ذرر الكلام

               ذرر  الكلام


نبدا بسم الحي الدايم مول القدرة و لحكام

                 ما خاب من طلبو ذكرو مفتاح كل باب

و نثني بالصلاة على خير الخلق شفيع الانام

               و زواجو الاطهار و جميع الآل و لصحاب

خذ وعظة مهدية لي و ليك من ذر الكلام

               فهم المعنى و دير بها تنجى يوم لحساب

لا يغرك زيف الدنيا احوالها فانية أوهام

              ما يدوم فيها سرور اخرها مرارة و اتعاب

ولا يغرك طيش الشباب و صحة الاجسام

                 الضعف وراها واعقابها دود و تراب  

طاعة الله ما تفارق بالك يقظة و منام

                اقنع بالقسمة و بالحلال دير اسباب

اخفض جنحك للوالدين و صل الارحام

              تصيب الخير ف نسلك ما تشوف تشغاب

جنب الكبر والتواضع جعلو للقيم إمام

           و لا ترافق جاهل عنيد لا تديرو ف حباب

انصر الحق بلا نفاق لا تقبل فيه تذمام

             ذو وجهين سرو جحيم اتعذب تعذاب

لا تحقر المسكين الضعيف لخانتو الايام

             من بعد الفقر قادر يغنيه الحنين الوهاب

افخر بالقيم و اسعى للخير طول الدوام

             نعم الزاد من غيرها ما ينفعوك انساب

لا تطاول ف حضرة الاشياخ و الاعلام

             خذ الرحيق و كن نحلة ترعى الاطياب

حارب التفاهة و اتبث على قيم الاسلام

            و لا يغروك التافهين احلامهم سراب

بالسفاهة و التفاهة ترفع شان اقوام 

              بعد كانوا ارذال ما تحسب لهم حساب

تفيه تشهر و ف سفاهتو سارت الاقلام

              والعاقل مهمش ما جاب عليه كتاب

القيم الزينة نبذوها ما صار عليها كلام

              و الفحش جملوه و رحبوا به ترحاب

خذ حذرك و لا تخوض معهم ف اوهام

             اثبت عل الحق و اجعل الدعوات حجاب

اختمت الموعظة بالحمد للحليم العلام

              و الصلاة على خاتم الرسالة المجتاب 



                   




دعيت ليتني ما دعيت

                    دعيت ليتني ما دعيت 

دعاني أحد أعضاء الجمعية الثقافية بمراكش مشكورا لحضور حفل قراءة في ديوان شعري جديد لإحدى الشاعرات ، و ما دام الرجل يعلم من خلال أنشطة سابقة اهتمامي و ولعي بالشعر و الأدب عموما ، فقد

رآها مناسبة لدعوتي ، و من باب الصواب أن أجيب من

دعاني .

استقبلني الرجل بحفاوة بالغة و طلب مني الجلوس في 

الصف الأمامي المخصص لثلة من المثقفين و المهتمين.

صعد المنصة ثلاثة رجال و امرأة ، و اتخذ كل منهم المقعد المخصص خلف اسمه المكتوب بخط بارز أمامه ،

و إلى جانبهم  تجلس الشاعرة المراد قراءة و توقيع ديوانها الشعري .

وزع القيمون بعض النسخ على الجالسين بالصف الأمامي ، و كنت ممن استلم نسخة من هذا الديوان قصد الاطلاع و تتبع مراحل القراءة .

افتتح الحفل بالمألوف في كل نشاط ، ثم شرع السادة المكلفون بإبداء مداخلاتهم و ملاحظاتهم حول الديوان ،

بحيث تولى كل منهم جانبا من الجوانب الفنية 

و الإبداعية للقصائد الشعرية الواردة في الديوان ، 

و من خلال الاستماع لمداخلاتهم لاحظت أن كلا منهم

يمتدح العمل الأدبي لهذه الشاعرة و يشيد بهذا المنتوج الأدبي الفريد من نوعه في نظره ، و لا واحدا منهم 

انتقد منه شيئا أو اختلف مع الشاعرة في رؤاها 

أو أسلوبها ، في الوقت الذي كانت هي فيه تنتشي

بأرائهم و تظهر نوعا من الفخر و الاعتداد بالنفس ، 

و كيف لا و هم يمتدحون عملها دون أن يبدوا ما يستنقص من قيمته الأدبية .

أما أنا فقد كنت أستمع لمداخلاتهم و في نفس الوقت كنت أتصفح الديوان لأقارن بين ما جاء في المداخلات

و ما ينطوي عليه الديوان ، و الحقيقة أنني لم أشم

رائحة الشعر في قصائدها ، و لم ألمس فيها إبداعا

و لا جمالية و لا جرسا على الإطلاق ، كلام ألقي على

عواهنه مليء بالأخطاء النحوية و الإملائية ، كلمات 

وظفت في غير مواضعها ، أساليب ركيكة جدا توحي 

بجهل صاحبتها و عدم تمكنها من اللغة العربية و آدابها

و قواعدها .

على أي ما كانت عندي هي الملومة بقدر ما لمت هؤلاء

الأربعة الذين أكثروا المديح من غير تمحيص و لا غربلة

للهراء و اللغو الذي كتبته هذه الشويعرة بل الشعرورة

و هنا حضرني بيت شعري لأحدهم إذ يقول :

سموك شعرورا فما أنصفوا 

                  فياليتهم سموك بعرورا

و مما زاد الطين بلا حين طلب منها أن تتحف الحاضرين بقصيدة أو قصيدتين من ديوانها عفوا من

قمامتها ، فقامت في انتشاء و عجرفة ، و طفقت تنهق

بكلام لا هو بالشعر و لا بالنثر ، ينصب فيه الفاعل 

و يرفع فيه المفعول ، عبارات و ألفاظ لا ترابط 

بينها ، مجرد لغو يستحيي الإنسان أن يسميه شعرا .

الطامة الكبرى هو أن الشخص المسير لهذا المأتم

الثقافي فتح باب المداخلات في وجه الحاضرين ،

عندئذ لاحظت أن صاحبي الذي دعاني ينظر إلي 

و كأني به يريد مني أن أدلي بكلمة في حق الشاعرة 

و هو الأمر الذي لن أقبله ، لأنني سأجد نفسي بين

مطرقة النقد البناء و سندان التملق و النفاق ، لذلك

قررت أن أغادر المكان تحت أي ذريعة تجنبا لأي

موقف محرج مخجل قد أضع فيه نفسي ، وضعت النسخة بل الوسخة التي كانت بين يدي ، و بدأت أتململ في مكاني باحثا عن مخرج مما أنا فيه ، 

و لحسن حظي رن هاتفي فخرجت من القاعة مسرعا 

و الهاتف في أذني حتى يعلم صاحبي أنني مضطر للمغادرة ، و ما أن رأيت وجه السماء حتى انطلقت أعدو نحو سيارتي ، و أنا أردد : دعيت ليتني ما دعيت .

 




حين يجتمع الجشع و النذالة في شخص واحد

   حينما يجتمع الجشع و النذالة في شخص واحد

                            --------------------------

ما حدث لا يمكن أن يصدقه أحد ، و لكنها الحقيقة التي

عاينتها ، فقد كنت أسمع الناس أحيانا يتحدثون عن

شخص من أهالي بلدتهم ، و يذكرونه بالسوء نظرا لتصرفاته و سلوكاته المقيتة ، النابعة من الطمع و الجشع الذي ملأ قلبه و أعمى بصيرته ، فلا يرى غير الدرهم يكتسبه بأي أسلوب و لو على حساب كرامته ، فهو و إن كانت الحلاقة هي حرفته المعروفة لدى الجميع ، إلا أنه يمتهن حرفا أخرى و من جملتها السمسرة في كل شيء ، بل  يحشر أنفه في كل صغيرة و كبيرة عساه يكسب من ورائها مبلغا ماليا ، و هذا أمر طبيعي إذا كان الكسب حلالا و عن طيبة خاطر الطرفين ، و لكن صاحبنا ينتهج أساليب ملتوية من تدليسات و إخلاف الوعود و الغدر و الخيانة ليكون هو الرابح من وراء صفقات لا ناقة له فيها و لا جمل ، 

و كثيرا ما يفتضح أمره بين البائع و المشتري حتى أضحى ممقوتا عند الناس .

كنت أسمع الناس و هم يحكون  ما وقع لهم أو لغيرهم معه و لكني أتحفظ ما دمت لم أقف بنفسي عن أي من هذه السلوكات التي ينسبونها إليه ، و لا  أظنهم إلا يبالغون ، لأن ما يصفونه به غاية في الخساسة 

و السفاهة لا يمكن لعاقل أن يأتي مثلها ، حتى جاء اليوم المشهود الذي اكتشفت فيه بنفسي قمة خساسة هذا الجاهل و جشعه اللامحدود ، و تأكدت من صدق ما يقوله الناس .

 سبق و قلت أنه يعمل في حرف متنوعة و من جملتها أنه يملك الوكالة المعروفة بوكالة التسهيلات حيث يتم

استخلاص فواتير الماء و الكهرباء و كذا إرسال النقود 

أو استيلامها و غيرها من الخدمات الموكولة لها ،

و هو و إن كان قد عين أحد الشباب للعمل بها ، إلا أنه

كثيرا ما يتواجد إلى جانب هذا الشاب يساعد و يراقب،

و حدث أن زرت الوكالة لغرض يهمني ، حيث يتم التعامل من خلال فجوة صغيرة بجانبها قلم وضع بشكل عمودي داخل ثقب ، مددت يدي لأسلمه الفاتورة

فلمست ذراعي القلم و انكسر ، فقام صاحبنا بردة فعل

استغربت لها و كذلك الحاضرين ، و ما زاد من استغراب الناس أن هذا الطماع طلب مني ما قدره 35 درهما تعويضا لهذا القلم الذي لا يزيد ثمنه عن درهمين ، بدأ الحاضرون ينظر بعضهم لبعض في امتعاظ و تقزز و قد فاجأهم هذا التصرف المقيت ، بل منهم من غادر الوكالة إلى أخرى ، و تعجب الشاب المعاون الذي يعمل بجانبه و قد علت وجهه علامات الدهشة و الحيرة ، و لكنه التزم الصمت إذ ليس بيده حيلة ، و هو أكثر الناس معرفة بخساسة و طمع صاحبه .

 ناولته 35 درهما كتعويض عن القلم ، و قلت له :

" الآن تأكد لي بالملموس أن إجماع الناس على جشعك

و خساستك كان في محله ، و قد بعت كرامتك ب35 

درهما ، فبئس البيع "

سحبت فاتورتي لاستخلاصها في وكالة أخرى ، 

خرجت مسرعا ، و إذا بأشخاص لا أعرفهم واقفين

بباب الوكالة يتحدثون عن هذه الواقعة التي فتحت

لهم الشهية لاستذكار وقائع أخرى مخزية كان بطلها هذا الفاسق المارق .

 


للأمكنة همسات

                 للأمكنة همسات 


ما أقساه من شعور و أنت تزور مكانا ، كانت لك فيه 

ذكريات و حكايات ، و ما يزيد القلب اعتصارا و ألما أن ترى كل شيء قد تغير ، و لم تعد للمكان تلك البهجة

و الحيوية اللتان كانتا في السابق ،  فالمكان نفسه 

أضحى يئن تحت وطأة الإهمال و الهجران ، كأنه

ينعي وجوها غيبها الموت ، و يحن لأخرى غادرته من غير رجعة ، تجول ببصرك الذابل في أرجائه و في القلب

ما فيه من حسرات ، و دون أن تشعر تجد نفسك تردد 

شعر ( محمد حمزة ) في أغنية " حاول تفتكرني " .

كلمات ذات أشجان في معانيها و ذات تحسر و أسى على زمان الفن الراقي ، و مما زادها لوعة ما أضفاه عليها الملحن ( بليغ حمدي ) من ميازين موسيقية كئيبة ، و أنهى لمسات جمالها صوت و أداء العندليب ( عبد الحليم حافظ ) مما أكسبها بعدا فلسفيا 

و وجدانيا يحمل من الشجون ما يترجم أحاسيسك 

و حنين ذكرياتك  ، فيبدو لك أن كلمات الأغنية وضعت خصيصا لمثل موقفك هذا ، فتستحضر غصبا عنك قوله في أشجى مقطع :

لو مشيت في طريق ، مشينا مرة فيه ، أو عديت في مكان كان لينا ذكرى فيه ، ابقى إفتكرني ، حاول ، حاول

تفتكرني ....

و قد تتبعها بمقطع أو إثنين من أغنية "راحلة" ، فيبلغ الحزن مداه ، و تنقبض النفس ، فتصدر الزفرات تلوى الزفرات ، فلا يسعك في مثل هذا الموقف الحزين إلا أن تودع المكان ، و كأنك تشيع جثمان الذكرى إلى الأبد .

أظنك توافقني الرأي أن للأمكنة همسات وجدانية تؤجج الأحاسيس ، و لا يستنطقها و يشعر بها إلا من كان يفهم لغة المكان .



طبع اللئام

                     طبع اللئام


          الناس صنفان ، صنف مهما كانت تضحيتك من أجله قليلة ، إلا أنها تكبر في عينه و لا ينسى ذلك المعروف على قلته ، بل يبقى ممتنا لك به ، معترفا بالجميل مدى الحياة .

و صنف مهما أسديت له من تضحيات جسام إلا أنه

يستصغرها و يحسبها أمرا عاديا لا تستوجب اعترافا

و لا امتنانا بل سرعان ما ينساها و يمسح  أثرها من نفسه ، فيتساوى عنده ذاك الذي ضحى بالغالي 

و النفيس من أجله بذاك الذي لم يقدم له أدنى خدمة ،

بل قد تجده يميل بعاطفته نحو هذا الأخير الذي لم يسبق له أن سانده في أزماته ،  و ينكر فضل اليد التي مدت إليه في كثير من المواقف ، و قد تبلغ به الوقاحة أن يعض تلك اليد من غير سبب يذكر . 

و لكن في جميع الأحوال يبقى الكريم كريما و اللئيم لئيما ، و عند الله يلتقي الخصوم و هو خير الحاكمين .

أنى للضمير أن يرتاح !!!

 أنى للضمير أن يرتاح  !!!


               في هذا العمر الذي ينيف عن الستين ، يميل الإنسان أحيانا  إلى الوحدانية ، فيبحث لنفسه عن أماكن يشعر فيها بالراحة و الهدوء ، و خيرها بعد المساجد ،المنتجعات الطبيعية ، حيث الأشجار المورقة و المياه الدافقة و العصافير المزقزقة ، 

و في هذا الهدوء يتوالى أمام عينيه شريط الذكريات ، فلا يشعر إلا و هو يحدث نفسه بما يحلو لها من ذكريات الأيام الخوالي ، 

و فجأة و كأنه صحا من حلم بهيج ، تتغير أسارير وجهه و هو  يقارن ذلك الزمن الجميل بهذا الزمن المقيت في نظره ، و يأسف لهذا التغيير في كل الأمور ، فالقيم السامية التي تربى عليها 

و تعايشت بها الأجيال الماضية لم تعد لها قيمة في نظر هؤلاء ، فسدت الأخلاق و انحطت الأذواق ، و استشرى الجهل و التفاهة ، و لعل هذه المقارنة هي من يكدر صفو اختلائه رغم جمالية المكان .

فما أتعس الضمير الحي الذي يرى الأمور بمنظار غير المنظار الذي يرى به أغلب أناس هذا العصر ، و هذا الضمير الحي المتشبع  بالمبادئ الراقية  يجعل صاحبه لا يستلذ متعة الانتجاع ، و لا يتذوق لوحدانيته طعما ، فهو دائم الشعور بالغربة سواء اختلط بالناس أو اعتزلهم .

لا نعيش لأنفسنا

                       لا نعيش لأنفسنا 

          أعجبت بمقال تحت عنوان " البحر " للأديب توفيق الحكيم ضمن مقرر القراءة للسنة السادسة ابتدائي سنوات التسعينات ، و كنت أجد متعة كبيرة في معالجة هذا المقال مع تلامذتي ، إذ كان يحمل في ثنياه حكمة بليغة ، ذاك أن كاتبه سأل الناس من مختلف الأعمار و المهن ممن لهم علاقة بالبحر ، بدءا بالأطفال الذين يلعبون و يمرحون على الشاطئ ثم الصيادين الذين يترزقون من خيراته ،إلى الغواصين الذين يغوصون بحثا عن لآلئه و اختتم بالربابنة الذين يمخرون عبابه في أسفار طويلة خطيرة .

فكانت إجابة كل فئة منهم تختلف عن الأخرى انطلاقا من نظرتهم للبحر و علاقتهم به ، و من هذا الإختلاف في وجهات النظر  استنبط الكاتب الحكمة التي اختتم بها مقاله .

أخذت عن توفيق الحكيم منهجيته في البحث ، لأسأل

أنا بدوي فئات من الناس من مختلف الأعمار و الأجناس

و المهن عن السعادة .

● سألت الأطفال عن السعادة فقالوا هي أن نملك كرة 

و دراجة هوائية ، فنلعب و نمرح مع أقراننا من الجيران و نمتطي دراجاتنا و نذهب حيث نشاء . 

● و سألت المراهقين عن السعادة فقالوا ، السعادة أن يكون لدينا كل ما نرغب فيه من نقود و ملابس عصرية 

و دراجات بخارية و هواتف ذكية و أصدقاء و صديقات

نغامر سويا و نفعل ما يحلو لنا دون رقابة .

● و سألت الشباب خريجي الجامعات و المعاهد العليا

عن السعادة فقالوا أول السعادة هو أن نجد وظيفة تناسب تخصصنا براتب محترم يرضينا ، فنحقق كل

سبل السعادة وفق أهوائنا .

● و سألت فئة العازبين عن السعادة فقالوا ، قمة السعادة في العزوبية ، نشعر بالحرية المطلقةحيث لا مسؤولية تثقل كاهلنا ، نفعل ما يحلو لنا دون رقيب .

● و سألت المتزوجين عن السعادة ، و قد انقسموا إلى ثلاث فئات ، فالفئة الأولى ترى أن السعادة الحقيقية في بيت يأوي زوجة صالحة و أبناءا صالحين تسوده المودة و الرحمة ، و التضحية في سبيل توفير كل ما يبهجهم هي أسمى شعور بالسعادة .

و الفئة الثانية ترى السعادة في عدم وجود الأبناء ، 

لأنهم يعانون من عقوق أبنائهم و فساد أخلاقهم ، مما 

يجلب الشقاء و التعاسة لوالديهم .

أما الفئة الثالثة التي لم ترزق بالولد ، فهذه ترى السعادة 

في وجود الأبناء ، فالبيت في نظرهم بدون أبناء لا مكان للسعادة فيه .

● و سألت التجار عن السعادة ، فحصروها في تنمية الرأسمال و تطوير المشاريع لتذر الربح العميم .

● و سألت الموظفين عن السعادة ، فقالوا السعادة في

الراتب المحترم الذي يضمن العيش الكريم ، و الترقية في المنصب .

● و سألت العاطلين عن العمل فقالوا ، السعادة في إيجاد عمل يحفظ ماء الوجه ، و من خلاله نحقق العديد من سبل السعادة .

● و سألت العجزة عن السعادة ، فاختلف تعريفهم لها إلى نظرين ، صنف يراها داخل الأسرة مع أبنائه البررة

 و حفدته المريحين ، حين يلاعبهم يصل إلى قمة تمتزج فيها السعادة بالحمد و الشكر لله ، أما الصنف

الآخر ، فلا يتذوق للسعادة طعما و كيف يتذوقها و قد

أودعه أبناؤه العاقون دار العجزة ، و تناسوا أن لهم والدا أو والدة أو كليهما يعيش التعاسة في أبهى صورها داخل ملجإ تعيس .

● و سألت المثقفين عن السعادة فوجدتهم ثلاثة أصناف ، صنف قليل يرى السعادة في البحث العلمي ، 

و الرفع من المستوى الثقافي الجاد ، يجهر بالحق و لا يخاف فيه لومة لائم ، و الصنف الغالب هو الذي يرى السعادة في الانتهازية و التملق و الحصول على الامتيازات ، في حين أن الصنف الثالث يرى السعادة في الحياد ، و التفرغ لهواياته المفضلة مبتعدا عن كل ما يكدر صفو حياده .

● و سألت المرضى عنها ، فقالوا أن السعادة الحقيقية في بدن سليم معافى من الأمراض و العلل ، و ما دون ذلك فهو هين و لا قيمة له بالمقارنة بالصحة و العافية .

■■ و في الختام و من خلال هذه التعاريف المتنوعة استنبطت أن لكل وجهة نظره اتجاه السعادة تختلف من شخص لآخر و من شريحة لأخرى  تبعا للظروف التي يعيشها كل صنف من هؤلاء . 

أدركت أخيرا أن السعادة تبقى نسبية بين الناس ، فلا أحد يملكها كاملة مطلقة و تلك سنة الله في خلقه ، غير أن النسبة العالية من السعادة تتجلى لدى كل فرد مؤمن

حق الإيمان ، له نصيب وافر من حسن الخلق ، يحسن معاملة الناس ، قنوع بما قسمه الله له من أرزاق ، شكور إذا أصابته سراء ، صبور إذا أصابته ضراء ، و هذا الصنف قليل في وقتنا الحالي ، و لعل السبب الرئيس

في فتور السعادة لدى الكثير من الناس هو غياب 

الإيمان الراسخ و انعدام القناعة .



على غير المعتاد

             حكى لي أحدهم ما وقع بينه و بين صديق له ، كان يعتبره بمثابة الأخ ، لأن صداقتهما بدأت منذ الطفولة ، و استمرت زمنا طويلا ، يربو عن ثلاثين سنة شعارها الود و المحبة و التآزر ، و لكن حدث مؤخرا ما عكر صفو هذه العلاقة المتينة ، دون سابق إنذار ، 

و من غير سبب واضح تغير الصديق و لم يعد كما كان ،

مما حز في نفس هذا المتحدث ، و طلب مني أن أكتب شيئا عن هذا الموضوع ، لأن مثل هذه الأمور كثيرا ما تقع بين الأصدقاء .

 استمعت إليه و هو يروي قصته في حسرة و تأفف ، 

و بعد أن افترقنا ، كتبت هذه السطور نزولا عند رغبته ، و تمنيت لو جمعتني الصدفة بصديقه لأسمع منه هو كذلك ، و لكن على كل حال هذا كلامه و أنا مجرد كاتب أترجم أحاسيسه بكل حيادية .

                      ●●●●●●●●●●●●●●●●●

 ■          أعلم أن لي عيوبا ، و أنت تعلمها و تعلم عني عيوبا أخرى لا أعلمها أنا ، لكن أثناء تفتيشك عن عيوبي و إحصائها ، ألم تجد و لو سجية يتيمة قد تكون مختبئة بين هذا الكم الهائل من العيوب ، أم أنك وجدتها و لكن لصغر حجمها أسقطها غربالك و تجاهلتها لكي لا تحصل إلا على ما تريد كشفه و إشهاره ، أظنك تعمدت أن تستعمل هذا الغربال الغير المحايد الذي برمج سلفا لرصد المثالب و إغفال المناقب .

أما أنا فلا أعلم عنك إلا المكارم ، أما عيوبك و إن كثرت فإنني أتغاضى عنها و لا أفتش عنها ، لأن رصدها 

و كشفها أعتبره مذمة قد يعصف بالعلاقة ، لذلك لا

أرى فيك إلا الجوانب المضيئة و هي ما يجذبني إليك 

أما الجوانب المظلمة فأتمنى ألا أعرفها ، أعرفت لماذا ؟

لكي أبقي على علاقتنا صادقة لا يشوبها ما يعكر صفوها ، لهذا استغربت منك هذا التصرف الذي بدا منك مؤخرا ، فأتساءل لماذا لم تبد كل هذه المثالب إن وجدت  من قبل و تسترت عليها كل هذا العمر الطويل ؟ أم هي مستحدثة في سلوكي و قد اكتشفتها مؤخرا ، 

و لم تطق صبرا على تحملها ؟ أم لم تعد لك حاجة بي 

بعد أن استنفذت كل طلباتك و أغراضك و صرت في

أحسن حال ؟ ، و مهما يكن أليس في مقدورك تنبيهي لعيوبي و تصحيحها إن كنت حقا ترغب في استمرار

الود و المحبة كما عاهدناها منذ طفولتنا ؟ .

لا تجعل التفتيش عن عيوب ملفقة ذريعة للهروب ، كان الأولى بك و قد صممت على تغيير المسار أن تسلك السبيل الذي أعجبك دون أن تثير ما يحز في النفس 

و يؤلمها ، و تكون بذلك قد أضفت صفة الذكاء إلى صفاتك الحميدة ، أما و الحالة هذه فقد تصرفت تصرف اللئام ، و عفرت مناقبك في التراب و مرغتها في وحل الخساسة ، بالله عليك لماذا أخفيت كل هذا اللؤم  

و استطعت أن تتقن تمثيل النفاق كل هذه السنين ،

أما أنا فلا أذكرك و لن أذكرك بسوء أبدا لأن العلاقة الوطيدة التي جمعتنا طوال هذه المدة أكبر من أن يطالها النكران و تمسح في رمشة عين ،كما أن الحياء يمنعني من أن أعاملك بالمثل ، و هو من صفاتي التي

أغفلتها عمدا و لم تذكرها ، و كيف تذكرها و همك الوحيد هو إبداء مساوئي لا غير .

بعد كل هذا لا عليك فأنت حر في اتخاذ قراراتك ، 

و لكن اعلم يقينا أنك لن تجدني إذا ما عاتبك ضميرك

و أردت أن تعيد المياه إلى مجاريها ، فقد شيدت لها

سدا منيعا يحول دون جريانها ، فلا تتعب نفسك ،

و أتمنى لك رحلة سعيدة في طريق سفرك الذي اخترته . 


ما يهمك من أمرها

 ما يهمك من أمرها ؟!!!


     لو أن هذه الأعداد الهائلة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا المسلمين منهم الذين تناولوا في تدويناتهم موضوع الكرة الذهبية ، و أقاموا الدنيا و أقعدوها عمن له الأحقية في إحرازها ، تناولوا بهذه الكثافة و الأهمية موضوع غزة و فلسطين عموما و ما تشهده من إبادة و تنكيل و تجويع و اعتقالات ، و أبدوا حزنهم و أسفهم على ما يجري ، ما كانوا عندي ملومين ، بل كانوا به عندي جديرين ، فواعجبا لهؤلاء الذين يفتنون بالتوافه 

و ينتفضون بالملايين للحديث عنها و كأنها حدث جلل تتوقف عنده الحياة ، في حين يضعون أصابعهم في أذانهم و يستغشون ثيابهم عما يحدث من احتلال لبلد مسلم من بني جلدتهم و ما يقع من إبادة و ظلم و مس بالمقدسات ، غافلين مستغفلين منغمسين في اللهو و المجون ، لا تهزهم الأخوة الإسلامية و لا النعرة العربية القومية ، و من غير هذه و لا تلك لا يحرك فيهم  النهي عن المنكر من باب الإنسانية ساكنا .

و لكن صواب الرأي لا يجيز التعميم ، فهناك شرائح في مجتمعاتنا الإسلامية تحمل هم ما يقع و يكاد يقتلها الحزن و الأسى عما يلحق المسلمين في كل بقاع الأرض و من جملتها هذه الإبادة الصهيونية في حق الأبرياء العزل بأحدث الأسلحة المحظورة برا 

و بحرا و جوا ،لا تستثني صغيرا و لا كبيرا ، هدفها القضاء على كل من يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ، و بالتالي

محو الإسلام عن خريطة العالم ، و لكن رغم بطشهم و عنصريتهم لن يجدوا لذلك سبيلا ، لأن الإسلام دين حق و له رب كتب له الحفاظ و لن يستطيع أي مخلوق مهما أوتي من قوة أن يحارب الله في ملكوته ، و من يفعل فلينتظر غضبه سبحانه و تعالى ، 

و هذا ما نسأل الله جل في علاه أن يسلطه على الصهاينة 

و أتباعهم في أقرب الآجال ، فما يقع حاليا نعتبره ابتلاء منه سبحانه لغاية يعلمها هو ، و إنذارا للمسلمين المنحرفين للرجوع إلى جادة الصواب و التمسك بحبل الله المتين ، أليس هو سبحانه و تعالى القائل : 

 " إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتكم خيرا "

و القائل كذلك :

 " إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم "

صدق الله العظيم و صدق وعده .

نسوا الله فأنساهم أنفسهم

 نسوا الله فأنساهم أنفسهم


         كان أجدادنا و أباؤنا و إلى وقت قريب ، مما  عايناه في طفولتنا و شبابنا ، يستحيون أن تقام في بيوتهم أفراح و أحد جيرانهم أو أحد ساكنة بلدتهم في مأتم جراء فقدان أحد أفراد أسرته ، بل تتوقف كل معالم الفرح نهائيا بمجرد الإخبار بموت أحدهم ، فيهب الجميع لمساعدة و مواساة الأسرة المكلومة ، فتؤجل الأفراح و لا تقام في الأيام القليلة الموالية للحدث المؤلم ، و لو سمح لهم أهل الميت بإقامتها و عدم تأجيلها فهم يغيرون مواقيتها ، و عند الضرورة يقيمونها في صمت دون إظهار معالم الفرح و ذلك احتراما لشعور المكلومين ، و إعلانا للتضامن و التآزر مع الجيران و الساكنة عموما .

و بهذا التصرف الأخلاقي الاجتماعي تتجلى قيمة الحياء في أبهى صورها ، و تتوطد الروابط و العلاقات الاجتماعية بين الناس لأن المسلمين لبعضهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ، و بذلك أمرنا ديننا الحنيف و نحن له طائعون .

و لكن ما نراه اليوم لا يبث لقيمنا الإسلامية بصلة ، و يخالف تماما ما أمرنا به ديننا و ما دأب عليه سلفنا ، بل و يخالف حتى القوانين الوضعية ، أن ترى شعبا أعزلا يباد عن آخره ظلما و عدوانا لاحتلال أرضه و اغتصاب ممتلكاته و لا أحد يحرك ساكنا ممن لهم اليد الطولى في تغيير هذا المنكر ، و صد العدوان عن إخواننا المسلمين ، هنا يتجلى الخذلان و الخنوع و الخيانة ، و لعل أصدق دليل على الخذلان و انعدام الحياء أن ترى الأمة الإسلامية غارقة في مجونها و أفراحها ، سهرات و مهرجانات و أنشطة فنية

و رياضية و كأن الذين يموتون بالآلاف ليسوا منا ، فلا تهزنا النخوة الإسلامية و لا النعرة العربية لنصرتهم ، و حتى لو كانوا من غير المسلمين من الواجب نصرة المظلوم و لو بكلمة حق ، فما بالك إذا كان المظلوم مسلما و في أرض مقدسة طاهرة هي قبلة المسلمين جميعا .

إن ما نعيشه اليوم من خزي و عار و خنوع و جبن هو نتيجة ابتعادنا عن المنهاج الرباني ، و السنة النبوية ، فقد وضع لنا سبحانه و تعالى شرط النصر في قوله :

" إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم " 

فما دمنا لا نراعي لله حقوقا ، فلن تقوم لنا قائمة و لن يكون مصيرنا إلا كمصير الثيران الثلاث ، لأن ضعفنا جعل العدو لا يهاب لنا جانبا ، و الآتي أدهى و أمر .

قمة النذالة

 قمة النذالة 


          عندما لا تحترم شعور الآخرين و تأتي تصرفات خسيسة فاعلم يقينا أن قيمتك تسقط في أعين الناس ، فإذا كانت تلك السلوكات الذميمة تعاب على صغار السن من أطفال و مراهقين ، فوقعها أشد و أغرب إذا صدرت من إنسان راشد تخطى تلك السن بكثير ، و هذا ما عاينته عن كثب أمام إحدى الإدارات العمومية ، حيث أن شخصا يقارب الخمسين من عمره في جدال عقيم  مع شخص آخر يكبره سنا ، سرعان ما انقلب الجدال إلى خصام 

و شتم و قذف و كلام نابي ، ليس فيه أدنى احترام لهذا الشيخ المسن الذي لم يشفع له بياض لحيته في أن ينال قسطا قليلا من الاحترام من قبل هذا السفيه ،  كما لم يثنيه عن سفاهته وجود الناس من حوله  ، في حين التزم الشيخ الوقور الصمت و لم ينبس ببنت شفة استحياءا من الناس و خوفا من ذلك المعتوه الذي لم يترك شتيمة و لا نقيصة إلا ونعته بها  .

و لما استفسر بعضهم الشيخ عن سبب المشكل ، تعجب الجميع إذ السبب واه لا يستوجب كل هذا الكلام الساقط ، فهذا الذي ملأ الدنيا صراخا هو زوج إحدى بنات هذا الرجل المسن الوقور ، 

و مادام هذا المسن يملك منزلين ، فزوج ابنته هذا يحاول خداعه ليكتب له أحد المنزلين باسمه دون مقابل ، غير أن صهره المسن امتنع عن فعل ذلك كي لا يحرم بناته الثلاث الأخريات من الميراث ، و هذا حق من حقوقه المشروعة ، إلا أن امتناعه ذاك أشعل نار الغضب في نفس صهره الذي يطمع فيما ليس له ، و هو ما جعله يدخل في هذه الحالة الهستيرية ، و مهما كان الأمر لا داعي للسب و الشتم و التلفظ بالكلام الساقط و بصوت مرتفع  يندى له جبين السامعين ، خصوصا أن ما يطلبه غير منطقي 

و ليس له فيه حق ، و لو كان ذا كرامة و مروءة ما طلب مثل هذا الطلب السخيف ، بل يتعفف و يشمر عن ساعديه ، يعمل و يكد ليحصل على منزل يأويه و أسرته يتملكه بعرق جبينه دون اللجوء إلى الأساليب الملتوية بدافع الطمع .

 نظر إليه الحاضرون نظرة ازدراء و اشمئزاز ، فقد عفر صاحبنا كرامته في التراب خصوصا لما علم الناس سبب الخصام ، انفضت الجموع و الكل يردد :

     " لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم " .

معذرة شيخي

 معذرة شيخي

               تلقيت هذه التدوينة من أعظم الناس قدرا في عيني 

و أجلهم محبة في نفسي ، شيخي و أستاذي الفاضل السيد 

( ابا سيدي الشدلي ) ، المربي الحكيم الذي زاملته لمدة ست 

و عشرين سنة ، و أخذت عنه الكثير في مجال التربية و التعليم

 و قد عرف عند الخاصة و العامة بتشبثه بالقيم الإسلامية 

و الانسانية السامية ، فكان و بدون محاباة نعم القدوة في كل شيء  . فهو و إن كان قد تقاعد منذ سنة 2011 ، مازال يحمل هم التعليم و يتوق أن يرى شباب بلادنا في أحسن حال ، تقبل الله منه و من أمثاله ممن لهم الغيرة على الدين و هموم المجتمع ، 

و أطال عمره في الصالحات و أمده بالصحة و العافية .

أستسمحك عذرا سيدي إذا كنت قد تصرفت في هذه التدوينة لأنها مست شعوري كأستاذ الأمس و متقاعد اليوم  ، و أضفت لها من سديم خيالي ما أراه (و الله أعلم ) ، يزيد من جماليتها و يغني مغزاها .


                أتعرف من أنا ؟؟؟

لستُ عالما ولكني علّمتُ ،

لست فقيها و لكني غرست القيم ،

لستُ مهندسا ولكني صمّمتُ ،

لستُ رسّاما ولكني لونت ،

لست  طبيبا ولكنّي عالجتُ ،

لست فلاحا ولكني زرعت و حصدت ،

لستُ ممثّلا ولكني لعبت كل الأدوار ،

ليست ثريا و لكني ساعدت ،

لست رياضيا و لكني دربت ،

لست قاضيا و لكني عدلت ،

لست محاميا و لكني نصرت المظلوم ،

لست مؤرخا و لكني وثقت ،

لست مصلحا اجتماعيا و لكني نبهت و أنقذت ،


أنا كل ذلك، جمعت كل التخصصات ، لأبحر بالسفينة إلى بر الأمان بخطوات الواثق من نفسه المحب لمهنته .

يكفيني فخرا أن يعترض طريقي شاب  يصافحني بحرارة 

و يقول: " أتذكرني يا ... ؟ أو قد يحتضنني شاب ويقبلني بحبّ وشوق ويقول :" اشتقنا لك يا ...  "

فأتذكر حينا وأخجل أحيانا من ضعف ذاكرتي، فأحاول تذكر الأسماء والوجوه، ولكنهم يقابلون ذلك بابتسامة و تسامح ويمضون.. .

لا أملك ثروة، لكني والحمد لله أملك ما لا يملكه الاثرياء. فحبّ الإنسان و صناعة الأجيال هو أثمن ما لدي ، وأن تتواجد ذكراي داخل وجدان و عقل كل طالب وطالبة، وتكون لي مكانة و بصمة و تأثير لا يمحى، هو اروع إنجاز لي .

أظنك عرفت من أنا !!!

 أنا أستاذ و أحمد الله و لا أحصي ثناءا عليه .

تحية لكل أستاذة و أستاذ .

عندما يصل الغباء حد الحمق

 عندما يصل الغباء حد الحمق

    

من عجائب و غرائب ما وصل إليه الحقد و البلادة في نفوس كبرانات الجزائر أن فرضوا التأشيرة على المواطنين المغاربة للدخول إلى الجزائر ، علما أن آخر مكان يفكر الناس في زيارته هو بلدهم ، لأن ليس فيه ما يغري بالزيارة ، فهو البلد المغاربي الوحيد الذي لا تعرف السياحة إليه وجهة لا من العرب و لا من غيرهم .

فكيف بالمواطن المغربي أن يترك شطآن بلاده الفسيحة و جبالها الشامخة المكللة بالثلوج و الغابات الكثيفة ذات المنتجعات الجميلةو الفنادق المصنفة النظيفة و المطاعم ذات الأطباق اللذيذة و المتنوعة و المدن العتيقة و العصرية و ما تزخر به من صناعات تقليدية  تخلب الأنظار و معالم تاريخية ضاربة في القدم تدل

على عراقة المغرب و أمجاده و تجذر حضارته لما يزيد عن أربعة عشر قرنا ، كيف به أن يترك كل هذا النعيم ليذهب في زيارة لجحيم الجزائر حيث التخلف و الجهل و لا شيء مما ذكر يستحق أن تزور الجزائر من أجله ، إلا إذا كان هذا المواطن مثلهم مختلا عقليا .

فأنا على يقين أن الجزائر لو سمحت بدخول المغاربة إلى بلادها بدون تأشيرة ، و لنفترض أنها وفرت لهم الفنادق و المطاعم و كل شيء بالمجان ، لن يزورها أحد  إلا من أراد أن يتأكد من حقد 

و جهل و غباء كبراناتها و من ولاهم من أفراد الشعب ، أو أراد أن يشرب حليب الأشجار التي غرسها ( تبون ) ، أو يزور مركز تحلية ماء البحر الذي يعمل على تحلية 350 مليار متر مكعب في اليوم ، أو إذا أراد أن يتبرك ببركة شنقريحة باعتباره حفيد أبي بكر الصديق ، أو ...أو ... من الخزعبلات و الافتراءات التي يستحيي المجانين أن يقولوا مثلها .

لهذا نخلص إلى أن هذه الخطوة التي أقدم عليها الكابرانات ، تدل على الجهل التام ، و ليطمئنوا  فلا أحد يرغب في زيارة بلدهم بتأشيرة أو بدونها إذ ليس لديهم ما يغري بالزيارة ، و لن يستفيد الزائر من الاطلاع على حالهم إلا حزنا و ألما لما يعيشه شعبها من أوضاع معيشية مزرية .

و أنا أكتب هذه السطور ، نبهني أحد جلسائي ، إلى أمر 

غريب لم يخطر على بالي ، و هو أن الغرض من فرض التأشيرة على المغاربة ، أن الكوميدي الكذاب عبد المجيد تبون و كلبه شنقريحة و بعض الضباع من المفترين ، أرادوا أن ينظموا سهرة فنية في الكذب و الهرطقة ، و حسدا منهم أرادوا أن يحرموا المغاربة من حضور هذه السهرة الممتعة التي تنفجر البطون من

الضحك على غبائها و بلادتها و حمقها ، فهم ضد كل ما يضحك المغاربة ، إذن إذا كان الأمر لهذا السبب فمن حقهم فرض التأشيرة .

ماذا ... لو...؟!

 ماذا ... لو ...  ؟!


لعل أوجز و أبلغ قولة تنطبق على عصرنا هذا ، ما قاله الأديب نجيب محفوظ منذ عقود خلت ، حيث قال :

《 لكل عصر جاهليته و نحن اليوم نجمع جاهلية كل العصور 》.

فهي قولة جامعة تلخص كل ما يمكن أن يكتب عنه كاتب ملتزم أو ينظم عنه شاعر غيور  أو ينتقده سياسي نزيه ، قولة ألجمت الأفواه و كسرت الأقلام و طوت الصحف .

قال نجيب محفوظ قولته هذه منذ أزيد من ثلاثة عقود حيث لم تكن الأمور قد وصلت إلى هذا الحد الذي يعيشه العالم اليوم من انحلال خلقي و أمراض مفتعلة و دمار البيئة و طغيان القوى العظمى ، فعالمنا اليوم يعرف فسادا لم يسبق له مثيل على جميع الأصعدة ، اكتسح الأرض كلها و ظهر أثره جليا على الدول المستضعفة ، مما بعث في نفوس شعوبها خصوصا الواعين منهم ، التذمر و اليأس ، يشعرون بالمنكرات و السموم تغزو أوطانهم و لا حيلة لديهم في تغيير أحوالها .

تصور لو أن نجيب محفوظ مايزال حيا يرزق ، و عايش أيامنا هذه ، فماذا في نظرك سيضيف لهذه القولة ؟ .

أظنه سيقول : 

《 لكل عصر جاهليته و نحن اليوم نجمع جاهلية كل العصور ، 

و لم نقف عند هذا الحد ، بل أضفنا إليها من المفاسد ما تستحيي الجاهليات السابقة أن تأتي مثلها ، و من الفواحش ما جانب الفطرة حتى تعدى حدود الخيال 》.

و أنت في نظرك ماذا  تظنه سيضيف لقولته هذه لو بقي حيا ؟

للمجازفة حدود

 للمجازفة حدود 

         بعد توالي سنوات الجفاف ، عرفت بعض مناطق المغرب الشرقي في هذه الأيام تساقطات مطرية غزيرة لم يسبق لها مثيل منذ زمن بعيد ، أدت إلى فيضانات الأودية و الأنهار ، مما تسبب في هدم الكثير من المنازل سواء منها تلك المجاورة للأودية أو المنازل المبنية بالطوب و الطين ، مما أسفر عن موت بعض القاطنين بها ، و فقدان بعضهم ممن جرفتهم السيول ، و أمام

هذه الكوارث الطبيعية لا يسعنا إلا أن نترحم على الموتى و نسأل الله تبارك و تعالى أن يعوض المتضررين في الخسائر التي لحقت ممتلكاتهم .

و لكن ما لا يقبله المنطق هو أن بعض الناس يبنون بيوتهم على ضفة الوادي ظنا منهم أن هذا الواد قد انقطع عن الجريان منذ عدة عقود بفعل الجفاف ، و ينسون أن الواد يعود لمجراه الطبيعي متى كانت التساقطات غزيرة ، لذلك لا يؤتمن السكن على ضفافه . 

و مما لا يستسيغه العقل السليم كذلك هو تهور بعض السائقين الذين يجازفون بأنفسهم و بالركاب ، فيقدمون على عبور الوادي وسط المياه الجارفة ، فتقع الكارثة ، بحيث تجرف المياه المركبة

و كأنها لعبة ، فيموت عدد من الركاب غرقا ، و يفقد مثل ذلك العدد أو أكثر ، و لا ينجو إلا من لازال في عمره بقية .

حقيقة الأمر يجب على السلطات أن تمنع الناس من بناء بيوتهم قريبا من مجرى الواد ، كما يجب على  أرباب المركبات و خصوصا أرباب الحافلات أن يصدروا أوامرهم للسائقين بعدم عبور الأودية أثناء فيضانها ، و التريث لبضع ساعات حتى تمر الحمولة و يتأكد الجميع أن لا خطر في العبور ، و لو تطلب الأمر يوما أو يومين من الانتظار ، علما أن مثل هذه الأودية لا تدوم حمولتها مدة طويلة ، فكمية مياهها وسرعة جريانها يتناقصان تدريجيا مع مرور الوقت .

و لكن التهور و التسرع و الطمع في ربح الوقت كلها أسباب تؤدي لمثل هذه الكوارث التي يذهب ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم سوى أن سائقهم متهور حد الجنون .

و العجب كل العجب أن مثل هذه الكوارث وقعت مرارا و تكرارا ، فلماذا لا يستفيد السائقون مما وقع لمن سبقهم من المتهورين 

و يأخذوا بمبدأ الحيطة و الحذر ؟

جرائم تحت ذريعة الاضطرابات العقلية

 جرائم تحت ذريعة الاضطرابات العقلية 


             إن جرائم القتل و الجرح التي تقع في مدننا و قرانا ، يكون من ورائها غالبا شخص مضطرب عقليا ، أو جانح في حالة متقدمة من السكر و التخدير بفعل الحبوب المهلوسة و غيرها مما يذهب بالعقل و ينزله منزلة المختلين عقليا .

فأما الذين يعانون حقيقة من الاضطرابات العقلية و الاختلالات النفسية ، فمسؤوليتهم تقع على عاتق الدولة ، و بالتالي فما يقترفونه من جرائم تتحمل فيه الدولة كامل مسؤوليتها لأنها لم تقم بما يفرضه الواجب اتجاه هذه الفئة ، فتوفر لهم مارستانات تأويهم من الشوارع و تحد من اختلاطهم بالمواطنين درءا لحدوث الجرائم ، فإن لم تفعل فهي المسؤولة الأولى عن أي حادث مأساوي قد يلحق بالمواطنين الأبرياء .

أما أولئك الجانحين الذين يتناولون المخدرات بشتى أنواعها ، فليس من العدل أن يدخلوا في دائرة المختلين عقليا ، فالناس المحيطين بهم يرونهم يتصرفون  تصرفات غريبة ، فينعتونهم بالحمق و الجنون ، و لكن الحقيقة هم ليس بهم أي اضطراب عقلي ، إلا ما فعلوه بأنفسهم تحت تأثير المخدرات ، لذلك عند ارتكابهم للجرائم تجد أهاليهم  يتذرعون  بذريعة الاختلال العقلي لتتم تبرئتهم أو تخفيف العقوبة عليهم ، و هذه أقوى ذريعة يستند عليها الجانح و تدفعه  إلى عدم الاكثرات من ارتكاب الجرائم الخطيرة مادام الوسط الذي يعيش فيه  يشهد له بالاختلال العقلي ، و تجده هو راضيا في قرارة نفسه  على هذا النعت ، لأنه يتستر خلفه ليتمادى في غيه .

و الحقيقة ليست كذلك ، فكما أننا نحمل الدولة المسؤولية في تقصيرها عن إيواء المختلين عقليا من حمقى و مجانين حقيقيين و الاعتناء بهم ، و عدم تركهم يختلطون بالأسوياء خشية وقوع المصائب .فإننا نحملها المسؤولية كذلك في إيقاف الجانحين عند حدهم و محاصرة كل المنافذ الممولة للمخدرات ، و إنزال أقصى العقوبات على كل من سولت له نفسه الاعتداء على الأبرياء ، دون أن نبحث له عن مبررات واهية من مثل الاضطرابات العقلية ، 

و نحن نعلم يقينا أن الجاني ليس به من اختلال عقلي ، 

فهو في حالة صحوه يعتدي على الناس و يسلب منهم أموالهم لاقتناء المخدرات ، و بعد أن يتناولها يرتكب الجرائم تحت تأثيرها ، إذن فهو بطبعه مجرم  صاحيا أو مخدرا ، و هذا النوع ينبغي ألا تأخذنا به رأفة ، لأن عدم القصاص منه يهدد حياة المواطنين الصالحين .

راحة الضمير

 راحة الضمير


         كثير هم الأصدقاء و المعارف الذين يسألونني عن إحساسي بعد أن أحلت على المعاش ، و بعد هذا العمر الطويل في مهنة التدريس و الذي يزيد عن أربعين سنة ، قضيتها في هذه المهنة الشريفة و الشاقة في نفس الوقت ، لذلك كنت كلما طرح علي هذا السؤال  أتبسم في وجه السائل ، و قبل أن أجيب أحمد الله في سري أن أطال عمري حتى أدركت التقاعد ، و بعدها أجيبه بأن لكل مرحلة عمرية خصائصها و مميزاتها .

و لكن أحسن ما في مرحلة ما بعد التقاعد و هو ما لا أبديه لأحد بل أحتفظ به لنفسي-- بكل تواضع --  هو ذلك الإحساس براحة الضمير الذي يولد نوعا من الفخر و الاعتزاز جراء ما قدمته أثناء تلك المسيرة الطويلة في التربية و التعليم  من تضحيات 

و إخلاص و مردودية و التي يظهر أثرها جليا على تلامذتي و قد صاروا كبارا و أغلبهم أدرك مبتغاه ، فهم الآن يشغلون وظائف مختلفة في قطاعات مختلفة ، و في مدن مختلفة من وطننا .

 و لعل أكبر و أغلى وسام أتقلده و أبهي تاج أضعه على رأسي هو عندما تجمعني الأقدار بأحد تلامذتي ، فيأتيني مهرولا في استحياء و يعانقني عناقا حارا ، و يذكرني بالأيام الخوالي عندما كان تلميذا في فصلي ، و مهما قلت لن أستطيع أن أعبر عن مقدار الفرحة المقرونة بالاعتزاز في مثل هذا الموقف العظيم بل لا أخفي سرا أنه أحيانا تذرف عيناي دمعا يجمع بين الذكرى و الأثر الطيب و يزيدها تأججا ما هم عليه من خلق حسن و قيم كنت أحثهم عليها و أناضل من أجل غرسها في نفوسهم ، و ها أنا أرى أثرها واضحا في سلوكهم ، و كله بفضل الله و حب المهنة .

و هذا أعظم إنجاز أفتخر به سرا ، و أسأل الله جل في علاه أن يتقبله مني و من أمثالي الذين أفنوا زهرة شبابهم في التربية 

و التعليم بكل إخلاص و تفان ، فصنعوا أجيالا صالحين لأنفسهم 

و أسرهم و وطنهم .

اقتنع بما أنت أهل له

 اقتنع بما أنت أهل له


               لعل ظاهرة نفور التلاميذ و الطلبة من الشعب الأدبية 

أضحى أمرا شائعا ، إذ يرون و يسمعون غيرهم يستنقص من قيمة هذه الشعب لأنها في نظرهم لا تحقق فرصا للشغل و لا تجعل لدارسيها قيمة في أعين الناس ، لذلك تجد السواد الأعظم من شبابنا يختار الشعب العلمية رغم تعثره فيها و ينفر من الشعب الأدبية و لو كان فيها على درجة من التفوق  ، و هنا يكمن الخلل الكبير و الخطير الذي بدأت بوادره تطفو على السطح ، و هذا ما جعل شبابنا يفتقد الكثير من المعارف في الثقافة العامة ، فلا هو  يتقن لغته و لا هو يعرف الضروري من  دينه  و لا هو  على علم كاف عن تاريخ بلاده و حضارتها .

و كيف لهؤلاء الشباب أن يتعبوا أنفسهم في دراسة شعب مصيرها البطالة و مما يدعم لديهم هذا التصور ما يرونه من تهميش 

و إقصاء لعلماء الدين و الكتاب و الشعراء و كل الباحثين في المجالات الفكرية التي تسعى إلى بعث القيم السامية و تنوير العقول و تهذيب الأذواق ، و ما يزكي هذا الطرح في عقولهم هو هزالة أجور خريجي الشعب الأدبية مقارنة بأمثالهم ممن تخرجوا من الشعب العلمية ، و هذه كلها عوامل ساهمت في الحد من الإبداع الفكري و الأدبي الجادين ، و حلت محلهما التفاهة 

و الانتاجات الأدبية التي لا ترقى إلى المستوى الذي كانت عليه فيما مضى .

 فالعلوم مهما بلغت في تقدمها تبقى رهينة القيم و المبادئ التي تؤطرها و تنظمها و تخلق لها حدودا لا تتنافى و الغرائز الكونية التي تسعى إلى إسعاد بني البشر ، و لعل التفريط في هذه القيم هو ما نراه اليوم من خراب و دمار للبيئة و البشر و الحيوان تحت ذريعة التقدم التكنولوجي ، إذ أن هذا الانسياق و راء هذه المدنية المتدفقة بخيرها و شرها -- و شرها أكبر -- هو ما  انعكس سلبا على الجانب الوجداني لدى البشر ، ففتر الوازع الديني 

و الأخلاقي ، و قل الإبداع الأدبي و فسدت الأذواق باختصار هناك فراغ روحي يعاني منه الجميع إلا قلة قليلة ممن وازنوا بين هذا 

و ذاك و أخذوا من محاسنهما ما يستطيعون به إسعاد أنفسهم و لو بنسب قليلة .

إن الموازنة بين الاتجاه العلمي و الأدبي ، دون تفضيل أحدهما عن الآخر هو الأمر الطبيعي السليم ، فكما أن المجتمع في حاجة إلى مهندسين و أطباء و محاسبين و مختبراتيين و مخترعين 

و غيرهم من خريجي الشعب العلمية ، فهو في حاجة أيضا لفقهاء و لغويين و صحافيين و قضاة و محامين و أساتذة و كتاب 

و شعراء و نقاد و فنانين و مربين و غيرهم ممن تخرجوا من الشعب الأدبية ، بل قد لا يستفيد المجتمع من مهندس مثلا إذا لم يكن على جانب كبير من الخلق الحسن ، متشبعا بالمبادئ الإسلامية التي تمنعه من الغش و التدليس ، و هذه المبادئ و القيم لا تكتسب إلا من الشعب الفقهية و الأدبية ، و قس على ذلك باقي المهن و الوظائف .

ختاما أرجو من كل طالب أن  يختار الشعبة التي يبرع فيها 

و يحبها بغض النظر عما يشاع في مجتمعنا من تفاضل بين الشعب ، فالمطلوب من هذا و ذاك مهما كان توجهه و وظيفته أن يتحلى بالخلق النبيل و أن يتقن عمله و يخلص فيه ، و لا مانع من الإبداع في المجال العلمي ليخترع ما ينفع المجتمع ، أو يبدع في المجال الأدبي فينتج إصدارات أدبية راقية تخدم الجانب التربوي و اللغوي و الثقافي و تسمو بالنفس إلى مراتب عليا من الفكر 

و الوعي و التذوق الفني ، كما يجب على الدولة أن تهتم بالجانبين

معا و توفر فرص الشغل ليشعر الجميع بالمساواة و الكرامة 

و بذلك نكون قد وضعنا قاطرة التنمية على سكتها الصحيحة .

رفقا بالطلبة و أولياء أمورهم

 رفقا بالطلبة و أولياء أمورهم


              في بداية الموسم الدراسي ، يعاني الكثير من الطلبة 

و أولياء أمورهم من التنقلات بين المدارس و المعاهد العليا المتواجدة بالمدن الكبرى ، و التي تفصل بينها مسافات كبيرة ، بحيث يتم تسجيل الطالب أو الطالبة بأحد المعاهد التي تم قبوله فيها و لو كانت بعيدة عن منطقة سكناه (ها) ، مما يضطر معه الطالب (ة) لطلب تحسين الاختيار ، بحيث يختار المدن الأقرب إلى منطقته ، فإذا تم له ذلك يضطر مصحوبا بوالده أو والدته للسفر نحو المدينة البعيدة التي تم تسجيله فيها لأو مرة ليسحب شهادة الباكلوريا الأصلية التي تسلم له لوحدها دون الوثائق الأخرى المدلى بها ، ليسافر على وجه السرعة إلى حيث تمت المناداة عليه ليتم تسجيله من جديد ، و الغريب أنه ملزم بتحضير الوثائق المصاحبة لشهادة الباكلوريا من جديد ما دام المعهد الأول قد احتفظ بها، و الأغرب أن آجال التسجيل محدد في يومين فقط ، فيكون المسكين و والده في سباق مع الزمن لعله يدرك المبتغى . و رغم ذلك يكابد هو و والده عناء السفر و يضرب الأخماس في الأسداس لتحضير الوثائق حتى لا يفوته موعد التسجيل ، و قد يطلب مرة أخرى تحسين الاختيار ، و بعد مدة قصيرة يتم قبول طلبه بإحدى المدن الأكثر قربا من منطقته ، فيهرول رفقة ولي أمره مرة أخرى لسحب الشهادة من المدينة الثانية ليسجل نفسه في الاختيار الأخير ، و بنفس السرعة في

التنقل و تسريع تحضير الوثائق من جديد قبل أن يفوته

الموعد المحدد في يومين فقط ، و هكذا تجد الطلبة و أولياء أمورهم يتنقلون بين المدن ، يقطعون المسافات الطوال و في عجلة حتى لا يفوتهم موعد التسجيل ، فيضيع كل شيء و تذهب الجهود سدى و يتلاشى بريق الأمل ، و يفتر الحماس .

فما ذنب هؤلاء الطلبة الذين حصلوا على نتائج بين حسن و حسن جدا ، يتجاوز معدلها خمسة عشر ، و الذين يرغبون في متابعة دراستهم بالمعاهد العليا ، أن يعاملوا بهذه الأساليب التي تبعث في نفوسهم الملل و تكلف أولياء أمورهم نفقات مالية قد يجد الكثير منهم مشقة في توفيرها ، و إن كان و لا بد من هذه الإجراءات فليمدد آجال التسجيل  إلى أسبوع عوض يومين ليتسنى للطلبة السفر نحو المدينة التي تم تسجيلهم بها أول الأمر و سحب الملف كاملا بكل الوثائق المصاحبة له لتفادي تحضير الوثائق من جديد 

و العودة إلى المدينة المستقبلة لوضع الملف من جديد .

ختاما يجب إعادة النظر في هذه الأمور لتخفيف العبء على الطلبة و أولياء أمورهم و تشجيع الطاقات الشابة لمتابعة دراستهم في ظروف حسنة ، فهؤلاء هم عماد البلاد مستقبلا ، منهم المهندس و الطبيب و المحاسب و غيرهم من المهنيين الذين سيساهمون بعد تخرجهم في تحريك عجلة التنمية نحو الأفضل .

نصائح لابنتي

 نصائح ذهبية لتحقيق الأهداف السامية


ابنتي فاطمة الزهراء خذي مني هذا الكلام و اجعليه نصب عينيك ، و لا تقبلي عنه بديلا ، فليس في الدنيا 

أحد أكثر حبا لك من والديك ، فلا تكسري خاطرهما ، 

و اعملي بهذه النصائح و سترين الخير العميم عما قريب ، ما هي إلا سنوات قليلة تمر كلمح البصر ، 

و ستجدين نفسك في وضع مريح ، تتمتعين بكل ما يطيب لك .

● الاجتهاد و الانضباط و استغلال الفرص و عدم التقاعس .

● لا تصاحبي إلا الخيرات الفاضلات المهذبات المجدات .

●  لا تخبري أحدا مهما كانت علاقتك به عن أسرارك 

و لو كان هذا الإنسان طيب الخلق .

● لا تخرجي من بيتك ليلا ، يجب أن تجدك صلاة المغرب في غرفتك .

● حذاري ثم حذاري من الغياب .

●  لا تأكلي طعام أحدهم و لو كان يسكن معك .

●  تعودي على النوم مبكرا لتستيقظي في أحسن حال .

● استغلي أوقات الفراغ في مراجعة ما ينفعك في دراستك ، و ابتعدي عن الهاتف ففيه مضار كثيرة .

●  لا تذهبي إلى أماكن بعيدة في المدينة .

● أحسني معاملة القاطنين معك في نفس البيت ، حتى لا تقع صراعات تنعكس على المردود الدراسي .

●  تعلمي كيف تسيري مصروفك الشهري ، حتى لا تقعي في أزمة مالية .

●  لا بأس من زيارة السيدة الزاهية خصوصا يوم الأحد .

■■■ إذا عملت بهذه النصائح ، تأكدي أن مستقبلك القريب سيكون زاهرا ، لا تغتري فليس للزمان آمان ،

في يوم من الأيام سنغادر أنا و أمك هذه الدنيا ، و لن تنفعك إلا وظيفتك ، إذن أوعديني أنك ستعملي بما أشرت به عليك لأطمئن عليك ، فما دمت حيا لن ينقصك شيء و لكن دوام الحال من المحال ، إذن استغلي هذه السنوات القليلة و ستسعدين طول حياتك .

《 ملاحظة 》:

احتفظي بهذا الكلام و أعيدي فيه النظر بين الحين و الآخر ، و كأنني أكلمك و أنت تقرئينه .


أنا الغريب

                     أنا الغريب


            عرف العقد الأخير و بصورة مستعجلة غياب عدد كبير من الناس و من مختلف الأعمار ، الذين كانت تجمعنا معهم روابط الانتماء لنفس البلدة ، منهم معارف و أصدقاء و أقارب ، و الذين قضينا معهم أجمل فترات العمر ، و لكن في فترة وجيزة افتقدنا الكثير منهم ، أغلبهم وراه الثرى رحمة الله عليهم ، و بعضهم اضطرته الظروف لمغادرة البلدة ، و قليل هم الذين مكثوا بها لظروف خاصة ، و فوق هذا و ذاك ،  تبقى مشيئة الله 

فوق كل اعتبار .

و لا أدل على ذلك من أن الزائر للبلدة من أبناء جيلنا 

يلاحظ هذا التغيير الذي طرأ في هذه المدة القصيرة

و يشعر أنه الغريب بين أناس لا يعرف منهم إلا القلة القليلة ، و كأن أولئك المعارف الذين كانت البلدة تضج بهم قبل هذه العشرية قد تواروا عن الأنظار و لم نعد نراهم كسابق عهدنا إلا القليل منهم الذين نصادفهم نادرا

و قد غيرت السنون و نوائب الدهر ملامحهم ، فجفت الإبتسامة التي ألفناها على محياهم ، و لا غرو في ذلك 

فهم  أنفسهم  يشعرون بهذا التغيير ، إذ بين عشية و ضحاها  تبدلت أحوال الناس ، و لم نعد نرى أثرا لتلك القيم و ذلك الدفء الاجتماعي و العلاقات الإنسانية الودية التي ترعرعنا في أحضانها عقودا من الزمن ، و لعل هذا راجع لأسباب عديدة يأتي في مقدمتها الموت الذي غيب الكثير من أهل البلدة و كذا التهميش الذي رزحت البلدة تحت وطأته لعقود كثيرة مما دفع بعض الأسر للهجرة نحو مناطق أخرى حيث الآفاق المساعدة للأبناء في استكمال دراستهم ، و الغالبية امتهنوا وظائف في مدن أخرى ، إضافة إلى هذه الأسباب فقد  عرفت البلدة مؤخرا توافد أعداد هائلة من الناس قصد العمل في ضيعات النخيل التي اكتسحت مساحات شاسعة امتدت شرقا و غربا و لم تترك أرضا صلبة إلا هزت تربتها و صيرتها خصبة لغرس النخيل ، استثمر فيها بعض الأغنياء  الذين قصدوها من مناطق مختلفة من أرض الوطن ، شجعهم على ذلك وفرة المياه الجوفية بالمنطقة .

و هكذا ذاب السكان الأصليون وسط هذه الأعداد الكبيرة من الوافدين و انحلت تلك الروابط و العلاقات الاجتماعية المبنية على التآزر و التزاور و جلسات المرح.

 غير أن ما يثير الخوف في نفوس الواحاتيين هو الاستنزاف العشوائي الذي تتعرض له المياه الجوفية مما ينذر بكارثة في المستقبل و قد بدا أثرها واضحا على الواحات التي تعتبر مصدر عيش لسكانها مما سيضطر معه هؤلاء البسطاء للهجرة بحثا عن سبل أخرى للرزق و هو ما يزيد من غياب أبناء البلدة الأصليين .

فإلى عهد قريب جدا كانت البلدة تعرف إشعاعا ثقافيا

قل نظيره ، حملت مشعله بعض الجمعيات الرائدة ثقافيا و فنيا و رياضيا ، شاع صداها إقليميا و وطنيا و لكن للأسف الشديد ، انطفأت جدوتها مؤخرا ، و لم يبق من بريقها إلا ضوء خافت يبعث الحزن و الكآبة . 

الغريب في الأمر أن كل شيء تغير رأسا على عقب في مدة قصيرة جدا لا تتعدى عشر سنوات . باختصار لم يعد الزائر من أبناء البلدة عند زيارته لها يشعر بذلك الدفء و المتعة التي كانت تغمر قلبه قبل هذا الوقت ، و لعله السبب الرئيس الذي لا يشجع أبناء البلدة المقيمين في مدن أخرى على الإكثار من الزيارات 

مادامت الزيارات مبعث حزن و أسى على بلدة تعيش التهميش على جميع الأصعدة ، بيد أن  لها تاريخ عريق

و خصوصيات  يضرب بأخلاق أبنائها و ثقافتهم المثل ، كما أن مقابرها تذكر بأحبة كانت لهم أيادي بيضاء في صناعة مجدها التليد ، و قد غادروها إلى دار البقاء 

دون أن تتحقق آمالهم في أن تحضى بالحظ القليل من

التنمية على غرار بلدات أخرى .

حب العمل مبعث الإبداع

 حب العمل مبعث الإبداع

          قرأت في تدوينة أحدهم هذه القولة :

 ( علمني أبي حرفة و لم يعلمني أن أحبها )

فأثارتني و انتابتني رغبة ملحة في إبداء رأيي المتواضع فيها ، إذ وجدت في معانيها ما ينطبق على واقعنا البئيس .

لا شك أن الكثير من الناس قد يشاطرونني الرأي و نحن نرى أن أغلب الوظائف يتقدم إليها شبابنا مكرها ، لا رغبة له فيها و لكن اضطرته الظروف لأن يلجها رغما عنه لينجو من مخالب البطالة ، هدفه الأسمى في ذلك أن يعول نفسه و أسرته .

إذن كيف تريد ممن لا يحب وظيفته أو مهنته أن يبدع فيها 

و يطورها و يعطي المردود المرغوب و قد سيق إليها مكرها مما يولد لديه عدم الاهتمام  ، و لعل أكثر القطاعات تضررا من هذه الظاهرة هو قطاع التعليم ، لكونه الأصل في صناعة الأجيال تربية و تعليما و تذوقا ، لهذا  لا يمكن لأي كان أن يبدع فيه و يفيد إلا إذا كان يعشقه عشقا جما ، و لكن الواقع الحالي يثبت عكس ذلك إلا في حالات نادرة إذ  أصبحنا نرى اليوم أعدادا كبيرة من الطلبة الذين سدت في وجوههم أبواب رغباتهم ، يلجأون إلى هذا القطاع لأنه الملجأ الأخير و المنقذ الوحيد من البطالة ، خصوصا و أن الدولة تحتاج في كل سنة إلى أعداد كبيرة لتوظيفها في هذا القطاع الحساس من مختلف الشعب و التخصصات ، بل الأغرب أن أغلب خريجي الجامعات ليسوا على ذلك المستوى الثقافي 

و الرصيد المعرفي و الاتزان الخلقي الذي يؤهلهم للقيام بمهمة التربية و التعليم ، فترى بعضهم يشارك في مباراة التوظيف في شعبة لا تتلاءم و تكوينه الجامعي ، لأنه يرى الطلب عليها كبير فيضطره هذا الخصاص لأن يجتاز  المباراة و لو في غير تخصصه ، فإذا حالفه الحظ و نجح ، تجده يعاني من عدم قدرته على تدريسها بنجاعة ، إضافة إلى أن التكوين الذي يتلقاه في أشهر قليلة لا يكفي لأن يلم بأسرار الشعبة التي اختارها على مضض ، كما أن جودة التكوين خلال هذه المدة الوجيزة لا تؤهل المتدربين للتمكن من العدة البيداغوجية ، و هذه كلها عوامل تنضاف إلى غيرها   مما لا يغرس في نفس المدرس المتدرب حب المهنة 

و إتقانها مادام يشكو تعثرا فيما أسند إليه ،  لأن فاقد الشيء لا يعطيه .

 هذا من جهة و من جهة ثانية فالسواد الأعظم من الشباب لم يختر هذه المهنة عن حب و رغبة و إنما ساقته إليها الظروف مكرها ، إذن ثمة سؤال يطرح نفسه بإلحاح :

ترى هل سيؤدي هذا و أمثاله الرسالة على الوجه الأكمل . و هل سيعطون  المردود المطلوب و النتيجة المتوخاة ؟ .

 الجواب بكل بساطة إذا كنا فعلا نروم إصلاح التعليم باعتباره القاطرة الأساس في كل تنمية ، أن نختار له الكفاءات العالية معرفيا و أخلاقيا و نرفع من شأنهم ماديا و معنويا و نوفر لهم كل الوسائل التي تيسر العمل و تشجع الإبداع ، معتمدين في ذلك على المناهج و البرامج المفيدة التي تساير مستجدات العصر .

إضافة إلى هذا فلن تتحقق النتائج إلا  بالقدوة أولا و الكفاءة ثانيا و الإخلاص ثالثا و حسن التواصل رابعا ، و هذه الشروط الأربع من الضروري أن يلم بها كل مدرس في أي سلك كان ، و أي خلل في أحدها ، ينعكس على العملية التربوية التعلمية و هذه الشروط الأربع لا تتوفر إلا في شخص يحب هذه المهنة حبا كبيرا ، مدركا لغاياتها النبيلة ، مفتخرا بانتمائه لها ،  مستعدا للتضحية في سبيل تنوير عقول الناشئة و تحقيق أهداف أمتنا الدينية والوطنية .

الحقيقة المرة

 الحقيقة المرة


الحقيقة التي لا ينكرها عاقل أننا نعيش فترة تاريخية لم تشهد البشرية أسوأ منها ، فكل الفترات الزمنية السابقة لها محاسن 

و مساوئ ، و هذا أمر طبيعي في حياة البشر ، غير أن هذا العصر الذي نعيشه اليوم جمع كل نقائص الفترات السابقة و أدار ظهره للعديد من محاسنها ، و هو ما نلحظه على جميع الأصعدة و في جميع مجالات الحياة اليومية البئيسة التعيسة ، فقد ظهرت في عصرنا هذا أمور لم تكن لتخطر على بال أحد ، بل يعتبرها ذوو العقول السليمة من باب المستحيلات أن تنتشر في أوساط بني البشر ، و لكن للأسف ها هي تحدث في عصرنا ، مما جعل الأسوياء يستغربون من هذا الكائن الذي ميزه الله بالعقل و النطق أن يأتي مثل هذه السلوكات الغريبة و المخزية التي تستحيي البهائم العجماء أن تأتي مثلها ، و لا داعي لعد هذه النقائص الخبيثة مادامت معروفة لدى الجميع ، يقرها الخبثاء و يتبرأ منها الصلحاء و لو أن المصلحين قليلون ، و لا يكاد يسمع لهم صوت في الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر ، و كان الأجدر أن يكون عصرنا راقيا بكل المقاييس لأنه عرف طفرة علمية و تقدما تكنولوجيا حبذا لو سخرا في تحضر الإنسان و سعادته ، 

و لكن للأسف الشديد فهذا التطور العلمي صاحبه تخلف و تدني أخلاقي لم يسبق له مثيل ، و هذا راجع لعدة أسباب يأتي في مقدمتها الابتعاد عن النهج الرباني و الفطرة السليمة التي هي الأصل في سعادة الإنسان ، و التي من أجلها استخلف الإنسان في الأرض ، غير أن أنسان عصرنا تمرد على هذه الفطرة  فتجرد من إنسانيته و انبهر بحضارة الغرب المادية في ظاهرها و المنخورة أخلاقيا في جوهرها ، فانجراف مع تيارها اللاديني المعادي للإسلام  في انحلاله الخلقي و استهتاره بالقيم مما أفقد الناس بوصلة الحق و أضلهم عن الطريق السوي ، فانتشر الفساد و عم جميع القطاعات ، و أصبح الإجرام و الطمع و العري و التفاهة 

و غيرها من الفواحش هي العملة الرائجة ، و أضحى السلوك المتزن هو الحالة الشاذة ، فاستبدل العلم  و الثقافة بالجهل 

و الخرافة و الفن الهادف بالتفاهة الساقطة ، و العدل بالظلم ، 

و الاستحقاق بالزبونية و المحسوبية ، و الواجب بالاستهتار ، 

و ... و ... و ...  إلخ مما يثير الغثيان و تشمئز النفس لذكره .

فرطنا في قيمنا الإسلامية الراقية ، و فرطنا في تراثنا بكل أشكاله و تنوعاته ، و تجردنا من خصوصياتنا التي تتبث هويتنا 

و انتماءنا ، و شغلتنا المصالح الشخصية عن القيام بالواجب على أحسن وجه ، فأصبح كل ذي منصب يسعى إلى الثراء و لو بأساليب ملتوية ، مما انعكس سلبا على القطاعات الحيوية التي تعتبر عماد التقدم و التنمية و في مقدمتها قطاع التعليم و الصحة

و العدل و غيرها ، و عدم التدبير المحكم لموارد البلد التي عوض أن تخصص لهذه القطاعات الحية ، أصبحت تصرف على التوافه 

و الكماليات التي لا تزيد البلد إلا تأزما .

فمتى تستيقظ الضمائر ، لنتصالح مع ذواتنا ، فنأتمر بأوامر ديننا 

و نتنهى بنواهيه ، و نتشبت بهويتنا و خصوصياتنا و لا ننساق مع التيارات الخارجية الماجنة و أن نبني وطننا من خلال إصلاح قطاعاتنا الحيوية ، و أن نجعل كرامة المواطن فوق كل اعتبار ، 

و نتصدى للفساد و المفسدين ، و نقطع مع التفاهة و التافهين ، 

و هذا يقينا ما سيجعلنا على السكة الصحيحة لبناء هياكل هذا الوطن على أسس متينة ، نتنعم بها و نورثها لأجيالنا القادمة ، فإن لم نفعل ، فنحن المسؤولون عن كل ما سيؤول إليه هذا الوضع المزري الذي لم يعد يرضي صغيرا و لا كبير ممن يملكون ضمائر حية و عقول نيرة .

الشقاء بعينيه

 الشقاء بعينيه


                ارتدت القفطان الجديد الذي أعدته خصيصا للمناسبات و ما أكثرها في هذا الفصل الحار ، و تزينت بكل ما تملك من حلي ، و في طريقها عرجت  على منزل جارتها ، لترافقها إلى مكان الحفل ، ما دامتا مدعوتين إلى نفس الوليمة لدى إحدى الصديقات .

عند وصولهما همست في أذن جارتها ، قائلة : 

" أنظري فلانة و قد اصطحبها زوجها في تلك السيارة الفارهة ، ليت زوجي يستبدل سيارته المتواضعة بمثل هذه الأيقونة ".

تجاهلت الجارة البسيطة كلام جارتها ، إذ ليس في كلامها ما يستحق الرد ، و عند دخولهما إلى فناء البيت حيث المكان المخصص للمدعوات ، همست مرة أخرى  لجارتها :

" يا لروعة هذا المنزل و فخامته ، ليتنا نملك مثله " .

لم يهنأ لهذه المرأة الحالمة بال ، و طفقت تجول بنظرها في أثاث البيت و قد أعجبت برياشه ، فلم تتمالك نفسها و أسندت رأسها لجارتها هامسة : 

" سأرغم زوجي على استبدال أفرشة صالوننا فقد مرت عليها ثلاث سنوات لم نغير فيها شيئا ، و أن أجبره على اقتناء مثل هذا و لم لا أحسن منه " .

لم تكتف صاحبتنا بهذا بل أخذت تختلس النظر في كل الحاضرات و هي تقارن لباسها بلباسهن و مجوهراتها بمجوهراتهن متمنية في قرارة نفسها أن يكون قفطانها أحسن قفطان على الإطلاق ، و أن تمتلك من الحلي و المجوهرات ما يلفت انتباه النساء إليها دون غيرها ، و لكنها سرعان ما تصاب بنوع من الامتعاض و الغيرة الممزوجة بالحسد كلما  رأت عند بعضهن قفاطين تفوق قفطانها قيمة ، أو رأت عند أخريات مجوهرات أغلى من مجوهراتها ، رغم أن قفاطينها هي و حليها أرهقت  زوجها عند اقتنائها مما اضطر معه للاقتراض من البنك ، لتحقيق رغبة هذه الزوجة المتعجرفة .

لم يتنه الأمر هنا بل راحت تنظر بعينين زائغتين إلى ما حولها ثم مالت بجسمها على جارتها ، و قالت لها بصوت خافت :

" أنظري فلانة و قد انسدل شعر رأسها على ظهرها حتى كاد يلمس باطن ركبتيها ، لا شك أنها ترتاد صالون الحلاقة و لم لا أرتاده أنا كذلك فشعري أكثر كثافة من شعرها ؟" .

باختصار شديد لم تقتصر ملاحظاتها على الذي ذكر ، بل أبدت إعجابها بالحلويات و الأطعمة الشهية و كل شيء أثارها و نال إعجابها إلا و رغبت في مثله أو أفضل منه ، و كأنها  تضمر في نفسها أن تحصل عليه مهما كلف ذلك زوجها من ثمن ، حتى تكون هي أفضل النساء في كل شيء ، و تمني النفس أن تتحقق لها رغباتها الجامحة ، حينها تأخذها العزة بنفسها و تنتشي بما لديها 

و لا يمتلكه غيرها  من النساء و هو ما سيجعلها تتباهى عليهن جميعا .

كل هذا و جارتها المسكينة تتحمل هذه الهرطقات ، فكانت عند كل همسة تومئ برأسها نزولا عند رغبتها ، رغم أنها تشعر بالتقزز من ملاحظاتها و كلامها ، إلا أنها كتمت غيضها و نفورها ، و كيف لها أن تبديه و المكان غاص بالمدعوات .

انتهى الحفل و خرجت الجارتان ، في طريق عودتهما إلى منزليهما ، أعادت الجارة المفتونة بصوت مسموع و بكلام ممل منفر كل الملاحظات السابقة ، بل غادت تغتاب بعض المدعوات البسيطات .

إلى هذا الحد لم تطق جارتها المسكينة صبرا ، فانفجرت قائلة :

" لا أظنك استمتعت بشيء مما كنا فيه ، فقد ضيعت على نفسك متعة الحفل ، و كدرت صفو الجلسة بما شغلت نفسك به ، فلا أنت أدركت ما عند الغير ، و لا أنت أرحت قلبك و استمتعت ، اعلمي يا جارتي أن السعادة في القناعة ، و لا يمكن بأي حال من الأحوال

أن يكون لديك كل ما ترينه عند غيرك ، فالكمال في كل شيء أمر لا يدرك و لا يمكن أن يجتمع في شخص واحد ، و السعادة لا تقاس بامتلاك كل جميل ، و لكن تدرك بالقناعة و الرضى ، فالله سبحانه و تعالى قسم الأرزاق و فضل بعضنا على بعض لحكمة يعلمها هو  ، و لكنه جلت قدرته جعل السعادة الحقيقية في البساطة و القناعة ، و العيش الحلال وفق إمكانيات الزوج ، فالزوجة التي تحمل زوجها أكثر مما يطيق لتتباهى أمام الناس ، فهذه تهدم بيتها بيدها و تسعى في خرابه ، و لن تتذوق طعم السعادة أبدا ، لأن مفاتن الدنيا لا حد لها ، و من سعى في الحصول عليها من غير استطاعة ، أتعب نفسه و أشقاها ، و لا يناله منها إلا ما قدره الله له ، و لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب .

 أنت تملكين منزلا و سيارة و زوجك موظف يتقاضى راتبا شهريا ، فما قولك فيمن هن أدنى منك ،  أولئك اللواتي لا يملكن شيئا مما أنعم الله به عليك أنت ، ماذا سيفعلن بأنفسهن ، فاللائي كنت تغتابينهن و تحتقرينهن فأغلبهن سعيدات في حياتهن على بساطتها لأنهن قانعات راضيات ، و لا يحملن أزواجهن فوق المستطاع ، و فوق هذا وذاك تبقى الأخلاق الفاضلة هي المعيار الحقيقي للإنسان  ، هي من تبوؤه المنزلة الرفيعة بين الناس ، أما المظاهر فهي زائفة و زائلة و لا يدوم لها حال .

 أستسمح إذا قلت لك أنني لن أرافقك مرة أخرى إذا بقيت على هذا الجشع و الطمع ، و هذه الغيرة الزائدة التي تضرم في نفسك نار الحسد ، تبا لمن ينظر إلى ما في يد غيره و يجحد ما أسبغ الله به عليه من نعم ، حاولي أن تغيري هذه السلوكات المقيتة فهي التي جعلت النساء ينفرن منك و لا يرغبن في مصاحبتك " .

قالت الجارة المسكينة كلامها هذا و دلفت إلى منزلها مهرولة مزمجرة دون أن تودع جارتها المغرورة .

شر البقاع

                       شر البقاع


              كثيرا ما يتداول الناس في مجالسهم الحديث الذي رواه الطبراني في المعجم الكبير عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأحدهم بعد أن سأله عن خير بقاع الأرض :

"  خير بقاع الأرض مساجدها و شر البقاع أسواقها "

صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و كيف لا و هو الذي لا ينطق عن الهوى .

يحضرني هذا الحديث الشريف كلما ارتدت سوقا من 

الأسواق الشعبية ، و أقف على شرورها من خصومات

و غش و تدليس و الحلف بيمين الغموس و غيرها مما

جعلها شر البقاع ، و لكن في أيامنا هذه لاحظت أن هناك

بقاعا هي أسوأ و أقبح و أكثر شرا و ضررا من الأسواق

إنها المحطات الطرقية سيما الخاصة بالحافلات هذه التي تعج بكل أنواع ( شماكرية ) إن صح التعبير ، بعضهم يستخدمه السائقون للمناداة على الركاب 

و جلبهم إلى الحافلة التي يعملون لصالحها مقابل دريهمات يتبرع بها عليهم السائقون أو مساعدوهم عند مغادرة المحطة ، و بعضهم يحشر أنفه من غير أن يطلب منه ذلك عساه يظفر هو أيضا ببعض الدراهم .

و في خضم هذا الهرج و المرج و المنافسة في استقطاب أكبر عدد من الركاب تقع مناوشات 

و معارك طاحنة يترتب عنها التلفظ بالكلام النابي الذي يخدش الحياء و  يتأذى منه الركاب خصوصا المصحوبين بأفراد أسرهم ، مما ينغس عليهم متعة السفر ، و هذه السلوكات المقيتة أصبحت مألوفة 

و معتادة في كل المحطات و في كل المدن ، بحيث لا تكاد تمر ساعة حتى تنشب المعارك اللفظية بل 

و الجسدية أحيانا ، و لو سألت أي مسافر في أي محطة لأبلغك عن امتعاضه و تقززه مما يقع فيها من سلوكات

منافية للتربية السليمة و لقيمنا الاسلامية و الانسانية 

لأنه أضحى من سابع المستحيلات أن يمر يوم بل ساعة دون أن ترى و تسمع ما يخدش الحياء و يثير الاشمئزاز 

إذن إذا كانت وزارة النقل تنشئ محطات طرقية جديدة بمواصفات عصرية ، فلماذا لا تجعل لها نظاما عصريا

يتماشى مع البناية الحديثة للمحطة ، فلا تباع التذاكر إلا في الأكشاك المخصصة لكل اتجاه ، و أن تفرض على السائق و مساعده ارتداء بذلة خاصة موحدة ، و حثهما

على حسن المعاملة و التصرف اللائق اللبق مع المسافرين ، و لا يسمح لغير العاملين بالمحطة ولوجها تحت أي ذريعة ، إلا لأولئك الذين عينتهم السلطات المعنية لتنظيم الرحلات ، و غير هذا من الاجراءات النافذة التي تقطع الطريق على ( شماكرية ) الذين في الحقيقة أحالوا متعة السفر إلى جحيم لا يطاق .

كلمتي بمناسبة تكريمي ( التقاعد )

 التاريخ :  السبت 6 يوليوز 2024

المكان : مدرسة المسيرة الخضراء تحناوت عمالة الحوز 

المناسبة : حفل تكريم لشخصي المتواضع ، بمناسبة إحالتي على المعاش .

هذه كلمتي التي ألقيتها و الدمع يهمي على خدي ....


            الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات و الصلاة و السلام الأكملان الأتمان على خير البرية و آله و صحبه و من سار على هديه إلى يوم الدين .

أما بعد :

أخواتي ، إخواني ، كم أنا فخور اليوم بتواجدي بين هؤلاء الأحبة ، و أمام هذه الوجوه النيرة ،حملة القلوب الوامقة و الأحاسيس الصادقة و المشاعر الرقيقة ، كما يطيب لي في البداية أن أتقدم بالشكر الجزيل و الامتنان الكبير لكل العاملين بمؤسستنا هذه ، إدارة و أطرا و مساعدين على تنظيم هذا الحفل و ما تحملتموه من أعباء ليمر في هذا الجو البهيج ، و هذا ليس بالعزيز عليكم ، فقد دأبتم على مثل هذه الالتفاتات الطيبة ، و ستستمرون عليها إن شاء الله ، و لكن أخواتي إخواني لا أخفيكم سرا ، أن في هذه

اللحظة و مع هذه الأجواء الاحتفائية ، قد امتزج في نفسي شعوران متناقضان ، شعور بالارتياح و أنا أضع عن كاهلي عبء السنين الطويلة في هذه المهنة الشريفة و الشاقة في نفس الوقت ، و قد أديت فيها رسالتي على قدر الاستطاعة و أكثر ، 

و شعور ثان فيه نوع من الحزن يعتصر قلبي من جراء فراق زميلاتي و زملائي في العمل و الذين قضيت معهم السنوات السبع الأخيرة من مشواري ، فقد كنت -- و الله من وراء القصد عليم-- أعتبركم بمثابة أبنائي ، ما يسركم يسرني و ما يؤلمكم يؤلمني .

ختاما أستميحكم عذرا ، فلساني في هذا الموقف يعجز عن الإفصاح و التعبير عما يختلجني من مشاعر ،و خير ما أختتم به هذه الكلمة المتواضعة هو هذا الدعاء : فاللهم مالك الملك ، بارك لإخوتي في أعمارهم و أبدانهم و أرزاقهم و أعنهم بمدد منك لإكمال مهامهم و اصرف عنهم كل سوء ، إنك ولي ذلك و القادر عليه ، و أحمد الله و لا أحصي ثناءا عليه .

لكل قدر يلقاه

                        لكل قدر يلقاه

              فتحت خديجة عينيها على الدنيا في أسرة متواضعة الحال ، و عاشت عيشة بسيطة تكابد 

و تناضل و تصارع الفقر علها تفلت من مخالبه ، بنفس قنوعة و وجه بشوش ، ما ثبت يوما أن تضجرت من قساوة الزمان عليها ، فذاقت كل أنواع الخصاص طيلة مسيرتها الدراسية ، تمني النفس بمستقبل قد تتغير فيه أحوالها إلى ما يعوض عليها و على أسرتها بعض الذي عرفوه من غدر الزمان ، و ذاك ما تم لها مؤخرا و بعد لأي طويل حين التحقت بسلك التدريس ، و أصبحت أستاذة للغة العربية بإحدى الاعداديات ، تنفست الصعداء و تنفسه معها كل من يعرف عنها ما عانته من مشاق في حياتها غير أن للقدر رأي آخر ، و كأنه لا يريد لها أن تستمتع إلا بأعوام قليلة ، إذ أصيبت بمرض خطير ، استعصى شفاؤه ، فعادت من جديد تقاسي الآلام و الأوجاع عوض الفقر الذي صاحبها في كل مراحل حياتها ، تقبلت قدرها دون تبرم أو تضجر ، تتضرع في صلواتها لله سبحانه و تعالى بنفس راضية مطمئنة ، ليصرف عنها هذا الابتلاء ، و لكن لله في خلقه شؤون ، إذ استفحل الداء و لم يمهلها إلا أشهر قليلة ، أسلمت الروح بعدها إلى بارئها . 

غادرت خديجة الدنيا كما جاءت إليها في صمت و ألم

و لم يبق في نفسي إلا أثر من تلك البشاشة و صدق

المودة التي جمعتني بها و نحن طلبة .

اللهم مالك الملك ، مقدر الأقدار ، عالم الأسرار ، تعلم ما في أنفسنا و لا نعلم ما في نفسك ، أسألك بكل عزيز عندك أن تغفر لها و ترحمها برحمتك الواسعة و اجعل مقامها في جنة النعيم .


من ذكريات الطفولة

                 من ذكريات الطفولة

         كان أسعد يوم من أيام طفولتي و أنا في التاسعة من عمري أواخر ستينات القرن الماضي ، هو ذلك اليوم الذي يزورنا فيه ضيف من أقاربنا أو صديق مقرب لوالداي رحمة الله عليهما ، و ما أكثرهم وقتها ، و كنت

شغوفا بمجالستهم ، أسترق السمع و هم يتجاذبون أطراف الحديث عن مواضيع ذات صلة بحياتهم اليومية ، و لكن أكثر الأيام سعادة بالنسبة إلي هو اليوم 

الذي يستضيف فيه أبي زوجين من أقرب معارفنا ،

هما السيد ( حدى ) و زوجته ( فاطنة ) رحمهما الله ، هذان الزوجان اللذان لم يرزقا بالولد ، و رغم ذلك فهما يعيشان حياة مستقرة سعيدة يسودها تفاهم و مودة قل نظيرهما ،

و العجيب في أمرهما أنهما يؤنسان حياتهما بالاستماع إلى الأغاني المحببة لديهما ، و ما أكثرها و أمتعها في ذلك الزمن ، لذلك كانا يملكان جهاز الحاكي -- ( tourne disque ) -- ، و قد بلغ بهما الاهتمام بأسطوانات الأغاني و السكيتشات المضحكة أن وضعوها في صندوق مزخرف على قدر حجمها ، به منديل قطني نظيف ، و مما يزيد الجلسة متعة هو أن زوجته ( فاطنة ) هي التي تتولى تنظيف الأسطوانة بعناية كبيرة قبل وضعها تحت شوكة الحاكي .

و كانا يصطحبان معهما الجهاز كلما دعاهما أحد لوليمة ما ، و لكن أغلب الولائم كانت تقام في بيتنا ، و لعل

رؤيتي لعمي ( حدى )  و هو يحمل جهاز الحاكي ،

و خالتي ( فاطنة ) و هي تحمل علية الأسطوانات عند دخولهما إلى بيتنا هو ما كان يبعث في نفسي فرحة

و شوقا لا يوصفان ، فتجدني أنتظر بفارغ الصبر 

الوقت الذي يبدأ فيه عمي ( حدى ) فتح الصندوقين ،

الصندوق الكبير و هو الحاكي نفسه و الصندوق الصغير الذي تصطف فيه الأسطوانات .

و نظرا لكثرة زيارتهما لبيتنا و الاستماع لأسطواناتهم الجميلة آنذاك ، أصبحت أعرف عناوين المغنين المكتوبة على ظهر أغلفتها ، و كنت حينها أحب الاستماع أكثر إلى أغاني حميد الزهير و عبد الكريم الفيلالي و أعشق كثيرا أغنية ( الباسبور الأخضر ) و ( يا بن سيدي و يا خويا ) و ( الصنارة ) لعبد الهادي بالخياط و ( عطشانة ) 

لبهيجة إدريس و ( غني لي شويا شويا ) لأم كلثوم 

و الثنائي الكوميدي ( محمد بلقاس و عبد الجبار الوزير  ) و الفنان ( عبد الرؤوف ) و غير هذه من أغاني الرواد مما لم تستحضره ذاكرتي الآن .

و لا أخفي سرا أنني الآن و قد تجاوزت الستين ، أعود

أحيانا و استمع لإحدى تلك الأغاني ، لا لشيء و إنما لأعيش لحظات فرحي الطفولية و أتذكر تلك الأيام الخوالي التي على بساطة عيشها كانت في الحقيقة سعيدة و هنيئة ، سادت فيها القيم الانسانية النبيلة من حياء و كرم و صدق و مودة و ذوق رفيع ، على عكس ما نراه اليوم ، فرغم هذا التقدم التكنولوجي ، و هذه المدنية المعاصرة ، فقد تم التفريط في القيم السامية ،

و سادت التفاهة ، ففسدت الأذواق ،  و لم يعد للفنون التعبيرية أي رسالة ، باختصار فقدت الحياة كثيرا من ملذات العيش السعيد ، حتى أصبحت أحيانا لا تطاق .


ماذا تنتظرون ؟؟؟

 ماذا تنتظرون ؟؟؟


          ألم يان لقلوب المسلمين أن تخشع و تنكسر مما يقع لإخوانهم في غزة و في كامل التراب الفلسطيني الطاهر . 

ألم يان لضمائرهم أن تستيقظ من سباتها ، فتهب لنصرة

المستضعفين ، دفاعا عن الحق و الشرعية .

أما يكفي أن المقاومة على قلة عددها و بساطة عتادها قد وقفت في وجه أعتى القوى العالمية لمدة طويلة .

أما يكفي أن الإبادة الصهيونية المدعمة قد قتلت ما يزيد عن الأربعين ألف من المدنيين العزل .

ألا تهزهم الغيرة و هم يرون المقدسات تهدم و البيوت و المدارس تدك عن آخرها .

كيف يرغد لهم عيش و أطفال غزة يموتون جوعا .

ألا يشعرون بالخزي و العار و فضائياتهم تقدم مهرجانات و حفلات الغناء و الرقص .

أليس من الوقاحة و انعدام المروءة أن تغلق المعابر في وجه الإعانات ( إن كانت هناك إعانات أصلا ) .

إلى متى قد تصمد المقاومة و هي محاصرة لا معين لها إلا الله سبحانه و تعالى .

ماذا ينتظرون لإغاثتهم ، أينتظرون إلى أن يبادوا عن آخرهم .

يا أمة محمد صلى الله عليه و سلم ، خذوا العبرة من أسلافكم البواسل ، و هبوا لنصرة المظلوم ، و اعلموا أنها معركة مفصلية ، إما أن تستعيدوا كرامتكم و تفرضوا هيبتكم ، فتخشاكم الأمم 

و تحسب لكم ألف حساب مستقبلا ، و إما أن ترزحوا تحت سلطانهم و تدوسكم أقدامهم ، عندها تأكدوا أن الدور عليكم واحدا تلوى الآخر ، فتقولوا في حسرة و آسى :

( أكلنا يوم أكل الثور الأبيض ) ، 

هذا عذاب الدنيا الأصغر جراء تخاذلكم ، لكن الأدهى من ذلك ، كيف يكون موقفكم بين يدي رب العباد  حين يسألكم يوم القيامة ، أي جواب أعددتم و أي ذريعة استندتم و أي السبل تنجيكم ، أليس العزيز الجبار هو القائل :

 ( و لعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) .

للوقاحة حدود

 للوقاحة حدود  !!!


             من المعلوم لدى الجميع أن للسفر متعة لا تضاهيها متعة ، خصوصا إذا كان القصد منه استكشاف مناطق ذات منتجعات جميلة لم يسبق للمرء أن زارها من قبل ، ابتغاء الترويح عن النفس ، و قد ذكر الحكماء فوائد السفر و تغنى الشعراء بمتعته لما يخلفه في ذاكرة الزائر من أثر طيب و ما يبعثه في نفسه من راحة و ما يسري في جسده من نشاط و حيوية ، و لا داعي لاستحضار مأثوراتهم عن الأسفار ما دام الناس على بينة منها .

لكن ثمة أمور تفسد كل ما ذكر عن مزايا السفر ، هي ظواهر مقيتة مستحدثة و سلوكات مخزية مقززة ، تقلب متعة السفر إلى قلق 

و اشمئزاز ، بل إلى ندم على التنقل خارج الديار ، و الأمر يزداد مقتا و حسرة إذا كان الزائر المغربي المسلم صحبة أسرته ، فكثيرة هي المنتجعات التي يرتادها شباب و شابات يأتون من التصرفات ما يتنافى و ديننا و هويتنا و خصوصياتنا ، يتلفظون بألفاظ نابية و بأصوات عالية و يقومون بحركات ذات إيحاءات مخجلة ، كل هذا على مرآى و مسمع من الحاضرين ، ناهيك عن العري إذ لا يرتدون ما يستر عوراتهم و عوراتهن ، شابات في مقتبل العمر ينفثون دخان السجائر في زهو و اعتداد ، و غير هذا كثير مما يحز في نفوس الحاضرين المصحوبين بزوجاتهم و أبنائهم و بناتهم 

و هم يرون هذه السلوكات الغريبة و المنفرة ، و الخطر في ذلك هو خوف الأبوين على أبنائهم من التأثر بهذه السلوكات و محاولة تقليدهاإن عاجلا أو آجلا ، خصوصا إذا لم تكن تربية الأبوين 

بمثابة حصن منيع يثنيهم عن الانجراف مع تيار هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم متحضرين و حداثيين متحررين من كل قيد ، 

و الغريب في أمر هؤلاء أنهم يدعون التحضر في المظهر فقط ، أما ما عدا ذلك من التربية الحسنة المبنية على القيم النبيلة و العلوم المفيدة فلا رصيد لديهم منها ، اهتماماتهم تحوم حول المخدرات 

و اللباس الباهض الثمن الغير المحتشم و الحلاقة الغريبة 

و الأوشام و الأقراط في أماكن معينة من أجسامهم ، بعضهم يعيش عالة على أسرته ،و البعض الآخر يتعاطى للإجرام تلبية لرغباته المذكورة . و هذه الظاهرة منتشرة في كل المدن ،

بل أصبحت عدواها تنتقل إلى القرى و لو بنسب قليلة .

لهذا أعود و أقول أن هؤلاء يفسدون أحيانا متعة السفر إذا صادف أن جمعتك بهم الظروف في منتزه سياحي أو شاطئ أو أي مكان يرتاده الناس للاستجمام و الراحة من خلال تصرفاتهم الدنيئة التي تجعلك في موقف مخجل مقزز أمام أفراد أسرتك ، و هو نفس الشعور الذي ينتاب أفراد الأسرة في حضرتك .

كلمة الأخ لحسن بنيعيش في حقي

                 كلمة الأخ لحسن بنيعيش في حقي


زايد وهنا اجتمع فيه ما تعرف في غيره، باحث في التراث، أستاذ و مربي مبدع، عاشق للغة و الأدب و الفن، مثقف عضوي، رهيف الإحساس، صاحب ذوق فني رفيع، حريص على القيم و مترفع عن الدنايا، واسع الاطلاع، خدوم، سخي جواد. قدم لمدينة بوذنيب خدمات جليلة كاتبا، باحثا، ومحاضرا، و مربيا، و منشطا في ملتقيات ومهرجانات و مناسبات دينية و وطنية بكل تضحية و نكران ذات. جمع بين الجدية و الصرامة و الفكاهة و المرح حسب السياقات و الظروف. رسم لبوذنيب أفقا ثقافيا واسعا و ممتدا متجاوزا كل التخوم. #زايد_وهنا بوذنيب، و بوذنيب زايد وهنا. يبقي فوق كل ما ذكر الإنسان بكل ما تحمل الكلمة من معان.

عذرا إن خُطت هذه الكلمات التي لن توفيك حقك و أنا أمشي على جسر الجرح. كل المودة.

توضيح من زايد وهنا حول مقال الأخ عديدو

 توضيح بشأن المقال الذي نشره الروائي المحترم السيد علي عديدو .

              السلام عليكم أحبتي أينما كنتم و أيامكم مباركة ، أولا أحيي أخي الذي لم تلده أمي السيد الفاضل عديدو علي على مقاله هذا و أحيي فيه روح الاعتراف و الامتنان التي أخجلني بها 

و الحقيقة أن  ما قاله هو الواقع ، نعم قضيت زهاء 34 سنة في خدمة التربية و التعليم و الثقافة و الفن عموما ، تدفعني غيرتي الزائدة على أن أرى شباب  بلدتي على جانب كبير من القيم السامية التي توارثناها و أن أراهم و قد أخذوا من العلم و الثقافة ما يجعلهم يتدرجون سلم سابقيهم ممن حملوا مشعل العلم 

و التربية الحسنة ، و أن يتحصنوا من كل السبل التي تؤدي إلى الانحراف ، و أن يتهذب ذوقهم فيكونوا خير خلف لخير سلف . كانت هذه كلها دوافع جعلتني أسعى ليل نهار لتحقيقها و كنت رهن إشارة كل الجمعيات النشيطة بالبلدة ، ألبي دعوة من دعاني  لأي عمل هادف إن محاضرا أو منشطا أو متدخلا أو منظما ،

لا لشيء و إنما للأهداف السابقة الذكر ، غير أن ظروفي العائلية دفعتني رغما عني لمغادرة بوذنيب لأكون بجانب بناتي اللآئي يتابعن دراستهن ، و الصراحة أن ما يحز في النفس حينها أنني كنت أنتظر من بعض الجمعيات أن تنظم نشاطا يكون بمثابة توديع و وداع بيني و بين أحبتي ، غير أنني فوجئت أن لا أحد حرك ساكنا ، و هكذا غادرت البلدة و أنا أشعر بقليل من الأسى ، و لكن مع مرور الأيام تناسى كل شيء ، و عدت لنفسي ، أكتب و أقرأ ، 

و الغريب في الأمر أنني قدمت عروضا قليلة مع جمعيات ملحونية بمراكش و كذا بعض البرامج الإذاعية فوجدت من هؤلاء الناس و أنا الغريب عنهم كل العرفان و الامتنان و الاحترام 

و التقدير المتبادلين .

لا ألوم أحدا و ليس في نيتي أن أتموقف من أحد ، فبوذنيب 

و أهلها قريبين مني ، متجدرين في القلب فأنا أستنشق هواءها عن بعد و أتتبع أخبارها و أتمنى أن أراها تسير إلى الأحسن . أخوكم زايد وهنا

تعقيب الأخ الحسن بنيعيش حول مقال الأخ عديدو

            تعقيب الأخ الحسن بنيعيش على مقال الأخ عديدو


عدت للتعقيب على مقال الأخ العزيز علي عديدو في حق الأستاذ الفاضل زايد وهنا... كما وعدت آنفا.. 

عرفت السيد زايد وهنا رجل فضل وصلاح..  يعشق العلم ودروبه والأدب ومضايقه والجد وخلجانه... أنفق زهرة شبابه في عالم التربية والتعليم؛ تخرج على يديه أجيال وأجيال ممن لا يزالون يحفظون ويرددون قصائد المتنبي وابن الرومي والبحتري والطغرائي وأمير الشعراء وجبران ومطران وأبي القاسم الشابي واللائحة تطول...

عشقه للغة الضاد تجليه كتاباته في صفحات الفضاء الأزرق.. وقلمه السيال الذي لا ينضب...

يهمي بقصائد فن الملحون والطرب الشعبي والأمثال والحكم...

ما رأيت أشد غيرة على بلدته الحبيبة بوذنيب أكثر منه!...

سريع الغضب إذا مست الأعراض والقيم... لا يجد في جيل اليوم ما يشفي الغليل... ينتصر لقيم العدالة والحق والجمال... 

أعرفه بنكران ذاته في سبيل المصلحة العامة ..

الأعمال الجمعوية ببوذنيب والحوز تلهج بذكره .. منصات الملتقيات وأعياد العرش و المهرجانات تصدح برنين لحنه ورخيم صوته ..

سامرناه فوجدنا فيه الناصح والمطرب والنشوان... محض النصح؛ أسدى الخدمة وقدم العون...لم يخذل يوما ما... يزدهي مجالسه بروضة الشعر؛ ويأنس بقربه كل من ترسم خطاه...

الرجل الآن على شفير نهاية مشواره المهني الذي قطعه بكل إخلاص وتفان وصدق ونزاهة...

عمر مديد كله عطاء وسخاء ... يستحق بالفعل التفاتة واضحة من ساكنة بلدته ومن الجسد التعليمي...وأحسبه قائما على محجة الجد والعطاء الموفور دوما... لا تنال منه العقبات الكأداء ولا العراقيل المناكيد... الله يوفقه وإيانا لما فيه جميل الخير وعظيم الصلاح...

مقال الأخ علي عديدو

           مقال الأخ علي عديدو 


وأنا أتصفح أرشيف الصور على هاتفي المحمول وقعت عيني على صورة تؤرخ لزيارة قمت بها لصديقي الزجال والأديب والباحث الأستاذ زايد أوهنا بمنزله ضواحي مراكش منذ بضع سنوات، زيارة من تلك التي تأخذ بشغاف قلبك وتشدك من تلابيبك دونما فرصة للتفاوض فبالأحرى التملص، مرد ذلك طبعا إلى كرم وأريحية وحرارة استقبال صديقي زايد زاده الله من فضله، ولكن أيضا إلى جميل صحبته المشبعة بالإمتاع والمؤانسة - مع الاعتذار لأبي حيان عن جرأة الاقتباس - 

           خزان من الأشعار والأزجال والأبحاث قديمها وجديدها مع قدرة فريدة على الارتجال وحس فكاهي ساخر ينم عن غيرة كبيرة على الأخلاق و الذوق السليم، الشيء الذي جعله ذ زايد يكرس حياته خدمة للثقافة والفن الراقي خاصة فن الملحون الذي ألف فيه صاحبي كتابه الماتع "ضالة المفتون بالشعر الملحون". كان سي زايد ولا يزال شعلة متوقدة لا تفتر، لا يتوانى عن الإسهام في أي نشاط جاد استدعي له مهما كلفه ذلك.

             عرجنا بالحديث على حيثيات انتقاله للعمل بتاحناوت ومدى تأثير ذلك على نشاطه الثقافي واهتماماته الأدبية والفنية، فعجبت من احتفاء أهل المدينة به وتكريمهم له على ندرة مشاركاته وهو حديث عهد بالمدينة، وهنا كان استفساري - الذي شعرت به خنجرا أدمى قلب صاحبي - إن كان قد تم تكريمه بالمدينة التي أفنى زهرة شبابه بها وأسهم بشكل لا ينكره إلا جاحد في الإشعاع الثقافي للمدينة فضلا عن تفانيه في عمله كمدرس كان له فضل تكوين وتأطير أفواج من التلاميذ والطلبة الذين لا زالوا يعترفون بفضله ويده البيضاء على مساراتهم، فأجابني، بمرارة ومسحة أسى من نكران جميل علت محياه، بالنفي، قبل أن يضيف أنه لا ينتظر اعترافا من أحد...

             ألا يستحق هذا الهرم التفاتة ولو رمزية وهو يغادر مكرها لدواعي عائلية المدينة التي خدمها بكل حب وإخلاص لما يناهز أربعين سنة من العطاء، أم أن مغني الحي لا يطرب...

             دمت سالما سيدي زايد ليبقى الفؤاد يهفو دوما للقياك.

عقول ما وراء المنطق

              عقول ما وراء المنطق


                رغم ما وصل إليه الإنسان من تقدم في جميع المجالات الحياتية ، و ما وصل إليه العلم الحديث من أمور ارتقت بالوعي عامة ، و كذا انتشار الفهم السليم و الصحيح لما جاء به الإسلام من تعاليم ، هذه التعاليم و الشرائع الربانية التي بفضلها استنارت العقول و خرجت من ظلمات الخرافة و الشعودة إلى نور العلم و المعرفة ، إلا أننا ما زلنا نرى بعض الظواهر التي تجاوزها الزمان و تجردت منها العقول النيرة ، و من جملة هذه الظواهر ظاهرة يسميها بعض الجهلة ( بوجلود ) يحيونها في اليوم الرابع و الخامس من أيام عيد الأضحى ، إذ يرتدون جلود الحيوانات و يضعون قرونها على رؤوسهم و يخفون وجوههم خلف أقنعة مخيفة ، يرتادون الأماكن العامة و يتجولون في الشوارع و هم على تلك الحالة المخيفة التي تبعث

على التقزز و تنشر الخوف و الهلع في أوساط الأطفال الصغار الذين يظنونها في تمثلاتهم أشباحا أو مخلوقات

غير عادية ، و هو الأمر الذي عاينته مع حفيدتي التي

لا يتجاوز سنها خمس سنوات ، فقد كانت تلهو بباب

المنزل ، فإذا بنا نسمع صراخها و هي تهرول مذعورة  نحو الداخل ، و كأنها تستغيث بنا ، فلما سألناها عن سبب خوفها ، أشارت بأصبعها إلى الخارج حيث يوجد الوحش كما تصورته هي ، هذا الوحش لم يكن إلا واحدا من أولئك الشباب الجاهل الذي يحتفل ببوجلود ،

و مادام قد فعل بنفسه ما فعل فهو صراحة وحش في

تفكيره قبل أن يكون وحشا في مظهره .

في الحقيقة يجب القطع مع مثل هذه العادات التي ما

أنزل الله بها من سلطان و التي تعبر عن تخلف معتقديها

الذين بتصرفاتهم البلهاء  يسيئون  إلى التربية 

و يهدمون ما يبنيه العلم في عقول الناشئة بل و أكثر من هذا قد يكون لها الأثر  الخطير على نفسية الأطفال.


إجراءات استباقية 4

 اجراءات استباقية في حلقات

                            الحلقة الرابعة


           كثيرا ما نسمع عن أشخاص تعرضوا للأذى جراء هجوم الكلاب الضالة ، و التي تؤدي في أغلبها  إلى الوفاة خصوصا في أوساط الأطفال و العجزة الذين لا تسمح لهم بنياتهم الجسمانية على المقاومة . و هنا كذلك يتساءل المواطن عن مدى تحرك السلطات المعنية للقضاء على هذه الظاهرة المستشرية قبل وقوع

الفواجع ، علما بأن قتل الكلاب الضالة في مثل هذه الحالات أمر ضروري ، مادامت حياة الناس في خطر ، فالله سبحانه و تعالى كرم الإنسان و جعله أفضل المخلوقات ، و أباح القضاء على الحيوان إذا ثبت أنه يهدد حياة الإنسان ، و منها على سبيل المثال لا الحصر الزواحف السامة كالأفاعي و العقارب أو أي حيوان ضاري إذا غادر بيئته و هجم على الناس في مساكنهم ،

ففي مثل هذه الحالات يجوز القضاء عليه قبل أن يقضي هو على واحد أو أكثر من البشر .

الكلاب هي الحيوانات التي تستأنس بالإنسان و تعيش معه شريطة أن يمتلكها صاحبها و يهتم بصحتها كما يهتم بتغذيتها و لا يتركها تجوب الشوارع ، و هذا هو الصواب في امتلاك الكلاب ، أما الضالة منها فينبغي أن تخصص لها أماكن منيعة تجمع فيها ، فإن تعذر ذلك وجب قتلها قبل أن تقتل هي المواطنين الأبرياء .

إجراءات استباقية ( الحلقة 3)

 اجراءات استباقية في حلقات

                            الحلقة الثالثة 


          لعل ما وقع مؤخرا ببعض المدن المغربية من تسمم لعدد كبير من الذين يتناولون الكحول المصنعة يدويا و التي تعرف في أوساط السكارى ب ( الماحيا ) ، التي أودت بحياة عدد من المدمنين ، لدليل آخر على عدم اتخاذ الاجراءات الاستباقية قبل وقوع هذه الفواجع ، فالتحركات و التحريات التي تقوم بها الجهات المسؤولة أثناء وقوع الفاجعة ، كان من الأجدر أن تكون قبل حدوثها ، و ذلك بتكثيف البحث قدر الإمكان عن المخابئ التي تصنع فيها هذه السموم ، و الضرب بيد من حديد على كل من تبث أن حضرها أو ساهم في تحضيرها ، و أن تتخذ في حقهم العقوبات القاسية جدا ، فلو تم الحزم في محاربة هذه الظاهرة ليل نهار  في كل الأحياء و القرى الهامشية ، و إلحاق أقسى العقاب على مصنعيها ، فلا شك أن هذه التدابير  ستجعل الكثير منهم يتراجع عن إنتاج هذه السموم ،و بذلك يقل الخطر بنسبة كبيرة ، أما أن نغض الطرف حتى تقع الكارثة فتقوم الأبحاث ساعتها على قدم و ساق لمعاقبة الجناة ، فما أن تمر تلك العاصفة ، حتى تعود الأمور إلى حالتها السابقة ، و تفتر فينا حماسة البحث عن  المجرمين الذين يستأنسون بذلك الهدوء فيعودون إلى سالف أعمالهم الإجرامية ، لهذا فإن هذه  الاجراءات الآنية لن تحد من الظاهرة ، ما لم يكن البحث و التحريات متواصلة و بجدية .

إجراءات استباقية 2

                   اجراءات استباقية في حلقات

                            الحلقة الثانية


          و أنا أتصفح جريدة هسبريس الالكترونية ، استرعى انتباهي خبر ، مفاده أن مختلا عقليا أجهز على والده و أرداه قتيلا ، و مثل هذا الخبر يطالعنا من حين لآخر في مدننا و قرانا ، لكن ما يثير الاستغراب و يجعل

الكثير يطرحون السؤال التالي ، هو إلى متى يضع المسؤولون حدا لهذه الظاهرة المستشرية بهذه الصورة

المرعبة ؟ ، و لماذا لا يتخذون التدابير الاستباقية قبل وقوع هذه الكوارث ؟ .

أليس في مقدور الدولة أن تنشئ مارستانات خاصة تأوي المختلين عقليا ، فتسهر على معالجتهم و رعايتهم

فلا يختلطون بغيرهم في المجتمع إلا إذا تأكد تعافيهم

من تلك الأمراض النفسية ، و تم التأكد كذلك من أن حالتهم أصبحت سوية لا تشكل خطرا على الآخرين ؟ ، 

حينها يمكن إدماجهم في المجتمع و تتبع حالاتهم 

و مراقبة تصرفاتهم خوفا من معاودة المرض .

أما الذين لم يتماثلوا للشفاء ، فهؤلاء من الواجب الاحتفاظ بهم داخل المارستان ،  و عدم السماح لهم

بمغادرته درءا لأي خطر قد يسببونه إن هم اختلطوا في حياتهم اليومية بالآخرين .

و هكذا سنحد من هذه الجرائم التي يقترفها هؤلاء المختلين عقليا ، لأنهم مرضى و المريض يجب أن يعالج

و يحتفظ به بعيدا عن الآخرين .

فكم من مواطن صالح ، يؤدي وظيفة أو حرفة تم القضاء عليه من قبل مختل عقليا ، فلا المختل صالح في مجتمعه و لا هو ترك الصالحين لحالهم .

ارحموا هذه الفئة و خففوا من معاناتها ، و ارحموا الأبرياء الذين يقتلون على أيديهم من غير سبب .

إجراءات استباقية ( الحلقة 1)

 اجراءات استباقية في حلقات

                            الحلقة الأولى


           أحيانا أتساءل في قرارة نفسي ، لماذا لا تتخذ السلطات المعنية الاحتياطات اللازمة و الاجراءات الاستباقية قبل وقوع الكارثة ، ففي أيامنا هذه نلاحظ ظاهرة خطيرة قد اكتسحت كل المدن و القرى ، و هي ظاهرة لعب كرة القدم في الشوارع المأهولة التي تعج بالسيارات و الدراجات النارية ، و المكتظة بالراجلين ، 

و هذه الظاهرة المميتة  يزداد خطرها بنسبة كبيرة في المدن ، 

و رغم الخطر الذي يمكن أن تسببه هذه الظاهرة و الذي يصل في أغلب الحوادث إلى إزهاق أرواح الأطفال و الشباب ، إلا أن لا أحد من المسؤولين يحرك ساكنا ، و يمنع اللعب في الشوارع حفاظا على سلامتهم ، و هو الأمر الذي أصبح يزعج السائقين الذين يعملون المستحيل لتجنب وقوع الحوادث مما يثير في نفوسهم القلق و الغضب ، و في حالة ما إذا وقع مكروه ليس للسائق فيه أي ذنب ، تتخذ في حقه إجراءات و كأنه هو المخطئ ، و يتعرض لأنواع الاستنطاقات و التحريات باعتباره مجرما ، بينما الجاني الحقيقي هو من غض الطرف و لم يمنع اللعب في الشوارع ، 

و المساهم الأكبر في هذه الحوادث هي الأسر التي لا تحرص على سلامة أبنائها ، و التي تاهت في مشاغل الحياة غافلة عن الأخطار المحدقة بأبنائها جراء لعبهم في الشوارع ، و لا تشعر بالندم إلا بعد أن تقع الفاجعة ، و أنى ينفعها الندم حينها . 

فإذا كنا فعلا نريد حقن الدماء التي تسببها حوادث السير ، فهذه إحدى الاجراءات التي يجب اتخاذها عاجلا ، و هي منع اللعب في الشوارع ، و بالمقابل يجب توفير ملاعب القرب ينشد فيها الشباب و الأطفال ضالتهم ، و يستمتعون بممارسة هواياتهم بعيدا عن كل خطر محدق .

أرجو أن يجد هذا النداء أذانا صاغية من قبل السلطات التي بموجب القانون المخول لها يمكنها أن تمنع ممارسة أي نشاط رياضي في الشوارع خصوصا كرة القدم التي تستهوي فئة كبيرة من الشباب و الأطفال ، كإجراء استباقي تحسبا لأي فاجعة قد

تحدث ، و لا شك أنها ستحدث إن استمر الحال على ما هو عليه .

كيف للنفس أن تبتهج ؟؟؟

                    كيف للنفس أن تبتهج ؟؟؟ !!!


■         لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع خبرا محزنا حتى بتنا معتادين على الحزن و الألم كأنهما أمران مألوفان ، و لعل توالي هذه الأخبار المؤلمة أمات فينا نوازع الحب ، و استبلد ضمائرنا ، فدب اليأس و القنوط في نفوسنا إلى درجة أننا فقدنا الأمل في سماع ما يفرح النفس و يبهجها . 

● كيف للنفس الأبية أن تبتهج و هي ترى الأبرياء يبادون بوحشية في فلسطين من قبل الصهاينة الملاعين ، و ما يعمق الحزن و يدعو للإستغراب أنهم مدعومون من حلفائهم الأمريكان و من والاهم ، و العالم العربي الإسلامي الذي من المفروض أن ينتصر لإخوانه منشغل باللهو و المجون غير مبال بما يلحقهم من أذى . 

● كيف للنفس الحرة أن تبتهج و هي ترى الشوارع 

و الأزقة تعج بالمتسولين و المشردين  والمختلين عقليا ، دون أن نوفر لهم ملاجئ تأويهم و تعتني بهم .  ● كيف للنفس البريئة أن تبتهج و هي ترى الشباب في مقتبل العمر يتعاطون للمخدرات ، و مشرملين مدججين بالأسلحة البيضاء ،  يعترضون سبيل المارة ليسلبونهم متاعهم و قد يمتد الأمر إلى القتل أحيانا .

● كيف للنفس الكريمة أن تبتهج و هي ترى التافهين

مبجلين و منعمين لا لشيء و إنما لأنهم تجردوا من كل معاني الإنسانية و جعلوا التفاهة شعارا لهم في الحياة 

و وجدوا من يدعمهم و يمدهم في سفاهتهم يعمهون .

● كيف للنفس الغيورة أن تبتهج و هي ترى تعليمها

قد تذيل لائحة التصنيف العالمي .

● كيف للنفس الطيبةأن تبتهج و هي ترى الإهمال 

و عدم المبالاة في المستشفيات و قلة التجهيزات الضرورية مما لا يبعث الاطمئنان على الصحة .

● كيف للنفس الرحيمة أن تبتهج و هي ترى المستضعفين من المواطنين مهمشين تداس حقوقهم المشروعة ، و تهان كرامتهم .

● كيف للنفس المتزنة أن تبتهج و هي ترى الأموال الطائلة تنفق على توافه الأمور ، في حين أن هناك أولويات و ضروريات تعاني من التهميش و الإقصاء ، علما أنها هي الدعامات الأساس لتقدم البلد و رقيه .

● باختصار كيف للنفس الشريفة حاملة الضمير الحي أن تبتهج و يصفو عيشها و هي ترى الفساد قد عم جميع القطاعات .

■ إن هذه النفس الأبية ، الحرة ، الطيبة ، البريئة، الرحيمة،  الشريفة ، الغيورة ، تعيش أتعس أيامها و لا يرغد لها عيش ما دامت ترى كل هذه الجراح ، التي من المستبعد أن تلتئم في ظل هذه الظروف .

فصبرا و احتسابا لكل من يحمل ضميرا حيا يعذبه أكثر مما يسعده . 



 

رجالات بصموا تاريخ المغرب و طالهم النسيان

           رجالات تركوا بصمات خالدة في تاريخ المغرب 

                         و طالهم النسيان .

            لا يمكن أن يتصور المرء مدى القطيعة التي أحدثها الإعلام بين ماضينا القريب و حاضرنا المعاش ، 

و لا مدى الحزن و الغيظ اللذين يشعر بهما أي مغربي 

عاش مرحلة ما بعد الاستقلال و عاصر رجالات صنعوا

مجد المغرب بما قدموه في مجالات العلم و الفقه  

و الأدب و الفن و ما خلدوه من روائع غالية لا يمكن أن

تنسى بل لازال الجيل القديم يعيش على ذكراها .

فئة عريضة من هؤلاء الجهابدة اختطفتهم يد المنون 

في تسعينات القرن الماضي ، و لحقت بهم القلة المتبقية مع بداية هذا القرن .

و لكن المؤسف في الأمر أن إعلامنا طوى تلك المرحلة 

الذهبية و لم يعد يحيي لها ذكرا حتى بات الجيل الحالي لا يعرف عنها شيئا ، و في المقابل عمل الإعلام

على نشر الأعمال التافهة و أنزل التافهين منزلة عالية

فأصبح شبابنا يعرف الكثير عن هؤلاء التافهين و يجهل

تماما ما عرفته تلك الفترة من نبوغ في مجالات ثقافية و فنية ، و لو سألت شبابنا اليوم مثلا عن علماء و أدباء من طينة علال الفاسي أو المختار السوسي أو عبد الله كنون أو عن المهدي المنجرة أو الجابري و غيرهم كثير ممن أثروا الخزينة بمؤلفاتهم القيمة ، و في الفنون من أمثال رواد الأغنية العصرية و المجموعات الغنائية 

و اللائحة طويلة ممن شنفوا أسماعنا بأغاني قمة في

الروعة من حيث الكلمات و الألحان و الأداء ، ما استرحت منهم إلى جواب ، و شبابنا معذور لأنه لم يعاصر تلك الفترة و كيف له أن يتذوق آدابها و فنونها

 و إعلامنا قد قطع معها و قابلها بالجحود و النكران 

و طوى ملفها نهائيا ، و لا يعود لذكراها و الإشادة

بأصحابها ليربط الماضي بالحاضر و يجعل الشباب يستقي من ذلك الماضي أجوده و يبني حاضره

على ضوء المستجدات الحديثة دون تفريط في القيم  و مجاهدة النفس للتنافس نحو الإبداع المتزن الرصين .

لهذا أحمل المسؤولية كاملة للإعلام بكل وسائله التواصلية على اختلافها ، كما أنه يحز في النفس أن

ترى موهوبا قدم الكثير لهذا الوطن و ضحى بكل غال

و نفيس في سبيل الرفع من شأن بلده ، و في الأخير يقابل إبداعه بالنكران و النسيان و لم يعد أحد يذكره

و كأننا لما دفناه ، دفنا معه أعماله ، و هذا سبب كاف

يجعل بعض الموهوبين و لو على قلتهم في أيامنا هذه لا يتشجعون على الإبداع الراقي الهادف ، مادامت 

التفاهة هي السائدة و أصحابها هم المبجلون .


تصنيف مخجل

                      تصنيف مخجل


               مما يثير التعجب و يجعل المرء يتساءل في

حيرة و استغراب هو أن المغاربة كلما شاركوا في المسابقات الثقافية خارج الوطن كأولمبياد الرياضيات أو فن تجويد القرآن الكريم أو غيرها إلا و يحصلون على المراتب الأولى عن جدارة و استحقاق ، و ينالون إلى جانب تلك الميزات المشرفة إعجاب المنظمين 

و الحاضرين ، و هذا يدل دلالة قاطعة أن المغاربة شعب ذكي ، لكن في المقابل نجد أن تصنيفه من حيث جودة التعليم يكاد يكون مخجلا ، فقد صنف في المرتبة 154 من أصل 199 دولة ، و هذا التصنيف يثير العديد من التساؤلات لمعرفة مكامن الخلل التي جعلته يتذيل

اللائحة ، أليس من باب الغيرة و دافع العزة بالنفس

أن نبحث عاجلا غير آجل عن مكامن الخلل و نحاول

إصلاحها لننافس غيرنا على المراتب المتقدمة .

نعم لقد قامت الوزارة الوصية على قطاع التعليم بعدة

إصلاحات متتالية و أنفقت عليها الأموال الطائلة و لكن محاولاتهم جميعها باءت بالفشل و لم تؤت أكلها ، و هذا

ما يزيد من استغراب المتتبعين للشأن التعليمي الذين

تهزهم الغيرة على بلدهم ، و هنا ثمة سؤال يفرض نفسه

و هو لماذا لم يتحقق المرغوب رغم هذه الجهود 

و المحاولات ؟ .

الجواب بكل بساطة أن المسؤولين عن هذا القطاع 

يعالجون الأعراض بالمسكنات و لا يكلفون أنفسهم البحث عن أصل الداء و إيجاد العلاج الناجع للداء ، إذ متى وجد العلاج الحقيقي للداء إلا و اختفت الأعراض

و أصبح الجسم معافى تماما ، و هذا لا يتأتى إلا 

بالتحليلات الدقيقة من قبل الخبراء و ذوي التجربة 

و الميراس في هذا المجال ، فالمسؤولون يكتفون بنقل بعض المناهج الناجحة في أقطار أخرى و يأتون بها منفردة منفصلة عن توابعها التي تعتبر الأساس في نجاحها .

فإذا أردنا و كان في نيتنا صدق الإصلاح ، فينبغي أن

ننطلق من خصوصياتنا و مقوماتنا الدينية و الوطنية ،

و نوفر لكل منهاج و برنامج ظروفه التي لا يمكنه

تحقيق المنشود بدونها ، إذ لا يمكن أن نصل إلى ما نهفو إليه ببرنامج أجنبي لوحده ، فلا بأس إذا أعجبنا ببرامج و مناهج الغير ، و لكن نقلها و العمل بها ، يتطلب نقل كل الظروف المصاحبة لها و التي لها بالغ الأثر في نجاحها و منها على سبيل المثال لا الحصر توفير بنية تحتية متكاملة من قاعات للدرس و قاعات للمطالعة الحرة و فضاءات الأنشطة الموازية و مكتبات ورقية 

و رقمية و توفير عيادة طبية بالمؤسسات ، و تعيين مرشدين و مصلحين اجتماعيين للنظر في الحالات المتعثرة ، إضافة إلى توفير ملاعب رياضية مجهزة 

و غير هذا من الضروريات التي تساعد في إنجاح المنظومة التعليمية عامة .

 هذا من حيث البنية و اللوجستيك أما من حيث الأمور

التربوية ، فيجب التخفيف من الاكتظاظ في الأقسام

و التخفيف من ساعات العمل حسب السن و المستوى ،

و تعيين حراس مساعدين و عدم تكليف الأستاذ بمهام غير التدريس ، و تعيين أساتذة احتياطيين يتولون تعويض الأستاذ أثناء غيابه ، و فوق هذا و ذاك العمل على إرجاع الهيبة للمؤسسات التعليمية و السهر على

القيم التربوية بحيث لا يقبل من أي متعلم ما يخالف

قيمنا و خصوصياتنا و لا يقبل منه التطاول على أساتذته و فرض العقوبات الزاجرة و الرادعة لكل من سولت له نفسه أن يثير ما يكدر صفو العملية التربوية

التعلمية ، و تحسين الوضعية المادية للمدرس و الرفع

من قيمته الاعتبارية في المجتمع ، و إعادة النظر في الخريطة المدرسية التي تفرض نسبة نجاح تكاد تكون 

100% دون استحقاق ، و العمل على توعية الأسرة 

بدورها الريادي في التربية و حثها للتنسيق مع المؤسسات التعليمية لتوجيه المتعلم الوجهة الصحيحة .

و لا ننسى دور الإعلام و وسائل التواصل الحديثة ، فهذه لها من الأهمية و التأثير ما ليس لغيرها ، لهذا ينبغي أن تكون في خدمة العلم و تنزل العلماء 

و الباحثين و المفكرين منازلهم الراقية ليتخذهم الشباب قدوة ، و أن تقطع مع التفاهة و تحارب أصحابها حتى لا

تمتد تفاهتهم إلى الشباب ، و غير هذا كثير مما يخدم

مصالح شبابنا و يحقق أهداف أمتنا الدينية و الوطنية .

فهل يا ترى قمنا بكل هذا و لم يتحقق الهدف ، بكل صراحة و موضوعية يجب الاعتراف بالفشل و الإقرار

بتقاعسنا عن أخذ المبادرة الصحيحة السليمة التي ترفع

من شأن التعليم ببلادنا .

فهذه الشروط و الظروف التي ذكرناها و غيرها مما أغفلناه سهوا ينبغي أن تطبق كليا لا جزئيا ، و هو ما اعتمدته الدول الرائدة و وفرته في مؤسساتها ،و جعلته أولى أولوياتها ، و بذلك تصدرت لائحة التصنيف ، لأنها تنظر إلى الإصلاح في شموليته و لم تغفل أي جانب تراه مساعدا على تحقيق الهدف ، و أي إخلال بأحد هذه الشروط ينعكس سلبا على العملية التربوية التعلمية برمتها و لا تحقق المطلوب منها .

أما و الحالة هذه في بلادنا  ،فإننا نهتم بجانب البرنامج و المنهاج لوحدهما ، و نغفل الجوانب المدعمة لهما ، 

و هذا ما جعلنا و سيجعلنا دوما ندور في حلقة مفرغة 

و ننفق الأموال دون أي نتيجة تذكر .

 

ما ذنب هذا إذا كان ذاك يريد الانتحار

        ● ما ذنب هذا إذا كان ذاك يريد الانتحار ●


في الحقيقة ينبغي إعادة النظر في المساطر المتبعة أثناء وقوع أي حادثة سير ، حفظنا الله و إياكم من بأسها ،  و من عيوب هذه المساطر التي يتشكى منها الجميع ، إخضاع السائق لعدة إجراءات رغم كونه غير

مخطئ ، هذه الإجراءات التي بموجبها يتوقف عن عمله

ليتفرغ للبحث و الاستجوابات و التحقيقات و الحضور لجلسات المحكمة و غيرها من العراقيل و التي ليس له يد فيها ، و إنما وقعت بمحض الصدفة و بخطإ من الغير ، و هذا يحدث كثيرا خصوصا بالمدن التي تعرف اكتظاظا و ازدحاما في السير ، و لعل أغلب ضحايا حوادث السير داخل المدن و ضواحيها هم من الشباب أصحاب الدراجات النارية الذين لا يحترمون قانون السير ، و لا ينضبطون لعلامات المرور ، بحيث يقودون بسرعة جنونية و يتهورون في القيادة و هم يراوغون السيارات كأنهم في حلبة سباق ، و هو الأمر الذي يؤدي إلى وقوع حوادث مميتة و في أحسن الأحوال تصيبهم بعاهات مستديمة ، فيصبحون بين عشية و ضحاها عالة على أسرهم و مجتمعهم ، و رغم أن سائق المركبة لم يرتكب أي خطإ فيما وقع ، إلا أنه يبقى رهن إشارة البحث و الأخذ و الرد ، يحرم لأيام طويلة من مزاولة عمله و التفرغ لشؤون بيته ، أمله الوحيد أن يخرج من هذه الورطة سالما .

و قد حدث مرة بإحدى المدن السياحية الكبيرة التي تعج بالدراجات النارية و المشهورة وطنيا بهذه الظاهرة

أن شاحنة كبيرة من النوع الثقيل كانت تدور حول محور ملتقى الطرق بسرعة بطيئة جدا ، و لها حق الأسبقية في المرور ، توقفت السيارات الأخرى في

انتظار مرور الشاحنة لأن الأولوية لها ، إلا شابا كان

على متن دراجة نارية من النوع السريع ، لم يحترم 

كغيره ، بل جاء بسرعة البرق يريد أن يسبق الشاحنة 

قبل أن تكمل دورتها ، فإذا به يفاجأ أن مابقي من 

الطريق لا يكفيه للمرور ، فاصطدم بالعجلات الأمامية للشاحنة ، و هذه ألقت به إلى العجلات الخلفية التي

دهسته و ألصقته بالأرض في منظر جد مؤلم أصاب الحاضرين بالرعب و الهلع لشدة هوله .

إذن ما ذنب سائق الشاحنة ، إذا كان صاحب الدراجة

يريد الانتحار و بحضور الشهود ، و كيف يعقل أن تتخذ ضده كل تلك الاجراءات التي تؤرقه و تزيده ألما على الألم الذي خلفته في نفسه تلك الحادثة التي أودت بحياة شاب في مقتبل العمر .

لهذا أظن أنه لا داعي لتعقيد المسطرة على السائق الذي

ثبت بالمعاينة و الأدلة و الشهود أنه بريء مما حدث و لا يد له فيه ، إذ لم يرتكب أدنى خطإ ليحاسب ذلك الحساب العسير . 

و مثل ذلك ما حكى لي أحد الأصدقاء عن سيارة كانت مركونة في مكان مسموح لصاحبها أن يركنها فيه ، إلى جانب سيارات مصطفة في نفس الاتجاه ، و إذا بصاحب دراجة نارية يقودها هو كذلك بسرعة فائقة ، أراد أن ينحرف عن سيارة أخرى حتى يتفادى الاصطدام بها ، فانزلقت به دراجته نحو السيارة

المركونة ، ارتطمت الدراجة بأبواب السيارة ، أما هو فقد انزلق بفعل السرعة أسفل السيارة المركونة ، و لم يعد يظهر منه إلا سيل من الدماء و قد انسابت من أسفل السيارة .

بالله عليكم ما ذنب صاحب السيارة و قد أركنها في وضع قانوني سليم ، و كيف يتعرض للبحث و المشاكل و هو بريء كل البراءة مما وقع ، فهو أصلا كان جالسا بالمقهى يحتسي مشروبه .

لهذا ينبغي إعادة النظر في مثل هذه الأمور ، و ألا نحمل البريء الذي  لا ذنب له ما لا يطيق من الاجراءات 

و العراقيل ، فكل إنسان له مسؤوليات في عمله و في

بيته ، فلنخفف عنه ليتفرغ لها مادام لم يخل بالقانون

و لم يكن سببا في حدوث ما وقع .

 

الطامة الكبرى

                   الطامة الكبرى 


           رغم ما وصل إليه العلم الحديث من تقدم تكنولوجي ، و رغم ما وصلت إليه العلوم الدينية من

شرح و تفسير للقرآن الكريم و السنة النبوية ، بفضل

علماء جهابدة في أصول الفقه و فروعه ، إلا أننا ما زلنا

نرى و نسمع عمن يؤمن بالخرافات من قبيل زيارة

الأضرحة معتقدا اعتقادا راسخا أن حل مشاكله بأيدي هؤلاء الموتى ، و هذا الصنف من الجهلة يقعون في الشرك الأكبر ، أما عقلاء القوم الذين لا يجعلون لله أندادا  فلا أحد منهم يجزم في صلاح هؤلاء الموتى ،  لأن خفايا الأمور لا يعلمها إلا الله ، و لا ندري في أي من الخلق يجعل الله ولايته ، و إن علمناها افتراضا فليس الولي الصالح إلا بشر لا يملك لنفسه فبالأحرى لغيره نفعا و لا ضرا ، لأن ناصية الخلق بيد الخالق وحده لا شريك له ، فهو المحيي و المميت و هو العاطي و المانع ، و هو المبتلي و الشافي ، و لا أحد من الخلق يشاركه في حكمه و قدرته و إرادته ، لذلك وجب على المسلم المؤمن أن يكون اعتقاده صادقا في خالقه دون غيره ، 

و لنا في وصايا الرسول صلى الله عليه و سلم المنهاج المنير الذي لا يضل من استنار به ، فقد أوصى صلى الله عليه وسلم ابن عمه ابن عباس قائلا : 

《 إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف 》

(رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح) .

فمتى نصفي عقيدتنا و نزيل عنها هذه الشوائب التي لا

تزيدنا إلا جهلا و تخلفا و تجعل غير المسلم ينظر إلى

الإسلام نظرة دونية و هو يرى مثل هذه التصرفات الغير المنطقية التي تصدر من بعض الجهلة من المسلمين الذين يعتقدون أن صاحب الضريح يتوسط لهم في قضاء ما يريدونه ، بل قد يقدسونه حد الألوهية ، و الأدهى و الأمر عندما يصدر هذا الشرك الممقوت ، ممن يعتبرون أنفسهم متحضرين و مثقفين ، و هذه هي الطامة الكبرى . 


قرارات مجهولة العواقب

                 قرارات مجهولة العواقب


            و أنا أتصفح عناوين الأخبار و الأحداث على موقع هسبريس ، أثارني خبر مفاده أن الشركة البريطانية المصنعة للقاح أسترازينيكا المعد خصيصا للحماية ضد فيروس كورونا ، أعلنت مؤخرا سحب هذا اللقاح نظرا لما اكتشفه الخبراء في هذا المجال من مضاعفات جانبية خطيرة بسبب اللقاح المذكور .

و في خبر آخر في نفس الموقع ، أن أستاذة جامعية مغربية قد رفعت دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية بالرباط ضد وزارة الصحة و الحماية الاجتماعية بسبب تعرضها لمضاعفات صحية بسبب لقاح أسترازينيكا أدى إلى شلل دائم ، و طالبت التعويض عما لحقها من أضرار صحية و تعويضها كذلك عما أنفقته من أموال لاسترجاع عافيتها ، و حسب ما ورد في الخبر ، فقد أنصفتها المحكمة ، و لو كانت دعواها مجانبة للصواب ما قبلت و لا تم إنصافها ، و لأثبتت لها بالمقابل أن لا علاقة للقاح أسترازينيكا بمرضها ، و رغم ذلك فقد تم استئناف الدعوة من قبل الوزارة لدى محكمة الاستئناف في انتظار ما يصدر عن هذه الأخيرة .

لكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل من قرأ هذه الأخبار هو ما مصير الملايين من المواطنين الذين لقحوا

بأسترازينيكا و قد اتضح الآن من طرف المصنعين أن اللقاح غير سليم مائة بالمائة ، و أقروا صراحة أن له

مضاعفات على صحة الملقحين به ؟ فربما هناك أناس

أصيبوا بمضاعفات هذا اللقاح ، و لا علم لهم أن ما أصابهم هو بسببه و إن علموا فهم لا حول لهم و لا قوة  لمواجهة الوزارة نظرا لجهلهم بالقانون و نظرا كذلك لضيق اليد . 

و السؤال الأهم هو لماذا ألحت و أصرت وزارة الصحة على المواطنين تلقيحهم قبل أن تتأكد تماما من سلامة اللقاح ، بل أجبرتهم على الإقبال عليه و الحصول على بطاقة التلقيح التي بموجبها يسمح لهم بالتنقل و قضاء الأغراض الإدارية ، في حين يمنع المواطن الغير الملقح و الذي طبعا ليس لديه بطاقة التلقيح من السفر و غيره من الأغراض التي تتطلب امتلاك بطاقة التلقيح ، و لعل هذا ما دفع الكثيرين إلى الإقبال على التلقيح رغم تخوفهم و عدم اقتناعهم .

إذن ما العمل الآن و قد جعلت الأخبار المتداولة الخوف يدب في نفوس الملقحين بأسترازينيكا ، الخوف مما قد يحصل لذواتهم إن عاجلا أو آجلا ، و هل فكرت الوزارة في علاج ناجع لتلك المضاعفات حتى تبعث بعض الاطمئنان في نفوس المواطنين ، أو أنها ستتفادى إثارة الموضوع و تتركهم يواجهون مصائرهم و قدرهم الذي لم يختاروه بل أجبروا عليه ؟؟؟ .   


ما لم يكن في الحسبان

 ما لم يكن في الحسبان


           منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض و هو يسعى لتطوير أساليب عيشه بما يضمن له الاستمرار في الحياة ، فسخر كل طاقاته البدنية و الفكرية لمواجهة قساوة الطبيعة و إخضاعها لما يريحه و يسعده ، و ذلك بأن يصير الصعب سهلا و المعسر ميسرا ، فالإنسان القديم عاش ظروفا قاسية و شظفا في العيش مستعملا في ذلك الوسائل البدائية المتاحة و التي بدأ يطورها شيئا فشيئا مع تعاقب الحقب و الأزمنة ، و باختصار فقد كان الإنسان ومايزال يبحث عن سبل السعادة في الحياة و يسعى جاهدا وراء عيش سهل و مريح ، و هذا ما دفعه إلى استعمال العقل و تسخير العلم لأجل تحقيق ذلك . و بفضل الاكتشافات و الاختراعات عبر مراحل تطور البشرية تمكن الإنسان من توفير الكثير مما حرم منه أسلافه القدامى ، و أصبح السعي وراء العيش أسهل مما كان عليه . تقدمت العلوم فلم يعد الإنسان يجد مشقة في طلب العلم ، و لا نصبا في السفر ، كما لم يعد يقتصر على أطعمة قليلة  بل أصبح يتنعم بكل ما تنتجه الأرض من خضر و فواكه و أضحى يلبس مما تنتجه معامل الخياطة ، و ما يتقنه الصانع التقليدي من أزياء تبهر الأنظار و تخلب الأذهان .

استخلف الله الإنسان في الأرض بعدما سخر له كل مكونات الطبيعة و أمده بكل مقومات الحياة ، و أنزل عليه الشرائع السماوية لتنظم حياته و استقراره ، ليظفر بالأمن و الأمان و العدل و المساواة .

لكن ما نراه اليوم من تقدم تكنولوجي و ما يعرفه العصر من مستجدات فاقت كل التوقعات ، قلبت سعادة الإنسان تعاسة ، فرغم بحبوحة العيش ، أقول بحبوحة العيش مقارنة مع الماضي ، أمسى الإنسان لا يجد لهذا العيش طعما ، و كيف يستلذ بمتع الحياة و هو يرى الحروب في أنحاء كثيرة من العالم تستهدف بالخصوص محاربة الإسلام و النيل منه ، و ذلك بإذلال المسلمين 

و تركيعهم و إبعادهم عن دينهم و تشكيكهم فيه بنشر الإلحاد ، 

و محاولة هدم القيم النبيلة و تعويضها بما يبعد المسلمين عن دينهم ، علما منهم أن الإسلام هو الدين القيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ، و يعلمون كذلك علم اليقين أنه متى استمسك المسلمون بدينهم و طبقوه في حياتهم أسوة بسلفهم ، فسيتقوون و لن تستطيع أي قوة في العالم أن تكسر شوكتهم أو تخضعهم لهواها .

لذلك عمل الصهاينة و أتباعهم في الغرب على إفراغ الإسلام من غاياته السامية و أهدافه النبيلة بإبعاد الشباب المسلم عنه و بغرس العلمانية و الانحلال في نفوسهم باسم الحضارة و التقدم 

و الانفتاح ، فأباح الغربيون و الصهاينة الماكرون زنى المحارم 

و شجعوا المثلية و عمدوا إلى تغيير الجنس من ذكر إلى أنثى

 و من أنثى إلى ذكر ، و جعلوا من المرأة بضاعة للإغراء ، و خربوا الأسرة ، و تطاولوا على شرع الله بالخوض في النصوص القطعية كتغيير أصول الميراث ، و وصلت بهم  الهمجية و هم الذين يعتبرون أنفسهم متحضرين  إلى الحيوان الأعجم ، فتزاوجوا معه ، و غير هذا كثير مما أفقد الحياة لذتها و خرج عن سكة الفطرة و المنطق ، و بالتالي بعثر السعادة التي يهفو إليها الناس ، فبات العالم في تدافع بين قوى الخير و قوى الشر ، و رجحت كفة الشر و طغى الفساد ، لأن أغلب شباب الأمة الاسلامية الغير المحصن ، انبهر و انخدع بحضارة الغرب الماجنة ، و انساق وراء هذه المظاهر المقيتة ، ظنا منه أنه الأسلوب الحضاري الذي قد يسعده ، ما دامت الدول المتقدمة تنتهجه .

إذن كيف يطيب العيش و ينعم بالسعادة من يرى أن الأمور تسير نحو الهاوية ، و قد انفلت زمام الأمر من يد الأباء في تربية أبنائهم على النحو الصحيح الذي يقره ديننا الحنيف ، و أهمل العلم 

و همش العلماء ، فتفشت المخدرات و كثر الإجرام ،  و تفككت الأسر إذ لم تعد للمرأة أي حرمة ، و عميت قلوب الناس و أبصارهم عن طريق الحق ، و عم الفساد البر و البحر ، و استشرى الطمع 

و الغش و الخذلان و النصب و الاحتيال ، و احتقر الضعيف ذو الفضائل و بجل الغني ذو الفضائح ، غاب الحياء و تدنى مستوى الوعي ، و أضحت التفاهة في المقام الأعلى ،  و التافهون هم المبجلون .

الحقيقة التي لا ينكرها جاحد أن بساطة العيش في الماضي أضفى عليها الوازع الديني و الترية الحسنة قناعة و عفة ، فغمرت الناس بالسعادة و الهناء ، و كان تنافسهم ينصب على التشبع بمكارم الأخلاق و عزة النفس من كبرياء و أنفة و غيرة على النفس و العرض و البلد و الإسلام و المسلمين عامة ، على عكس ما نراه اليوم ، تطورت الوسائل على اختلافها ، و لكنها أفقدت الإنسان تلك السعادة التي كانت تغمره فيما مضى .لهذا أقول -- و أنا جد مقتنع -- لأولئك الذين يعيبون العصر الجاهلي و يستنقصون من أهله لما كان يتفشى بينهم وقتئذ من رذائل ، أنهم مخطئون حقا ، فجاهلية عصرنا فاقت جاهلية عصر ما قبل الرسالة بكثير ، بحيث لم تترك رذيلة قد تخطر على بال زنديق إلا و ها نحن نراها أو نسمع عنها ، و لم تترك قيمة من القيم الفاضلة إلا و في طريقها إلى الإقبار ، في حين أن أسلافنا في الجاهلية مهما أجرموا لم يخرجوا عن الفطرة الانسانية ، فهم و إن كانوا يزنون و يشربون الخمر و يئدون البنات ، فقد كانوا يتميزون بصفات و خصال حميدة ، كالشجاعة 

و الحماسة و الغيرة و الكرم و الوفاء بالعهد و النعرة و الأنفة 

و الكبرياء و نصرة المظلوم و غيرها كثير مما يعلمه كل دارس لذلك العصر ، فإذا وضعنا هذه المزايا في كفة ، و عيوبهم في كفة أخرى ، فلا شك أن الأولى سترجح على الثانية ، و لو قمنا بنفس المقارنة لجاهلية عصرنا هذا ، لا أحد يجادل في رجوح كفة الفواحش بل لن تجد ما تضعه في كفة المزايا إلا القليل النادر الذي لا يكاد يسمع له حثيث ، ففساد هذا العصر جمع من الفواحش ما تفرق في غيره من العصور السابقة ، فأضحى عصر الفاحشة بلا منازع و لا منافس ، اللهم إذا استثنينا  قلة من المسلمين ذوي الإيمان الراسخ ، الذين يتمسكون بالقيم الانسانية النبيلة و لا يحيدون عن شرع الله مهما كانت المغريات ، فهؤلاء صراحة مهمشون يعيشون غربة قاتلة في هذا الزمن ، و لا حيلة لهم في تغيير المناكر إلا بالقلوب و ذلك أضعف الإيمان .

ختاما لنا اليقين أنه مهما فعل المغرضون ، تبقى يد الله فوق أيديهم ، أليس هو سبحانه و تعالى القائل :

《  يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ  》

 فهذه الآية كفيلة بأن تبعث الطمأنينة في النفوس المسلمة السليمة ، فاللهم مالك الملك ، رد بنا و بشبابنا إلى الطريق المستقيم هذا حالنا لا يخفى عليك ، أنت القوي الجبار ، بك نستغيث من هذه الفتن و الفواحش ، فلا تواخذنا بما فعل السفهاء منا ، و ارفع مقتك و غضبك عنا ، و انصر إخواننا المسلمين في فلسطين و في سائر البلاد الإسلامية ، نسألك يا ذا الجلال و الإكرام أن تجعل كيد كل من يريد سوءا بالإسلام و المسلمين  في نحره ، و اخرجنا من بين أيديهم سالمين غانمين ، و اجعلنا يا مولانا ممن غشيهم سترك في الدنيا و الآخرة ، آمين و الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم على نبيه الكريم و آله و الصحب أجمعين ، و من سار على نهجهم إلى يوم الدين .