🔍 لا عذر لك 🔎
في زمان ما و مكان ما ، التقيت صدفة بأحد زملائي في الدراسة ، سعدت بلقياه إذ جعل ذاكرتي تنتعش من جديد و تستحضر ذلك الماضي
البعيد حيث كان يجمعنا فصل واحد و أمل واحد
أن نكسر حاجز الفقر و نحقق لأنفسنا مستقبلا زاهرا بالحصول على وظيفة محترمة ننتشل بها أسرنا من براثين الفقر فنستمتع كغيرنا من الموظفين بملذات الحياة التي حرمنا منها أيام الصبا و الشباب .
جلسنا طويلا بأحد المقاهي و تجاذبنا أطراف
الحديث نتنقل بين الذكريات حلوها و مرها
و حتى المر منها آنذاك أصبح الآن ذكرى حلوة ، يتمنى المرء لو أنها تعود ثانية و لكن هيهات !
سألته عن أحواله فطمأنني موضحا أنه يشتغل هو كذلك في قطاع التعليم و أن له زوجة و أبناء ،
خضنا في أحاديث كثيرة كان جلها عن العمل
و المصاعب التي تعترض رجل التعليم في أداء رسالته على الوجه المطلوب و كذا بعض الطرائف التي تحدث أحيانا ، و من جملتها طريفة حدثت لهذا الزميل ، استرعت انتباهي و وقفت عندها كثيرا إذ تحمل من العبر و الدروس ما يجب أن يضعه في الحسبان كل مشتغل في هذا القطاع الحساس .
فقد حكى لي زميلي هذا أنه كان يدرس في إحدى
القرى النائية و ذلك في بداية مشواره المهني ،
و حدث أن توفي رجل من أهل تلك القرية الصغيرة أثناء غياب إمام المسجد ، و ليس بالقرية
من ينوب عنه في الصلاة على الجنازة إذ كل أهالي
القرية لا يعرفون شيئا عن ذلك ، مما اضطرهم إلى
طلب المساعدة من الأستاذ هذا الأخير الذي لا
يعجزه شيء في نظرهم ، فتوجه بعض أعيان
القبيلة نحو بيت الأستاذ - زميلي هذا - و طلبوا
منه أن يصاحبهم ليؤمهم في الصلاة على الميت ،
فإذا بصاحبنا يعتذر لهم بأعذار واهية حتى لا يضع
نفسه موضع السخرية إذ هو نفسه يجهل كيفية
الصلاة على الميت ، و لم يبق أمامهم سوى
الاستنجاد بإمام قرية تبعد عنهم بحوالي عشرين كيلومترا .
كان هذا آخر حديث بيننا ثم افترقنا على أمل أن
يتجدد اللقاء في وقت لاحق ، ودعته و أنا أشعر بالخجل مكانه ، إذ لا يليق في نظري بالأستاذ أن يجهل مثل هذه الأمور البسيطة ، فهي من
الأولويات التي ينبغي أن يحرص على اكتسابها ،
فهو قبل كل شيء مسلم و معلم الأجيال ، فلا بد أن يكون ملما ببعض الأمور البسيطة في الدين ،
كالوضوء و التيمم و الصلاة بكل أنواعها ، سيما
و أنه يعمل في مجتمع صغير جدا ، حتى
لا يعرض نفسه للسخرية من الناس ، و يقلل من
تقديرهم له ، فتسقط عنه القدوة و الكفاءة في
أعينهم و أعين تلامذته ، و هو ما ينعكس على
مردوديته سلوكا و عملا .
فالشائع بين أهالي القرى الصغيرة النائية أن
الأستاذ هو المرجع و المصدر الموثوق و المنقذ
في كل النوازل ، كثيرا ما يرجعون إليه ليستشرونه
في أمور شتى ، لهذا ينبغي أن يكون على جانب
من المعرفة خصوصا في الأمور البسيطة مثل
هذه ، أما الأمور الأكثر تعقيدا فهي لذوي الاختصاص و لا يلام على عدم الإلمام بها .
ختاما أرى من وجهة نظري المتواضعة أن الأستاذ
الناجح لا بد له من شروط أربعة إذا أخل بواحدة منها اختلت لديه قدسية الرسالة الملقاة على عاتقه
و هذه الشروط هي :
⏺ القدوة
⏺ الكفاءة
⏺ الإخلاص
⏺ التواصل .
💼 بقلم زايد وهنا 💼
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق