◾يوم في واحة كير ◾


                🕸 يوم في واحة كير 🕸

 ما زلت أذكر ذلك اليوم المشهود ، من أيام شهر ماي ، حيث قادني القدر الى دوح وارف أستفيء بظله من لفح الشمس الساطعة ، و قد لبست واحة كير من أبهى حللها ما يضفي عليها رونقا و بهاءا ، فالنخيل منتصب في شموخ مثقل بحبات البلح الأخضر مشرئبا بهامته نحو السماء ، يستذكر ذكريات و أمجادا قد ولت ، طواها النسيان و لفها الجحود ، و الماء ينساب ضحلا بالوادي و كأنه يخط تاريخا قد محته أعادي الزمان ، فلم يبق منه غير ذكرى ، تنق لها الضفادع حينا و تبكي عليها العصافير أخرى ، أشحت بوجهي عنها خجلا من أمسها المنصرم ، و كأنني لست جزءا من ذلك الماضي الدفين ، التفتت يمينا و شمالا أتأكد من خلو المكان الا مني ، فاذا بحمار ينظر الي بعينين جاحظتين و كأني به يواسي وحشتي ثم انطلق يلتهم الكلأ ، و أنا أراقبه عن كثب ، بعد هنيهة رفع رأسه و كأنه أحس بنظراتي تخترقه ، عندها قلت بصوت خافت " ترى لم ينعتونك بالغباء و البلادة ؟ " فهز رأسه ساخرا من سؤالي و قال " لولا استعلاء البشر ما كنت لأنعت بالغباء ، و ان يكن كما تدعون ، فانني أفضل أن أكون غبيا على أن أكون منافقا طماعا مفسدا وأفضل دماثة خلقي على أن أكون وسيما ، خائنا خداعا ماكرا ، " حينها رفع صوته بالنهيق و كأنه يقهقه استهزاءا بي ، و لا غرو فقد بلغ مني الغضب مبلغه ، فخاطبته حانقا " صه ، صه ان صوتك يثير اشمئزازي و يعكر صفو هدوئي ، غير أنه واصل نهيقه غير مبال بكلامي ، و لسان حاله يقول " نهيقي أحسن بكثير من بعض أغانيكم الصاخبة ، أفلا تهتدون ؟ " فقمت لا ألوي على شيء وعدت أدراجي أجر أذيال الخيبة ، فالتفتت و رأيته ينظر الي و بريق عينيه يرمي بسهام من السخرية و الأسى ...

                🍏الكاتب " زايد وهنا "🍏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق