي تعمل جاهدة على أن تبقى هذه الدول المتخلفة رازحة في براثين الجهل و الفقر ، حتى لا تقوم لها قومة ، و تحاول جاهدة أن تسد أمامها أي طريق يمكن أن ينهض بها و يجعلها تتسلق سلم النمو و الرقي ،  و لأجل ذلك فهي تتدخل في أنظمتها و تملي عليها ما يخدم مصالحها هي أولا كقوى عظمى ، فتشجع الريع و الفساد اللذان تستفيد منهما شريحة قليلة في هذه المجتمعات المتخلفة لأن هذه الشريحة ذات الثراء الفاحش هي التي تحافظ و ترعى مصالح الغرب ، فتجد هذا الأخير يقدم  معونات و مساعدات يظهر من خلالها حسن النية ، أما سوء النية فيضمره في قروض يثقل بها  كاهل الشعوب المستضعفة  فيجعلها في تبعية  دائمة له ،  أليست أصفاد  هذه العبودية أشد إذلالا من سابقتها ؟
كن ثاقب الفكر واسع النظر ، و انظر من حولك ترى أشكالا و ألوانا من الاستعباد تختلف صوره و تجلياته بين طبقات الشعوب المتخلفة خصوصا ، يظهر ذلك جليا في الهوة السحيقة و البون الشاسع بين الأقلية البورجوازية في هذه المجتمعات و الأغلبية  الكادحة المغلوب على أمرها ، فتجد العمال يكدحون و يهرقون عرقهم من أجل أجر زهيد لا يكاد يسد ضروريات الضروريات ناهيك عن الكماليات فهي مجرد أحلام بالنسبة لهؤلاء ، في حين ترى الملاك الكبار و أرباب الشركات و ذوي المقاولات الكبرى و أصحاب المناصب العليا ينعمون بالأرباح الطائلة الخيالية و بأقل مجهود بل و بدونه ، فالعبد قديما كان يقوم بالأعمال الشاقة ويسكن زريبة محادية للاصطبل و الحظيرة ، و يقتات على فضلات أسياده ، فأي فرق بينه و بين الكادح في أيامنا هذه ، فهذا كذلك يكتري بيتا جد متواضع هو أشبه بخربة ، و في أحسن الأحوال قد يمتلك بيتا في أحياء الصفيح لا يقيه حر الصيف و لا قر الشتاء ، و يقتات على الحد الأدنى من العيش الذي يتناسب و أجرته الهزيلة ، و هو عيش يسد رمق الجوع بكل ما هو ضروري و رخيص ، و لو كان كسابقه من العبيد يعيش على فضلات الارستقراطيين لكان أفضل بكثير من عيشته الحالية ، لأن فضلات و بقايا طعام الأغنياء في أيامنا هذه هو أفضل و أدسم و أغنى فيتامينات مما يعيش عليه الكادح المقهور ، و الأدهى و الأمر أن بقايا الطعام ترمى في القمامات و لا يستفيد منها ذلك المحتاج ، و لشدة فاقته و احتياجه تجده يتملق بل يرتعد أحيانا أمام مشغله لا لشيء و إنما للحفاظ على ذلك الأجر الزهيد ، و منهم من يستغل العامل خارج أوقات العمل في مآربه الشخصية و العائلية ، أليست هذه عبودية في أبهى صورها بل و في أبشع تجلياتها ؟
لا يخفى على كل متتبع للشأن التعليمي ما وصل إليه المستوى التعليمي في بعض البلدان المتخلفة من تدني و انحطاط نتيجة العشوائية و التبعية للغرب في انتقاء البرامج و المناهج دون مراعاة خصوصيات البلد و دون رسم خريطة طريق يفضي إلى الغايات المنشودة ، و عدم تهييء الجو الملائم من بنيات تحتية و ما يناسبها من مستلزمات ، بل نكتفي باستيراد الدواء دون تشخيص دقيق للداء مما يضيع علينا الكثير من الوقت و الجهد من غير نتيجة تذكر ، و نستغيث بالغرب و مناهجه ، أليست هذه التبعية نوع من العبودية ؟
لقد انساق الناس وراء التقليد في كل شيء دون تفكير فيما يقدمون عليه و دون عرضه على الشرع و العقل ، و كأنهم قطيع يهيم على الأرض لا وجهة لهم و لاغاية ، أليس هذا التقليد الأعمى الأصم الأبكم شكلا من أشكال الاستعباد و التبعية .
ألا يعتبر التلوث السمعي البصري الذي طال الفنون التعبيرية ، و أفسد الأذواق و بلد الحس الجمالي و الوجداني نوع من الاستعباد للتافه من سفاسفة الأمور .
و يأتي أحدنا اليوم و يقول عن جهل إننا ننعم بالحرية ، أي حرية حين لا تطمئن الجنوب في المضاجع ، حين يبيت الكادح المسكين يفكر في كيفية توفير كيس من الدقيق لعياله ، و يا حبذا لو اقتصر الأمر على ذلك ، بل ينشد الأمن و الآمان فلا يجده ، فهو يسمع في كل يوم إن لم نقل في كل ساعة عن الاعتداءات بالسلاح الأبيض التي يتعرض لها الأبرياء من بني شريحته في واضحة النهار ، أما الخروج ليلا فقد أصبح من سابع المستحيلات ، فكيف لا يصاب الناس باليأس و الإحباط و الكآبة و هم يعيشون بين مطرقة الفقر و سندان الإجرام ، أليس الاستعباد المصحوب بالأمن أرحم من الفقر المصحوب بالخوف ؟
اذا قارنا حياة الرقيق قديما بحياة الكادحين حاليا وجدنا تشابها في نمط الحياة ، فقد كان أغلب العبيد يتعرضون لأنواع الإساءة و التنكيل من قبل أسيادهم ، و المحظوظ منهم من أعتق أو استغني عنه ، بل منهم من أقدم على الانتحار إراحة لنفسه من العذاب ، و هو الأمر نفسه يتكرر مع الكادحين من بسطاء القوم في يومنا هذا و إن لم يكن بنفس الحدة التي كانت لدى العبيد ، فتجد السواد الأعظم منهم صابرين متحملين ضنك العيش ، و القلة القليلة منهم ساعدهم الحظ و أراد  الله بهم خيرا ففتح لهم سبل العيش في بلدان المهجر التي تجعل كرامة الإنسان أولى أولوياتها ، و تؤمن بالديمقراطية قولا و فعلا ، حتى بات العبور نحو هذه الجنان حلم كل مقهور ، و أصبح الشباب يجازف بحياته في قوارب الموت عساه ينعم بعيش كريم ، غير أن أغلب المهاجرين السريين كانوا طعاما للحيتان الجائعة ، فلما شبعت الحيتان من جثثهم ، عافتها ، و إذا البحر يلفظها نتئة على الشواطئ ، فأي قهر هذا الذي يدفع بالانسان في عرض البحر و هو يعلم أن فرص نجاته ضئيلة جدا ، إنه حقا انتحار معنون ببصيص من الأمل لا أقل و لا أكثر ، في حين يرى البعض أنه لا داعي للانتحار غرقا ، فينتحرون شنقا أو بأي وسيلة تريحهم من عذابهم ، و هم بذلك لا يختلفون عما كان العبيد يفعلونه ، و لعل هذا أكبر دليل على استمرار الاستعباد نتيجة الفوارق الفضيعة .
ما قيل لا يعتبر إلا غيض من فيض ، و لا حصر للأمثلة في هذا السياق ، فمتى يمكن أن نجزم القول بأننا قطعنا مع العبودية و الاستغلال هو عندما نرى أن الهوة بين الطبقتين قد تقلصت ، و أن المواطن مهما كان عمله أو وظيفته ينعم بالعيش الكريم و أن جميع الضروريات متوفرة له و لا يجد مشقة في اقتنائها ، و لم لا بعض الكماليات البسيطة ، وفوق هذا و ذاك ان ينعم بالأمن و الآمان يتجول حيث يشاء و يجلس حيث يطيب له الجلوس دون أن يتعرض للأذى ، نعم الفرق وارد و معقول بين شرائح المجتمع ولكن المطلوب أن يكون هذا الفرق في الكماليات ، فأذا كان الارستقراطي يسكن القصور و الفيلات وهو أمر عادي ، فينبغي أن يسكن العامل أو الموظف البسيط منزلا لائقا يرتاح فيه مع أسرته فهو لا يطمع في أكثر من ذلك ، و إذا كان البورجوازي يأكل الفواكه و الأسماك و اللحوم الباهضة الثمن فلا بأس بذلك ،  غير أن ذلك البسيط ينبغي أن يأكل الفاكهة و السمك و اللحم الرخيص ، إذا كان الغني يقضي عطله خارج البلاد ، فلا ضير أن يقضيها المواطن البسيط داخل البلاد ، إذا كان الميسور يمتلك عددا من السيارات الفارهة ، فذلك الموظف و العامل البسيط تكفيه سيارة واحدة من النوع الرخيص جدا ، و هكذا يكون الفرق بين الناس غير ملحوظ و ليس له نفس التأثير الذي نراه اليوم ، أما والحالة هذه فلا أظنها إلا عبودية و استغلالا ، مما يزيد الغني غنى و تسلطا و استبدادا  و يزيد الفقير فقرا و خنوعا و إذلالا فلا تستغرب إذا قلت أن استعباد البشر ما زال مستمرا في غياب الأخذ بعين الاعتبار كرامة الانسان فوق كل اعتبار ، و هو في الخفاء يتشكل بأشكال السياسة و يتلون  بألوان الاديولوجية ، ليخفي الشمس بالغربال و لكن الكثير من الناس منخدعون ببعض المظاهر و الشعارات البراقة ، من قبيل حقوق الانسان و التنمية المستدامة و الاصلاح الاداري و ربط المسؤولية بالمحاسبة ، و المقاربة التشاركية و غيرها من المصطلحات الرنانة ، و كلها شعارات خادعة لا وجود لها على أرض الواقع ، و إنما تدر الرمد في العيون ، ليتعلق الكادحون بآمال وهمية ، و يستمرون في طاعة الميسورين مقابل لقمة العيش ، و إن كانت على حساب كرامتهم و انسانيتهم ، و لكن هيهات أن ينخدع  كل ذي عقل راجح و فكر حر ، يرى الأمور بمنظور المنطق السليم ، و ختاما إذا اجتمع الجهل و الفقر و الخوف فتلك عبودية كاملة الأركان و لا مجال للجدال في ذلك ، لهذا إذا كان الإنسان الأبي لا يرضى أن تكبل يداه و رجلاه ، فكيف يرضى أن يكبل ضميره .

🌺التأويل المقيت🌺

اللهجة العامية بين المنطوق السليم و التأويل السقيم

اخترت هذا العنوان لمشهد عاينته معية صديقين أثناء زيارتهما لي ، و حيث أنهما تأثرا بهذا المشهد فقد طلب مني أحدهما أن أكتب عن هذه الظاهرة ، و نزولا عند رغبته و نظرا لمكانته في نفسي خصوصا أنه من المعجبين بكتاباتي لم أتردد في تلبية طلبه و قررت أن أحكي لكم القصة كاملة كما شهدناها و لكم الحق في التعليق و التعقيب ...غير أني سأستعمل الكلمات باللهجة العامية المغربية كما وردت على لسان المتحاورين دون نقص أو زيادة لأكون أكثر تدقيقا و صدقا من ناحية و من ناحية أخرى لكي يتمكن القارئ من الحكم بنفسه إذ المراد من القصة هو لهجتنا العامية و استعمالاتها ...
كنا نحن الثلاثة جالسين بمقهى نحتسي الشاي قريبا من دكان خضار ، فجاء زبون يختار " الدلاح " ويسأل الخضار عن جودته ، فقال الخضار من غير تردد و لا سوء نية - كما جرت العادة على لسانه -
"الدلاح " ذو جودة عالية ، و إن رغبت في واحدة ، ف " سأطبعها لك " ، فرد الزبون على الفور و الشرر يتطاير من عينيه " إطبعها لأمك ، ماشي لي " و أضاف كلاما نابيا يستحيي القلم أن يكتبه و المكان يعج بالزبناء رجالا و نساء ، و رغم أن الخضار حاول أن يقنعه بحسن نيته و أن كلامه عادي لا تأويل فيه ، إلا أن الزبون تمادى في القذف و الشتم مما لم يجد معه الخضار صبرا ، فانقلب الموقف الى مشابكة و عراك بالأيدي لولا تدخل الحاضرين لكانت عواقبه وخيمة ....
هذه هي القصة كاملة ، و هي مشهد من مشاهد حياتنا اليومية التي يمكن أن تتكرر في أي مكان و بأي أسلوب ، و هنا نطرح الأسئلة التالية :
من المسؤول عن مثل هذه التفاهات ، هل العيب في لهجتنا أو في عقليتنا ؟
لماذا نفوسنا مريضة الى هذا الحد ، فلا نفكر إلا سلبيا و لا نضمر إلا سوء ؟
إن لهجتنا العامية المغربية من أرقى اللهجات غنية بتنوعها و بلاغتها ، لكن العيب في نظري يكمن في النفوس المريضة التي تؤول الكلام عن غير موضعه ، و إذا كنا نؤول أي كلام نسمعه فلهجتنا مليئة بمثل هذه المواقف ، و الأمثلة كثيرة و لكن يستحيي القلم أن يدلي بها ، فلنأخذ الكلام على ظاهره و لا تذهب بنا نوايانا المريضة الى غير معناه الظاهر ، و إن صادفنا أحد السفهاء و هو   يقصد غير ما يقول ، فلا نجيبه على سفاهته لأننا إن أجبناه نكون سفهاء مثله ، و سكوتنا عنه شرف لنا و تحقير له ....
و السلام عليكم

💼 الإعتراف لذوي الفضل 💼

الاعتراف لذوي الفضل

معايير التفاضل بين الناس لا تستند على أسس متينة و منطقية ، فقد نرفع من شأن الوضيع ، و نحط من شأن الرفيع ، و بذلك لا ننزل الناس أنسب منازلهم على قدر عطائهم ، و لعل أبسط مثال على ذلك أنك تجد شخصا على قدر من الوعي و المعرفة يعرف تمام المعرفة لاعبين مشهورين ، و ينزلهم في نفسه منزلة عالية ملؤها الإعجاب و التقدير ، و لو شاءت الأقدار أن يلتقي بأحدهم لرأيته يتملق و يزدلف و يسعى لنيل الود منهم ، في حين أن تلك المنزلة قد يستحقها عالم اخترع ما ينفع البشرية ، فلولا العالم الذي اخترع الكهرباء مثلا  و العالم الذي اخترع اللاسلكي و الآخر الذي اخترع التلفاز وووو لما تمكنت من التفرج و الاستمتاع باللعب ، و لولا ذلك الطبيب الذي اكتشف دواءا ينقذ الملايين من البشر ، لكنت ترزح تحت وطأة الأمراض الفتاكة ، فأي هؤلاء أحق بالإعجاب و التقدير ، أذاك الذي موهبته محدودة النفع على نفسه ، أم هذا الذي ضحى بوقته و ماله و راحته من أجل أن يسعد البشرية قاطبة في كل أنحاء الأرض ، فالعدل كل العدل أن أمثال هؤلاء هم أحق بالذكر و الشكر و الإعجاب على مر العصور و الدهور ، و أقل ما يمكن أن نقدمه لأرواحهم و تضحياتهم هو تعريف الأجيال بهم و بإنجازاتهم .

          تأملات الكاتب   :   زايد وهنا

🍁التطاول و التعالم🍁



                   التطاول و التعالم

   كثيرا ما تجالس شخصا ، تجاذبه أطراف الحديث ، فيحدثك حديث الخبير الملم الموسوعي عن كل موضوع أو مجال من مجالات الحياة ، فهو الطبيب المحنك و المهندس البارع و الميكانيكي المتمرس و الأستاذ الحكيم و السائق الماهر و المحلل السياسي المتضلع و الفقيه المفتي ، و الفنان الموهوب ، باختصار شديد ليس هناك مجال إلا و له به دراية كاملة ، و رغم أنك تراه يخبط خبط عشواء في أمور كثيرة إن لم نقل كلها ، لا تستطيع انتقاذه إما محاباة أو مجاملة أو تحت أي ظرف يمنعك من ذلك ، فلا تستطيب لجلوسك راحة ، و الغريب في الأمر لو سألته القليل عن الشيء ما ارتحت منه إلى جواب ، و لا أدل على ذلك من أن أحد هؤلاء يوما ، أطلق العنان في انتقاذ بعض الفقهاء ممن امتلئت المكتبات بمؤلفاتهم و لما سألناه عن بعض الأمور البسيطة في الدين ، فغر فاه و لم يعرف جوابا ، و هو الأمر نفسه مع أحد المتطاولين  المتعالمين إذ به يتحدث عن الأدب و الشعر و الأذواق و هو لا يحفظ بيتا شعريا واحدا ، هذا ناهيك عن الأخطاء النحوية التي يرتكبها و ركاكة تعبيره التي تثير الضجر .
نعم ، المفروض على الإنسان في هذه الحياة أن يأخذ و يعرف من كل فن طرف ، و هذا يقصد به بعض المبادئ الأولية و بعض المعارف الأساسية التي قد تستفيد منها في كثير من المواقف ، أما الغوص في ثناياها و أعماقها فهذا لأهل الاختصاص ، فأنت مثلا تعرف كيف تقدم بعض الإسعافات الأولية ، و لكن أكثر من ذلك هو من اختصاص الطبيب ، فكل انسان ميسر لما خلق له ، حاول أن تتقن و تتفنن و تغوص و تبدع في اختصاصك لأنه عملك و وظيفتك ، و حاول أن تعرف القدر الذي يفيدك من باقي الفنون و المجالات الأخرى ، أما أن تدعي معرفة أسرار كل شيء  ، فهذا صعب و عسير للغاية ، قد تساعدك الظروف فتلم إلماما كبيرا بموهبتين علميتين أو ثلاث ، و لكن أكثر من ذلك لا أظن ، و لو تصفحت التاريخ لوجدت أن السواد الأعظم من الأدباء و العلماء و المفكرون قد نبغوا في مجال واحد ، و قليل منهم من جمع بين مجالين أو ثلاث ، و صدق الشاعر حين قال :
  و قل لمن يدعي في العلم فلسفة
                     حفظت شيئا و غابت عنك أشياء
قل : ربي زدني علما ، و معرفة الأشياء خير من جهلها ، و ليس المطلوب منك أن تكون ملما بجميع العلوم ، و لكن العيب ألا تكون ملما باختصاصك الذي تمارسه بنسبة كبيرة ، فإن أتقنت ما أنت مؤهل له ، فما زدته من سواه فهو فضل من الله .

        تأملات الكاتب   :   زايد وهنا

🦀 أنا و اللغة و الواقع 🦀

أنا و اللغة و الواقع
سألني أحد الأحبة عن سر و سبب توقفي عن الكتابة في الآونة الأخيرة ، مؤكدا في سياق حديثه أنه من المعجبين بكتاباتي خصوصا الأدبية منها ، و لست أدري هل قال ذلك محاباة و مجاملة لي أم أنه فعلا شعور صادق منه ، على أي وددت أن أبين له و لغيره ممن يتواصلون معي سبب توقفي عن الكتابة مؤخرا و على غير العادة ، و هو توقف مؤقت في محطة خاصة قصد التزود بالوقود و أخذ قسط من الراحة على أن نستأنف المسير في طريق لا نعرف له نهاية و لا نعلم ما يخبئه لنا القدر فيه و لا نعلم أيضا متى و أين سيكون توقفنا الأخير فيه .
أنت نفسك أيها السائل تعلم مدى تعلقي و شغفي بالكتابة و إدماني المتواصل عليها حتى أضحت من أولويات العيش بالنسبة لي و لعل ما جعلني أتوقف هذه الأيام عن الكتابة هو أنني احترت بين أمور ثلاثة شكل أحدها العرقلة أمام حملي للقلم ، و أنا نفسي أتساءل أي منها هو السبب ، قد أكون أنا و قد تكون اللغة العربية و قد يكون الواقع ، نبدأ من حيث أخرنا ألا و هو الواقع ، و أقصد بالواقع كل الأحداث و الوقائع اليومية التي نعيشها و نعايشها والتي تسير من سيئ إلى أسوأ في جميع مناحي الحياة حتى عم الفساد و التسيب جميع القطاعات و انحلت القيم و فسدت الأذواق و انقطع الإتصال بيننا و بين كل ما هو جدي و مفيد و تهنا في لجج بحر تتقاذفنا أمواجه نحو المزيد من التخلف و الاندحار ، كل هذا يحز في نفس كل أبي نزيه يريد الخير لهذا البلد ، فقررت أن أعبر عما يختلجني من أحاسيس و لكن للأسف خذلتني اللغة العربية إذ رغم رحابة أساليبها و دقة بلاغتها و زخم مصطلحاتها و مفرداتها لم تسعفني و لم أجد فيها مفردات تناسب و تلائم وقاحة و نقائص هذا الواقع فمهما بحثت و مهما عبرت و اقتنصت الكلمات أراها لم تف بالغرض لغسل أطمار و أسمال هذا الواقع المتعفن ، فظننت أنه قصور في لغة الضاد ثم تريثت و قلت هذا يستحيل في حقها ، فهي لغة كل المواقف مهما كانت جميلة أو قبيحة ، حينها انتبهت الى نفسي و قلت أنا الغبي البليد الذي لم أستطع أن أنتقي منها ما يفي بالغرض للتعبير عن هذا الواقع ، فالعيب ليس في اللغة و إنما العيب في أنا و لم لا يكون العيب في الواقع الذي وصل من التدني إلى مستوى بعيد لم تعد تنفع في وصفه أساليبي و تعابيري .
فلما تأكدت أنني عجزت عن ذلك و أن القصور في أنا ، قررت أن أتوقف عن الكتابة حتى أسترجع أنفاسي و أبحث في قواميس اللغة عما يجعلني قادرا على تصوير هذا ......؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!

💠همزية مغترب في الحوز💠

همزية مغترب في الحوز

نزلنا مرجا و ينبوعا نرتجي كرما
                     و الكرم مأمول إذا ارتضاه الكرماء
لدى بني حوز اخترنا حلا و مقاما
                     والحوز يحوز قدر ما تجود الأنواء
فالإحسان بالذكر محمود صاحبه
                     وما الفضل إلا أثر  يزكيه الفضلاء
ما لنا من الإكرام حظ غير الإيلام
                      ومتى كانت أعداء التيوس ظباء
ما ضر إيلام  لو في النفس قصد
                      و لا عتاب يضر لو راودتنا أهواء
و ما منا لكم غير الحسنى نبتغي
                       و سواها لا نضمر ولا يأباها إباء
أطعتم هوى النفس فزدتم تعنتا
                       فما استقام لنا  أمر أساسه افتراء
إن كان يؤذيكم زور الوشاة عنا
                      ليس مثلنا يسيء و انتم الحكماء
و ما الوسواس إلا غاو  بصاحبه
                     به حرم آدم من الخلد و الأم حواء
تجرعنا كأس الصد و الهجر مرارة
                     فما أفاد الترياق و ما أجدى الدواء
صبرنا على الإيلام خوف فقدكم
                    عسى يأتي البرء فتنكشف البغضاء
 ما رأينا في سمائكم أملا  يلوح
                    و لا تقربا يغري منكم سوى الجفاء
تركنا أمركم للزمان يلين منكم
                     ما أفسده الظن و الزور و الإغواء
أي جريرة اقترفنا  أقست قلوبكم
                    و إن صدرت فالصفح يزينه الحياء
صنعتم من سديم خيالكم أطيافا
                     أبخستم بها سيرنا و نحن الأبرياء
كيف تعادون من له عليكم حق
                      إذا نبا الزمان بضر أو حلت سراء
ما قلنا إلا ما علمناه صدقا و برا
                     لنا ولكم فيه لو علمتم نفع و وجاء
لله در بني حوز وقد علموا صدقا
                     أن من يجفونه أخا تهابه الشعراء
سالوا المحافل كم صولة لنا فيها
                     استفردت إعجابا لا يحصيه الثناء
نلنا بها مكارم عشائر و حواضر
                      تشهد لنا برباط حب يشده الإخاء
فما عتابي لكم إلا توددا لزمالة
                      و أواصر مهنة جمعنا إليها القضاء
وما أشعاري غير قول ابن يعقوب
                     لا تثريب عليكم نحن اليوم أحباء

                   شعر الأستاذ زايد وهنا

🛇الصمت حكمة🛇

الصمت حكمة

كنت صغيرا و كان جدي رحمه الله يقول لنا :

"  الصمت حكمة "

ترعرعت و دون أن أعي معناها ، كنت أردد :

"  الصمت حكمة "

مات جدي رحمة الله عليه ، و التحقت بالمدرسة ، هناك فهمت معنى

"  الصمت "

و لم أفهم المقصود ب

"  الحكمة "

توالت سنوات الدرس و التحصيل ، كنت خلالها أسمع أستاذ اللغة العربية يقول  :

"  السكوت علامة الرضى "

شرحت مصطلحات هذه القولة على ظاهرها ، و لم أفهم مغزاها العميق ، و هو أمر لا يعاب على طفل في المرحلة الإبتدائية ، حفظتها هي أيضا ، و بدأت أقارنها ب

"  الصمت حكمة "

انتقلت إلى الإعدادي و الثانوي ، و تلك الأقوال ما تزال عالقة بذهني ، أرددها متى وجب ذلك ، و قد أستشهد بها في تعابيري و لكنني صراحة غير مقتنع بما أفعل ، ما دمت غير متمكن من فهم مغزاها و مراميها .
و لم يتوقف الأمر هنا ، بل سمعت أحد المثقفين يقول :

"  إذا كان الكلام من فضة ، فالسكوت من ذهب "

أضفت هذه كذلك إلى رصيدي المعجمي ، و لم أضفها إلى رصيدي المعرفي ، حيث أن عقلي لم يستسغ بعد مدلولاتها و غاياتها التي طالما تداولها الناس ، و اتخذت أنا منها موقف الحيطة و الحذر .
كبرت و بدأت تتضح لدي معالم ما تختزنه الذاكرة ، فعرفت أن السكوت محمود في بعض المواقف و مذموم في أخرى ، الشيء الذي ينطبق على الكلام نفسه ، فما رأيت شيئا تحقق بالسكوت ، و لم ألحظ أمرا استقام بالكلام ، أما

"  الحكمة "

فهي التي ما زلت أبحث عن مراميها الفلسفية الكونية رغم أني بلغت من الكبر مبلغ الكهول ، فمن يدلني عليها  أكون له شاكرا ، و أقول ربي زدني علما ...


                 خاطرة الأستاذ   :  زايد وهنا

💣حشف و سوء كيل💣

بسم الله الرحمن الرحيم
 حشف  و سوء  كيل
قد تظن عزيزي القارئ أو المستمع أن ما أكتبه هو من باب المبالغة و المزايدة ، غير أنه الحقيقة وكأنك تراها بأم عينيك ، و لا يمكنني أن أخون ضميري و أعرض نفسي لغضب الله افتراء و كذبا ،بل هو الواقع المرالذي ابتلينا به ، و لشدة مرارته ألتمس لك العذر إن لم تصدقه ، فأنا نفسي ما زلت مدعورا متعجبا ، إذ سأخبرك عن إنسان ليس فيه من الإنسانية غير الإسم و الصورة ، أما ما سوى ذلك من القيم النبيلة و المبادئ السامية ، فلا تعرف إلى نفسه سبيلا ، و أنى لها أن تلتمس طريقها إليه و قد عجت ثناياه بكل ضروب الرذائل و النقائص ، التي تأبى حتى الحيوانات العجماء من أن تتصف بها ، و يخجل الحمقى عن فطرة من الإتيان بمثلها ، و الأمر هو عندما تجمعك بهذا الصنف الهمجي ظروف العمل التي تحتم عليك رؤيته و التحدث إليه و لو على مضض ، فتشعر في قرارة نفسك بخزي و كأنك تقترف جريرة عظيمة ، و الأدهى من هذه المرارةهو أن يكون مثل هذا المستبد في مركز المسؤولية ، و هي مسؤولية لا يدركها إلا المتمرسون المحنكون ، و مما يزيد الطين بلا إذا كان القطاع الذي يجمعك به قطاعا حساسا يتطلب إلى جانب التمرس و الحنكة ،القدوة والكفاءة والإخلاص والتواصل و هي التي ينعدم وجودها في قاموس صاحبنا حتى اقتنع الجميع أن تولي مثل هؤلاء هكذا مناصب يعتبر من علامات الساعة ، و رغم هذه و ذاك نتناسى و نغض الطرف سترا لأعراضنا ظنا منا أن مقابلة الإساءة بالإحسان قد تشفي مرضه العضال و تغير شيئا من واقعنا البئيس ، فترانا نتصنع الإبتسامة المزيفة الباهتة عسى أن تتحرك عجلة العمل ، فيعتد هو بنفسه ، مزهوا بضعفه ،  مفتخرا بجهله ،متطاولا على أسياده ،و نسي الطين يوما أنه طين ، بل نسي الدرن يوما أنه درن فلا يسعك إلا أن تقول ما قاله الشاعر عمر أبو ريشة :
أمتي  كم  صنم  مجدته  *****     لم يكن يحمل طهر الصنم
ولو أن كل المسؤولين في هذا القطاع على شاكلته –وهذا غير ممكن إذ يستحيل أن تجد لهذا الخسيس شبيها – فكبر على هذا القطاع أربعا و اقرأ الفاتحة ترحما عليه، فقد ضاع العلم و المتعلم، و لعل من أسباب انحطاط المستوى وجود مثل هؤلاء المخبولين فيه، فكان قليلا ما يبدي ظاهرا متبلجا نفاقا و تلاونا ، و يضمر باطنا متجهما ، فيذكرك بقول الشريف الرضي :
     فأبدى كروض الحزن رفت فروعه  ***  وأضمر كالليل الخداري مظلمـا
     ولو أنني كشفتــــه عن ضميـــــره  ***لأقمت على ما بيننا اليوم مأتما
و كم كانت المآتم كثيرة و متكررة ، حتى فاح ريحها النتن ، و انتشر زكمها في كل الأوساط إذ لم يبق من لم يصله من عفنها نصيب ، فقام بعض الغيورين من ذوي البر و أولي النهى ناصحينا واعظين إياه ، لكن سرعان ما انصرفوا يائسين بعدما تبين لهم أنه لا و لم ولن يتعظ و يتراجع عن غيه ، و سألوا الله لنا الصبر و السلوان و انقطعوا حتى من زيارتنا على غير عادتهم  من قبل ، وكيف يتعظ من لم تنهاه صلاته ، إذ في مثله يقول أحمد شوقي :
قالوا و خير القول رأي العارفين *** مخطيء من ظن يوما أن للثعلب دينا
كل هذا و لا فكر صاحبنا يوما في مراجعة نفسه و مجاهدتها على نبذ الشر و الخبث اللذان استحوذا عليها ،عساه يستجلب بدلهما الخير و السعادة رحمة بنفسه و بمحيطه و صدق الشاعر حين قال :
وكم صاحب كالرمح لانت كعوبه *** أبى بعد طول الغمــز أن يتقــوم
قال بعضهم ليس من العيب أن يعرض المريض نفسه على طبيب بل أطباء نفسانيين لعلهم يحرروا  و لو جزءا يسيرا من عقده المرضية ، غير أنني أعلم علم اليقين أنهم و لو اجتمعوا سيحارون في تحليل شخصيته، بل سيعجزون أمام هذه الظاهرة البشرية المعقدة و سيستسلمون لا محالة،إذ لم يسبق لهم أن رأوا مثلها عند البشر و أي أدوية مهما كانت فعاليتها لن تجدي نفعا في مثل هذه الحالة المستعصية.
أما أنا و بعد عدة محاولات يائسة فقد سقط من عيني، و أصبح أرذل الناس في نظري و كان رأس ما أرذله عندي خبثه و مكره ونفاقه و كبره،و هي نقائص أورثها إياه الجهل، فلا يقبل ما لا يفهم ولا يعترف إذا أفهمته ، بل يتعالم فيما يجهل ، و لا يحقق شيئا مما يدعي أنه يعلم ، فهو أشبه بالدخان يعلو تجبرا و هو وضيع ، لذلك كنت أقصد العمل و رجلاي لا تطاوعاني ، أبتسم لمن يلاقيني مكابرة علي أخفي عن الناس توتري، لا الناس تعرف ما خطبي فتعذرني و لا سبيل لديهم في مواساتي، فتورت الصدور غيظا و تجرعت الأنفس غصة، حتى قال بعضهم إنكم طيبون مجدون ، فلم توانيتم في مواجهة هذا السرطان ، لله درهم و كيف تواجه سفيها أسندت إليه الأمور من غير أهلية و لا استحقاق ، إذ لم يكن شيئا مذكورا من قبل و لا من بعد ، فاعتبر المنصب تشريفا لإرضاء غواية نفسه لا تكليفا للقيام بالواجب على الوجه المرغوب ، و كيف تواجه من لم يصن عرضا و يخشى خلقا و يستحيي مخلوقا ، فأصبح الأمر كما قال الشريف الرضي :
كعضو رمت فيه الليالي بفـــادح *** و من حمل العضو الأليـم تألم
 إذا أمر الطب اللبيب بقطعـــــــه  ***  أقول عسى ظنا به و لعلــــــم
     دع المرء مطويا على ما ذممته ***  ولا تنشر الداء العضـال فتندم
و هكذا اجتمعت و تأصلت فيه مساوئ الخلق ، فأضحى الإنتقام غايته في إثبات الذات ضعفا لا غلبة ، إذ أفة الشر لا تغدو تفارقه ، و عنتريته البلهاء حتى مع الأطفال كالهر يحكي انتفاخا صورة الأسد ، ثم ما يلبث أن يجد نفسه في مأزق بجهله و اندفاعه ، فيتلجلج في حبائله و يتلمس الخلاص لنفسه متوسلا تارة و مستعطفا أخرى ، و ما ينفك يخرج من الشرك حتى يستأسـد مرة أخرى ، و قد نسي البليـد خضوعـه بمذلـة و احتقار في موقف الأمس ،أما فيما يخص العمل المجدي و المصلحة الفضلى التي وضع من أجلها ، فلا يهمه منها إلا ما يفرض عليه قهرا و إلزاما من الجهات العليا خوفا لا حبا في الجد ، هذه الجهات التي لا يهمها هي الأخرى إلا أن تسد الخصاص و تملأ الفراغ بمن يناسب و من لا يناسب ، و ما عدا ذلك فهو المتهاون المهمل المتغيب في أغلب الأحيان بعد أن سد جميع الأبواب و احتجز كل الوسائل المساعدة في العمل فأصبحت ملكا خاصا له يتصرف فيها كيف يشاء ، و كما يحلو له دون رقيب، و من غير أن يستفيد منها الذين وضعت من أجلهم.
لمثل هذا يذوب القلب من كمد *** إن كان في القلب إسلام و إيمان
و لاأخفيك عزيزي القارئ ، أنه في أحيان كثيرة نتساءل : أي ذنب اقترفناه لنبتلى بهذا الوضع الغير المريح ؟، اللهم إن كان هذا ابتلاء منك فنحن به راضون و لقضائك خاضعون، فقد ضقنا ذرعا و قاسينا ما فيه الكفاية للتكفير عن أي جرم ارتكبناه ، فارفع عنا مقتك ، إنه من شر ما خلقت و اجعل لنا من أمره مخرجا ،إنه لا حول لنا و لا قوة إلا بك ، إنك تعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور، و اختتم بهذه الأشعار في انتظار أن يجعل الله من أمره يسرا :
    أنا الذي ضاع لي عامان من عمري *** باركت وهمي و صدقت افتراضاتي
عامان ما رف لي لحن على وتـــــــر *** ولا استفاقت على نور سماواتــــــي
أعتق الصبر في قلبي فأعصـــــــــره *** فيورق الشوك ينمو في حشاشاتـــــي
لو أردت المراكز ما استعصت علــي *** و لكن حب العلم و التعلم غاياتــــــي
خانك  التكليـــف  فاستسمنت  ذا ورم ***أم غرك المركز الخداع هيهــــــــات
من لي بحذف طيفك المسخ من خلدي *** إذن ستمسي بلا ذليل قصيداتــــــــي

ليس من شيمي أن أذكر عيوب الناس ، لأن لي عيوبي ، غير أن العيوب إذا استفحلت و وصلت الحد الذي لا يطاق ، فإنها تتفجر و لو على الورق ، و أنا  أكتبها فإن نفسي تتمزق إربا إربا إذ طالما تمنيت أن أكتب العكس تماما ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، فالذنب على من كان سببا في كتابتها و لو شاء الله أن يغير سلوكه الى الأحسن لكنت أول المهنئيين المسرورين و أعدك عزيزي القارئ أن أكتب مقالا مفصلا عن فضائله ،  و لكن لا أظنه يتغير، فقد صدق من قال  : " من شب على شيء شاب عليه " ، وكما يعرف الكل أن الدنيا مآلها إلى الزوال ، و أن حالها لا يدوم على شأن ، و أن الفراق محتوم بين الناس ، و ليس لك من الدنيا حيا كنت أم ميتا إلا الذكر الحسن ، فازرع ما يذكرك به الناس فهو رأسمالك منها .
    و عاشر الناس بخلق حسن  **** تحمد عليه زمن التفــــــرق
اللهم بصرنا بعيوبنا و اجعل التواضع سبيل تعلمنا يا أرحم الراحمين يا رب العالمين
و صلى الله و سلم و بارك على من هو على خلق عظيم و آله و صحبه و من سار على نهجه إلى يوم الدين .
              و السلام عليك أخي القارئ و رحمة الله و بركاته .

🌲قصيدة عنادل الحمراء🌲

      قصيدة                  
   
  عنادل الحمراء                    
سموك محمـدا بالمحمود تيمنــا             وصدقوا إذ النبــل فيــك أصيـل
رأينـا فيك مـا لم يـــره غيرنِـــا             وللمؤمـن فراسـة يهبهـا الجليـل
كنت لنا خير أنيس فـي غربتنـا             فنعـم المؤنس أنت ونعـم الخليـل
استوفيت المنـاقب ما تركت لنا             غير المـدح والثنـاء فيـك جميــل
نظرتك حدس ولسكوتـك معنى             وان نطقـت ففــي شــدوك هديـل
وللحسيـن شمائـل مـا أبقـى لنـا             غيرالشعروالكـلام عنكما طويـل
روحتــم بمزاحـكم هـم أنفسنــا              فما نـدري أيكما الأكرم والنبيـل
ولبابا سحاب هزل يمطر حينا               فـيسقـي أرواحنـا طـلـه البـليـل
ونـزيـه نـزاهة الـنفس أقحمنـا               فـي السياسة مـالنـا عنهـا سبيـل
فــان غــاب عـلي عـنا فشوقنا               لـه مرهون بمن أبعـده الرحيـل
فلا البعد عنكم ولا البين يريحنا             ولا البـؤس يرنـو وانتـم البـديـل


غزلان الصحراء               
ما رأينا من خلقكم إلا مايرضينا           والبرمؤصل في طباعكم تأصيــلا
عن أهل عز الفراق عوضتمونا            فغدونا كان لم نـدع خــلا وزميـلا
كرمـا منكـم تحملتــم نقائصـنــا             ومن عساكم يحمـل العبء الثقيـل
بقربكم يتوارى الكدر والضنـى              وتلفحنـــا الآمــال نسيمــا عليــلا
أراكم أوتار عود تشنف سمعنـا              إن فقـد وتـر صار النغــم عويــلا
طبتم وطاب مسعاكم دوما لنــا              فيـا ويـح من ضـل للأنس سبيــلا

شعر الأستاذ   زايد وهنا

👍سيذكرني قومي👍

قصيدة 
سيذكرني قومي




سيذكرني قومي إذا صفت نواياهـــم                 ومن غير الأصفياء لا يرتجى ذكــر
سيذكرني قومي إذا حمي وطيســهم                 وقرع السيف والقــنا لا يهابه حــر
سيذكرني قومي إذا رجت مراكبــهم                 ومخــر العـــباب لايـتـولاه غـمـــــر
سيذكرني قومي إذا اشتد خطبـــــهم                 وعــن القـدر لا بــر يقي ولا بحـــر
سيذكرني قومي إذا نبا زمانــــــــهم                 وسفاسفتها في عين الصغير أمــــر
سيذكرني قومي إذا طفح كيلـــــــهم                 وما علـى الديـدان ينقـض النســـــر
سيذكرني قومي إذا تاهت رواحلـهم                 وفي البـيد يفـتقــد الدليــل والبــد ر
سيذكرني قومي إذا جادت قرائحـهم                 وفـي بـيـانهـا لـنـا جــولات زخـــــر
سيذكرني قومي إذا غوى شعراؤهم                 وفــي نــوادي الـأدب لـنـا سحــــــر
سيذكرني قومي إذا تردى ذوقـــــهم                 وفــي باب تـهذيب الحس لنا سـفـر
سيذكرني قومي إذا تاق وجدانــــهم                 ومتى كان في العفن لحن أو شعـــر
سيذكرني قومي إذا ناحت بلابلـــهم                 وفي المغنى الأصيل ريحان وعطــر
سيذكرني قومي إذا سمت مراتبــهم                 ومهـارة الـتـلـقـين عـلـينـا حـجـــــر
سيذكرني قومي إذا مرق شبابــــهم                 وما الحيلة إذا كان في الآذان وقـــر
سيذكرني قومي إذا شابت شواتــهم                  وفي الجد وهن العظم وذهب العمـر
سيذكرني قومي إذا ولت ملامحــهم                  وفي حسيس صولاتها لنا الصــد ر
سيذكرني قومي إذا هلت أفراحـــهم                  وفـي مجالستــهم لنـا انس وبشـــر
سيذكرني قومي إذا حلت مآتمـــــهم                  وتحـت الثرى وري والـد وصـهــر
سيذكرني قومي إذا نضب معينـــهم                  وفـي السنـين العجاف يرجى القطـر
سيذكرني قومي إذا علقت شـراكهم                  واللـؤلؤ يـغـور ويحتـويـه الـقـعــــر


سيذكرني قومي إذا شمت شـامتهم                   وصروف الدهر لا يؤتمن لها ســر        
سيذكرني قومي إذا سفه حـــاسدهم                  ومـتـى كان بالحسـد يـنـال الخــيــر
سيذكرني قومي إذا زلت ألسنتــــهم                  وطعن الخلف يحسبه الجبان نصــر
سيذكرني قومي إذا توقد حنينـــــهم                  وفراق من نهوى لعمري هو القبــر
سيذكرني قومي إذا لاحت أمـجادهم                   ومـعـركة بوذـنيـب لنـا عـز وفخــر
سيذكرني قومي إذا ذرفت مـقلـــهم                   ودمـع بوذنيـب جـمر ما لـه صـــبر
سيذكرني قومي إذا طال نسيانـــهم                   وعـند العـوض لدينا حـظوة وقـد ر
سيذكرني قومي إذا ساد أخـــيارهم                   والصالحـات مـن الأعمال لها اجــر
سيذكرني قومي إذا نـعى نـاعيـــهم                   حتـفي ثم ينسيـهم ذكـراي الدهـــــر
سيذكرني قومي إذا خابت ظـنونـهم                   والنـكران عــند غيـاب البديـل كـبـر
سيذكرني قومي إذا هبت نسائمـهم                    وعطر سلامــنا إليهـم ورد و زهـر


شعر الأستاذ زايد وهنا