تحت كل شعرة معلومة

            ✂ تحت كل شعرة معلومة  ✂


لعل الحلاق هو أكثر الحرفيين اطلاعا على الأخبار و أسرعهم في معرفة ما يدور من أحداث يومية سواء منها المحلية أو الوطنية أو العالمية ، 

أعرفت لماذا ؟

لأنه هو الوحيد من بين الحرفيين الذي لا ينقطع صوت المذياع في دكانه ، و هو الوحيد الذي يقضي وقتا طويلا مع زبنائه ، يحلق رؤوسهم 

و يتجاذب معهم أطراف الحديث .

و ما دام زبناؤه من مختلف شرائح المجتمع ، منهم

المتعلم و السياسي و المثقف و الأمي و الجاهل بل حتى المجنون أحيانا ، فهذا ما أكسبه معرفة 

بأمور كثيرة و متشعبة ، فما لم يسمعه عبر أمواج الإذاعة يسمعه عبر أفواج الزبناء ، بل يعمد إلى نقلها من زبون لآخر ليعرف وجهة نظر هذا فيها 

و يتأكد من صدق قول ذاك ، حتى بات معلوما عند الجميع أن استشارة الحلاق في البحث عن منزل للكراء أولى و أجدى من شخص آخر .

و أنا أكتب هذه السطور تذكرت نصا قرائيا درسناه

في طفولتنا بعنوان " خريطة الحلاق "

و فيه يبين الكاتب بأسلوب ساخر ثرثرة الحلاق

و حماسه الزائد في نشر الأخبار مما يجعله ينفعل 

أحيانا و هو ما وقع في هذا النص ، إذ كان الحلاق 

و هو يحلق شعر  زبونه يحدثه عن الحرب العالمية 

و قد تفاعل مع الأحداث و هو ينظر إلى رأس زبونه كأنه خريطة أوروبا البلقانية، فرفع يديه 

و نزل بهما على أم رأس الزبون قائلا قولته المشهورة 

"" و هنا التقى الجيشان "

مما أثار غضب الزبون فقام يولول و يهرول و يلعن

السياسة و السياسيين و الروس و اليابانيين 

و الناس أجمعين .

ترى هل مازال هذا النوع من الحلاقين إلى أيامنا هذه ، أم مضى زمانهم و أصبح مجرد أحلام في 

ذاكرة من عاصرهم . 


       💼   من ذكريات الطفولة لزايد وهنا  💼


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق