⚫هواية من لا هواية له⚫

⚫هواية من لا هواية له⚫

          بحثت عن الانسان في الانسان فلم أجد الانسان ، بدأ اليأس يدب الى نفسي غير أنني انتفضت واقفا و تساءلت و هل أنا الانسان ؟ احترت في أمري و بقيت في فلك السؤال المر كالأعمى أدور ، شحذت العزم على أن أبحث عن هذا الكائن العجيب مهما كلف الأمر.
أخذت صنارتي و اتجهت صوب بحر الخلق ، علي أظفر بالانسان، وضعت طعم المحبة في الشص
وألقيت بالصنارة في اليم ، فاذا بها تعلق بصيد ، انشرح له صدري ثم سرعان ما انقبض اذ اصطدت النفاق ، أصبت بخيبة أمل غير أنني لم أيأس ، فغيرت الطعم بطعم الوفاء و ألقيت به في الماء عساه يستجلب انسانا ، فلم يعلق به غير الطمع ، أعدت الكرة فوضعت طعم التسامح ، لكن خاب الظن اذ الغدر ينهش الطعم و يعلق بالصنارة ،
و هكذا دواليك في كل مرة أزرع الأمل فيورق الأسى يمزق أحشائي ، حينها وضعت الصنارة جانبا و تنهدت زفيرا حارا ، و قلت في نفسي ربما لست صيادا بارعا بما فيه الكفاية لاصطياد انسان ، طأطأت رأسي أنظر الى الماء ثم رفعت بصري نحو الأفق و فكرت مليا فوضعت قطعة نقود في الشص و ألقيت به في اليم ، و ما أن غار الطعم في الماء حتى انقض عليه الصيد بنهم شديد كاد أن ينتزع مني القصبة لولا أنني وطدت قدمي و ركزت بصري و طفقت أسحب الخيط ببطء لئلا يفلت مني ،
و أحسست برعشة تسري في جسمي و الأمل يحدوني خصوصا أن الصيد أثقل من سابقيه ، فلما تجلى وجدته مخلوقا في صورة إنسان ، يتطاير الشرر من عينيه ، و قد أخذ منه الغضب مأخذا ، فقال بصوت كأنه الرعد المدوي :
 " لم أخرجتني مما أنا فيه ؟ "
 أجبت و أنا أرتعد :
" كان مناي أن أنتشلك من يم الرذائل و تأخذ نفسا من القيم الانسانية ، في بيئتك الطبيعية التي أجبلت عليها ".
 فرد ساخرا :
" خذها لنفسك أيها الأبله ، ما رأيتك حققت شيئا بها " .
ثم ألقى بنفسه في اليم و غار في وحل الرذيلة ، عندها رميت بالصنارة في الماء و انصرفت الى حال سبيلي و قد عاهدت نفسي على ألا أمارس هذه الهواية ...

                           الكاتب " زايد وهنا "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق