لا تتسرع

                   🔍    لا تتسرع  🔍


      قد يتسرع الإنسان في إصدار الأحكام و اتخاذ مواقف سلبية اتجاه تصرفات الناس و يجزم في نفسه قطعا أن بعض هذه التصرفات غير مرضية 

و بالتالي ينظر إلى فاعلها بعين السخط 

و الاستصغار دون أن يكلف نفسه عناء البحث عن

أسباب تلك التصرفات التي لم ترقه و من غير أن

يلتمس الأعذار لصاحبها و هو ما حدث مرة 

و عاينته بنفسي .

كان ذلك في غرفة إيداع الملابس بأحد الحمامات

العمومية ، إذ دخل أحدهم الغرفة فوجد بها رجلا

يرتدي ملابسه بعد أن استحم ، بادره الوافد بالتحية قائلا : " السلام عليكم " و لكن الآخر الذي

كان منشغلا بارتداء ملابسه لم يرد عليه التحية ،

فأتبع الذي يهم بنزع ملابسه التحية بالعبارة المتداولة بين الناس و هي " بالصحة و الراحة "

و لكنه لم يتلق حتى عن هذه جوابا ، فاشتد

غيضه و هو يتمتم بكلام غير مفهوم يشي بعدم

الرضى و هو ينظر إلى الرجل نظرة ازدراء 

و احتقار ، و كأن لسان حاله يقول : " لو كنت أعلم خساستك لتجاهلتك و أمسكت علي لساني "

في تلك اللحظة دخلت الغرفة و عند المدخل 

التقيت الرجل الذي أنهى استحمامه يحمل جرابه

على كتفه و هو يهم بالخروج ، حييته بإيماءة من

رأسي و ابتسمت في وجهه ثم دلفت حيث الرجل

الذي يخلع ملابسه تأهبا لدخول الحمام ، حييته هو الآخر ، فرد علي التحية قائلا بنوع من التوتر

و الاستغراب : " أرأيت ذلك الحيوان الذي خرج للتو ، لقد بادرته بالتحية و لم يردها و أردفت

مجاملا إياه بعبارة " بالصحة و الراحة " و لكن

الخسيس لم يرد علي لا هذه و لا تلك .

حينها ابتسمت محاولا تهدئة روعه و قلت له :

" يا أخي أظنك لا تعرف الرجل الذي نعتته بالحيوان فهو لم يرد عليك التحية لأن المسكين

أصم أبكم ، فلا تسيء الظن به ، فإعاقته هي السبب و ليس سلوكه ، فهو من خيرة أهل هذه

البلدة و أطيبهم خلقا ، ما سبق أن علمنا عنه سوء" 

طأطأ الرجل رأسه و قد بدت على ملامحه علامات

امتزج فيها التعجب بالندم على ما صدر منه من

سوء الظن .

لقد كان لهذا الحدث وقع في نفسي ، و زدت يقينا

أن التسرع في إصدار الأحكام على تصرفات الناس قد يسقط صاحبه في مهالك الإثم و يثير الشحناء 

و البغضاء بين الناس من غير داع لها ، فلو تريث

الناس و التمس بعضهم لبعض العذر في كثير من

المواقف لكان خيرا لهم . 


            ✏  مشهد عاينه  زايد وهنا  ✏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق